المحتوى الرئيسى

منة التلاوي تكتب: الفن يمسح غبار الحياة: 1980م وانت طالع | ساسة بوست

08/31 05:51

منذ 10 دقائق، 31 اغسطس,2015

ان كنت من جيل 1980 وانت طالع توقف لحظه ! “الفن يمسح عن الروح غبار الحياة اليوميه” بابلو بيكاسو، يعلم الله اني كففت قلمي لان لا احد يحتمل وجعا اضافيا او حملا هادا، فتشت في اوراقي عن بهجه ما او ضحكه.

ما تشاغلني فانسج خيوطها، فما لقيت الا صمتا كلما بحثت عن شهقه انبهار من اثر الجمال شهقت من اثر البكاء. ان كنت مهوسا مثلي بالاشارات و الرسائل الالهيه ستطرب لقصتي تلك، ابتداء سمعت اسم تلك المسرحيه فقررت البحث عنها، وبدات في مشاهده مقاطع متفرقه، ثم بدات في اعاده مشاهده تلك المقاطع، ووضعت علي قائمه مؤجلاتي حضور عرض لمسرحيه (1980م و انت طالع).كنت اعلم تماما انني اجيد التسويف و ان مشاهده العرض سيبقي حلما مرجا. ركن حلمي الصغير ذاك علي رف كبير من الاحلام، فاتسع له الرف كما اتسع لغيره، ومرت الحياه كما تمر دوما. وبعد ذلك بشهور وهكذا  فجاه، هكذا بلا ترتيب تلقيت عرضا ما لمشاهده العرض، ادهشني العرض، تُقتُ الي ذلك العرض المترصد بي بطريقه ما.

فهرنهايت 451 و مسرحيه 1980 و انت طالع.

روايه راي برادبري تلك، تحكي عن عصر مجنون تتم محاكمه الناس فيه بتهمه حيازه الكتب فتحرق الكتب ويحرق معها حملتها، احيانا كثيره رمزيه الاسم تكمن في ان تلك درجه الحراره التي تحترق عندها الكتب. تغلب مجموعه من حمله الكتب علي تلك الجريمه بان يحفظ كل منهم كتابا ما عن ظهر قلب، بعدها يتوجهون الي اطراف المدينه منتظرين انتهاء ذلك الحكم المجنون.

فكرت كثيرا طوال قراءتي للروايه، ماذا لو ترك كل قابض علي انسانيته، جنونه، حبه، جماله ذلك البلد الموبوء وفر منها حيث اطراف البلد؟ راقت لي الفكره كثيرا فتماديت في تخيلها، لكني لم اتصور ابدا ان مجموعه من الفنانين الشباب اطلوا كنجوم في ليلنا المعتم الطويل، لم يخبرني احد ان كلا منهم حمل موهبته وحلمه وخيبات جيل باكمله سواء اكانت خيبات شخصيه او كسره ظهر ذلك البلد، وارتحل عن قبحنا جميعا ليخرج علينا بصوره طغي فيها الجمال، صوره نضحت بالضحك و البكاء. لن ابالغ مطلقا ان قلت انهم صنعوا مدينتهم الفاضله علي مسرح الهوسابير.

هل التقيت بشخص يتكلم بقلبك؟

صدقني، ستدهش، ستبكي؛ لان احدهم فهم قلبك، وحرقته الي هذا الحد، ستندهش؛ لانهم صرخوا بما كتمته حتي كاد يقتلك، ستبهرك صرختهم انت الذي الفت الصمت، وهو الذي لم يكن يوما عندك بعزيز. ستري جزء من روحك في لمعه عيونهم تلك التي تجبرك ان تتساءل: كيف افتقدت عيناي لمعتها كنت املك لمعه كتلك؟ ستحب رنه اصواتهم جميعا تلك التي تذكرك بهتافك يوم كنت تهتف. ستضحك، لكن الاكثر انك ستانس بضحك الاخرين، انت الذي اعتاد البكاء الجماعي. ستخرج اهتك رغما عنك مرات عده. ستبكي لانهم مسوا اكثر من جرح مفتوح، لانك لم تقنع نفسك بسكونك فتركت جرحك علي علته، و تركت روحك قفرا سيثبت لك هؤلاء الفتيه ان جرحا مفتوحا لن يداوي بالصمت. ستري نفسك ـ لا محاله ـ في مراياهم. ستشعر بالفه ما بصله ما ستخرج مدركا ان افكارك المهلكه تراود اخرين انت فقط الذي ضاقت رؤياك.

كنت قد ضقت ذرعا بالفن واهله كما ضاقت بنا بلدنا، حتي تسربت اعمارنا، وارواحنا من بين يديها، كنت اعتزلت مشاهده اي عمل؛ كي لا اواجه تناقضا ما اذكره بين حسن الممثل وادائه وقبح ذات الفنان واراءه. لكنني فوجئت بالصدق، سحرتني ارواحهم اسروني بجمالهم كدت اختنق بالعبرات في وقت المغادره لم التقط معهم صورا للذكري علنا نلتقي مرات اخري.

وددت لو ذكرت اسماءهم اسما اسما وارفقت صورا لهم وحدثتك عن عظمه مواهبهم، ولكني تركت لك متعه الاكتشاف.

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل