المحتوى الرئيسى

3 من أهم الصراعات التاريخية التي انتصر فيها «اللا عنف» - ساسة بوست

09/07 19:06

منذ 4 دقائق، 7 سبتمبر,2015

الحياه الطليقه في ظــــل حكومه ظالمه هي السجن بعينه لمن ينشد في الحياه عدلًا.

هكذا يتحدث هنري ثورو المفكر الامريكي في مقال له عن “العصيان المدني”، وكان “هنري” هو اول من يكتب عن فكره المقاومه غير المسلحه، ومن المواقف التي تعزز تلك المقوله:

انه عندما سُجن هنري بسبب افكاره، جاء صديقه والدو اميرسون لزيارته وساله مداعبًا: “هنري… ماذا تصنع هنا خلف القضبان؟”، فرد “هنري” مستنكرًا: “بل انت يا والدو… ما الذي تصنعه خارج القضبان؟”. في نصيحه ضمنيه لصديقه بانه يجب ان يقاوم اي قانون يرفضه الضمير الحر حتي لو كان ذلك العصيان سيؤدي به الي السجن.

“لا يتعين ان تعلّموا الناشئه احترام القانون بمقدار ما ينبغي ان تعلموهم احترام الحق. ان النتيجه الحتميه لاحترام القانون بغير ما هو موجب، هي ان نري الافراد المجنّدين في هذه الصفوف من الضباط والجنود يســـيرون في نظام عجيب غريب وانضباط اعجب واغرب، فوق السهول والجبال، الي حـــومات القتال علي رغم ارادتهم. نعم، علي رغم ارادتهم وعلي رغم ادراكهم الفطري الســـليم، وعلي رغم ما تمليه عليهم ضمائرهم”. هنري ثورو

اعترض “ثورو” علي السياسه الامريكيه تجاه الحرب المكسيكيه ومعامله العبيد، والهنود الحمر، تلك السياسه التي ارتكزت علي قوانين عنصريه استبداديه ظالمه، ورفض دفع الضرائب اعتراضًا عليها.

وعلي الرغم من ان عصيان “ثورو” السلمي اقرب الي الفرديه منه الي الجماعيه، ولكنه غرس بذره ترعرعت لشجره نقطف منها 3 ثمرات هم ابطال تقريرنا اليوم، الذين استخدموا فكره العصيان المدني بشكل جماعي والمقاومه السليمه ونجحوا في احداث التاثير الذي يريدونه ضد الظلم والاستعمار والعنصريه، مستلهمين بافكار ثورو ومطورين له وفقًا لما يقتديه تطور المجتمعات:

“المهاتما غاندي” اشهر المناضلين الهنود في التاريخ، الذي كان يقود الحراك المناهض للاستعمار البريطاني في القرن العشرين، ومؤسس فلسفه “اللا عنف” في المقاومه، ويعتبر غاندي هو اول مثال ناجح ينتهج تلك الفلسفه بشكل جماعي، واصبح بعد ذلك رائدًا لفلسفه “اللا عنف ” والعصيان المدني.

كان غاندي محاميًا مغتربًا في جنوب افريقيا وبدا نضاله هناك “سياسيًّا” و”اعلاميًّا” اسس حزبًا في جنوب افريقيا ليدافع عن حقوق الهنود، كما اسس صحيفه الراي الهنديه والتي شرح من خلالها مفهومه حول النضال السلمي قبل ان يعود الي بلاده عام 1915 ليستانف نضاله “ميدانيًّا” وينظم احتجاجات المزارعين والعمال في المناطق الحضريه ضد جشع وعنصريه المستعمر.

وفي عام 1921، تولي غاندي قياده المؤتمر الوطني الهندي، ليقود حملات وطنيه لتخفيف حده الفقر وكان احد ابرز شعاراته “القضاء علي الفقر”، بتحقيق الاستقلال عن الاحتلال البريطاني اوجع الهنود بفرض الضرائب الباهظه والتمييز في المعامله.

ولجا “غاندي” الي تحقيق اهدافه بالمقاومه السلميه عن طريق العصيان المدني، والهدف من وراء تلك العقيده ان تغيّر من خصمك؛ فتكسب عقله وقلبه، ثم تقنعه ان رؤيتَك هي الرؤيه السليمه، وليست ضعفًا كما يظنها البعض ولكنها تجرد العدو من سلاحه وتجعله في حرج دائم بالاعتماد علي الوعي الشعبي الجماهيري دون استخدام القوه.

ان عقيدتي السلميّه لا تعترف بالجبن ولا تنادي بالتخلّي عن الاعزاء من غير درع واقٍ، ولو خُيّرت بين العنف والجبن لاخترت العُنف عليه؛ فلا يمكنُ ان اعظ سلميًّا وهو جبان، بل انني افضل عليه رجلًا اعمي احاول تمكينه من رؤيه الحياه علي حقيقتها. غاندي

في عام 1930، قاد “غاندي” حراكًا سلميًّا مهيبًا سمي بـ”مسيره الملح” جاء احتجاجًا علي القوانين البريطانيه التي تحتكر الانتفاع بالملح في الهند وتفرض الضرائب الباهظه علي الفلاحين.

وشارك في تلك المسيره الشعبيه عشرات الالاف من الهنود الذين قطعوا مسافه 400 كيلومتر سيرًا علي الاقدام، واستغرقت 24 يومًا لاستخرج الملح.

اذ امتدت من “سبارماتي اشرام” الي “داندي” لانتاج الملح دون دفع الضريبه، واُعتقل غاندي خلال مسيره الملح الا ان اعتقاله لم ينجح في ايقاف المسيره التي كان لها الدور الاكبر في لفت انظار العالم الي قضيه استقلال الهند.

ولم تنتهِ حركه العصيان المدني الا عندما تم التوصل الي معاهده دلهي التي انصفت الهند في النهايه علي حساب المستعمر البريطاني.

في مدينه اتلانتا ولايه جورجيا الامريكيه، حيث سادت ابشع مظاهر التمييز والتفرقه العنصريه بين السود والبيض، ولد مارتن لوثر كينج الزعيم الحقوقي في 15 يناير 1929، ذلك الشاب الذي غير وجه العنصريه القبيح للولايات المتحده بفضل نضاله السلمي “اللا عنفي”.

فالفتره الزمنيه التي كان يعيش فيها “كينج” كانت العنصريه مُقننه بامريكا، فان كنت اسود لا يحق لك حق الانتخاب بالقانون، وبالعُرف الذي كان اقرب الي القانون لا يمكنك ان تجلس في المواصلات العامه وهناك شخص ابيض واقف، عليك ان تترك الكرسي كي يجلس المواطن الابيض.

“الظلام لا يمكن ان يطرد الظلام؛ الضوء فقط يستطيع ان يفعل ذلك؛ الكراهيه لا يمكن ان تطرد الكراهيه؛ الحب فقط يمكن ان يفعل ذلك”. – مارتن لوثر كينج

كان هذا المعني المنطلق الذي تحرك منه “كينج” الشاب العشريني في كفاحه ضد عنصريه الدوله الامريكيه انذاك، ففي عام 1955، رفضت سيده سوداء تُدعي روزا باركس ان تخلي مكانها في حافله لراكب ابيض، حسبما كان متبعًا، فما كان من السائق الا ان استدعي رجال الشرطه الذين القوا القبض عليها!

وتعد تلك الحادثه نقطه فاصله في تاريخ “كينج” النضالي، اذ اطلق كينغ بعدها حمله مقاطعه لشركه الحافلات استمرت عامًا كاملًا تكبدت خلالها الشركه خسائر شديده، وادت في النهايه الي كسر قانون العزل العنصري في الاباما عام 1956، حين استقل كينغ وزملاء له في النضال حافله مختلطه.

وفي عام 1957، قاد كينج مسيره ضمت مئات الالاف المحتجين ضد العنصريه الامريكيه في قانون الحقوق المدنيه الذي لا يُعطي للسود الحق في الانتخاب، وعُرفت تلك المسيره باسم “الحج من اجل الحريه”.

هكذا صرخ “كينج” في كلمته وسط تلك الجماهير الثائره امام نصب لينكولن التذكاري، الذي انتقد فيها سياسات حزبي امريكا الرئيسيين (الحزب الديموقراطي، والحزب الجمهوري) وادت مساعيه في النهايه الي تسجيل 5 مليون مواطن اسود في سجلات الناخبين الامريكيه.

حلمي ضارب بجذوره العميقه في الحلم الامريكي من العيش الكريم، ولم يرضخ تحت قيود العزل ولم تكبل ارادته بـسلاسل التمييز. –كينج

هكذا اكد “كينج” في خطابه الذي القاه امام مئات الالاف الذين تجمعوا -1963- من كل انحاء امريكا عند نصب لينكولن التذكاري بقلب العاصمه واشنطن فيما عُرف انذاك “باكبر احتجاج بتاريخ الحقوق المدنيه”، وكان سبب الاحتجاج هذه المره هو عدم سداد الحكومة الأمريكية ديون ماليه مستحقه للسود، وقال: “بدلًا من ان تفي بما تعهدت به، اعطت امريكا الزنوج شيكًا بدون رصيد، شيكًا اعيد وقد كتب عليه ان الرصيد لا يكفي لصرفه”.

واختتم خطابه: “اقول لكم اليوم، يا اصدقائي، انه علي الرغم من الصعوبات والاحباطات، ما زال لدي حلم.. انه في يوم ما ستنهض هذه الامه وتعيش المعني الحقيقي لعقيدتها الوطنيه بان كل الناس خلقوا سواسيه”.

وتوج الحراك بمقابله وفد يمثله مع الرئيس الامريكي -انذاك- جون كنيدي الذي دعم موقف المحتجين باعلان قانون الحقوق المدنيه.

كان “كينيج” اول امريكي من اصل افريقي يحصل علي لقب شخصيه العام لمجله تايم لسنه 1963، وكان انذاك اصغر شخص يحصل علي جائزه نوبل للسلام عن عمر يناهز 35 عامًا.

3- مسيره كيب تاون السلميه

لا يمكن اعتبار النضال الجنوب افريقي ضد نظام الفصل العنصري سلميًّا علي طول حركته، تمامًا كما لا يمكن فصل ثمار انجازات مارتن لوثر السلميه عن مشاغبات مالكوم اكس العنيفه، ولكن من المؤكد ان الجولات اللا عنيفه في مسيره الصراع كانت تحمل تاثيرًا مفصليًّا.

في 13 اغسطس عام 1989م، قاد الاسقف الانجيلي ديموند توتو، وعدد من رجال الدين والمجتمع المدني – السود والبيض- مسيره “كيب تاون السلميه”، التي شارك عشرات الالاف (من 20 لـ30 الف( من المتظاهرين،، احتجاجًا علي نظام الفصل العنصري بجنوب افريقيا وحاله الطوارئ وحظر الاحزاب علي راسها حزب “المؤتمر الوطني الافريقي” حزب نيلسون مانديلا الذي كان معتقلًا انذاك.

وعلي عكس التحركات الاحتجاجيه السابقه التي كانت تشتبك معها الشرطه لردعها طوال الـ3 سنوات الماضيه لذلك اليوم، لم تعترض الشرطه هذه المره مسيره كيب تاون ليتدفق عليها الجماهير الغاضبه من نظام الفصل العنصري التي حُكمت به جنوب افريقيا، مما جعل قاده المعارضه يؤكدون انه في غياب التدخل الامني تمشي الامور بسلام، مؤكدين استمرار حراكهم حتي تسترد حريتهم.

لقد اثبتنا اليوم انه في غياب الشرطه وهراواتها وغازها المُسيل للدموع، يمضي اليوم بسلام بلا عنف، هذا انتصار عظيم لشعبنا ولكنه ليس نهايه الطريق، فامامنا الكثير لنقوم به كي نحقق الحريه. عبد الله عمر- زعيم حزب معارض

ففي 6 اغسطس 1989، اجريت انتخابات الرئاسيه بجنوب افريقيا للبيض فقط، ونجح فيها فريدريك دكلارك علي بوثا ليخلفه في الرئاسه، وكان من اكثر الايام دمويه اذ قتلت الشرطه حوالي 20 محتجًا ضد النظام العنصري، لذلك مرور مسيره كيب تاون السلميه دون اعتراض الشرطه كان مؤشرًا علي توجه الحكومه الجديد حول مساله الحريات.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل