المحتوى الرئيسى

مترجم: الاضطهاد الديني، الجميع يحظى بفرص متساوية في القمع - ساسة بوست

09/08 17:51

منذ 1 دقيقه، 8 سبتمبر,2015

يبدو ان اضطهاد المسيحيه ايضًا اخذٌ في الزياده في بعض انحاء العالم، بل ويتم اذكاء نيرانه. فحسب وصفها، تقول صحيفة الجارديان ان السبب في ذلك هو “التطرف الاسلامي والحكومات القمعيه”. فتذكر في تقريرها، مثل العديد من التقارير الاخري، ان المتطرفين يضطهدون المسيحيين وغير المسيحيين علي السواء، لكن يولد هذا انطباعًا بان ذلك القمع حديث، ويتعلق في المقام الاول بالمسيحيين الذين يعيشون في العالم الاسلامي فقط، لكن هذا غير صحيح: فالتمييز الديني لطالما كان مسعي متكافئ الفرص.

لا شك في ان الحرية الدينيه في العديد من البلدان ذات الاغلبيه المسلمه تواجه تهديدات خطيره. فبعض الاقليات الدينيه الاكثر اضطهادًا تشمل الاقليه المسيحيه القبطيه في مصر، والبهائيه في ايران، الاحمديين في باكستان، والمسيحيين والهندوس والبوذيين والمسلمين الشيعه في المملكه العربيه السعوديه. ففي تلك الاماكن، كان القمع الديني حقيقه واقعه واسعه الانتشار لسنوات طويله، بغض النظر عن عقيده الافراد. الا ان القمع الديني لا يقتصر فقط علي الحكومات المستبده ذات الاغلبيه المسلمه.

يقيس مشروع الدين والدوله -الذي اتراسه- الحريه الدينيه في جميع انحاء العالم، وقد توصل المشروع لعدد من الانماط الواضحه من القمع الديني يعود تاريخها لعام 1990. من بين 30 نوعًا من اشكال الاضطهاد الديني قاسها المشروع، يوجد 28 نوعًا هي الاكثر انتشارًا وشيوعًا الان مما كان في عام 1990. علي سبيل المثال، التبشير محظور الان في 99 دوله حول العالم، مقارنه بـ 79 دوله فقط في عام 1990. وبينما توجد الان 82 دوله من بينها  النمسا وروسيا البيضاء والصين وروسيا تطالب الاقليات الدينيه بتسجيل ديناتها لدي الدوله، في عام 1990، كان عددها 60 دوله فقط. وعلاوه علي ذلك، توجد الان 73 دوله تحد من بناء اي دور عباده جديده للاقليات الدينيه، و65 دوله تشدد علي ممارسه الشعائر الدينيه علنًا، بينما في عام 1990 كانت الاعداد هي 53 و36 علي التوالي.

علي الرغم من ان الديموقراطيات الغربيه تمارس حريه الاعتقاد، الا انها ليست بمناي عن الاضطهاد الديني. ففي عام 2004 في الدنمارك ظهر “قانون الامام”، وبموجبه تم تقييد عدد تاشيرات الاقامه الدينيه لرجال الدين، وهي نوع من التاشيرات الممنوحه لرجال الدين لديانه ما، والتي تستند اعدادها الي حجم الاقليه الدينيه او المجتمع  الذي سيخدمه رجال الدين هؤلاء. والحصول علي تاشيره، يتطلب تقديم ما يثبت ديانه الفرد، وذلك لبناء خلفيه تحليليه مؤكده يتحدد علي اساسها حجم العمل الديني المطلوب، اضافه لاعتماده علي التمويل الذاتي. وطالما ان هناك اعتقادًا بان الاجنبي سيشكل تهديدًا للسلامه العامه، والامن، والنظام العام، والصحه، والاداب العامه، او حتي حقوق وواجبات الاخرين،بالطبع سيتم رفض طلبه للحصول علي التاشيره. فالعديد من المجتمعات التي تعتمد علي رجال الدين الاجانب، تحد من تلك الاجراءات، ولا سيما حصول افراد تلك الديانات والطوائف علي الارشاد الروحي والخدمات الدينيه الاخري.

في استفتاء 2009، ايد  السويسريون حظر  بناء الماذن في المساجد، ويعتبر ذلك التشريع اكبر حظر مفروض علي بناء دور العباده للاقليات في الغرب كله. وفي العديد من الحالات، القيود المفروضه ليست رسميه ولا وطنيه، وانما ترفض الحكومات المحليه طلبات ترخيص البناء، او ان تستخدم عراقيل بيروقراطيه لمنع بناء دور عباده جديده. ففي ايطاليا، علي سبيل المثال، الدين الاسلامي ليس معترفًا به كدين رسمي، الامر الذي يجعل من بناء المساجد الجديده امرًا صعبًا للغايه. وايطاليا ليست وحدها في ذلك، فالعديد من بلدان الغرب تترك للدوله قرار الاعتراف بالديانات كديانات رسميه. في الواقع يجب ان تسجَّل الديانه لدي الدوله بشكل او باخر اولاً في العديد من البلدان الغربيه. وعاده يتم  الاعتراف بالديانات؛ لكن ليس دائمًا. ففي النمسا، لم يتم السماح لكنيسه التوحيد بالعمل قانونيًّا الا في الاونه الاخيره منذ ان انتهكت الكنيسه وضعها القانوني في عام 1974. والي ان تم تسجيلها رسميًّا مؤخرًا، لم يكن مسموح لها بالتملك او حتي فتح حسابات مصرفيه من قبل.

بالطبع، لا تنفي حقيقه الاضطهاد الذي تواجهه الاقليات الدينيه في جميع انحاء العالم التهديدات التي تتغرض لها الاقليات المسيحيه. فوفقًا لمقاييس مشروع الدين و الدوله، والذي يقيم 30 نوعًا من التمييز، تواجه المسيحيه اعلي مستوي اضطهاد علي مستوي العالم.

ولا يمكن بحال من الاحوال ان نعزي المشكله للتطرف الاسلامي والحكومات الاستبداديه فقط في البلدان ذات الاغلبيه المسلمه. علي الرغم من ان الحكومات والمتطرفين في الشرق الاوسط كليهما جزء من المشكله، فهم يعاملون الاقليات الاخري بطريقه اسوا. فعلي سبيل المثال، تعتبر البهائيه طائفه مرتده عن الاسلام، وهو تمييز تصاحبه عده عواقب في العديد من البلدان. ففي تونس والاردن علي سبيل المثال، لا يعترف بالبهائيه كديانه شرعيه، مما يحد من قدرتها علي بناء دور العباده، وممارسه الشعائر الدينيه علانيه. وعلاوه علي ذلك، علي الرغم من ان المتطرفين الاسلاميين يستهدفون بشكل واضح غير المسلمين، هم يستهدفون ايضًا المسلمين الذين لا يمتثلون لحكمهم او تفسيرهم للاسلام.

في الواقع، الكثير من الاضطهاد الذي يقع علي المسيحيين، يحدث في البلدان ذات الاغلبيه المسيحيه. وعلي وجه التحديد، يتم تطبيق بعض اشد القيود علي طوائف الاقليات المسيحيه في البلدان ذات الاغلبيه الاورثوذكسيه في دول الاتحاد السوفيتي سابقًا.

علي سبيل المثال، في روسيا صدر قانون يعترف بالبوذيه والمسيحيه والإسلام واليهودية وغيرها كديانات رسميه كونها تشكل جزءًا من التراث التاريخي للبلاد. ويعترف بـ”الاسهامات الخاصه” التي قدمتها الكنيسه الارثوذكسيه لروسيا. وعلي الرغم من ان العديد من الروس يرون في تلك الطوائف تهديدًا، بما فيهم المسيحيين من غير الروس، وانها تحاول جميعها تغيير الوضع الديني والثقافي القائم في البلاد. لذلك تقع تلك الطوائف من بين اكثر الطوائف اضطهادًا.

في 2013، زاد  الوضع سوءًا للاقليات المسيحيه، عندما نشرت روسيا قائمه “الطوائف الشموليه”  التي الزمت المؤسسات المحليه بمنعهم من استخدام دور السينما ومراكز الترفيه، ورفضت روسيا تقديم اي تسهيلات لهم ايًّا ما كانت الحاجه. واشتملت تلك القائمه علي علماء مسيحيين، والمسيحيين الانجيليين، وشهود يهوه، والمورمين،  والخمسينيين -اتباع الطائف المسيحيه الخمسينيه-، فجميع تلك الطوائف تتعرض للمضايقات بصفه مستمره علي اساس انهم ليسوا مسجلين رسميًّا او مرخصين بسبب ديانتهم، فهم دائمًا ما يدفعون الغرامات وتغلق كنائسهم، وممنوعون من تقديم الخدمات الدينيه. بل وعادهً يتم اعتقالهم مع غيرهم من المشاركين في ايه نشاطات منظمه، علاوه علي رفض طلباتهم بصفه عامه اذا ما تقدموا بطلباتٍ للحصول علي تراخيص سليمه او التسجيل.

وبالمثل في 2007، اصدرت رومانيا قانون الحريه الدينيه والحاله العامه للطوائف الدينيه، والذي يعترف بـ 18 طائفه دينيه. اما المجموعات الدينيه مثل المورمين، لا تقع ضمن الـ 18 طائفه. وبموجب القانون، يجدون صعوبه في بناء او استئجار  اماكن للاجتماع، وغالبًا ما يتم اضطهادهم اذا ما شاركوا في ايه ممارسات تبشيريه. وبالتنسيق مع الحكومه، نشر كتاب دين مدرسي ارثوذكسي يصف المورمين والديانات غير الاصليه وغير المعترف بها رسميًّا بانها “تهديد”. ويزعم الكتاب ان هذه الطوائف تتبع اساليب غسيل المخ والرشوه والابتزاز كجزء من جهودهم التبشيريه.

بينما تحد روسيا البيضاء من انتشار المنظمات الدينيه للطوائف غير الرسميه وغير الاصليه من خلال قوانين التسجيل المرهقه. الا انها في كثير من الاحيان تتعرض بمضايقات للطوائف المعترف بها بموجب القانون. اذ تداهم الشرطه بانتظام الخدمات  التي تقدمها الطوائف الكاثوليكيه والانجيليه والبروتوستانتيه وشهود يهوه. وغالبًا يتم التحقيق مع المشاركين حتي الاطفال منهم، وتوجه لهم اتهامات بتقديم خدمات دينيه غير مصرح بها. وعاده ما ترفض الحكومات المحليه اصدار رخص البناء؛ حتي للطوائف المسيحيه المسجله والمعترف بها بموجب القانون، اضافه الي الغائها ورفضها تجديد رخص الممتلكات التي تقيم فيها الطوائف خدماتهم الدينيه وشعائرهم.

في ارمينيا، صدرت ماده رقم 162 من القانون الجنائي، تجرم المنظمات الدينيه التي تشكل خطرًا علي صحه الافراد او تاثر علي حقوق الاخرين، او تشجع علي رفض اداء الواجبات المدنيه. و في عام 1991، صدر قانون حريه العقيده والمنظمات الدينيه، والذي اكد علي تقييد الحريات الدينيه لصالح الامن العام والصحه والاخلاقيات وحمايه حقوق الاخرين وحرياتهم. ونتيجه لذلك، فان الحكومه لم تصف فقط الطوائف الدينيه المسيحيه غير الرسميه بالـ”مدمره”، بل قامت ايضًا بتاسيس لجنه مشتركه في عام 2011، لرصدها تحركات تلك الطوائف ومكافحتها. ومذ ذلك الحين، كانت هناك العديد من التقارير الصادره عن ضباط جهاز الامن الوطني مهدده رجال الدين واعضاء المنظمات المعمدانيه والانجيليه.

الا انه في بلدان العالم الاخري التي لا اغلبيات لها سواء اغلبيه مسلمه او مسيحيه، لا تزال الاقليات الدينيه مضطهده. فعلي سبيل المثال، تدعم الصين الجمعيات الوطنيه الرسميه للبوذيين والكاثوليك والمسلمين والبروتستانت والطاويين، لكنها بلا هواده تقمع ممارسه طقوسهم الدينيه خارج جدران اماكن العباده او التجمع. ففي وقت قريب، ركز ذلك القمع علي الحركات التي لم تنضم للمؤسسات الوطنيه، مثل حركه هاوس تشيرش، وهي حركه تدعم ممارسه المجموعات الدينيه شعائرهم الدينيه داخل المنازل، لكنها الان بدات تضم ابرشيات منتسبه، وصارت كبيره جدًّا. وفي كوريا الشماليه، علي الرغم من قله المعلومات الدقيقه بشان الوضع الديني للبلد، يمكن تصنيفها تقريبًا بانها دوله لا ديانه لها، او ان ديانتها متفرده بكونها عباده زعيمها، وعلي الارجح يبلغ عدد المعتقلين المسيحين علي خلفيه قضايا الاعتقاد الديني الالاف علي اقل تقدير.

وبالتاكيد، علي الرغم من ان العديد من الحكومات في الدول ذات الاغلبيه المسيحيه لديها معدلات حريه دينيه تنافس اكثر الحكومات القمعيه في البلدان ذات الاغلبيه المسلمه، يظل العنف الذي ترتكبه الجماعات المتطرفه الاسلاميه مثل بوكو حرام  وتنظيم الدولة الإسلامية داعش او القاعده ضد غير المسلمين في زياده مستمره، وتشتد حدته بشكل ملحوظ مقارنه بافعال المسيحين ضد اي أقليات دينية.

ولكن القاء اللوم فقط علي المتطرفين الاسلاميين بانهم السبب الوحيد لتراجع الحريه الدينيه في العالم، سيكون حتمًا من الخطا. هم بالتاكيد المخالفين الابرز للحريه الدينيه. ولكن الخطر الاكبر تشكله الحكومات في انحاء العالم والتقاليد الدينيه. توجد فقط 7 دول من اجمالي 177 دوله رصدها مشروع الدين والدوله، حافظت علي حريه دينيه كامله منذ عام 1990، وهي: بنين، بوركينا فاسو، الكاميرون، غينيا بيساو، وناميبيا، ونيوزيلندا، وبابوا غينيا الجديده وجزر سليمان، وسورينام. وهناك قليل من الحكومات لا تزال ايديها نظيفه لم تتلطخ بانتهاك الحريات الدينيه، لكن توجد ايضًا ملاذات امنه لممارسه بعض التقاليد الدينيه. فمن بين البلدان ذات الاغلبيه المسيحيه، تعتبر بلدان العالم النامي هي الاكثر تسامحًا، وبالتحديد في جنوب الصحراء الكبري في افريقيا. في المتوسط، تعتبر دول امريكا اللاتينيه اكثر تسامحًا من الديموقراطيات الغربيه. ومن بين البلدان ذات الاغلبيه المسلمه، تعتبر العديد من دول افريقيا الواقعه جنوب الصحراء الكبري، وغرب افريقيا مثل بوركينا فاسو وغامبيا والنيجر والسنغال وسيراليون  مساحات امنه للعباده وحريه المعتقد الديني، حيث لا تفرض ايه قيود علي الاقليات الدينيه، كما لا تفرض ايًّا منها علي الاغلبيه.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل