المحتوى الرئيسى

ثروة الشعب الليبي: هل تعود إلى الوطن؟

09/01 14:39

في شهر اغسطس من العام الماضي، قآل محمد رشيد، المستشار المالي الذي يتخذ من لندن مقراً له لصحيفه بلومبرج ان «ليبيا عباره عن «صندوق القرد» مستخدما بذلك تعبيراً محلياُ في اشاره منه لحاله الاختلال الامني التي لا يمكن التنبؤ بها. واضاف  «لك ان تري رئيس المجلس الوطني، او اياً كان اسمه، يظهر علي شاشات التلفزيون مرتديا «الشبشب» وممتشقاً  بندقيه الكلاشنكوف. ان هؤلاء ليس لديهم ادني فكره عما لديهم، وعما ياتي في ايديهم، هم فقط يسرقون».

افادت معلومات ان محمد رشيد، الذي يقوم بتقديم استشارات لمستثمري الشرق الأوسط، سبق له وان قام بتنظيم اجتماعات بين رئيس الوزراء البريطاني السابق طوني بلير وسيف الاسلام القذافي، نجل الرئيس الليبي الراحل، في اوائل الالفيه، عندما غادر بلير منصبه ليعمل لصالح مؤسسه جي بي مورجان تشيس لخدمات الصرافه الاستثماريه. وكان سيف القذافي عندئذ يساهم في الاشراف علي انشطه صندوق الثروه السياديه (المؤسسه الليبيه للاستثمار).

ان ادانته الشديده للتداعيات الماليه للدوله الليبيه منذ اندلاع ثورات الربيع العربي (ولاولئك القائمين علي الشؤون الماليه) ما هي الا احد التصورات السلبيه الشائعه التي يعمل حسن بوهادي الرئيس الجديد لمجلس اداره المؤسسه الليبيه للاستثمار علي محوها.

فعلي مر عقود تحت وطاه الحكم السابق للعقيد معمرالقذافي، كانت المؤسسه الليبيه للاستثمار، عباره عن حاضن  لمليارات الدولارات من عوائد ليبيا من النفط.  

بيد ان القله القليله فقط تعلم تحديداً مصير تلك الاموال، وكم منها صبت في جيوب اولئك الذين كانوا يدينون بولائهم لنظام القذافي. وما هو مؤكد ان الصندوق المقدر قيمته بحوالي 67 $ مليار دولار قد اخفق في دعم الاقتصاد علي نحو مناسب والمساهمه في اعاده بناء البلاد للاجيال المستقبليه.

وفي مقابله له مع اريبيان بزنس، قام بوهادي باستعراض ملامح خطته بشان اعاده هيكله المؤسسه البلغ عمرها 10 سنوات لتحسين الحوكمه والشفافيه، وتوسيع نطاق الاستثمارات بحيث تساهم في المحافظه علي ثروات بلد تعصف به الاضطرابات السياسيه والاقتصاديه.

وقال مضيفاً « لطالما بقيت المؤسسه الليبيه للاستثمار عباره عن حفره كبيره سوداء» ومن ان « الشعب الليبي كان يتسال دائماً : ما الذي سنجنيه منها؟  ونحن بدورنا (كوننا المؤسسه الليبيه للاستثمار) نشدد علي مسؤوليتنا امام الشعب الليبي والامر متروك لنا بشان اتخاذ القرار المناسب».

يذكر ان بوهادي تم تعيينه شهر اكتوبر/تشرين اول الماضي من قبل مجلس النواب المعترف به دولياً والكائن مقره في مدينه طبرق الواقعه في الشرق الليبي. ويعتبر ثالث شخص يتقلد رئاسه الصندوق خلال سنوات، بعد سلفه (عبد المجيد بريش) الذي سبق وان تعين سنه 2013 وليتم تنحيته السنه التي تليها بموجب قانون العزل السياسي الذي ينص علي منع مسؤولي عهد القذافي من تقلد المناصب السياسيه.

وتولي المنصب من بعده لفتره وجيزه، وزير الحكومه عبد الرحمن بن يزه،  ليصبح رئيس مجلس الإدارة بالانابه في الفتره بين يوليو/تموز الي سبتمبر/ايلول 2014،  الا انه تم ترشيح بوهادي كبديل دائم لبريش. وتزامن هذا تقريباً مع قيام المليشيات المسلحه بالاستيلاء علي مقر المؤسسه الليبيه للاستثمار بطرابلس، مجبره اياها علي الانتقال الي مقر مالطا حيث استقر بوهادي واسرته.

وكان بوهادي في السابق عضو مجلس اداره المؤسسه الليبيه للاستثمار، فضلاً عن كونه امين مجلس الامناء. وعمل، ابان الثورة الليبية، كمنسق للانشطه الانسانيه مع شركاء دوليين باعتباره عضوا في المجلس الوطني الانتقالي (ما يقابله الان مجلس النواب).

وتلقي بوهادي تعليمه في الكليه الجامعيه بلندن ((University College London والكليه الملكيه للعلوم والتقنيه (College of Science and Technology)، ومتقلداً لعدد من المناصب الاداريه في الشرق الاوسط ضمن شركات متعدده الجنسيه، مثل: شركه جنرال الكتريك وشركه بكتل وباسف.

وبالرغم من مؤهلاته، الا ان امر تعيينه جوبه بالرفض من قبل كل من (بن يزه) و (بريش)، الذي يرفع  طعناً قانونياً ضد المؤسسه الليبيه للاستثمار مدعياً فيه ان اقالته تمت علي نحو خاطئ، ومن انه يتوجب اعاده تنصيبه رئيساً لمجلس الاداره.

ومن جهته، يؤكد بوهادي ان المعطيات الراهنه لحاله بريش، لا تشير بذلك البته، حيث ان بوهادي قد تم تعيينه رسمياً من قبل مجلس الاداره الشرعي ومن ان بريش، وبموجب القانون الدستوري، كان له ان يتقدم بالتماس للمؤسسه طالباً فيه تقلد منصب الرئيس، الا انه اختار الا يقوم بذلك. وبناءً علي ذلك، يقول بوهادي بانه « لا وجود لاي مكان له في الهيكليه الاداريه للمؤسسه الليبيه للاستثمار».

وحالياً، وفي الوقت الذي تترقب فيه البلاد تشكيل حكومه وحده وطنيه، فان بوهادي مستمر بالمضي قدماً في تنفيذ خططه بشان المؤسسه.

تاسس الصندوق سنه 2006 لاستثمار اقتصاديات الدوله وتنويع مصادرها، وانطلقت بذلك العمليه الاستثماريه بشكل واعد. وفي الوقت التي باشرت فيه المؤسسه الليبيه للاستثمار انشطتها، كانت ليبيا قد قبلت بتحمل مسؤوليه تفجير لوكربي سنه 1988، ووافقت علي دفع تعويض للضحايا يبلغ بقيمه 2.7$ مليار دولار امريكي. وبالمقابل، تم التصويت بشان ليبيا في مجلس الامن التابع للام المتحده سنه 2007، وبذلك رفعت العقوبات واستانف المستثمرون الاجانب مزاوله انشطتهم التجاريه مع ليبيا.  

ومنذ ذلك الحين، حصدت المؤسسه الليبيه للاستثمار ايرادات متراكمه لدي اكبر المؤسسات العالميه، بما في ذلك، علي سبيل الذكر لا الحصر: بيرسون، وجنرال الكتريك، وفودافون، ويونيكيم، واورانج، وسوني، وفاميكنيكا، وسيمنز.

وسرعان ما تورط الصندوق في المشاكل، فقد خسر المليارات جراء صفقات اشتقاقيه تم ابرامها بواسطه المصرفين (جولدمان ساكس) و(سوسيتي جنرال) واطراف اخري ابان انهيار الاسواق العالميه عام 2008 – المؤسسه تقوم بمقاضاه كلتا المصرفين لقاء مئات الملايين من الجنيهات في قضايا سيتم البث فيها السنه القادمه –وتم اتخاذ الصندوق علي نحو متزايد كمطيه لخدمه اغراض القذافي الخاصه. ففي سنه 2009، علي سبيل المثال، تم تعيين القذافي رئيساً للاتحاد الافريقي ولتكشف مصادر موافقته علي عقد صفقات مع اطراف متعدده في ذلك الوقت «علي قصاصات من ورق او من خلال تصافح الايدي والتي كان لزاماً علي المؤسسه دفع فاتورتها «.

ولحسن الحظ، وباندلاع ثورات «الربيع العربي» سنه 2011، تم اقرار القانون رقم 13 والذي يكرس دور المؤسسه الليبيه للاستثمار في دستور مجلس النواب المنتخب، والذي، وفقاً لما اورده بوهادي، ينص علي منع الممارسات المنافيه لقواعد المنافسه الشريفه من السيطره علي الصندوق.  مشدداً علي ان « القانون ينص علي الولايه الواضحه التي تضطلع بها المؤسسه الليبيه للاستثمار لحمايه الثروه الليبيه وانمائها لصالح الاجيال القادمه».

وبعد الثوره، كانت هناك حاجه ملحه لاعداد قائمه تفصيليه لاصول المؤسسه، والتحقق من اوضاعها القانونيه، ومن ثم اعاده هيكله الصندوق بحيث تاتي كانعكاس فعلي لموجوداتها.  فلم تكن هناك ايه تقارير ماليه معده بين سنه 2008 -2011، كما لم يسبق ان تم الكشف عن دفاتر للقوائم الماليه الموحده الخاصه بالمؤسسه من قبل، وبالتالي كان المواطن الليبي يجهل الكثير مما كان يمتلكه او تمتلكه بلاده.  ولهذا تم تعيين مؤسسه ديلويت سنه 2012 من قبل القياده السابقه للمؤسسه الليبيه للاستثمار ولتشرع في توصيف الاستثمارات والتحقق منها وتقديرها.

استلم مجلس الاداره برئاسه بوهادي التقرير المعني في 2013 وهو بصدد نشره اواخر هذه السنه.  وصرح بوهادي رافضاً الكشف عن اي جوانب تفصيليه قائلاً: « هذا امر نرغب في ان نتقاسمه بالكامل مع الشعب الليبي عندما نكون مستعدين لذلك» وبالرغم من ذلك، يوافق علي تقديم معلومات عامه، مفادها ان ديلويت تقدر اجمالي قيمه المؤسسه بما يساوي 67$ مليار دولار، ولتحتل  بذلك المركز الثاني والعشرين في قائمه اضخم الصناديق السياديه علي مستوي العالم، وفقاً لاحدث تصنيف  لمعهد صندوق الثروه السياديه.

ان غالبيه الصندوق تشكل خليط من استثمارات مباشره للاسهم والسندات والعقارات والنقديه والاصول المكافئه للنقديه، الا ان 40.9 بالمئه من المؤسسه الليبيه للاستثمار تمثل خمس جهات تتبعها، والتي ياتي بينها 550 من الشركات القابضه، البعض منها ليس مملوكاً ملكيه مباشره، والبعض الاخر عبر مساهمين. ووفقا لما اورده «ان هذا النمط ليس بالشيء المعتاد في صناديق الثروه السياديه،  والتي عادهً لا تتحرك ضمن تكتلات، بل وفقاُ لودائع مستثمره بالكامل».

وتتمثل اولي هذه الجهات التي تتبعها في (المحفظه الليبيه الافريقيه) او ما يعرف بـ(لاب)، والتي وفقا لما يقوله بوهادي تتمتع باستثمارات كبيره في ارجاء افريقيا في جميع المجالات بدءاُ بالاتصالات والبنيه التحتيه ووصولاً الي السياحه والتعدين. وتشتمل علي عدد من الشركات، منها: شركه اويليبيا (OiLibya) والتي تمتلك شبكه تتكون من 1,000 محطه تزويد وقود عبر افريقيا وشركه لاب جرين للاتصالات.

اما الثانيه، فهي مجموعه (اويل انفست) والمتخصصه في الاستثمار في مجال الهيدروكربونات خارج ليبيا، بما في ذلك تجهيزات محطات تزويد الوقود، ومحطات التكرير، وشركات الخدمات...الخ. وثالث هذه الجهات التي تتبعها هي (الشركه الليبيه للاستثمارات الخارجيه)، والتي تدير 50% من  حصص المحافظ الاستثماريه المتقاسمه (بيرسون – جنرال الكتريك ...الخ). ويتم اداره هذه الاستثمارات من خلال وكلاء مثل مصرف HSBC و المؤسسه العربيه المصرفيه و المصرف التجاري العربي البريطاني وغيرهم من الوكلاء. وفي معرض حديثه عن المحافظ الاستثماريه، اعتبر بوهادي مثل هذه الحوافظ الاستثماريه «متوازنه الخطوره»، مقارنه بصندوق المعاشات والذي يعده نوعا من الاستثمارات المتهوره نسبياً.

وتشمل الحوافظ الاستثماريه الطويله الاجل (LTP) سندات يتراوح اجل استحقاقها من  10 – الي 15 سنه وينوي تخصيص عوائدها للاجيال القادمه في ليبيا. واخيراً، صندوق الانماء والاستثمار المحلي (LLITF) والتي تمتلك بحوزتها حوالي 6$ مليار دولار امريكي لدي مصرف ليبيا المركزي. وهو عباره عن صندوق بعيد الاجل مخصص للمساهمه في اعاده بناء البنيه التحتيه للبلاد فور استلام حكومه الوحده الوطنيه لمهامها.

وتوجد مصالح مقامه مع مجلس التعاون الخليجي (GCC) من بينها 15 % من مصرف الطاقه الاول واستثمارات اخري ضخمه وسندات ناضجه تديرها المؤسسه العربيه المصرفيه في البحرين وحصه بقيمه 100$ مليون دولار امريكي لدي صندوق للاسهم الخاصه بدبي الذي لن تكشف المؤسسه عن اسمه، وحصه في (MENAdrill) لاغراض التنقيب والخدمات النفطيّه والتي تتخذ من البحرين مقراً لها. اما المقران الرئيسيان لكل من (اويليبيا) و (جرين لاب) فهما في دبي.

وقد كشف بوهادي ان ديلويت قد قامت بتقييم 80 بالمئه من اصول المؤسسه الليبيه للاستثمار، معلقاُ: « اما الباقي فهي عباره عن استثمارات اصغر حجماً وتحتاج لمزيد من الوقت لتقديرها والتحقق منها». وربما كان هذا لكونها تمثل استثمارات فاسده ومعقده قام بها نظام القذافي. واعرب بوهادي عن ذلك بقوله: « ان الامر لا يرجع الي»  مضيفا: «وبالطبع  في حال ظهور مؤشرات لوجود فساد بعد التحقيق الجنائي، فسيتم بالتاكيد ابراز ذلك».

كما صرح بوهادي بان عوائد الاستثمار للمؤسسه الليبيه للاستثمار تبلغ حوالي 5-6 بالمئه سنوياً. الا ان الكثير من اصولها بقيت خامده منذ تاسيس الصندوق قرابه عقد من الزمن، وذلك نظراً لتجميدها من قبل الامم المتحده في 2011 لغرض حمايه ثروه البلاد ابان اندلاع الثوره.

ومنحت الحكومة الليبية فرصه رفع العقوبات عنها سنه 2012، الا انها لجات الي ما عبر عنه بوهادي بقوله: « انه لقرار حكيم ان يبقي عليها مجمده ريثما تكون الدوله متهياه لهذا الاجراء، وذلك نظراً للوضع السياسي الراهن» واضاف معربا عن استيائه: « انها ليست جاهزه بعد، الامر الذي يعتبر محبطاً بالنسبه للمؤسسه، حيث لا يمكن لها مزاوله ايه نشاط مثمر من الريع الذي تدره. فاذا وصل سند ما الي مرحله النضج، او ارتفاع الاستثمارات، فلن يكون امام تلك الكوبونات الا ان تقبع في حاله ركود بالمصرف غير محققه الا نسبه ضئيله من الفائده . واوضح بوهادي: « بعض منها تخضع فعلياً للفائده السلبيه، وليس بمقدور المؤسسه الليبيه للاستثمار توظيف تلك الاموال» مؤكداُ: « ان هذا الامر ليس له ان يعود بالفائده علي الشعب الليبي او  ثروته».

وبوهادي هو الان بصدد مناشده الامم المتحده من اجل الحصول علي اذن اداره الاصول بدون رفع التجميد عنها، مشدداً بقوله: « نحن مقبلون علي مشروع حيث نقوم من خلاله بتقييم اثار التجميد علي الاصول الليبيه ونسعي للحصول علي اذن للقيام باسيجه صناديق معينه».

« نحن بالطبع موقنون بدور التجميد في المساهمه في حمايه الاصول الليبيه، وانا من منطلق موقعي هذا اري ان البلاد غير متهياه لرفع التجميد. غير اننا نامل ان يكون ذلك في القريب العاجل. وفي الوقت الحالي، فانه يجدر بنا ان نحاول ادارتها بشكل فعلي وهي قيد التجميد».

وهناك اتجاه اخر يسعي بوهادي من خلاله الي تقويه  ساعد المؤسسه الليبيه للاستثمار، الا وهو استرجاع الممتلكات التي تؤول ملكيتها للمؤسسه.  فهناك اربعه حالات في افريقيا تري المؤسسه ان دولاً قد قامت فيها باستغلال حاله الاضطراب السياسي التي تمر بها ليبيا لتقدم علي تاميم استثمارات المؤسسه الواقعه داخل نطاق حدودها.  وتتمثل هذ الدول في: روندا – زامبيا – تشاد – النيجر. وتم احاله بعض من هذه المنازعات الي المحكمه العليا للدوله المعنيه والاخر اخضع  لاليات معينه لفض المنازعه، الا ان بوهادي لن يقوم بالكشف عن مزيد من المعلومات.

اما بخصوص القضيتين المتعلقتين بكل من جولدمان ساكس وسوسيتي جنرال – البالغ قيمتهما علي التوالي 1.2 $ مليار و 2.3$ مليار -  فقد حدد موعد جلسه الاستماع  بشانهما في سبتمبر القادم. مدعيين ان مصرف جولدمان قام «عن عمد باستغلال» علاقتها مع المؤسسه الليبيه للاستثمار لجني ما قيمته 350 مليون$ دولار امريكي من وراء سلسله من الصفقات الاشتقاقيه البالغ قيمتها 1$ مليار دولار امريكي سنه 2008. وتدعي المؤسسه الليبيه للاستثمار ان هذه الاستثمارات اصبحت فعلياً عديمه القيمه عندما عصفت ازمه السيوله بالاسواق في اواخر ذلك العام. كما تدعي المؤسسه بقيام شخصيات تنفيذيه بجولدمان برشوه مسؤولين عديمي الخبره وجني اتعاب استشاريه طائله الي جيوبهم. الا ان جولدمان تؤكد بان الصندوق كان علي درايه بان هذه الاستثمارات تشوبها المخاطره.

اما سوسيتي جنرال، فهو تواجه اتهاما بدفع رشوه تبلغ قيمتها 58 مليون دولار امريكي الي مسؤولين ليبيين لغرض العمل علي تزيين صفقات خاسره تكبدت المؤسسه جرائها خسائر تصل لمئات الملايين من الدولارات. الا ان كلا المصرفين ينكران هذه المزاعم وامتنعتا عن التعليق امام (اريبيان بيزنس). كما امتنع بوهادي من جهته عن التعليق عندما سئل عما اذا كان الاجدر بالمؤسسه الليبيه للاستثمار ان تكون اكثر فطنه في التعرف علي المخاطر المرتبطه بالاستثمارات.

وعلي صعيد اخر، فان المؤسسه بصدد رفع قضيه في هولندا ضد وكيل استثماري يدعي بالادين الدوليه (Palladyne) للتحقيق في اصول مزعومه يصل قيمتها 700$ مليون دولار. كما تحصلت علي اذن بالاستئناف  في قضيه خسرتها في شهر يونيو الماضي ضد مستثمر بريطاني يدعي جلين ماود،  الذي جادل بنجاح كونه لم يعد يتعين عليه سداد قرض استلمه من المؤسسه الليبيه للاستثمار بقيمه 31$ مليون دولار بما في ذلك الفائده، استنادا لنظام العقوبات الذي  يمنع ليبيا بصوره فعاله من السعي لاسترداد ايه ديون غير مسدده.  

ويعرب بوهادي عن اصراره علي الطعن في الحكم، مصرحا: «انني لن اخوض في استراتيجيتنا القانونيه، الا اننا لن نقبل ابداً قيام ماود باستغلال العقوبات المفروضه علي ليبيا للفوز في قضيته، كما ان المؤسسه الليبيه لن تتقاعس عن السعي لاسترداد اصولها. هذه ثروه الشعب الليبي ويجب العوده بها الي الوطن».

« هناك من يحاول ان يستغل الفتره الانتقاليه التي تمر بها ليبيا من نظام ديكتاتوري الي الديمقراطيه المدنيه ناهيك عن نقاط ضعفنا الاخري، وهذا امر مؤسف. ان احساسنا بالمسئوليه والمساءله يدفعان بنا الي حمايه موقفنا».

وافاد معترفاً من انه ينبغي اقامه توازن بين الاتعاب المدفوعه لاتخاذ الاجراءات القانونيه، و التاكيد علي تحقيق اقصي استفاده ممكنه من اموالها. « ان سبيل المنازعات القضائيه لم يكن ابداً مسارنا المختار. انه الوضع الذي وجدنا انفسنا فيه مرغمين، ونحن نقف بهذا موقف المسؤوليه امام الشعب الليبي».

« اننا نشرع في دراسه التكاليف والمزايا من اتخاذ مثل هذه القرارات، الا اننا في حاجه لاثبات ان المؤسسه الليبيه للاستثمار تتخذ كافه التدابير اللازمه لحمايه اصولها، ذلك لاننا مناطين بهذه المسؤوليه ولا مجال في ان يرانا الغير نتقبل الاشياء كامور مُسلم بها».

ومن جهه اخري افاد الناطق الرسمي للمؤسسه الليبيه للاستثمار: « ان اكثر الاشياء ايلاماً في الامر بالنسبه لبوهادي والمجلس هي تلك الادعاءات الزائفه المرفوعه في المحاكم الدوليه، والتي تصرف انتباهنا عن مهامنا الاصليه».

مؤكداً ان: «وبنهايه المطاف، تبقي مهمه بوهادي متمثله في اعاده هيكله المؤسسه الليبيه للاستثمار وفقاً لمقترحات اداره مؤسسه اوليفر ويمان للاستشارات والهادفه الي ايجاد صندوق للثروه السياديه يقارع تلك الموجوده في ايسلندا  او سنغافوره».

وتحت قيادته، فقد عقدت المؤسسه الليبيه للاستثمار العزم علي توطيد مبدا الشفافيه من خلال اطلاق حسابات لها في وسائل الاعلام الاجتماعيه ونشر محاضر اجتماعات مجلس ادارتها المنعقده. واستنادا لمقترحات اوليفر ويمان، فان المؤسسه الليبيه للاستثمار بصدد ان تنقسم الي ثلاث صناديق: صندوق اجيال المستقبل، والذي يختص باداره الاستثمارات لغرض تنويع الاقتصاد بعيداً عن النفط والغاز. و صندوق تحقيق الاستقرار المعني بدعم الحكومه في التعامل مع ايه عجوزات في الميزانيه هبوط اسعار النفط، واخيراً الصندوق الوطني المحلي، والموجود تحت مسمي  صندوق الانماء والتطوير المحلي LLITF).).

ومن شان الصندوق الوطني المحلي، وفقاً لما اورده بوهادي، ان يلعب دوراً فاعلاً في تطوير الاقتصاد الليبي مستقبلاً، مفيداً ان:» احد اكبر التحديات بالنسبه لليبيا تتمثل في قيام نظام القذافي بتدمير القطاع الخاص. فقد ركمت القوي العامله الليبيه في القطاع العام، وفُرض الدعم علي المواد الغذائيه والمياه والطاقه، وفي واقع الامر كان ذلك وسيله لاحتجازهم كرهائن للنظام. لم يكن هناك اي حافز يدفع بهم لبدء اي نشاط ولم يكن بايديهم ابداً ان يتحكموا في زمام مستقبلهم الاقتصادي».

Comments

عاجل