المحتوى الرئيسى

كيف نتعامل مع إيران بعد الاتفاق النووي؟

09/08 15:57

الاتفاق الذي وقعته ايران حول برنامجها النووي مع دول مجلس الامن الخمسه والمانيا، يثير اسئله تتعلق بقيمه هذا الاتفاق، ودوره في انجاح "المشروع الايراني" الذي رسمته ايران بعد قيام الثورة الإيرانية عام 1979.

في الوقت ذاته من الوارد ان نتساءل كيف يجب ان نُعامل ايران بعد وضوح اهداف "المشروع الايراني" في سوريا ولبنان والعراق واليمن والمغرب العربي وافريقيا وجنوب شرقي آسيا.. الخ؟ هل يجب ان نُعاملها كاخ؟ ام كصديق؟ ام كعدو؟ ونحن من اجل الاجابه عن هذه الاسئله لا بد لنا من القاء نظره علي تاريخ الدوله الايرانيه في القرن العشرين.

حكم ايران خلال القرن العشرين نظامان:

الاول: نظام قومي فارسي: قام نظام قومي فارسي في ايران بعد الحرب العالمية الاولى، وحكمت ايران في هذه الفتره اسره رضا بهلوي، واعتبر الشاه نفسه امتدادا لاكاسره الفرس القدماء، واعتبر الضفه الغربيه من الخليج جزءا من ارض ايران الفارسيه، وتطلع الي احتلالها، والي الاستيلاء علي ثرواتها البتروليه، وقد ادعي في وقت من الاوقات ملكيه البحرين، كما احتل بعض الجزر من الامارات العربيه المتحده عام 1971.

الثاني: نظام ديني طائفي: قامت في ايران ثوره عام 1979، وتغلبت علي شاه إيران، وقادها رجال الدين، واعتبرت ايران دوله طائفيه تقوم علي الالتزام بالمذهب الجعفري الاثني عشري الي الابد، واعلنت مشروعا مبنيا علي تصدير الثوره الي العالمين: العربي والاسلامي، وقد قام المشروع علي احداث تغيير في بنيه الامه وتركيبتها التاريخيه، بان حولها من امه اسلاميه الي امه ذات صبغه طائفيه ملتزمه بالمذهب الجعفري الاثني عشري.

بدات ايران بتصدير هذا المشروع عن طريق التواصل مع بعض القيادات الطائفيه الجعفريه في دول العالم العربى والاسلامي، ومدها بالمال والسلاح، واصدار الاوامر اليها باحداث القلاقل، وافتعال الازمات، فاحدثت تفجيرات في الكويت في العامين 1983 و1985 عن طريق حزب الله، واوقعت مجازر في الحرم المكي اثناء موسم الحج في الاعوام 1986 و1987 و1989، كما احدثت قلاقل في دول اخري مثل البحرين والعراق ولبنان واليمن.. الخ.

وسخّرت دوله ايران كل امكانياتها الاقتصاديه والعسكريه والتربويه والثقافيه والسياسيه من اجل تحقيق هدف ذلك "المشروع الايراني" الاساسي، وهو التغيير البنيوي لتركيبه الامه التاريخيه، بحيث تتحول من امه اسلاميه الي امه ذات صبغه طائفيه.

ففي المجال العسكري انشات "الحرس الثوري" الذي هو مليشيات عسكريه مرتبطه بالمرشد الاعلي، وهو غير الجيش النظامي، وتُقدر بعض المراكز عدد قوات الحرس الثوري بـ350 الف عنصر، ويمتلك الحرس الثوري عتادا خاصا به يتضمن صواريخ ودبابات وطائرات مقاتله، ويمتلك صواريخ طويله المدي من عائله "شهاب" و"خيبر" و"رعد" و"النازعات"، ويمتلك قوه بحريه واخري جويه.

وهناك قوات اخري تتبع الحرس الثوري منها: قوات "الباسيج" و"فيلق القدس" الذي يراسه قاسم سليماني، وهذا الفيلق مُختص بالتدخلات الخارجيه، وهو الذي يُحرك الشيعه في الدول الخارجيه، ويُقدر عدد قوات "فيلق القدس" بخمسين الفا، ومن الواضح ان كل التشكيلات السابقه تلتزم بـ"المشروع الايراني" وتُنفذ تطلعاته وتدخلاته في العراق ولبنان والبحرين واليمن وسوريا.. الخ.

وفي المجال السياسي، نجد ان سياسه ايران تقوم كلها علي تنفيذ اهداف "المشروع الايراني" الذي تحدثنا عنه سابقا، والذي يدعم التوجه الطائفي وتمكينه كما حصل في لبنان والعراق واليمن وسوريا والبحرين وشمالي افريقيا واسيا، وانشات في سبيل ذلك المراكز الثقافيه التي تبث اراء وثقافه "المشروع الايراني"، وتوزع الكتب والمجلات من اجل ترويج الدعايه "للمشروع الايراني"، وتمكين مبادئه، وتوسيع رقعه حضوره ونفوذه.

وقد قامت ايران بخطوتين بارزتين لانجاح "المشروع الايراني"، وهما:

الاولي: التعاون مع اميركا، وقد حدث ذلك في عده محطات من تاريخ "المشروع الايراني"، وكان اولها الحرب العراقية الايرانية في زمن صدام حسين ودلت علي ذلك "كونترا غيت"، وثانيها: مساعده اميركا في احتلال افغانستان عام 2001، والعراق في عام 2003، وثالثها: الغاء البرنامج النووي في ايران، ووضعه تحت المراقبه الدوليه، وتطمين اسرائيل بعدم وجود منافس ذري لها في المنطقه، وقد تم التوقيع علي هذا الاتفاق في يوليو/تموز الماضي.

ومن الواضح ان ذلك سيجلب الرضا عن ايران من طرفين رئيسيين في العالم والمنطقه، هما: اميركا واسرائيل، وسيوفر ذلك الرضا لايران اطلاق يدها في تنفيذها مشروعها الذي يستهدف تغيير بُنيه الامه وتركيبتها التاريخيه.

الثانيه: التواصل مع حركات المقاومه في فلسطين: لقد قامت القياده الايرانيه بالتواصل مع حركات المقاومه في فلسطين ولبنان وابرزها: حركه حماس وحركه الجهاد، وقدمت دعما ماليا واعلاميا لهما، وادعت انها تقف الي جانب قضايا التحرر، وقد استفادت من هذه العلاقه في ترويج مشروعها.

لقد حقق "المشروع الايراني" عده نجاحات، واستطاع ان يُغير صوره المنطقه، وهو يسيطر الان علي اربعه عواصم عربيه: بغداد، دمشق، بيروت، صنعاء، وستزداد وتيره تاثير "المشروع الايراني" في المنطقه بعد ان وقعت ايران الاتفاق النووي مع مجموعه 5+1، لان توقيع الاتفاق يعني اطلاق يد ايران في المنطقه من جهه، وسيعطي قوه للاقتصاد الايراني لانه سيستعيد 150 مليار دولار مجمده في بنوك اوروبا واميركا من جهه ثانيه، وسيجعل هذا الاقتصاد الغني ايران اقدر علي تنفيذ "المشروع الايراني" والانفاق عليه.

والسؤال الان: كيف يجب ان تُواجه ايران وبخاصه بعد ان وقعت الاتفاق النووي مع مجموعه 5+1؟ هل يجب ان تُعامَل كاخ وبخاصه انها تحمل اسم "الجمهورية الاسلامية الايرانية"؟ ام تعامل كصديق بحكم الجوار والتاريخ؟ ام تعامل كعدو بناء علي مشروعها الذي اطلقته عام 1979 والذي يقوم علي تغيير بُنيوي في تركيبه الامه التاريخيه وتفتيتها، وتحويلها من "امه اسلاميه" الي "امه شيعيه"؟

من الواضح ان الواجب معامله ايران كعدو لانها تتبني مشروعا معاديا للامه يستهدف تغيير بنيتها وتركيبتها التاريخيه، وتفتيتها طائفيا.

ومما يشير الي سوء موقف ايران الاخلاقي، ويؤكد صحه التصنيف لها في خانه الاعداء، انها لم تقف الي جانب الامه في مصارعتها للمشروع الصهيوني الغربي، ليس هذا فحسب، بل فتحت المعارك الجانبيه علي الامه في مختلف اقطارها: في العراق، والخليج، والمغرب العربي، وافريقيا، وشرق أسيا.. الخ، فمزقت وحدتها، وبددت قوتها.

قد نلتمس العذر للدعاه والجماعات التي التبس عليها موضوع ايران عند قيام الثوره عام 1979، فاحسنت الظن بها، ولم تُصنف ايران في خانه الاعداء نتيجه قله المعلومات المتوفره عن "المشروع الايراني" من جهه، ولان ايران رفعت -انذاك- شعارات جذابه وقريبه من قلوب المسلمين وعقولهم من مثل: الدعوه الي وحده المسلمين، والي التحرر من الاستعمار، والي تدمير اسرائيل، والي قتال المستكبرين؛ من جهه ثانيه. ربما كانت هذه العوامل السابقه هي التي اوجدت ارتباكا وتشويشا في عدم التوصل الي الحكم الصحيح علي ايران.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل