المحتوى الرئيسى

فلسفة القبح

08/30 06:12

تصالح عجيب مع القبح، هو ما يحرك المصريين الان. تلال القمامه والغبار لا تزعج اغلبهم، يمرون الي جانبها في سلام، وكانهم لا يرون العمال وهم يقلبون محتواها علي الارصفه بغرض الفرز. بنايات الاحياء العريقه التي كانت يوما جميله واشتهرت بمعمارها صارت خربه ومتهالكه، رغم محاولات الحكومه لكي تبدو افضل حالا بطلاء البيوت خارجيا، لكنه يظل مجرد طلاء خارجي لا يمكن ان يصلح كل ما افسده الزمن والاهمال وسوء الاستخدام. مداخل المدن ولافتات المحال والمراكز التجاريه والمشروعات العقاريه تلاحقنا، مصيبه بصريه تلو الاخري. جزر النيل زحفت عليها العشوائيات، بما لا يدع مجالا للبراح. اسطح المنازل بما عليها من نفايات وكراكيب تمتد علي مرمي البصر، تنمو وسطها اطباق الدش وقد تراكمت عليها طبقات الاتربه. غابه من الاسمنت والطوب دون اي تناغم في النسب والمقاسات، ما يجعل المدينه والبلد ككل في اقبح حالاتها. اما سكانها فهم متعايشون مع كل هذا القبح، اعتادوه علي مر السنين حتي لم يعد يصدمهم، بل تغيرت مقاييس الجمال لديهم لتشمل الكثير من خصائص القبح.

تغير الذوق العام وتربع القبح علي العرش في ثبات، وهو ما يجعلنا نشاهد من حولنا طرازا مختلفا من العماره لا نعرف اصلها من فصلها، عمارات وقصور وفيلات تباع بالملايين علي بشاعتها وفساد ذوقها، لكنها علي ما يبدو ممثله لذوق الاغلبيه التي تجد فيها نوعا من الجمال.

هذا القبح انتقل من الشارع الي البشر، فاصبح هؤلاء علي شاكله بيوتهم، بلا روح، وقد تسلل فساد الامكنه وابتذالها الي داخلهم. ارتبط القبح الخارجي الملموس او المرئي بالبشاعه المعنويه والاخلاقيه، كما لو اننا بصدد شخصيات ادبيه مثل «ترسيت» احد ابطال «الياذه» هوميروس الشهيره، الذي جمع بين دمامه الشكل وسوء الخلق، بصفتهما وجهين لعمله واحده او امتدادا طبيعيا لبعضهما البعض، قصده المؤلف لما له من رمزيه.

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل