المحتوى الرئيسى

مهند الأودن يكتب: حسن الظن مفتاح السعادة | ساسة بوست

09/04 15:51

منذ 1 دقيقة، 4 سبتمبر,2015

عندما ننظر لحياتنا بعين الاعتبار؛ فنجد أن لكل منا نظرته الخاصة في الحياة، وفلسفته الخاصة في التفكير.

فأسوأ الناس حظًا في الحياة من ابتلي بسوء الظن، فهو يجعلك تخسر الكثير من الناس، وسوء الظن ينبع من عدم الثقة بالنفس فإذا ما أسأت الظن بنفسي، فكيف أحسن الظن بأحدهم؟ وأكثر الأمور سوءًا سوء الظن برب العزة.

ورد عن الإمام علي: “شَرُّ النّاسِ مَنْ لا يَثِقُ بِأَحَد لِسُوءِ ظَنَّهِ وَلا يَثِقُ بِهِ أَحَذٌ لِسُوءِ فِعلِهِ”.

حسن الظن وسوء الظن هما ما يحددان كيف تحيا في عالمنا هذا، سعيدًا كنت أم تعيسًا، محبوب أنت أم مكروه، راضٍ عن نفسك أم غير ذلك؟

أي فعل صدر عن شخص يحتمل الوجهين: الصحيح والسقيم، الظن بالناس يعتمد في المقام الأول على نظرتك للحياة فتجد الإيجابي يحسن الظن بمن حوله ويلتمس لأخيه ولو سبعين عذرًا، على عكس الإنسان السلبي فتجده مسيئًا للظن، ظالمًا لمن حوله، واضعًا إياهم دائما في قفص الاتهام، مطالبا إياهم دائما بالدفاع عن أنفسهم، مطالبًا إياهم أن يفسروا كل كلمة ولفظة وحركة وهمسة ولمسة.

ورد عن الإمام علي : “مَنْ سـاءَتْ ظُنُونُهُ، اعتَقَدَ الخِيـانَةَ بِمَنْ لا يَخُونُهُ”.

وورد أيضا عن سيدنا عمر بن الخطاب: “سُوءُ الظَّنِّ بِالمُحسِنِ شَرُّ الإِثمِ وَأَقبَحُ الظُّلمِ”.

هناك أزمة حقيقية بين ما أعنيه أنا وما فهمته أنت، واللعب دائما يكون في ما بين المنطوق والمفهوم، تُحل تلك النقطة بحسن الظن فإن قال أو فعل أحدهم شيئًا أحسنت به الظن، وفي أسوأ الظروف أستفسر منه قوله هذا أو فعله ثم أحسن به الظن.

قول النبي الكريم: “إنَّ اللهَ حَرَّمَ مِنَ المُسلِمِ دَمَهُ وَمـالَهُ وَعرِضَهُ وَأَنَّ يَظُنَّ بِهِ السُّوءَ”.

المحسن الظن بنفسه هو الذي يمتلك الثقة بنفسه، واثق من قدراته وإمكاناته التي منحها الله إياه دون كبر أو غرور أو غلو، هو أيضا إنسان إيجابي متفائل يشع بهجة وسرورًا على من حوله. ولكن كيف يكون سوء الظن بالنفس؟ بمنتهى البساطة سوء الظن بالنفس هو عدم الثقة بقدراتك الشخصية، الذي يجعل منك شخصية مهزوزة، وإذا ما أردت الحصول على بعض الثقة تتحول إلى ثقة مستمدة من أحدهم، وقد تجعل منك شخصًا إمعة، وقد تبتليك بكثير من الصفات السلبية التي لا داعي لها وكل ذلك جراء عدم ثقتك بنفسك وإمكاناتك التي منحها الله إياك، فتسيء استغلال قدراتك وقد لا تستغلها أصلا، وتنشغل دوما بجلد ذاتك وتقريع نفسك وتحميلها ما لا تطيق.

ورد عن سيدنا عمر بن الخطاب قوله: “مَنْ سـاءَ ظَنُّهُ، سـاءَ وَهمُهُ”.

وسوء الظن أيضا يدخل في نقطة الإيمان، فأشد الناس ظلمًا المسيء الظن بربه، والذي تجده لا يقبل البلاء، ولا يقبل أن يحيل حياته إلا إلى جحيم، ولا يترك الأمر لمدبر الكون وإنما وكأنه يعترض على أقداره ولا يجد في قلبه طمأنينة ولا سكينة ولا رضا.

قال تعالى: ﴿وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا﴾.

في حين أنك تجد المحسن الظن بربه راضيًا بقضائه، قانعًا بعطائه يرى في محنته منحة، وفي ضرائه سراء، ويقنع أن مع العسر يسرًا، وأن الأمر كله بيد الله وأنه على كل شيء قدير، ولذلك كان حسن الظن بالله مع حسن التوكل وليس التواكل، فأنا أريد وأنت تريد والله يفعل ما يريد، وفي إرادة الله دائما وأبدا الخير.

ورد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: “وَالَّذِي لا إِلـه إِلاّ هُوَ، لا يَحسُنُ ظَنُّ عَبدٍ مُؤمِن بِاللهِ، إِلاّ كـانَ اللهُ عِندَ ظَنِّ عَبدِهِ المُؤمِنِ؛ لأَنَّ اللهَ كَرِيمٌ، بِيَدِهِ الخَيراتُ، يَستَحِيي أَنْ يَكُونَ عَبدُهُ المُؤمِنُ قَدْ أَحسَنَ بِهِ الظَّنَّ، ثُمَّ يُخلِفُ ظَنَّهُ وَرَجـاءَهُ؛ فَأَحسِنُوا بِاللهِ الظَّنَّ، وَارغَبُوا إِلِيهِ”.

عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الأَسْقَعِ، أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَدِّثُ عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ: “أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي فَلْيَظُنَّ بِي مَا شَاءَ”.

ظن السوء في السر يورث الحقد والضغينة والحسد والقلق والتوتر والترقب والاهتزاز وعدم الاتزان.

ظن السوء في العلن شيء بالفعل لعين ومهين للغاية، ويجعلك تخسر من حولك وتخسر نفسك وتغضب ربك.

لا أرى بدًا إذًا من أن يعيش الإنسان منا بإيجابية، وأن يترك السلبية وراء ظهره وأن يبتسم للحياة لكي تبتسم له الحياة، فالعمر لا يحياه الإنسان إلا مرة واحدة؛ فإما أن يشغل نفسه بكل شاردة وواردة ويحيا في غم وهم وتعاسة، وإما أن يدع الخلق للخالق ويشغل نفسه بنفسه ويحسن الظن بنفسه وبالناس وبربه.

نرشح لك

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل