المحتوى الرئيسى

الفقى: مصر تتغير لكن الأمور ليست "وردية".. والسيسى شخصية غير تراجعية.. والانتخابات بلا أحزاب

08/31 12:59

اكد المفكر الدكتور مصطفي الفقي ان الديمقراطيه في الدول العربية، تبدا بمشاركه الاقليات مشاركه صحيحه، وان تجديد الخطاب الديني يعتمد علي تجديد خطاب الداعيه، مع ضروره الاعتماد علي الادله العقليه وليس النقليه.

وقال: ان الارهاب في مصر يبقي متجددًا بفعل قوي خارجيه، تسهم بشكل فعال في سكب الزيت علي النار من اجل تشويه صوره مصر، وتعطيل حركتها ومنعها من التحليق الي اعلي، لكنه يؤمن برغم ذلك كله ان الارهاب سيخسر بالنهايه، لانه "لم يُقِم نظاما ولن يقوّض دوله".

علي هامش منتدي اصيله التقي الاهرام المسائي بالمفكر العربي الكبير، في حوار عرض فيه رؤيته لما جري ويجري في مصر والمنطقة العربية.

-بدايه ما رؤيتكم لمصر بعد عامين من ثوره 30 يونيو؟

استطيع ان اقول: انه رغم كل المعوقات والتحديات والمصاعب، فالظروف افضل مما كانت عليه. اعطيك امثله: لاتوجد طوابير للخبز كما كان الامر من قبل، لاتوجد طوابير علي محطه البنزين كما كان من قبل، لا يوجد انقطاع للكهرباء كما كان من قبل، بل نتمتع اليوم بقدر من الامن الداخلي والامن الجنائي الكبير، لا يعكر صفوه سوي العمليات التي يقوم بها التكفيريون في سيناء والعمليات الاجراميه بقتل الجنود من القوات المسلحه، ومن الشرطه عندما ينفردون بهم. عدا ذلك الامور برايي تتجه الي الافضل، ولكن لا استطيع ان اقول: انها ورديه، وانه لا يوجد في الامكان ابدع مما كان، فنحن لا يزال امامنا طريق طويل، ومشاكل مصر متراكمه منذ عهود طويله، وتحتاج الي صبر والي ان يعبر المصريون بجد واجتهاد، وان يدركوا بانه لن يبني مصر الا المصريون، فمصر لن تبنيها لا الاعانات العربيه ولا القروض الاجنبيه. مصر كما حصل في المانيا بعد الحرب، وكما حصل في اليابان، وكما حدث في كل الدول التي استطاعت ان تبني دولا قويه ومستقره، كل هؤلاء اعتمدوا علي القوه الذاتيه لشعوبهم. ولذلك نحن نفكر ان نعطي للتعليم اولويه لانه هو الطريق الاساسي للاصلاح، ان نتمكن من تنقيه العقول والارتقاء بالثقافه وتوظيف الفن لخدمه المجتمع واعاده النظر في منطلقات الاعلام المصري. لقد قدم الاعلام المصري خدمات للثوره بالفعل، لكنه ايضا اعتمد علي الاثاره بشكل كبير، وهذه الاثاره ادت الي حاله من حالات الارتباك في الشارع المصري.

حتي علي المستوي العربي، نحن نريد ان يدرك الجميع اننا في مرحله صعبه، وان بناء مصر ليس بهذه السهوله، ويمكن ان نفكر في مشكلات مصر من عدد لا نهائي من المداخل للخروج من عدد لا نهائي من المخارج، مصر بلد يستحق، ويحتاج منا ان نفكر بشكل مختلف، وشكل غير تقليدي وان نخرج عن النمط.

المصريون الان يعيشون فرحه تغيير الجغرافيا للمره الثالثه، اول مره كانت بحفر قناه السويس، وثاني مره بتحويل مجري النيل في السد العالي، والمره الثالثه هي قناه السويس الجديده، وفي اعتقادي ان قيمه هذه الاخيره في كونها قوه دفع معنويه للمصريين، بحيث تعطيهم الايمان بانهم يستطيعوا ان يقولوا وان ينجزوا، ولذلك اري فرحه المصريين بما جري لها ما يبررها

-كيف يمكن الحفاظ علي قوه الدفع لثوره 30 يونيو وعلي اللحمه الوطنيه التي قامت علي اساسها؟

لايتم هذا الا بتكاتل المصريين واحساسهم بان عليهم مسؤوليه حقيقيه للتحرك الي الامام وبناء المستقبل. قوه الدفع والزخم الذي صنعته ثوره 30 يونيو هو قابل للتجديد في مناسبات كثيره، وهذا ما شاهدناه عندما اعلن عن فتح الاكتتاب لمشروع قناه السويس، فقد تدفقت الاموال ووصلت الي 64 مليارا في 5 او 6 ايام، وضج المصريون ان الباب قد اغلق، وهذا ما يؤكد ثقه المصريين في الحكم. المصري طوال عمره يخاف من التعامل مع الدوله، يخشي السلطه خصوصا في المسائل الماليه، فاذا به يودع امواله في مشروع قناه السويس وفي يد الدوله ثقه منه وحماسا بالمستقبل. مصر تتغير ولكن ببطئ.

- ونحن نتحدث عن فرحه المصريين وبناء مصر، ما تقييمكم للانجازات التي حققتها مصر في اول سنه من حكم الرئيس عبدالفتاح السيسي؟ وما اهم التحديات التي تواجهها الان؟

حدث استقرار امني الي حد كبير، لا استطيع ان اقول: انه وصل الي مئه بالمئه، لكن الشعور بالامن اصبح متزايدا، وقبضه الشرطه وهيبه الدوله استعيدت بشكل او باخر ليس ايضا مئه بالمئه ولكن افضل مما كنا عليه. لدينا سياسه خارجيه اعتقد انها مستقره وناجحه للغايه، لانها قامت علي فتح افاق افريقيه امام مصر، استعدنا وجودنا في افريقيا بشكل او باخر، انتهت حاله التجميد التي كانت قد فرضت علينا بعد 30 يونيو من جانب الاتحاد الافريقي، ايضا علاقاتنا باثيوبيا فيما يخص سد النهضه تتجه الي الحل السلمي الهادئ، قد ياخذ وقتا لكن لابد من ذلك، اعترفنا لهم بحق بناء السدود واعترفوا لنا بحق الا يتضرر المصريون من هذه السدود، وينص علي هذا الاتفاق الذي وقعت عليه الدول الثلاث اثيوبيا والسودان ومصر. علي المستوي الغربي علاقتنا بالولايات المتحده في تحسن، جون كيري اتي الي مصر وقال عباره خطيره ارجو الاتكون قد مرت عليكم بسهوله، قال "لقد تاكدنا من مشاركه الاخوان المسلمين في بعض العمليات الارهابية"، وهذه شهاده امريكيه خطيره جدا ولو بنينا عليها فنستطيع ان نقيم دفوع قويه تبرر ما تقوم به مصر حاليا تجاه هذه الجماعه. اما علاقتنا بدول اوروبا فهي علاقه جيده جدا، فعلاقاتنا بفرنسا طيبه جدا، وعندما اشترينا طائرات رافال اشترتها من بعدنا قطر والهند، وهذا يؤكد ان مصر لازالت تمثل دوله نموذجا لبعض الدول العربيه او حتي دول العالم الثالث. علاقتنا ببريطانيا، هناك زياره محتمله من جانب الرئيس عبد الفتاح السيسي الي المملكه المتحده في نهايه هذه السنه. علاقاتنا بروسيا الاتحاديه علاقات طيبه للغايه، وكان من المقرر ان ياتي الرئيس بوتين الي افتتاح القناه، ولكنه لم يتمكن بسبب ارتباطات لها علاقه بشهر الصيف. علاقاتنا بايطاليا والمانيا علاقات متوازنه، جرت محاولات للتخويف حتي لا تتم زياره الرئيس الاخيره لالمانيا، ولكنه ضرب بكل هذه المحاذير عرض الحائط وذهب وكانت زياره طيبه.. وما استطيع ان اقوله هو اننا ماضون في طريقنا، وان شخصيه الرئيس السيسي هي شخصيه غير تراجعيه، وهو وطني مصري يحاول بقدر ما يستطيع ان يغير الاوضاع الداخليه والخارجيه، ولكن ليس الامر بهذه السهوله. دعيني اعترف ان مصر مستهدفه اكثر مما نتصور، لم نكن نعلم ان حجم العداء لها بهذه الصوره، هناك قوي كثيره تتربص بها، دول وجماعات ومنظمات، ولكن مصر كيان تاريخي طويل العمر لم يهزم، وهي دوله عصيه علي الانكسار او الانهيار، فمصر لن تسقط ابدا.

-مصر الدوله القويه، العصيه علي الانهزام والانكسار، هل استطاعت تجاوز تداعيات السنه السوداء التي حكمها فيها الاخوان؟

استطاعت ذلك الي حد كبير، لا استطيع القول اننا تجاوزناها كامله، لكن اؤكد اننا نمضي علي الطريق الصحيح، يمكن ان ياخذ منا هذا وقتا طويلا، لكن هذا لا ينفي اننا قد تخلصنا من محاولات طمس الهويه، وتغيير شخصيه مصر والعبث بمكانتها وهذا ما حدث في عام الاخوان الذين لم يكن لديهم لا كوادر سياسيه ولا رجال دوله ولا قدره علي اداره البلاد. الامور الان اختلفت تماما.

-الارهاب يستهدف مصر اليوم اكثر من اي وقت مضي.. كيف يمكن لمصر ان تواجه هذه المرحله الصعبه؟

الارهاب طاعون العصر، وهو لا يستهدف مصر وحدها، ولكنه يلعب دورا في تمزيق العراق، ودورا في تحطيم سوريا، ودورا في تشتيت ليبيا، ودورا في سيناء. سيناء مطمع كبير ولا استبعد الدور الاسرائيلي في هذا الامر. الكل لايريد لهذا الجزء العزيز علي مصر ان يظل جزءا منها. الاطماع فيه كثيره من جانب قوي متعدده، لدينا فروع لتنظيم داعش، مع العلم ان داعش والقاعده وغيرها هذه تسميات معنويه لتنظيمات ارهابيه متجذره، فتنظيم بيت المقدس هو فرع من فروع داعش وفرع من فروع القاعده، فلا نستطيع التمييز بينها وبين غيرها. هم كل يوم يقومون بعمليات ارهابية في سيناء، لكن مصر حصدت منهم اعدادا كبيره، وانجزت ما يقرب من 70 في المئه من القضاء علي الارهاب في سيناء، ولكنه يبقي متجددا بفعل القوى الخارجية، فلو كانت مشكله مصر داخليه فقط لاستطاعت حسمها، ولكن مشكله مصر هي في وجود قوه اجنبيه تسهم بشكل فعال في سكب الزيت علي النار من اجل تشويه صوره مصر وتعطيل حركه مصر ومنعها من التحليق الي اعلي. هناك قوه لا تريد لمصر ان تسقط، لان سقوطها يؤدي الي سقوط المنطقه، وايضا لا يريدون لها ان تحلق، لان برايهم، تحليقها يعني الهيمنه وفي ذهنهم دائما رواسب لتجربتي محمد علي وجمال عبد الناصر.

- بماذا تردون علي المخاوف التي تقول بان مصر ممكن ان تمر بنفس التجربه التي مرت منها الجزائر سابقا او ما يعرف بالعشريه السوداء؟

استطيع القول اننا تجاوزنا ذلك، الشعب المصري تركيبته تختلف عن الشعب الجزائري. طبيعه الشعب الجزائري الذي نال استقلاله بمليون ونصف شهيد هي طبيعه مختلفه. هو شعب شديد المراس وله قدر من الحماس والقدره علي تغيير الامور بشكل مختلف عن المصريين، انما المصريون بطبيعتهم هم اكثر جنوحا للسلم والهدوء ولا اعتقد انهم من الممكن ان يصلوا الي المرحله التي وصل اليها الوضع في الجزائر خلال السنوات العشر من تسعينات القرن الماضي، واضعين في الاعتبار ان ليست هذه هي الموجه الارهابيه الاولي التي تواجهها مصر. مصر واجهت موجات الارهاب عبر تاريخها في فترات كثيره، ربما تكون هذه اشدها، لكنها استطاعت في كل مره الانتصار عليها. لذلك فالمقارنه هنا قد تكون غير متطابقه ونرجو ان لا تكون، لان الجزائر دفعت ثمنا غاليا. اضف الي ذلك معطي اساسي وهو ان طبيعه القوات المسلحه في الدولتين مختلفه، هل هي جزء من الحل ام جزء من المشكله؟ هذه قضيه اخري لا نخوض فيها.

- - من واقع قراءتكم لتاريخ مصر الحديث، هل هناك اي مستقبل للاسلام السياسي في مصر او المنطقه العربيه؟

لا استطيع ان اقول ذلك، واؤكد ان التاريخ يقول ان الارهاب لم يُقِم نظاما ولم يقوّض دوله. يمكن ان يعطل نمط الحياه ويمكن ان يعطل الاخرين، ولكنه لايمكن ايضا ان يقضي علي كيان دوله او يقوضها. الانتصار في النهايه سوف يكون لفكره الدوله وليس للجماعه الارهابيه. العلاقه بين الدوله والارهاب مثل العلاقه بين الفيل والفار، يلدغه فيزعجه ولكنه لا يقضي عليه.

 ماهي قراءتكم للخارطه السياسيه لمصر وهي علي ابواب الاستحقاق الثالث والاخير لخارطه الطريق وهو الانتخابات البرلمانيه؟ وما هي توقعاتكم بخصوصها؟

نامل ان تكون هذه الانتخابات التي تمثل الاستحقاق الثالث من خارطه الطريق هي انتخابات تعبر عن روح الشعب المصري وشخصيته وكيانه. لكن يجب الاعتراف ان الاحزاب السياسيه لازالت ضعيفه في مصر وليست قويه علي الاطلاق لاننا انقطعنا عن النظام الحزبي قرابه الـ 50 عاما، فمن الطبيعي عند العوده اليه اننا نحتاج الي فتره حضانه تظهر من خلالها احزاب سياسيه قويه. وعندما تظهر هذه الاحزاب القويه سوف نستطيع ان نقول ان لدينا القدره علي ان ينعكس هذا الوضع علي الساحه السياسيه وعلي البرلمان وداخله.

- ماذا تحتاج مصر في هذه المرحله المفصليه لعبور عنق الزجاجه؟ وما هي امانيكم التي تتمنون ان تحققها مصر؟

مصر تحتاج الي رعايه التعليم والاهتمام بالبحث العلمي وفتح باب الحريات، وتحتاج الي التركيز علي مبدا العداله الاجتماعيه والتعامل الندي مع العالم الخارجي. وتحتاج ايضا الي القدره علي فتح نوافذ للتعامل مع القوي الاقليميه، وخصوصا ايران وتركيا واسرائيل، وهنا تمكن القدره والقوه الحقيقيه لمصر. مصر بلد وسطي يجب ان يتعامل مع الجميع دون عزله او انكفاءه.

- بدلا من الصرع العربي الاسرائيلي بات الصراع اليوم عربي- عربي ومسلم-مسلم وهو صراع مذهبي وطائفي بين السنه والشيعه.. ماالذي اوصلنا الي ما نعيشه اليوم من تشرذم وشتات عربي؟

هو الجهل والغيبوبه وعدم فهم الاسلام الصحيح والتعامل مع الامور بشكل مجرد لا يفهم الجوانب الموضوعيه له. الاسلام لم يدعو الي هذه التقسيمات ولم يدعو الي هذه التبعات، ولابد ان نتعاطي ونتعامل مع الاسلام كما اراده الله، دينا ينفتح علي الجميع ويحتوي الجميع. ويجب ان نكف عن تاجيج قضيه الشيعه والسنه، فالصراع القائم هو ربما صراع فارسي – عربي وصراع قومي اما قضيه الشيعه والسنه فهو صراع مختلق او وهمي. وكما اقول واكرر مرارا، بخصوص شعب مصر، فهو شعب سني المذهب شيعي الهوي.

- كيف تقيمون دور مؤسسه الازهر في حمايه الامن الروحي؟

نريد للازهر الشريف ان يعود كمؤسسه دينيه روحيه هامه وكبري، تلعب دورا فاعلا في توجيه الراي العام وفي توجيه العالم الاسلامي بكل مذاهبه وفروعه المقبوله والمعترف بها، فالازهر الشريف يدرس بمذاهب السنه الاربعه ويدرس ايضا الفقه الجعفري والفقه الزيدي وغيره من المذاهب الدينيه المعترف بها منذ ان اصدر الامام شلتوت شيخ الازهر فتواه الشهيره بامكانيه التعبد بهذين المذهبين والدراسه بهما في الازهر الشريف.انا شخصيا عضو في لجنه في الازهر برئاسه الامام الاكبر، وهي لجنه تسعي الي اصدار وثائق عن الازهر الشريف تعكس هذه المرحله وتنير للمستقبل وقد حققنا نجاحا كبيرا، وقد اصدرنا وثيقه عن الربيع العربي، وثيقه عن الحريات، وثيقه عن الابداع والفنون، وثيقه عن المراه.. الي غير ذلك من الامور المختلفه.

- - ماذا عن تجديد الخطاب الديني؟

كل اسبوع اتلقي دعوه لحضور ندوه بخصوص هذا الموضوع، وهو اصلاح للخطاب الديني وليس تجديدا له. واريد ان اؤكد ان تجديد الخطاب الديني يعتمد علي تجديد خطاب الداعيه، عندما يعتمد الداعيه علي الادله العقليه ويقلل من الادله النقليه التي لا يعترف بها الاخر، وعندما يكون واضحا وقدوه طيبه سوف تكون الامور مختلفه تماما. فتجديد الخطاب الديني او اصلاحه مرتبط باصلاح وضع الداعيه ورفع مستواه ثقافيا وحضاريا وعصريا، واطالب بارسال مبعوثين من الازهر الي الدول الاوروبيه للدراسه وتعلم لغات اجنبيه، لانه ما فائده ان يكون العالم عالما كبيرا وهو لا يتحدث لغات اجنبيه، او يتم ارساله الي لندن او باريس او فيينا وهو مقطوع الصله بالاخرين، لابد ان يكون مثلما كان الامر من قبل، ان يجيد العلماء اللغات الاجنبيه.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل