المحتوى الرئيسى

هواجس التّقسيم في روسيا: أبرز المناطق التي قد تنفصل عن روسيا مستقبلًا - ساسة بوست

09/08 11:35

منذ 5 دقائق، 8 سبتمبر,2015

جمهوريه روسيا الفيدراليه هي من اكثر بلدان العالم تنوّعًا، حيث انّ سكّانها يتشكّلون من 160 عرقًا مختلفًا. قد يثري هذا التّنوع الثّقافه الروسيه، ولكنّه ايضًا يجعلها اكثر عرضهً لنموّ الحركات الانفصاليّه الّتي تنادي بالاستقلال عن الجمهوريه الفيدراليه، وخاصّهً انّ الكثير من الاراضي التّابعه اليوم لروسيا لم تكن جزءًا من روسيا التّاريخيّه، حيث يعود انضمام بعضها الي روسيا الي الحرب العالميّة الثّانية اي منذ 70 عامًا فقط. وكانت روسيا قد واجهت موجهً انفصاليّهً ضخمه في اوائل تسعينيات القرن الفائت بدات باعلان ليتوانيا استقلالها وانفصالها عن الاتحاد السوفيتي في عام 1990.

ويشير بعض المحللين الي بدء علامات موجه انفصاليه اخري بالتّشكّل، خاصّهً مع اعتراف روسيا بجمهورتي ابخازيا واوسيتيا الجنوبيّه في 2008، واعترافها باستفتاء شبه جزيره القرم العام المنصرم، ودعمها للانفصاليين شرقي اوكرانيا، ممّا يثير حفيظه المناطق التي كانت قد طالبت بالانفصال او الاستقلال عن روسيا منذ عقودٍ او حتّي قرون، اضف الي ذلك منطقه شمال القوقاز المشتعله منذ اكثر من عشرين عامًا. وقد عُرف الرّئيس الرّوسي الحالي فلاديمير بوتن بشدّه رفضه للخطاب الانفصالي داخل روسيا، فقد حارب سياسيًّا وعسكريًّا الحركات الانفصاليّه منذ تولّيه السّلطه لاوّل مّره منذ خمسه عشر عامًا.

يوجد في روسيا العشرات من المجموعات الّتي لديها رغبه انفصاليّه، وان كانت لا تنشط جميعها، وتتنوّع اسباب ودوافع الانفصال عند هذه المجموعات من دوافع عرقيّه الي دينيّه الي اخري جغرافيه. فما هي المناطق الّتي لديها بعد انفصالي في روسيا؟ سنخبركم في هذا التّقرير عن بعض المناطق التّي تمتلك دافعًا انفصاليًّا في جمهوريه روسيا الفيدراليّه.

اشعل اعتراف روسيا في عام 2008 باستقلال دولتي اوسيتيا الجنوبيه وابخازيا عن جورجيا موجه من التفاؤل لدي سكان تتارستان، فكان قد اعرب تجمّع الحركات التتاريه القوميه عن امله بان تكون تتارستان وجهه الاعتراف المقبله. وكانت قد وقعت تتارستان تحت سيطره الروسيه من اكثر من اربعمائه عام في عهد ايفان الرهيب اول قيصر لروسيا، وهي اليوم احدي الكيانات الفيدراليه في روسيا، ويشكل التتّار نصف سكانها، بينما يشكل الروس قرابه الـ40%.

موقع تتارستان في خريطه روسيا

لم تنشط حركات الاستقلال في تتارستان منذ قرابه العقدين، ولكن يشير بعض المراقبين الي احتمال نشاطها في المستقبل القريب، وخاصهً بعد اعتراف روسيا باستفتاء شبه جزيره القرم الذي كان قد ذكّر سكان تتارستان باستفتاء الاستقلال في عام 1992، والذي شارك فيه 81.6% من السكان وصوّت 61.4% منهم (روسًا وتتارًا) لصالح الاستقلال، ولكن استنكر بوريس يلتسن – الرئيس الروسي حينها- نتائج الاستفتاء ولم يعترف بها. رفضت تتارستان توقيع ميثاق 1992 الذي شكل الفيدراليه الروسيه الحديثه، واكدت في معاهده ثنائيه وقعتها مع موسكو انّها دوله “متحده” مع روسيا، اي انّ ارتباطها بموسكو هو اشبه بالكونفيدراليه لا بالفيدراليه. وبقي وضع تتارستان السياسي وطبيعه علاقتها بموسكو مبهمًا، فهي وفقًا للمعاهدات دوله مستقله لها سياده، بينما في الواقع كانت اشبه بكيان فيدرالي تابع لروسيا.

انتهي اي التباس في وضع تتارستان السياسي مع استلام الرئيس الروسي فلاديمير بوتن الحكم في عام 2000، فنوي بوتن منذ بدايه عهده القضاء علي النزعات الانفصاليه في روسيا. في عام 2000، امرت المحكمه الدستوريه بتعديل جميع الدساتير الاقليميه للتوافق مع دستور الجمهوريه الفيدراليه الروسيه، وفي عام 2001، اعتبر استفتاء 1992 الذي قامت به تتارستان حول الاستقلال “غير دستوري”، وفي عام 2002، عُدّل الدستور في تتارستان لينصّ علي انّها خاضعه للفيدراليه الروسيه.

وكوْن تتارستان قوه اقتصاديه ممتلكه للنفط وجاذبه للاستثمار يعزّز من تمسّك روسيا بها، ولكنّه ايضًا قد يشكل عامل دفع لازدياد الشعور القومي والرغبه بالاستقلال عند التتار، لقدرتهم علي الاكتفاء الاقتصادي من دون الحاجه لمساعده الحكومه المركزيه في موسكو.

هذه كانت من ابرز الشعارات التي رُفعت في سيبيريا في اواخر عام 2014، عندما كان من المقرر النزول بمسيره لدعم استقلال سيبيريا في اب/ اغسطس 2014 ولكنها اُلغيَت بعدما ارسلت “روسكمنادزور”، وهي السلطه المراقبه للاعلام في روسيا، انذارًا الي 17 وسيله اعلاميه كانت تنوي نقل الحدث، وبعدما تمّ اعتقال 4 من منظمي المسيره. وكانت قد بدات الرغبه بالاستقلال في سيبيريا تظهر في منتصف القرن التاسع عشر، عندما اُنشئت الجمعيه السيبيريه للاستقلال، وقامت السلطات الروسيه في ذلك الوقت بالقبض علي وسجن الكثير من اعضاء الجمعيه حتي خفتت الاصوات المطالبه بالاستقلال. عادت الرغبه لتظهر بعد ثوره اكتوبر 1917، وقامت السلطه التشريعيه في مدينه توسك السيبيريه بتبني قرارٍ ينص علي استقلال سيبيريا، وتم انشاء علم سيبيريا الخاص، ولكن انهي البولشيفيكيون الحلم السيبيريي بالاستقلال فور وصولهم الي السلطه وبقيت سيبيريا الي يومنا تابعه للسلطه المركزيه في موسكو.

قد لا تعلو اصوات الاستقلال كثيرًا في اقليم كالينينغراد، ولكن جغرافيته وتاريخه بالاضافه الي طبيعه سكانه تجعله الاكثر عرضهً للانفصال عن روسيا، فكالينينغراد هو اقليم تابع اداريًّا لروسيا ولكنه خارج حدودها، فهو يقع ما بين ليتوانيا وبولندا ويبعد حوالي 300 كم عن الحدود الروسيه الحاليه. وكان قد اصبح كالينينغراد جزءًا من روسيا عندما سيطرت عليه القوّات السوفيتيه في الحرب العالمية الثانية بعد خروج القوّات الالمانيه منه، اي انّ كالينينغراد لم يصبح جزءًا من روسيا الّا منذ 70 عامًا فقط.

ولسكّان كالينينغراد علاقه مميزه بالدول الاوروبيه، فهو اقرب لدول الاتحاد الاوروبي من باقي المقاطعات الروسيّه، بالاضافه الي انّ 25% من سكّانه لديهم تاشيره الـ”شنغن” الاوروبيه و60% من سكّانه حاصلون علي جوازات سفر اجنبيّه، ممّا يجعلهم يتطلعون الي اوروبا اكثر من روسيا، حيث انّ السكّان يرسلون ابناءهم للدراسه في ليتوانيا وبولندا والمانيا، وذوو الدخول المرتفعه منهم يقدمون علي تملّك عقارات في دول الاتحاد الاوروبي، حتي انّه بحسب صحيفه الغارديان البريطانيه صار يصعب علي الشباب من الكالينينغراديين تسميه بعض اهمّ المدن الرّوسيّه. كل هذا بدوره يُعزّز من كون كالينينغراد من اكثر المناطق “الانفصاليه” خطورهً في المستقبل.

4- مناطق شمال القوقاز: هل سيقسّم الاسلام روسيا؟

يشكّل العنصر الديني دافعًا اساسيًّا لدي بعض المجموعات المطالبه بالانفصال عن روسيا، وتعدّ هذه المجموعات الاخطر لانّها غالبًا ما تلجا الي العنف. تنشط الجماعات الاسلاميه الانفصاليه في منطقه شمال القوقاز الروسي وخاصّهً في الشيشيان التي لم تنطفئ نيران الصراع فيها منذ اكثر من عشرين عامًا. في عام 1991، ومع انهيار الاتحاد السوفيتي، تمّ اعلان الشيشان دولهً مستقلهً عن موسكو، وبقيت علي هذا الحال لثلاث سنوات حتّي قامت موسكو باجتياحها ومحاوله اعاده ضمها الي روسيا فيما يعرف بحرب الشيشان الاولي (1994- 1996) والتي اودت بحياه الالاف من الشيشانيين.

ولم يبدا الصراع بين الشيشان والحكومه المركزيه في موسكو بصبغهٍ اسلاميّه، فبحسب مجموعه الازمات الدّوليه انّ الحرب الاولي هي التي ادّت الي تحويل الدافع القومي للانفصال الشيشان الي دافعٍ اسلامي. ففي عام 1999، اقدمت روسيا علي حرب الشيشان الثانية بعد تصاعد الحركات الجهاديه وقيام القيادي الجهادي شاميل باساييف باجتياح داغستان، لتَحُدّ من انتشار الجهاد الاسلامي الذي كان قد بدا بالتغلغل بجيران الشيشان الاسلاميين كداغستان وانغوشيتيا، وقامت موسكو حينها بفرض سيطرتها علي الشيشان وتعيين حاكمٍ مناصرٍ لروسيا فيها. وكان قد اتّهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتن منذ بضعه اشهر واشنطن بدعم الانفصاليين في شمال القوقاز عن طريق غرفه استخباراتٍ في اذربيجان خلال ايّام الحرب.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل