الهجرة إلى أوروبا.. "حلم" شباب مغاربة يغامرون بحياتهم

الهجره الي الضفه الشماليه من البحر الابيض المتوسط، حلم يراود الكثير من الشباب المغاربه، فصعوبه ظروف العيش وتفاقم البطاله، فرض عليهم البحث عن فرص حياه "اكرم" باي طريقه، حتي ولو كانت تهدد حياتهم.

قصص ومغامرات كثيره خاضها حالمون بالهجره، بعضها كان مثيرا وغريبا، والبعض الاخر صادما، بعد ان انتهي بماساه، واصبح المغامر مجرد رقم في لائحه الذين غادروا الحياه وهم يبحثون عن "الحلم الاوروبي".

"هافينغتون بوست عربي" وصلت الي مجموعه من الشباب المغاربه وحاولت ان تستكشف ما لديهم من احلام، وما واجهوه من صعوبات كانت سببا في فشل محاولات الهجره.

قادما من احدي المناطق المغربيه النائيه الي مدينه الدار البيضاء، يحكي ايمن (اسم مستعار) كيف استقر بجوار ميناء المدينه بجانب متشردين ومرشحين اخرين للهجره، منتظره فرصه للتسلل داخل الميناء.

انتظار طويل، تمكن ايمن بعده من دخول الميناء، والاختباء داخل حاويه كانت تنقل سلعا صينيه، "كنت سعيدا جدا، ظننت اني اخيرا سانتقل الي اوروبا" هكذا يقول ايمن في حديثه، لكن فرحته بالهجره الي اوروبا، لم يكتب لها ان تكتمل.

بعد ساعات قليله من السير، فتح باب الحاويه، الضجيج الذي يعم المكان كان مغربيا بامتياز، فبدلا من ان يجد ايمن نفسه في الضفه الاخري من البحر المتوسط، حملته الشاحنه الي داخل احد اكبر الاسواق التجاريه بمدينه الدار البيضاء والمعروفه بتواجد عدد كبير من التجار الصينيين، بعد الدهشه، استوعب الشاب القاصر انه اختار الحاويه الخطا، وان "الحلم الاوروبي لازال بعيدا".

مصادر خاصه تقول من داخل ميناء الدار البيضاء، لـ"هافينغتون بوست عربي"، ان بعض الشباب يخطئون الحاويات، فيختارون تلك المتجهه الي القاره الامريكيه، وهو ما يشكل خطر كبيرا علي سلامتهم، لكون الرحله تستغرق اسابيع قد يظلون خلالها بدون ماء ولا طعام ولا اوكسجين.

نجحنا في التسلل.. لولا السعال

وهو يجوب اطراف الميناء المتوسطي بطنجه (شمال المغرب)، يندب حمزه، شاب في عقده الثاني، "حظه العثر" وذلك السعال الذي انتابه واصدقائه ذات يوم وهم يحاولون الوصول لاحدي البواخر.

"شعرت بالياس من حياتي في قريتي، فقررت ان اهاجر الي اسبانيا مهما كان الثمن، لاجد بعدها نفسي هنا في طنجه"، يقول حمزه وهو يجذب النفس الاخير من سيجارته الرخيصه. "بعد عناء طويل، نجحت اخيرا رفقه اصدقائي الـ3، في التسلل الي الميناء، بعد رصد باخره كانت علي وشك الابحار الي اسبانيا، غطسنا في البحر واتجهنا سباحه نحوها".

نجح الشباب الـ4 في التعلق باحدي حبال الباخره، صعدوا خفيه داخلها، واختباوا بالمكان المخصص لركن السيارات، لكن سعال احدهم افشل المحاوله فانكشف امرهم وتم طردهم دون استدعاء الامن.

"لولا السعال لكانت حياتي افضل اليوم، لكنني لن استسلم، ساحاول دائما حتي انجح"، يضيف حمزه قبل ان يبتعد جهه الميناء، فاليوم يوم احد، واغلب البواخر المتجهه الي اوروبا ترسو فيه.

اما اغرب محاوله للوصول الي الحلم الاوروبي فهي تلك التي عرضها الاعلام الاسباني السنه الماضيه، خلال شريط مصور لطفل مغربي ظل متشبثا بحبل احدي البواخر، وابحر لساعات، قبل ان ينكشف امره بعد ان رست الباخره فوق الاراضي الاسبانيه، وحاول السباحه للوصول الي مكان امن.

يغامر شبان كثر بالاختباء داخل محركات الحافلات السياحيه او فوق عجلاتها، او حتي في حقائب توضع بين اغراض المسافرين، غير انهم غالبا ما يُكشفون بجهاز المسح الضوئي "السكانير"، او تنتهي قصصهم بماساه.

ففي فصل الصيف، تستقر امام فنادق المغرب الكثير من الحافلات السياحيه القادمه من اوروبا، حيث يقضي اصحابها عطلتهم بالبلاد، وتحظي هذه الحافلات بحراسه مشدده من الامن الخاص الذي يستعمل كلابا مدربه، حتي يمنع تسلل الراغبين في الهجره لاوروبا اليها والاختباء بين عجلاتها.

طرد مهاجر من اسفل حافله

ويحرص الراغبون في الهجره الي اوروبا علي مراقبه الحافله في انتظار غفله رجال الامن، وان لم ينجحوا في ذلك، فانهم ينتظرون حتي موعد مغادرتها ليلحقوا بها ويختبؤوا فوق عجلاتها بعد توقفها عند احدي اشارات المرور بعيدا عن اعين الامن الخاص، الذي تنتهي مهمته مباشره بعد تحرك الحافله من امام الفندق.

ومن اكثر القصص ماساويه تلك التي سجلت سنه 2013، حيث انشطر جسد احد المرشحين للهجره الي نصفين بوسط مدينه طنجه بعد اختبائه بطريقه غير امنه فوق العجلات.

وقبل قرابه شهر فقط، اعلن الحرس المدني الاسباني وفاه شاب مغربي اختناقا داخل حقيبه سفر، حاول اخوه المقيم في اسبانيا ان يهربه داخلها، قبل ان يتحول "حلم الحياه الكريمه" الي توجيه تهمه قتل غير عمد الي "الاخ المهرب".

محاوله مغربي لتهريب ابنته في حقيبه

يؤكد احد عناصر الشرطه المغربيه، ان الرحلات الجماعيه عبر القوارب، "لم تعد تستهوي الراغبين في الهجره الي اوروبا". ويضيف رجل الامن، الذي طلب عدم ذكر اسمه، ان القوارب "حلت مكانها طرق اخري تعتمد علي الهجره بشكل فردي وليس جماعي".

وبالنسبه للباحثين عن طرق الهجره غير الشرعيه "الاكثر امانا"، يبقي تزوير الوثائق الاكثر رواجا، وهي من اختصاص شبكات توجد في بعض المدن المغربيه.