المحتوى الرئيسى

مترجم: التعليم في عهد توفيق باشا.. منذ توليه السلطة حتى الاحتلال البريطاني (1879 -1882) - ساسة بوست

09/03 19:03

منذ 2 دقيقتين، 3 سبتمبر,2015

ادت الاضطرابات الماليه والسياسيه في عهد الخديوى اسماعيل الي خلعه في 26 يونيو 1879. وقد خلفه ابنه محمد باشا توفيق. ولم يكن هناك حاكم من الممكن ان يصل لعرش مصر في مناخ اكثر اعاقه من ذلك حيث كانت البلاد تعج بالاضطرابات بسبب التدخل الاجنبي في الشئون المصريه، وغضب الشعب المتزايد جراء ذلك، فضلاً عن بوادر قلق داخل الجيش تطور الي ما عُرف بالثوره العرابيه، التي تلاها الاحتلال البريطاني لمصر.

وتهدف تلك المقاله لالقاء الضوء علي وضع التعليم قبل الاحتلال البريطاني لمصر في الفتره ما بين تولي توفيق حكم مصر عام 1879 الي عام 1882 قبل الاحتلال.

وبسبب قصر تلك المده والمشاكل التي عاصرتها فلا يمكن ان نري ملمحًا او سياسه للتعليم، ولا انجاز الا انه من المعروف ان توفيق قد اظهر اهتمامًا بالتعليم قبل توليه الحكم حينما منح دعمه لمدرسه Ecole Gratuites وفتحه لمدرسه القبه في عام 1875 ، حتي انه يقال انه كان يزور مطبخ المدرسه ليطمئن علي نوعيه الطعام المُقدمه للطلبه بنفسه.

وفي يناير 1881، فتح مدرسه للامراء واولاد النبلاء تحت نظاره عثمان بك صبري الذي منح لاحقـًا لقب باشا. وفي عهد الخديوي توفيق،  قدم علي باشا ابراهيم تقريرًا عن وضع المدارس لمجلس النظار شارحًا وجهه نظره بالنسبه للميزانيه المخصصه غير الكافيه للتحسينات المطلوبه، وشدد علي ضروره اصلاح المناهج.

وتبدو اهميه ذلك التقرير انه يعطي لنا انطباعًا من احد المصريين عن انفسهم- اي عن مشكله التعليم- حيث كان يعيق اي انجاز في التعليم امران وهما: عدم وفره المال، وعدم وفره المدرسين الاكفاء.

واقترح التقرير علي المجلس ان يتم توفير المال عبر توفير نصيب اكبر من الميزانيه. اما بخصوص المدرسين، فقد اقترح تحسين مستوي “دار العلوم” وفتح كليه اخري لتدريب المُعلمين، علي ان يتدربوا علي اللغات الاوروبيه والحساب والتاريخ والجغرافيا والكيمياء والفيزياء.

كما اقترح التقرير تحسين مستوي المدارس الابتدائيه والاعداديه لضمان مرشحين افضل لدخول المدارس المُتخصصه.

واقترح تاسيس مدارس ابتدائيه درجه ثالثه في كل قريه مهمه، ومدرسه ابتدائيه درجه ثانيه في المدن الصغيره جدًا، ومدرسه ابتدائيه درجه اولي في عواصم المحافظات، علي ان يتم تمويل هذا المشروع من الاهالي من خلال العُمد والمجالس المحليه.

واقترح انه علي المسئولين ان يؤكدوا للاهالي علي ضروره التعليم من اجل تحسين مستواهم الثقافي بشكل عام ومحاربه الاميه.

واكد انه من المستحيل احداث نتائج مباشره، مدركـًا ان تعليم الاهالي هو مساله وقت.

كان توفير المدارس الابتدائيه علي مستوي البلد ككل معتمدًا في الاساس علي توفير المال، الذي كان من الصعب توفيره في ظل القيود الماليه والمشاكل التي عمت البلاد. وحتي ان توفرت لم تكن لتضمن مدرسين اكفاء واعداد وفيره منهم.

وكانت نتيجه ادخال فكره الشهادات الدراسيه التي لم يَظهر اثرها في ذلك الوقت -التي اُخذت في الاساس من اوروبا الذي قَدَرَ مُجتمعها التعليم والثقافه ليس لاسباب مهنيه خالصه– ان اصبح حصوله علي الشهاده المدرسيه نوعًا من انواع الهوس لدي المصريين. فبمجرد حصوله علي الشهاده اعتبرها النهايه، وذلك بحصوله علي وظيفه في الحكومه.

وكان لانشاء كليه تدريب جديده علي اساس العلوم الغربيه مع الحفاظ علي كليه “دار العلوم” ان خلق هوه بين ثقافتين: احداهما اسلاميه والاخري غربيه. تلك الهوه التي سوف تزداد بالتدريج لدرجه ولاده حاجز لن يمكن اجتيازه بين مدرس اللغه العربيه ومدرس العلوم الحديثه.

وقد تناول التقرير بالنظر والنقد جميع المدارس المتخصصه واوضح ما بحاجه الي تطوير وما تتمتع بوضع جيد، كذلك تناول وضع التعليم الاساسي ومشكلاته. وذكر في تقريره وضع المدارس الاوروبيه التي اغلبها تديره القنصليات الاوروبيه وذكر ان نسبه الطلبه المصريين في المدارس الاوروبيه في عام 1878 كان 52% منهم من هم غير مصريين خالصين، ولكن في الاوراق هم يحملون الجنسيه المصريه. واوضح ان النقاط القويه في تلك المدارس انها تُدريس اللغات والتاريخ والجغرافيا والحساب والرسم والهندسه، ولكن النقاط الضعيفه فيها هي تعليم اللغه العربيه. وذكر في التقرير ضروره ان يمنح الديوان سلطه المراقبه علي تلك المدارس.

ورغم ان التقرير لم يتم العمل به بسبب الظروف التي كانت تمر بها البلاد والتي ادت في نهايه المطاف لاحتلال مصر، الا ان ذلك التقرير القي الضوء علي مشاكل التعليم في مصر.

اسفرت الازمه الماليه التي افرزها في الاساس سياسه اسماعيل الاقتصاديه وسماحه للاوروبيين في اختراق المجتمع المصري ومن بعده خلفه توفيق باشا الذي لم يقدم ايه خطوات من اجل كبح التدخل الاوروبي في شئون مصر الداخليه، وما نتج عنه من اضطراب داخل الجيش تحول الي ثوره انتهت بالاحتلال البريطاني لمصر عام 1882.

وبما ان المبحث قد وصل لنهايته بدخول الاحتلال البريطاني لمصر ولكنه من الجدير بالذكر ان نلفت النظر هنا الي احدي الملاحظات التي انهي بها الكاتب بحثه بمقارنته بين الخلفيه الاجتماعيه في المجتمع الشرقي وبينها في المجتمع الغربي؛ حيث ذكر ان الاطفال الشرقيين محرومون من فوائد “الحياه المنزليه” التي تلعب فيها الام الغربيه دورًا مؤثرًا من الناحيه التربويه؛ مما يؤهل الابناء للعب دور في المجتمع مستقبليًّا في حين ان الام الشرقيه لا تقدم لاولادها الا ما منحته الطبيعه لها من هبات. ذلك التاثير الذي يمنحه البنيان الاجتماعي الغربي ودور الام فيه هو ما تبني عليه المدارس الغربيه بنيانها للطالب حسب راي الكاتب.

فحسب وجهه نظره، يقول انه اذا كانت النتيجه النهائيه لمحاولات إصلاح التعليم هي الفشل فهذا يرجع لاسباب تشمل البنيان الاجتماعي في المجتمع الشرقي ككل.

فالتعليم الغربي في نظره هو نتاج لعوامل ثقافيه واخلاقيه مختلفه يتمتع بها المجتمع الغربي ولا يشاركه المجتمع الشرقي الا في قليل منها.

ويري الكاتب ان تحقيق تغيير ايجابي لن يتم الا بتغيير تركيبه المجتمع الشرقي وتبنيه للصفات الاخلاقيه الغربيه.

نرشح لك

أهم أخبار صحافة

Comments

عاجل