المحتوى الرئيسى

رحلة فى العقل اليابانى.. 100 كيس أرز تصنع نهضة علمية   

09/06 20:32

تاريخ طويل مرت به اليابان خلال القرون الفائته، عانت خلاله من عصور من الاضمحلال والتراجع، ومن حروب واستنزاف كبيرين لمواردها المحدوده اصلاً، فالدوله التي تتكون من عدد ضخم من الجزر الفقيره بالموارد الطبيعية، وتقع في منطقه حزام زلزالي وبركاني، استطاعت رغم كل الضغوط السياسيه والاقتصاديه ان تناضل وتتطور وتحافظ علي بقائها، حتي عندما تعرضت لضربه قاصمه في الحرب العالمية الثانية، اثر استهداف مدينتي نجازاكي وهيروشيما بقنبلتين ذريتين من جانب الولايات المتحدة الأمريكية، لم تنكسر اليابان او تستسلم للواقع الصعب، اضطرت بالفعل الي الاستسلام في الحرب، ولكنها تحدّت الظروف والخسائر الاقتصاديه وملايين القتلي والجرحي، وبدات رحله جاده نحو اعاده بناء قدراتها وريادتها، لتستطيع خلال عقود قليله التقدم علي طريق الامم القويه والناجحه.

التحدي الذي خاضته اليابان عقب الهزيمه في الحرب العالميه الثانيه ليس التحدي الاوحد في تاريخها الحديث، فقد مرت بفترات تقترب من هذا المستوي من الصعوبه والضغط، لعل منها فتره التحول الكبيره التي بدات من اصلاحات ميجي، وهو الامبراطور الشاب “ميتسوهيتو ميجي”، الذي جاء بعد مرحله طويله من التراجع والفساد وتفكك اوصال الدوله، ليُحدث اصلاحات عديده علي المستويات السياسيه والاداريه والعلميه، ما زالت اثارها قائمه حتي الان.

حكايه ١٠٠ كيس ارز ورحله في العقل الياباني

ضمن اثار فتره “ميجي” واصلاحاته، تبرز هذه الحكايه، فبعد هزيمه قوات الحاكم العسكري لليابان “شوجون”، عانت اليابان من الدمار،  وقدمت مقاطعه مينيياما المجاوره لها المساعدات، من خلال ارسال ١٠٠ كيس ارز للاغاثه العاجله، وكان كوباياشي توراسابورو مستشارا كبيرًا، وذلك في العام ١٨٦٨ وحتي ١٨٧٧ – وهو درجه اقرب الي نائب محافظ في الوقت الحالي – وكان تابعا لـ “ساكوما شوزان”، المفكر المتخصص في العلوم العسكريه، كما كان يدير مدرسه في معبد “بناجاؤكا” لتعليم الشباب الموهوبين.

  الدروس المستفاده من قصه الـ ١٠٠ كيس ارز

اقترح “توراسابورو” ضروره الا يتم استهلاك الارز مباشره، رغم الحاجه الي سدّ الجوع الذي كان يشعر به الناس، ولكن راي ان هناك ضروره اكبر بدلاً من ذلك، وهي بيع الارز واستثمار ايراداته في التعليم المدرسي، ونظر الي الامر علي انه استثمار في “التعليم والتكنولوجيا” القادرين علي التعامل مع الحاجات المتغيره في عصرهم.

اما بالنسبه لمن طالبوا باستهلاك الارز، تلبيه للاحتياجات الفوريه للجائعين، فقد شرح “توراسابورو” لهم اهميه التعليم، قائلاً ان الـ ١٠٠ كيس من الارز ستجني اضعافا مضاعفه من الارباح مستقبلاً، اذا استُثمرت بصوره مناسبه، واصبحت هذه القصه مشهوره جدًّا بعد ان كتب “ياماموتو يوزو” مسرحيه مستوحاه منها، عُرضت في مسرح كابوكيزا عام ١٩٤٣، خلال الحرب العالميه الثانيه،وبعد ان اشار رئيس الوزراء الياباني، كويزومي جونئيتشيرو، الي هذه القصه في خطاب له عام ٢٠٠١، والذي ادّي الي احياء العبره منها، وتوارثت الاجيال هذه القصه من جيل الي اخر، وخاصه مع جاذبيتها التي تنسجم مع روح المجتمع الياباني، وتكمن في تبجيل المعرفه التي يمتلكها الشرق، وفي الطريقه التي ظهرت وجسّدت المُثل العليا لسنوات الثوره في فتره اصلاحات ميجي، عندما بُنيت اسس الدوله الجديده علي التعليم والمعرفه.

كان اشهر معلم في القرن التاسع عشر، فوكوزاوا يوكيتشي، والذي برزت في هذا الوقت نظريته حول “الاستقلاليه واحترام الذات”، وهي النظريه التي تجسّد ايمانه بان الافراد الذين يشكّلون الامه، اذا كانوا مستقلين، فستكون البلاد مستقله وقويه، بدلاً من الاعتماد علي الحكومه وانتقاد الاخطاء السياسيه الملموسه، وانه لا بدّ علي كل فرد من القاء نظره جاده وفاحصه علي واقعه لمعرفه اين يقف ومن اين اتي.

ضحك وموسيقي وبخور.. عادات الموت والجنازات في الحضارات القديمه 3

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل