مدير عام المتاحف والاثار في سورية: داعش شكل عصابات لبيع الاثار في السوق السوداء

في مقابله مع RT ، شرح مدير عام المتاحف والاثار في سوريه مامون عبد الكريم الحاله الصعبه التي تعيشها مدينة تدمر الاثريه وكشف عن طريقه بات يتبعها "داعش" لصنع مافيات الاثار.

س1- ماهي اخر التطورات فيما يخص الارث التاريخي في مدينه تدمر ؟

ج- التراث الثقافي في مدينه تدمر في حاله صعبه .. من المعلومات او الصور التي كانت ميدانيه او فضائيه حول التدمير الذي لحقها كامله هيكل معبد شمين قبل اسبوعين وبعد ذلك معبد بيل فيما بعد ومؤخرا تدمير مدافن برجيه، من بينها الثلاث الاجمل والاكمل من المدافن التي دمرت تحويل المتحف الوطني في تدمر الي سجن ومحكمه شرعيه، تدمير اسد الات ووزنه 15 طنا وارتفاعه 3 ونصف متر، وهو اجمل تمثال في سوريا.

الخساره التي تعطي لعصابات ولصوص الاثار واعاثه الفساد في المواقع الاثريه في مدينه تدمر، اعتقد ان كل هذه الاخبار التي تصلنا تبين حاله الصعوبه التي تعيش فيها الاثار في مدينه تدمر او اي موقع اثري بشكل عام.

مدينه تدمر اصبحت رهينه مستهدفه بطريقه ممنهجه لتدميرها ونخشي ان تاتي الكثير من الصور اكثر قتامه وباسا من مبان اخري قد تدمر لاحقا.

س2- كيف تنظرون لموقف المجتمع الدولي اتجاه استهداف الحضاره السوريه ؟ وهل تواصلتم مع جهات دوليه معنيه بشؤون الاثار؟

ج- المجتمع الدولي علي مستوي المنظمات والجامعات وعلماء الاثار والصحافه العالميه والضمير العالمي جيد بشكل عام، هذا لا يكفي نحن بحاجه الي اصحاب القرار في المجتمع الدولي، الدول الكبيره التي لها قرار في تقديم المساعده الحقيقه.

صدر قرار عن مجلس الامن تحت الفصل السابع تحت رقم 2199 في شباط  2015 الذي يجرم كل من يخرب ويهرب الاثار من سوريا والعراق. نحن بانتظار ادوات حقيقه لهذا القرار الصادر من مجلس الامن علي ارض الواقع.

كيفيه تقديم الدعم و المؤازره في وقف النزيف الذي يلحق تراثنا الثقافي في سوريا، وحتي في العراق، اثار العراق ايضا في حاله مشابهه لاثار سوريا، نحن بحاجه الي ادوات لفرض قوه علي ارض الواقع.. بدونها ستكون خساره ليس فقط لابناء الشعب السوري، بالنهايه هو تراث وطن، تراث لكل السوريين بغض النظر عن اي خلاف في الرؤي السياسيه.. هي ذاكره مشتركه وهويه مشتركه لكل السوريين، وايضا جزء من التراث العالمي، فالمجتمع الدولي يجب الا ينسي هذا الوضع، والا سيكون تقاعسا وخذلانا بحق هذا التراث امام الاجيال القادمه.

س3- ماهي الخطوات التي اتخذتموها في ما يخص حمايه الاثار في سوريه المهدده او التي وقعت تحت سيطره التنظيمات الارهابيه ؟

ج- نحن كنا سريعين في اتخاذ القرارات سابقا منذ حوالي 3 اعوام، وعندما استشعرنا ان هناك اخطارا تحدق بالاثار السوريه قمنا باغلاق المتاحف السوريه في اواخر صيف 2012 ونقل القطع الي اماكن امنه، وشيئا فشيئا كلما تصاعدت الاحداث قمنا بنقل المزيد والمزيد. الان الاغلبيه المطلقه من قطع الاثار السوريه الموجوده في المتاحف السوريه في امان، قمنا بتوثيقها وتغليفها بطريقه صحيحه واخفائها باماكن امنه، واغلب الاماكن الامنه موجوده في مدينة دمشق، اذاً نحن مطمئنون علي التراث المنقول الموجود في المتاحف السوريه، هذا التراث هو حصيله الاعمال والتنقيبات الاثريه التي تمت من سوريه منذ حوالي قرن من قبل عشرات من البعثات ..سوريه روسيه المانيه امريكيه بريطانيه فرنسيه ايطاليه.

هذه الذاكره المشتركه لكل سوري متمثله بالقطعه الاثريه بخير، حتي الاثار التي كانت موجوده في مدينه تدمر، قبل سقوط مدينه تدمر، كنا قد قمنا بترحيل مئات من التماثيل الجميله التي كانت مهدده بالتدمير او من خلال البيع في الاسواق السوداء، كلها اصبحت في اماكن امنه في دمشق، لا خوف علي التراث الموجود في المتاحف، لكن المصيبه متعلقه بالمواقع الاثريه الموجوده اليوم تحت سيطره مجموعات داعش او المجموعات المتطرفه في شمال وشرق سوريه. نحن ماذا نستطيع ان نفعل بحق موقع مثل موقع ماري الذي يعود الي حولي 5 الاف عام. في وادي الفرات اليوم هناك عصابات اثار  تعيث فسادا وتدمر وتستخدم بلدوزرات التنقيب السري في هذا الموقع، كما حدث ايضا في موقع دوراغطس بجوارها الذي يعود الي حوالي 2300 عام. هناك كثير من المواقع تتعرض الي تدمير ممنهج، هناك اخطار بسبب الاشتباكات، كما يحدث في حلب، نحن نخسر يوميا مدينة حلب ونزيف هائل فيها امام صمت دولي مما يجري فيها من دمار بحق التراث الثقافي بهذه المدينة الجميله العالميه الاسلاميه العربيه. كل المكونات الحضاريه التي تملكها مدينه حلب اليوم هي مهدده، هناك نوع اخر من الاضرار تلحق بنا ايديولوجيا التطرف حيث دمرت اكثر من 70% من الاضرحه الاسلاميه الموجوده في مناطق سيطره داعش، او دمرت اديره وكنائس ومعابد، كما حدث في تدمير المدافن. هناك ضرر ثالث ايضا متعلق بالتنقيب السري من قبل عصابات الاثار التي تتلقي دعما من داعش وتحصل علي الموافقات منهم او من مجموعات متطرفه منهم تعيث فسادا بالمواقع الاثريه، كما هناك تنقيب سري ممنهج من خلال استخدام البلدوزر. وهناك ضرر رابع اقل وطاه، ولكن نحن مستمرون في تخفيفها، متمثله بالمخالفات العشوائيه في بعض المواقع الاثريه او استخدام الاحجار الكريمه بغرض البناء الحديث.. اذاً نحن امام واقع صعب بحق مواقعنا الاثريه، لاتنسوا نحن لدينا في سوريا اكثر من 10000 موقع اثري موزعه في الجغرافيه السوريه. نحن نحاول قدر الامكان ان نخفف الاضرار، لا نستطيع ايقافها، ولكن تخفف.. اذا كانت المواقع تحت سيطره الحكومه فهي سهله، واذا كانت خارج سيطره الحكومه فنعول كثيرا علي ابناء المجتمع المحلي، علي الشرفاء السوريين من النخب الثقافيه الدينيه والاجتماعيه والعشائريه الذين يقدمون الدعم للموظفين في مدينه الاثار لتخفيف الاضرار.

س4 - هناك من يتحدث عن قيام تنظيم داعش بسرقه الاثار وتفجير مجسمات مشابهه للاثار المسروقه، هل هناك اي معطيات حول هذا الموضوع؟

ج- في التجربه العراقيه ظهرت مجموعه من المجسمات موجوده في متحف الموصل، طبيعيا هنالك مجسمات في متاحف العالم، حتي هناك بعض المجسمات غير اصليه قاموا بتكسيرها دون علم. من خلال تجربتنا مع هؤلاء اعتقد هذا الشيء غير صحيح، هم يدمرون كل تماثيل بفعل ايديولوجي، لا يمكن ان يقبلوا باي تماثيل، ولكن هم يبيعون ادوات اخري، امور معدنيه، فازات، قطع هامه، رقيما كمسكوكات.. كل هذه الامور التي لاتحمل امور ايديولوجيه يقومون ببيعها عبر الوسطاء والمافيا، لكن اذا كانت هناك تماثيل هم يتعاملون معها علي انها اصنام ولا يمكن ان يتنازلوا. اعتقد ان هذا الموضوع غير صحيح علي انهم يدمرون مجسمات لاخفاء سرقاتهم، لايمكن ان يبيعوا تماثيل الا اذا كان هناك شيء جديد. حسب المعلومات والشهادات المتوفره لدينا انهم كل ما شاهدوا تماثيل في منطقه ما في سوريه قاموا بتدميرها امام الاهالي، هم يدمرون كل ما يخالف ايديولوجياتهم وافكارهم. اما موضوع السرقات والمافيا فهي متعلقه بعشرات الانواع الاخري من الاثار التي هي قد تباع باسعار عاليه وتجد لها شراء في الاسواق السوداء.

س 5 - هل هناك اي بوادر لاستعاده تدمر من قبل الجيش للحفاظ علي ماتبقي من اثار؟

ج- كل الامل ان تتم استعاده مدينه تدمر، بقناعتي اذا بقيت تدمر تحت سيطره هؤلاء سنخسر تدمر نهائيا، كلما كان تحرير مدينه تدمر قريبا كلما استطعنا انقاذ تدمر بالحد الاقصي ما يمكن، ولكن ابقاء المدينه تعني خساره المدينه. خاطبنا المجتمع الدولي، خاطبنا كل العالم، المدينه تحولت الي رهينه، نحن نتوقع الاسوا بشان المدينه خلال الاشهر القادمه .. ما قلناه في شهر ايار يتحقق علي ارض الواقع مع كل اسف.

س 6- كيف تنظرون الي مقتل الدكتور خالد الاسعد، وهل هناك تهديدات اخري يواجهها شخصيات سوريه تعمل في نفس المجال، وهم محتجزون في مناطق سيطره الارهاب ؟

ج- هم موجودون هناك، موظفو الاثار لا يعملون في مجال الاثار باعتبارهم لا يستطعون، اذا قاموا بمجال الاثار سيتعرضون الي التصفيه، فهم لا حوله ولا قوه لهم كموظفين. اما الباقون الذين يعملون في مجال الاثار ويدافعون عن التماثيل وعن المعابد فهم متهمون جميعا كاثارين كعبده اصنام وحماه للاصنام، كل اثاري مستهدف علي غرار المرحوم الشهيد خالد الاسعد الذي استشهد وهو يدافع عن مبادئه ومواقفه، رفض البيعه، رفض ان يخون مبادئه.. بعد اكثر من 80 عاما من حياته رفض مغادره المنطقه وبقي هناك في تدمر، كان مؤمنا بمبادئه ومعتقده مدافعا عن الانسانيه يرفض التطرف، يرفض العنف، كان يؤمن بالانفتاح الثقافي، كان خير سفير لمدينه تدمر امام وفود الرؤساء التي كانت تزور هذه المدينه، كان باحثا من الطراز الاول، للاسف اتهم انه من المرتدين وانه يعبد الاصنام مثل باقي الاثارين، وكلنا الان متهمون باننا مرتدين في النهايه، نحن لانحمي اصنام، نحن نحمي الفن السوري، ونحمي تماثيل من زاويه ثقافيه حضاريه. هم ينظرون من زاويه ايديولوجيه، ينظرون من زاويه العبادات، نحن كلنا مسلمون ومسيحيون نؤمن بالله، ولكن مهمتنا ان نحمي التراث، كل اثاري في سوريه متهم بالتكفير وعلي انه حامي العبادات القديمه.

س7- كيف تنظر لمستقبل الحضاره السوريه بعد كل هذه المجريات والتدمير الممنهج لها ؟

ج - الحضاره السوريه بخطر، بقناعتي اذا استمرت الازمه بوضعها الحالي ستكون هناك خسارات اخري، سيكون هناك تصاعد اكبر بالعنف المستهدف للاثار السوريه، للاسف نحن كل يوم نفيق صباحا ونتلقي معلومات جديده عن دمار جديد، ان كان من حلب او من المواقع التي تتلقي من عصابات الاثار التدمير مثل الذي يحصل في مدينه تدمر من قبل داعش. اذاً هناك كل يوم اخبار سيئه، الاخبار الساره متعلقه فقط باننا انقذنا 99% من المقتنيات المتحفيه في المواقع والمتاحف السوريه.. للاسف وضع الاثار في خطر هناك ضبابيه سوداويه تنتظر اثار سوريه .