المحتوى الرئيسى

الرواية بالجزائر واستلهام التراث

09/05 18:56

تميّزت الروايه الجزائريه منذ نشاتها في النصف الاوّل من القرن العشرين باكثر من توجه جمالي ولغوي جعلها مفتوحه علي مختلف اسئله الانسان الجزائري وهواجسه في صراعه مع الاستعمار الفرنسي، ثم صراعه من اجل تحقيق الذات بعد الاستقلال.

وقدّمت الروايه الجزائريه اسماء كبيره اختلفت لغتها وطبيعه نظرتها الي الفن في علاقته بالانسان والمكان مثل مولود فرعون ومحمد ديب ومالك حداد والطاهر وطار وكاتب ياسين ورشيد بوجدرة وواسيني الاعرج وأحلام مستغانمى والحبيب السائح وغيرهم.

وفي العشريه الاخيره ظهرت اقلام راهنت علي استثمار التراث الشعبي المحلي من محكيات واساطير وتصوّف وسيَر، وقاموس لا يحيل الا علي الهويه الجزائريه، حتي باتت تشكّل تيارا لافتا للانتباه علي اكثر من صعيد. الجزيره نت سالت عددا من الكتاب الجزائريين عن خلفيات هذا التوجه وافاقه.

الشاعر والروائي احمد عبد الكريم (الجزيره نت)

ويؤكد الروائي كمال قرور الفائز بجائزه مالك حداد -التي تشرف عليها الروائيه احلام مستغانمي- للجزيره نت ان خياره في الرجوع الي التراث يعود الي مطلع الالفيه الثالثه "حيث عكفتُ علي قراءه وتمعن الموروثات التي تراكمت وساهمت في تكوين الذوق الجمعي للانسان الجزائري، فاكتشفت انها خزّان لماده روائيه خام يمكن الاستفاده منها في بناء اشكال فنيه جديده تستجيب لروح العصر ولا تنقطع عن الجذور".

ويضيف صاحب روايه "سيد الخراب" ان العمل السردي يكون حينئذ له هويه لا تحيل الا علي بيئته، لذلك فقد كانت الحكايات والامثال الشعبيه والسير والاساطير المناخَ الجديدَ الذي اقرا من خلاله الماضي والحاضر والمستقبل معا".

وعن ما اذا كان هذا الخيار استنجادا بالماضي للهروب من الواقع قال الشاعر والروائي احمد عبد الكريم ان توظيف التراث المحلي في تجربته الروائيه لا يعد نكوصا بقدر ما كان اتجاها املته شروط الكتابه ذاتها، وما تضمنته روايته من توظيف للتراث الصوفي الطرقي اللصيق بالفضاء المكاني والحضاري الذي ينتمي اليه في منطقه بوسعاده "هو محاوله للصعود باللحظه الراهنه، وانتشالها من عاديتها الواقعيه الي المطلق، في نزوع لتحويل الروايه ذاتها الي تراث".

واضاف صاحب روايه "متاهات" للجزيره نت "ان التراث في المقابل ليس قوالب جاهزه صالحه لكل المقولات والافكار التي يريد الروائيون التعبير عنها، بل يجب ان تمليه مبررات نابعه من داخل الكتابه الروائيه نفسها، لغه وموضوعا، وليس اقحامه قسرا من اجل تمرير رسائل وافكار".

غلاف روايه فصوص التيه لعبد الوهاب بن منصور (الجزيره نت)

ولم ينكر الروائي عبد الوهاب بن منصور الذي ينطلق من التراث الصوفي لمنطقه تلمسان في كتاباته السرديه دور عشريه العنف التي عاشتها الجزائر في ظهور هذا التيار من الروائيين الجزائريين المشتغلين علي التراث المحلي، ذلك ان هذه التجربه القاسيه -حسبه- فرضت علي نخبه من الكتاب الجزائريين العوده الي التراث ومساءلته من خلال الوقوف علي خصائصه المميّزه، وتوظيفه روائيا قصد تحويل الواقع المعيش والمرير الي عالم سحري يتعدّي الزمان والمكان.

واكد بن منصور في تصريحه للجزيره نت انه "كان لزاما علي الكاتب الذي عايش العشرية السوداء، بكل تفاصيلها من قتل ودمار باسم الدّين، ان يؤصل بعض القيم الانسانيه كالحب والتسامح، وذلك بتقديم نموذج اخر ينافس ويضاد نموذج  التطرف والعنف، وفي الوقت نفسه يجادل للابقاء علي الامل حيا من اجل تخطي الازمه".

ولا يجد الكاتب رابح ظريف حرجا في الاقرار بان لجواه الي هذا الخيار فيه شيء من الهروب من الواقع بحثا عن الذات الانسانيه المفقوده سواء في حياته الخاصه التي يري ان الطفوله اهم مرحله فيها، او في واقع المجتمع، الذي اصبحت الابعاد الانسانيه اخرَ انشغالاته.

ويؤكد صاحب روايه "قدّيشه" التي استلهم فيها حياه شخصيه اسطوريه في منطقه الحضنه الهلاليه علي انه لا يهمّه حجم التغييرات التي طرات علي الحدث، بقدر ما يهمه الجانب الابداعي في الحكايه الاسطوريه التي تنتشر كثيرا في بيئته.

الروائي الخير شوار (الجزيره نت)

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل