المحتوى الرئيسى

التناوب والبجيدي ومقاطعة الانتخابات !

09/06 15:32

بدايه وقبل التطرق لاي تجربه، نطرح السؤال : ما هي الانتخابات الديمقراطيه؟ وماهي شروط نزاهتها؟ وهل هي غايه في حد ذاتها ام اليه ووسيله؟

يقول "الساسه" ان الانتخابات هي الوسيله والعمليه التي يختار فيها الناخبون ممثليهم علي المستوي المحلي او الوطني بمؤسسات الدوله او بالتنظيمات السياسيه والنقابيه، وعرّف جوزيف شومبيتر الديمقراطيه في كتابه: ", Capitalism, Socialism, and Democracy" علي انها مجموعه من الاجراءات والمؤسسات التي يستطيع الافراد من خلالها المشاركه في عمليه صنع القرارات السياسيه عن طريق التنافس في انتخابات حره".

ويقول روبرت دال: الانتخابات "ذروه الديمقراطيه وليس بدايتها"، فهي لا تسبقها ولا تنتجها، واشترط ان يسبق اجراءها مجموعه من الحريات والحقوق كحريه الحصول علي المعلومات من مصادر متعدده وحريه التعبير وحرية التنظيم وتشكيل مؤسسات مستقله.

واشترط لنزاهتها: "اولًا: لا بد من اطار دستوري ديمقراطي يوضح طبيعه النظام والمسؤوليات ومهام كل مؤسسه بخضوع الجميع وعلي راسهم من يحكم للمساءله والمحاسبه، ثانيًا: نتحدث عن فعاليه الاقتراع اي هل يؤدي الي امتلاك السلطه ام تصبح الانتخابات عمليه شكليه مفرغه المضمون، ثالثًا: يجب ان تُجري في ظل حكم القانون والقضاء كسلطه مستقله، وان تتسم بالتنافسيه، وتحترم الحقوق والحريات الرئيسيه للمواطنين، رابعًا: انها يجب ان تتم بشكل دوري ومنتظم، وتتسم عمليه ادارتها والاشراف عليها واعلان نتائجها بالحياد السياسي والعداله والشفافيه ."

اذن فخيارات المشاركه من المقاطعه يضبطها ويحسمها نوع الانتخابات التي نحن بصددها، فاما ان تكون نزيهه وشفافه فالمشاركه فيها اداه وخلاص سياسي مُجْدٍ، او صوريه مزيفه مزوره شكليه يجب ان تقاطع لانها تكرس الحكم "الفردي" و تفقد الصدق والصراحه مع المواطنين ولكونها لا تفرز سلطه ولا تصنع قرارًا، وان تركت هامشًا بسيطًا فهو صلاحيات محدوده، تورط كل داخل للعبه وتشل حركته وتجهض مشروعه ليجد نفسه "منفذًا" للتعليمات منصاعا للتوجهات الكبري المرسومه سلفًا، فتذهب مصداقيته في دواليب "الثعالب الماكره" او تنسجم معه ان كان فاسدًا يبتغي المنصب والمكسب.

لكن المشارك بالمغرب مع ذلك يقول لن يعيش حاله "الانتظار"، سيدخل الانتخابات وان لم تكن ديمقراطيه، ولا تتيح لصاحبها صلاحيات كافيه لتحمل المسؤوليه وتنفيذ الوعود المقطوعه للمواطنين، ولن يترك الكرسي فارغًا، بل سيحاول قطع الطريق علي المفسدين ، وهو راي تتقاسمه العديد من الاحزاب الوطنيه او التي صنعتها الاداره او تلك التي انبثقت عن حركه اسلاميه كالعداله والتنميه، وهو راي في اطار المشترك والتدبير السلمي يجب ان نقبل به ونسمع له ونناقشه ونحترمه كما يجب بالمقابل ان تكون نفس المعامله للمقاطعين، فماذا كانت النتيجه؟

دخل بكل رصيده الجماهيري، ومرت سنوات من التجربه والممارسه، وتوضح ان لا شيء تحقق، وتسجلت حالات الاخفاق ونهب المال العام، وتم التراجع عن شعارات "كبيره" وكثيره سرعان ما اضمحلت وخفتت لتختفي، وتراجعت الشعبيه وكثر التذمر وتفاقمت المشاكل، وحدثت انقسامات وصراعات، وتاكلت الاله الحزبيه وتصدعت، واضطر الناس الي تحالفات هجينه ومتناقضه، واقر الخطاب الرسمي بتاريخ 20 غشت 2015 بعزوف الناس، فشكلت المشاركه تسويق وهم لا غير بالنظر الي الامال الكبيره التي كانت معلقه، فكان فساد الذمم هو الشماعه التي يعلق عليها الفشل الرسمي، وتمت شيطنه الاحزاب السياسية، واصبح الناس يتهمون كل انتماء ويتريبون منه، رغم وجود الفضلاء والصادقين الذين لن تسعفهم النيات وحدها، وكل هذا استغله اصحاب الشان للتغطيه علي ازمه الحكم باعتبارها المعضله الكبري، والاكتفاء بالتطبيل لجهه واحده وحيده تنسب لها جميع الحسنات.

ما كان يسميه "الناس" تناوبًا سرعان ما اجهض حين تم تعيين وزير تقنوقراطي، وما اطلق عليه بالتماسيح والعفاريت والفاسدين فيما بعد دستور 2011 ، تحولوا فجاه الي حلفاء ووزراء ونزهاء. كل هذا نتيجه طبيعيه لمن قبل بالشروط المجحفه كما هي، فقدم التنازل تلو الاخر، ومرت علي ايديه اسوا القرارات والاختيارات، وانخدع بوهم الاصلاح من الداخل. فهل من العقل اغفال تجربه عقود واعادتها كاسطوانه قديمه تقليديه تشغل لاخراس الصراخ؟

اما المقاطع فيري ان العمليه ما دامت لم ترْقَ بعد ان تكون ديمقراطيه بالمفهوم الحديث، فهي مضيعه للوقت والجهد والمال، ولا يعدو الامر الا ان يكون واجهه لتزيين النظام السياسي ليظهر بوجه حداثي، واداه من ادوات الالهاء والاستفاده من الريع، وان الخروج في 20 فبراير 2011 كان كفيلًا بحدوث تغيير علي الدستور "خطاب 9 مارس"، وان كان طفيفًا لم يرق الي حجم مطالب الشباب المغربي، فكان الاحتجاج بالشارع كفيلًا في ظرف شهور بتحقيق ما عجز عنه كثيرون خلال 50 سنه من التسيير من داخل المؤسسات، وبذلك يكون قد حقق لب وروح الممارسه السياسيه التي لا تنحصر ولا تختصر فقط في دخول الانتخابات، بل باشكال وتجليات مدنيه سلميه حضاريه متنوعه تختلف حسب الظرف والزمان والمكان والتقدير، تمكنه ان يؤثر في القرار الرسمي من خارج المؤسسات، ويؤطر المواطنين حسب المساحه التعبيريه المتاحه له، ويصنع قوه تنظيميه تتسع رقعتها والمتعاطفون معها يومًا بعد يوم، ويراكم ويدرس ويكوّن وينضج ويؤسس ويتواصل ويبني، وليس سهلًا ان تبقي وفيا لمبادئك ممانعًا للاغراء والاقصاء، وكل يوم يبدل الناس جلدهم كما تفعل "الحيه".

وسلاح المقاطعه قد سبق للبرادعي سنه 2010 اي قبل ثوره 25 يناير 2011 بمصر ان قال عنه: "ان مقاطعة الانتخابات ترشحًا وانتخابًا هي المرحله الاولي لفضح الديمقراطيه المزيفه"، معتبرًا ان "المشاركه مخالفه للاراده الوطنيه". مشددًا علي انها مرحله مهمه للتعبئه الشعبيه تسبق النزول السلمي للشارع تمهيدًا للعصيان المدني".

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل