المحتوى الرئيسى

المناورات الإيرانية الهندية في الخليج وإشكاليات المصالح المتبادلة

08/31 10:28

ياتي اعلان البحريه الايرانيه بانها ستجري مناورات بحريه مشتركه مع نظيرتها الهنديه في مياه الخليج العربي خلال الايام القليله القادمه، كاشفا عن طبيعه العلاقات بين كل من ايران والهند من جانب، وبين الهند والخليج من جانب ثان، وبين ايران والخليج من جانب ثالث خلال المرحله المقبله.

كما جاءت تصريحات قائد المنطقه الاولي للقوه البحريه للجيش الايراني، الادميرال حسين ازاد، مؤكده طبيعه وقوه تلك العلاقه اذ قال ان "تاريخ العلاقات الايرانيه الهنديه يشير الي دورهما الفاعل في ضمان وتوفير امن المنطقه وازدهارها الاقتصادي" .. موضحا ان "تحسين الظروف الاقتصاديه في المنطقه بحاجه الي التعاطي بين دولها، وان ايفاد المدمرتين الهنديتين F39 وF37 الي ايران جاء في هذا الاطار".

وبحسب ازاد فان تبادل الزيارات بين ايران والهند يدخل في اطار توجيهات المرشد الاعلي الايراني الذي قال عن القوات البحرية انها "قوه سياسيه دوليه من شانها ان تخدم الجهاز الدبلوماسي من خلال المشاركه في الساحه السياسيه".

يعود تاريخ العلاقات الهندية الإيرانية الي مطلع خمسينيات القرن الماضي، وعلي الرغم من ان العلاقات بين البلدين مرت بمرحله فتور بعض الشيء وحرب بارده الا انها عادت سريعا مره اخري.

بدات العلاقات بين البلدين في عام 1950، عندما وقع البلدان في 15 مارس معاهده الصداقه التي تدعو الي “السلام الدائم والصداقه بين الدولتين”، الا ان الحرب البارده التي وقعت بينهما وضعت البلدين في معسكرين متضادين دائما من دون تنميه العلاقات الثنائيه، لكن سقوط الاتحاد السوفيتي وتفككه جاء ليعيد رسم خريطه التحالفات في المنطقه.

منذ بدايه التسعينيات، تسعي نيودلهي وطهران الي اقامه علاقات قويه وشامله يدخل في اطارها الطاقه وغيرها من اشكال التعاون التجاري وتنميه البنيه التحتيه داخل ايران وخارجها، فضلا عن العلاقات في المجالات الاستخباراتيه والعسكريه، هذه الرغبه في توسيع وتوطيد العلاقات تتمتع بتاييد واسع النطاق بين الايرانيين والهنود علي حد سواء.

ظهر التعاون بين ايران والهند جليا عام 2001، حين زار وزير الدفاع الهندي العاصمه الايرانيه طهران، وعقد فيها حوارا امنيا حول القضايا الرئيسيه بين البلدين، وفي ابريل من نفس العام جاء رئيس الوزراء الهندي انذاك “ايتار بيهاري فاجبايي” لطهران ووقع اعلان يحفظ المصالح الهنديه الايرانيه المشتركه، عرف باسم “اعلان طهران”.

وفي عام 2003 زار الرئيس الايراني الاسبق “محمد خاتمي” الهند ووقع “اعلان نيودلهي” في 25 يناير تحت عنوان “رؤيه لشراكه استراتيجيه من اجل اقليم مستقر وامن، ومن اجل تعزيز التعاون الاقليمي والدولي”، وكان لهذا الاتفاق اهميه كبيره سواء من حيث التوقيت او المضمون، حيث اكد التزام الدولتين بتعميق التعاون بينهما خاصه في المجالات العسكريه، كما جاء متزامنًا مع الحشد العسكري الامريكي في الخليج العربي استعدادا للحرب علي العراق.

في سبتمبر عام 2005، احيل ملف ايران النووي الي مجلس الامن لرفضها تعليق تخصيب اليورانيوم وفتح كافه منشاتها لتفتيش ومراقبه الوكاله الدوليه للطاقه الذريه، وصوتت الهند ضد ايران في هذه القضيه، ثم اعادت التصويت ضدها مره اخري في فبراير عام 2006، وهو ما شكل محكا سياسيا بين البلدين ادي الي الغاء ايران للاتفاق الخاص بامداد الهند بالغاز المسال، الا ان الهند تمادت في موقفها المعادي لايران في عام 2009 بتصويتها من جديد ضد ايران، وهنا ظهرت اشارات ترمي الي ان الهند ستنضم لتيار الولايات المتحده، وان الشراكه الاستراتيجيه بين البلدين ستشهد تناميا علي حساب ايران، مما جعل برنامج التعاون العسكري الهندي الايراني يشهد فتورا غير مسبوق، وفي نفس الوقت انسحبت الهند من مشروع انابيب الغاز الذي كان مخططا له ان يمتد من ايران عبر باكستان الي الهند.

ومنذ مجيء الرئيس حسن روحاني لسده الحكم في ايران، سرت مرحله من الانفتاح تجاه الهند، فخلال مشاركته في قمه منظمه شنغهاي ومجموعه بريكس الاخيره في روسيا، وصف روحاني ـ خلال لقائه رئيس الوزراء الهندي ـ العلاقات الايرانيه الهنديه بانها وديه وتاريخيه .. معربا عن امله في ان يشكل هذا اللقاء الاساس لحركه سريعه تدفع العلاقات الثنائيه بين ايران والهند نحو الامام .. مشيرا الي طلب الهند لتنميه ميناء جابهار الايراني علي بحر عمان وكذلك انضمام الهند للكريدور الذي يوصل الشمال بالجنوب وقال : ان الحكومه الايرانيه ليس لديها اي مانع امام تعزيز العلاقات التجاريه والاقتصاديه مع الهند.

كما اكد الرئيس روحاني استعداد الحكومه الايرانيه للتعاون مع الهند في مجال الاستثمار في قطاع النفط والغاز وكذلك تنميه ميناء جابهار وقطاع السياحه والتعاون بين القطاع الخاص للبلدين وخاصه في المجالات العلميه والتكنولوجيه. مشددا علي اهميه دور ايران والهند في مكافحه الارهاب في المنطقه.

ثم جاءت زياره وزیر الخارجیه الایراني “محمد جواد ظریف”، للهند كمحطه رابعه واخيره ينهي بها جولته الاقليميه، والتي زار خلالها لبنان وسوريا في الاسبوع الاول من اغسطس الجاري لتدشين فرصه مناسبه لتطوير العلاقات بين البلدين، حيث اكد ظريف ان لایران علاقات جیده مع الهند باعتبارها بلدا کبيرا ومهما في المنطقه، وعضوا في حركه عدم الانحیاز، وان وجهات نظر البلدین متقاربه ازاء الكثیر من القضایا الدولیه.

تحتاج الهند الي ايران لتحقيق مجموعه من الاهداف المتنوعه في اسيا الوسطي، ومن جانبها تري ايران اهميه كبيره في التكامل مع الهند. فكل من ايران والهند تسعيان الي تقويض الاحاديه القطبيه من جانب الولايات المتحده، وكلتا الدولتين لا تشعران بالارتياح تجاه الدور الذي تقوم به الولايات المتحده في منطقة الشرق الاوسط وذلك رغم ان كلتيهما يرتبطان بعلاقات مختلفه ومتنوعه مع الولايات المتحده.

وكل من ايران والهند يتشاطران القلق ازاء الحاله الامنيه الداخليه في دول اسيا الوسطي، وذلك نتيجه لخوفهما المشترك من تجدد نفوذ الاسلاميين السنه في افغانستان ومناطق اخري ولهذا تري الدولتان ان هناك خطرا قد يحدث في حاله تزايد النفوذ الباكستاني في المنطقه، ورغم ذلك تسعي الدولتان الي استثمار المنافع التجاريه للاسواق في اسيا الصغري.

ايران من جانبها تحتاج الي شريك مثل الهند له علاقات متطوره في النظام الدولي، وهو الامر الذي قد يفيد ايران علي الاقل بسبب العزله التي فرضت عليها منذ انتخاب الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد عام 2005 وموقفه المتشدد بشان البرنامج النووي الإيراني، وما يزيد الامر صعوبه علي ايران هو بدايه تقارب الاتحاد الاوروبي مع الولايات المتحده وتبني مواقف متماثله مع الولايات المتحده الامر الذي ادي في النهايه الي تصويت مجلس الامن بالاجماع في ديسمبر 2006 بفرض عقوبات علي ايران في حاله عدم توقفها عن تخصيب اليورانيوم.

وعندما توترت العلاقات الهنديه ـ الايرانيه بسبب تصويت الهند في الوكاله الدوليه للطاقه الذريه في سبتمبر 2005، وفبراير 2006 ضد ايران، اظهرت نيودلهي في النهايه قدره كبيره علي تحقيق التوازن بين الحاجه الي طهران مع الاهتمام بتامين العلاقات مع الولايات المتحده والمجتمع الدولي.

ومن ناحيه اخري، لا يزال الجانب الاقتصادي هو العمود الفقري في العلاقات الهنديه - الخليجيه، اذ اصبح مجلس التعاون الخليجي شريكا تجاريا رئيسيا للهند، وهو ما تعكسه زياده اجمالي حجم التجاره بين نيودلهي ودول الخليج من حوالي 55.5 مليار دولار امريكي عام 2000 / 2001 الي 158.41 مليار دولار عام 2012 / 2013.

علاوه علي ذلك، هناك حوالي 6 ملايين عامل هندي يشكلون الجزء الاكبر من العماله الوافده في دول مجلس التعاون الخليجي، ما ترتبت عليه زياده التحويلات الماليه من هذه العماله الي الهند، والتي بلغت 29.29 مليار دولار امريكي وفقا لاحصاءات البنك الدولي في عام 2012، وبما يمثل 47% من اجمالي التحويلات الماليه للهند من كل دول العالم، فضلا عن اهميه تعزيز روابط الهند مع دول الخليج، من خلال الاتي:

اولا: التعاون الامني والعسكري المشترك: تحاول الهند تعزيز الروابط الامنيه مع دول الخليج، فوقعت خلال الاعوام الاخيره اتفاقيات للتعاون الدفاعي مع الامارات وقطر وعمان، كما تتطلع نيودلهي الي توقيع اتفاقيه للتعاون الدفاعي مع السعوديه، وتهدف الهند من خلال هذه الشراكه الي التصدي للقرصنه وتامين امدادات الطاقه وضمان سلامه خطوط الاتصالات البحريه، وتامين مصالحها في الجزء الغربي من بحر العرب والمحيط الهندي.

ثانيا: تعزيز التفاهم السياسي والشراكه الاستراتيجيه: في اطار الطبيعه الجغرافيه السياسيه المعقده لمنطقة الخليج، ومع رغبه الهند في تحقيق طموحاتها، ثمه حاجه نيودلهي الي تعزيز التفاهم السياسي مع دول الخليج، واعتماد تدابير في هذا الصدد لنيل ثقه القيادات الخليجيه، مثل الزيارات السياسيه رفيعه المستوي التي لا تزال محدوده، والحياديه وعدم اتخاذ مواقف داعمه لاي من الاطراف الاقليميه في ايه ازمه محتمله، وعدم التدخل في الشئون الداخليه لدول الخليج.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل