المحتوى الرئيسى

متلازمة الفيسبوك

09/04 20:29

قرات قبل عده ايام قصه قصيره وطريفه في نفس الوقت باللغة الانجليزية، تتلخص في الاتي:

"حاولت اقامه علاقات صداقه وتعارف مع اناس خارج الفيسبوك في الواقع الحقيقي، بنفس الاسلوب والطريقه المتبعين في عالم الفيسبوك الافتراضي..

لذا، نزلت الي الشارع وبدات بايقاف الماره لاخبرهم ماذا اكلت قبل قليل، بماذا اشعر في هذه اللحظه، ماذا فعلت في الليله الماضيه، ما انوي القيام به، وبصحبه من..

بدات باعطائهم صورًا لعائلتي، حديقه المنزل، سقي العشب، صورتي وانا اقف امام احد النصب التذكاريه، صورتي وانا اقود السياره في المدينه، وانا اتناول الغداء، وغيرها من الصور التي توثق نشاطي اليومي..

بدات الوقوف جنب بعض الماره الذين يتحدثون مع بعضهم لاستمع الي حديثهم وابدي اعجابي به، واخبرهم كذلك باعجابي بهم..

المثير للدهشه، اكتشفت ان هذه الطريقه وبهذا الاسلوب في العالم الحقيقي تعمل، حتي الان عندي ثلاثه اشخاص يتابعونني: رجلان من الشرطه وطبيب نفساني.."

قصه كتبها صاحبها كطرفه، لكنها في حقيقه الامر تحكي وتصور واقعًا نشهده في وسائل التواصل الاجتماعي وبالاخص موقع الفيسبوك..

الان اخرج من المنزل متجهًا الي المكان الفلاني.. ابنه اخي ترقد الان في المستشفي اثر وعكه صحيه.. الان اتناول وجبه الغداء مع (...).. والتي هي عباره عن (...).. الان في المطار انا والعائله متجهون الي (...).. استلمت قبل قليل دوائي من الصيدليه.. ساخطب اليوم في الجامع الفلاني.. انتهيت قبل قليل من القاء محاضره عن (...).. خرجت للتو من المسجد بعد الفراغ من اداء صلاه (...).. زرت قبل قليل الشيخ (...) نحن الان في منزل (...)..

هذا علي مستوي الحسابات الشخصيه للافراد، واما ما يسمي بـ "الصفحه العلميه" في الفيسبوك للشيخ فلان والشيخ علاّن، فهذا ما نجده من علم:

زياره طلاب ... للشيخ ... في منزله ليله امس، صور من لقاء الشيخ ... بالعلامه الشيخ ...، افتتاح فعاليه ... برعايه الشيخ ...، صور من زياره الشيخ لولايه ...، صور قديمه للشيخ ... وهو في سن الصغر، بحمد الله وتوفيقه افتتح امس فضيله الشيخ ...

للاسف هي في الحقيقه صفحات دعايه واعلان لا تمت للعلم بصله لا من قريب ولا من بعيد ...

هذا هو واقع الفيسبوك، الذي لو حاولنا تطبيقه في العالم الحقيقي كما ورد في القصه اعلاه، لاتهمنا بالجنون او خفّه العقل، ولتم اقتيادنا الي مصحه نفسيه بسبب هذه السلوكيات التي سيستغربها الجميع في الواقع الحقيقي..

لو اعتبرنا هذا الامر احد امراض وسائل التواصل الاجتماعي، فان هناك مرضًا اخر قد يصاب به بعض مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، وهو مرض "العمي" والذين يصابون به سماهم د. مصطفي الحسن في احدي مقالاته ب "عميان ساراماغو"..

"عميان ساراماغو" هم اولئك الاشخاص الذين وردوا في روايه الكاتب البرتغالي خوسيه ساراماغو المسماه "العمي" والتي تدور احداثها حول وباء مُعْدٍ انتشر في احدي المدن، بحيث من يتعرض لهذا الوباء يصاب بالعمي مباشره، مما ادي الي انتشاره بسرعه كبيره، بحيث تم عزل هؤلاء الاشخاص الموبوئين في منطقه حجر صحي، حتي لا يقوموا بعدوي الناس الاصحاء..

بدا هؤلاء الاشخاص بالتكيف في منطقه العزل تلك ليبدؤوا حياه جديده تختلف تمامًا عن حياتهم وهم اصحاء يرون الناس الاخرين ويرونهم..

اصبحت تلك المنطقه ماهوله بهؤلاء العميان والذين اصبحوا يعتقدون انهم ماهولون بها فقط، ولذا لا يحتاجون الي مراعاه اي قيمه انسانيه من الحشمه واللباس والتستر لانهم لا يرون بعضهم البعض، بل وصل الامر الي التعري وممارسه الرذيله امام الاخرين دون ادني استحياء لان الاخرين لا يرونهم..

تفاصيل كثيره في الروايه لا تهمنا كثيرًا بقدر ما يهمنا الفكره التي تدور حولها والتي تجسدت من خلال هؤلاء العميان، حيث ان بعض مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي وللاسف الشديد، اصيبوا بهذا المرض، فالفيسبوك او التويتر يمثلان المحجر الصحي لهؤلاء، فبمجرد دخولهم لهذا المحجر فقدوا بصرهم واصبحوا كعميان ساراماغو، فيبدؤون بممارسه مختلف انواع الفحش في القول، والنهش في اعراض الناس لانه لم يعد يراهم احد، لا لشيء الا لان احدًا من الاشخاص طرح رايًا او فكره اختلف معهم فيها..

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل