المحتوى الرئيسى

فورين بوليسي: في البحرين .. نزع الجنسية سلاح في وجه المعارضين - ساسة بوست

09/09 12:39

منذ 1 دقيقه، 9 سبتمبر,2015

بسبب خشيته من فقدان سيطرته علي السلطه، يستخدم النظام السني في البحرين المواطنه كسلاح.

“كنت نائمًا عندما اكتشفت الامر” يشير المواطن البحريني السابق تيمور كريمي. “جاء اطفالي وايقظوني. وكل ما امكنهم قوله هو: ابي، لدينا اخبار سيئه. انت علي القائمه”. جري الغاء جنسيته. كريمي هو واحد من بين 159 شخصًا سحبت منهم الجنسيه من قبل الحكومه البحرينيه منذ عام 2012. وفي ثلاث مناسبات منفصله، ​​ودون سابق انذار، نشرت الدوله قوائم الاشخاص الذين تم نزع صفه المواطنه عنهم.

“اذا فقدت جنسيتك في البحرين، تصبح ميتًا كذلك”، يوضح عبد النبي ال العكري، رئيس الجمعيه البحرينيه للشفافيه. “لا تستطيع ان تفعل اي شيء اذا نزعت عنك الجنسيه. لا يمكنك شراء او بيع اي شيء، ولا يمكنك استخدام الخدمات الحكوميه مثل الصحه او التعليم. وتصادر اموالك. ويُطلب منك مغادره البلاد، واذا عصيتهم، سوف يلقون القبض عليك بوصفك مهاجرًا غير شرعي”.

لم يعد عديمو الجنسيه يمتلكون اوراق هويه واصبحوا غير مرئيين في نظر القانون. فبدون هذه الوثائق، يصبح انجاز المهام اليوميه البسيطه امرًا مستحيلاً. علي سبيل المثال، يصبح الشخص غير قادر علي العمل بشكل قانوني او فتح حساب مصرفي. وبالمثل، بدون هويه، لا يمكن لاي شخص الزواج، او الذهاب الي طبيب محلي او المدرسه. قبل ان يفقد جنسيته، كان كريمي محاميًا مبجلًا. “بعد ان اخذوا مني جنسيتي، اخذوا رخصه مزاوله نشاط المحاماه لذلك اضطررت لاغلاق شركتي”، يقول كريمي. “ومنذ ذلك الحين اصبحت عاطلًا عن العمل، ولا يمكنني العمل، ولدي ثلاثه اطفال لست قادرًا علي اعالتهم. لقد اجبروا جميع البنوك في البحرين علي اغلاق حساباتنا. اننا نعاني كثيرًا”.

بدات الحكومه البحرينيه استخدام اسلوب سحب الجنسيه بعد فتره وجيزه من اجتياح الربيع العربي مناطق واسعه من الشرق الاوسط، بما في ذلك البحرين، في عام 2011. وفي 14 فبراير من تلك السنه، احتشد الشيعه والسنه البحرينيون في الشوارع للمطالبه بنفس الحقوق والحريات السياسيه للاغلبيه الشيعيه التي يحصل عليها المواطنون السنه. لكن نظام عائله ال خليفه الحاكم، وهم من السنه، ارسل قوات لاخماد الحركه الاحتجاجيه. ولكن بعد اربع سنوات، لا يزال المتظاهرون يحتجون كل ليله في شوارع القري الشيعيه في البلاد.

“بدات الخيارات تنفد لدي النظام. لقد قام بتعذيب الناس وتجويع الالاف حتي الموت، وقتل علنًا المئات في الشوارع، وحتي الان ما زال البحرينيون مصرين علي تحقيق التغيير” يقول الطبيب والناشط سعيد الشهابي، الذي سُحبت جنسيته في عام 2012. ويضيف: “ان ابطال المواطنه هو مجرد اداه اخري لتخويف الناس وردعهم عن طلب حقوقهم”. وقد عددت جماعات حقوق الانسان مثل هيومن رايتس ووتش ومنظمه حقوق الانسان اولًا حالات التعذيب والقتل غير المشروع التي ارتكبتها الحكومه، كما دعت الي وضع حد لقمع المعارضين.

معظم من سُحبت منهم الجنسيه في البحرين هم من الاغلبيه الشيعيه، الذين غالبا ما يجدون انفسهم يحتجون علي التمييز المنهجي علي ايدي الحكومه. وعلي الرغم من انهم يشكلون ثلثي السكان، لا يشغل الشيعه عمليًّا اي وظيفه في الجيش والحكومه، والسلطه القضائيه، او المناصب العليا الاخري. ولان النظام السني يخشي ان يطيح الشيعه به في يوم من الايام، فانه لا يزال يبحث عن سبل لقمعهم. والغاء المواطنه هو احد تلك الاساليب.

يشك المسؤولون البحرينيون ان ايران الشيعيه مسؤوله جزئيًا عن التحريض علي الحركه الاحتجاجيه منذ عام 2011 عبر تدريب نشطاء المعارضه الشيعيه. ولكن تحقيقًا مستقلاً اجري من قبل اللجنه البحرينيه المستقله لتقصي الحقائق، التي انشئت اساسا للتحقيق فيما اذا كانت قد ارتكبت انتهاكات لحقوق الانسان في البحرين في فبراير 2011 وقدمت بعد ذلك توصيات، لم يعثر علي اي ادله تدعم هذه الفرضيه.

ومع ذلك، فان العديد من البحرينيين الذين سُحبت جنسيتهم لديهم اما اصول ايرانيه بعيده او سافروا الي ايران لسبب او لاخر. “معظم البحرينيين الذين ابطلت مواطنتهم هم من اصل ايراني”، يقول نضال السلمان من مركز البحرين لحقوق الإنسان. واضاف “لكنهم استوطنوا البحرين منذ اكثر من مائتي سنه ويعتبرون انفسهم بحرينيين. وهذه فتره اطول من تاريخ عائله ال خليفه”. وتهدف الحكومه بشكل واضح لزياده تشويه سمعه الشيعه عن طريق وصفهم بانهم جزء من الطابور الخامس الايراني في البلاد.

حسين خير الله محمد وهو سمكري سُحبت جنسيته، اُخذ منه جواز سفره بعد عودته من رحله لزياره اخيه في ايران. “لقد وقعت لي مشاكل مع النظام منذ عام 2011 عندما كنت واحدًا من الذين يقدمون الاسعافات الاوليه لاشخاص كانوا يحتجون في دوار اللؤلؤه”، يقول محمد، في اشاره الي بقعه في العاصمه المنامه اصبحت المركز الرمزي لحركه الاحتجاج. “لقد زُج بي الي السجن لمده اربعه اشهر بسبب ذلك. وقد خضعت للمراقبه والمضايقه من قبل الدوله منذ ذلك الحين”.

جرت اولي عمليات سحب الجنسيه في اواخر عام 2012 عندما اصدرت وزاره الداخليه بيانا تخطر فيه 31 شخصا انهم لم يعودوا بحرينيين تحت الماده 10(3) من قانون الجنسيه البحرينيه. وفي يوليو 2014، جري ادخال تعديلات علي الماده 10 بما منح النظام سلطه اضافيه لسحب الجنسيه. وقد استخدم هذا القانون لسحب جنسيه 72 شخصًا في يناير من هذا العام، وبعد ذلك 56 مواطنا اخر، بينهم تسعه قصر، في 15 يونيو الماضي. وكل الـ128 شخصًا الذين سُحبت جنسيتهم هذا العام اتهموا بانشطه ذات صله بالارهاب.

“عندما تنشر الحكومه البحرينيه قوائم للاشخاص الذين سُحبت جنسياتهم، فهي تضم مزيجًا من الابرياء وارهابيين حقيقيين تابعين لداعش [الدوله الاسلاميه]”، يقول محمد التاجر، وهو محامٍ بحريني لحقوق الانسان الذي يمثل العديد من الاشخاص عديمي الجنسيه في البلاد. “ان غالبيه المدرجين علي القائمه هم اكاديميون شيعه عاديون ونشطاء حقوق انسان ومحامون ورجال دين ورجال اعمال. ولكن عن طريق وضعهم علي قائمه تضم ارهابيين حقيقيين، تامل الحكومه في تشويه سمعه اولئك الذين لم يرتكبوا اي جرم”.

يقول الاستاذ مسعود جهرمي، الذي سُحبت جنسيته في وقت سابق من هذا العام، ان تمييز الحكومه ضد الشيعه خلق الانقسامات بينهم وبين السنه في البلاد. “في الماضي، لم تكن هناك مشاكل بين السنه والشيعه والاقليات الاخري التي تعيش في البحرين. كنا نعمل ونعيش معًا، ونتزاوج من بعضنا البعض. ولكن للاسف تبذل الحكومه اقصي جهدها لوضع حد لهذا”. كما يقول. ويوافق التاجر علي ان استخدام القوه من طرف الحكومه يخلق توترات عرقيه. “لطالما عاش السنه والشيعه معًا بسلام هنا”. ويضيف “ان الحكومه تقود هذا البلد الي مكان مظلم جدًا.”

يعيش الشقيقان جلال وجواد فيروز، وكلاهما عضو سابق في البرلمان عن جمعيه الوفاق المعارضه، في المنفي في بريطانيا منذ سُحبت جنسيتهما في عام 2012. استهدفت السلطات جمعيه الوفاق، مثل الكثير من جماعات المعارضه في البحرين، لعده سنوات. وزعيمها الحالي، علي السلمان، زُج به وراء القضبان.

متحدثًا من منزله في شمال لندن، يقول جلال فيروز ان جهود الحكومه السنيه للحفاظ علي سلطتها تتعدي بكثير مجرد نشر الكراهيه ضد الشيعه والغاء جنسياتهم. “علي مدي السنوات القليله الماضيه، اعطت الحكومه الجنسيه البحرينيه لالاف والاف من السنه من دول مثل المملكه العربيه السعوديه والاردن وسوريا وغيرها الكثير” يقول جلال. “وهدفهم هو تغيير التركيبه السكانيه في البلاد بشكل دائم بحيث تتحول البحرين من بلد غالبيه سكانه من الشيعه الي بلد سني”.

في 2006، نشر الدكتور صلاح البندر، وهو مسؤول سابق في الحكومه، تقرير البندر الذي اشتمل علي 240 صفحه، حيث سرد بالتفصيل وقائع التمييز ضد الاغلبيه الشيعيه واصفًا اياها بالسياسه الرسميه للدوله. ويؤكد التقرير ايضًا ان الدوله تمنح الجنسيه البحرينيه الي السنه من دول مختلفه باعتبارها وسيله لتغيير التركيبه السكانيه.

يعتقد التاجر، محامي حقوق الانسان، ان عدد جوازات السفر البحرينيه التي مُنحت الي السنه من مختلف دول الخليج والشرق الاوسط، واسيا قد تصل الي مئات الالاف. وهو يعترف انه من الصعب معرفه العدد الدقيق، لان الحكومه لا تناقش الامر علنًا.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل