رحلة لاجئين في قطار من بودابست إلى ميونيخ

"سبق وان ذكرت في الاسبوع الماضي انه يسرني ان تصبح المانيا بلدا، يربطه العديد من الناس خارج المانيا بامال جديده. وهذا الامر له قيمه كبيره جدا بالنظر الي تاريخنا". هذا ما قالته المستشاره الالمانيه أنغيلا ميركل خلال ندوة صحفية مطلع هذا الاسبوع، عبرت فيها بكلمات مؤثره عن موقفها بشان تدفق اللاجئين علي المانيا.

في نفس اليوم الذي توجهت فيه المستشاره بهذه الكلمات للصحافه المحليه والدوليه في برلين، كان اللاجئ السوري مصطفي يقف في مطعم القطار القادم من بودابست الي ميونيخ. وبعد نظره سريعه علي قائمه الطعام، ظهرت علي مصطفي علامات الدهشه والتعجب بشكل اكبر من شعور الامل الذي يتطلع اليه في المانيا. فقد بدء يعدد باصابعه "واحد، اثنان، ثلاثه، اربعه، خمسه، سته، سبعه، ثمانيه ... تسعه!". مصطفي الذي كان يعمل في السابق كشرطي في العاصمه السوريه دمشق لا يصدق ان عليه دفع 9 يورو مقابل اربعه شرائح دجاج والقليل من الخس. علاوه علي ذلك، كان من الصعب عليه استيعاب ذلك من خلال التفاهم بلغه الاشاره. فهو لا يعلم ان تلك الاسعار المرتفعه عاديه في قطارات المسافات الطويله. مرحبا بك في اوروبا اذن!

بسبب الاسعار الغاليه للوجبات اضطر مصطفي وصديقه احمد - طالب من مدينه دير الزور في شرق سوريا – لطلب وجبه صغيره خاصه بالاطفال، اضافه الي كيس صغير من الحلوي وقاروره بيره، تقاسمها الاثنين. اعجاب مصطفي بالحلوي الالمانيه جعله يدعو بعض ركاب القطار لتذوقها ايضا.

On the Budapest-Munich train, Mustapha, an ex-cop from Damascus, discovered his favorite German thing. @DWnews pic.twitter.com/wroC6HESLd

فصل اللاجئين عن ركاب اخرين في القطار

في الوقت الذي تستمر فيه رحله القطار التي تستغرق نحو سبع ساعات ونصف عبر التلال الخضراء جبال الالب، يحاول العديد من السوريين والافغان والعراقيين جمع بعض المال لشراء الوجبات والمشروبات الغاليه الثمن. هذا في حين يحاول بعض الموظفين في القطار والركاب الاخرين مساعدتهم في فهم ما تتضمنه القوائم والعروض الخاصه بالطعام.

قبل ذلك، في محطه بودابست كيليتي، كانت الشرطه الهنغاريه قد فصلت اللاجئين عن غيرهم من المسافرين وقدمت لهم اماكن اخري في القطار. كان عدد اللاجئين حوالي 200 لاجئ، وتم تخصيص العربات الثلاث الاخيره لهم. هناك كان يصيح احد الحراس "لا تذهبوا هناك، فتك العربات تعج بالمهاجرين". واما المسافرون الذين حجزوا مقاعد في العربات الخاصه باللاجئين فقد تم نقلهم الي عربات الدرجه الاولي.

قبل بدايه الرحله تستمر ايضا الاجراءات الامنيه داخل القطار ايضا، حيث يقوم رجل شرطه هنغاري ونمساوي واخر الماني بمراقبه الوثائق الشخصيه المكتوبه جزئيا باللغه العربيه، مطويه وممزقه في بعض الاحيان. ولكن يبدو ان عددا قليلا فقط من اللاجئين يحمل معه وثائق اثبات الهويه، بما في ذلك اغلبيه الاطفال علي متن القطار. هل يجب انزالهم من القطار الان؟ يصيح احد الموظفين. في حين يرد عليه رجل الشرطه النمساوي ان "القواعد المعروفه تم تجاوزها الي حد ما". بعدها يبدء رجال الامن في الضحك عند مراقبه جواز سفر امراه، يبدو انه مزور بشكل سيء جدا. وبصوت عال يصرخ الشرطي الهنغاري في وجه اللاجئه: "كم دفعت مقابل ذلك؟". ولكنها لم تفهم السؤال.

رحله اللاجئين لم تنته في ميونيخ

اغلبيه اللاجئين علي متن القطار لا يتكلمون الالمانيه او الانجليزيه. الشاب العراقي علي يعيش في فيينا وجاء الي بودابست لمساعده ابن عمه، وفيقول بالانجليزيه:" لقد اتصل بي ابن عمي هاتفيا وقال لي انه منذ تسعه ايام في بودابست ولم يتبقي لديه مال ولم يذق الطعام منذ يومين، وهو مادفعني للسفر في اليوم التالي الي بودابست." ويضيف علي:" كان ابن عمي مع ثلاثه او اربعه اصدقاء. اشتريت الطعام لهم جميعا، ولكني لم استطع تقديم الكثير لهم، فانا عاطل عن العمل في الوقت الحالي."