محاولات لنشر الديانة الزرادشتية في إقليم كردستان

يبذل رجل الدين الزرادشتي لقمان حاجي (50 سنه) جهوداً لنشر العقيده الزرادشتيه في اقليم كردستان. ويحاول من خلال مشاركته في الحوارات والفعاليات الثقافيه، تعريف الاخرين بديانه اجداده.

بدا الزرادشتيون يظهرون مجدداً هذا العام، في اقليم كردستان. وديانتهم تعتبر من اقدم الديانات التي بدا اتباعها يزدادون في الاقليم، وقد قدموا طلباً في مايو الماضي، لوزاره الاوقاف والشؤون الدينيه لبناء معابد لهم.

يقول لقمان حاجي ان "الديانه الزرادشتيه هي الديانه الكرديه الاصليه بدليل وجود الالاف من اثار المعابد الزرادشتيه في عموم المناطق التي يقيم فيها الاكراد تاريخياً". وهو يفتخر بـ"تمسكه بعقيدته"، التي يعتبرها "دافعاً قوياً لمد البشريه بالخير والعطاء".

مؤخراً، افتتح حاجي مع مجموعه من الناشطين اول مركز للديانه الزرادشتيه في مدينه السليمانيه في اقليم كردستان بشكل رسمي. وهو المركز الاول علي صعيد العراق، ويهدف الي نشر هذه الديانه وثقافتها.

والزرادشتيه هي ديانه ايرانيه قديمه، كانت الديانه الرسميه للامبراطوريات الاخمينيه والبارثيه والساسانيه. ويقدر عدد معتنقيها بين 145 الف ومليونين وستمئه الف نسمه، معظمهم في الهند، ويوجد البعض منهم في ايران وافغانستان واذربيجان، بالاضافه الي المهاجرين في الولايات المتحده الامريكيه، واوروبا واستراليا، وكندا وسنغافوره. فضلاً عن اقليم كردستان وارمينيا.

يحمل لقمان حاجي لقب "البير"، وهي اعلي درجه دينيه في الزرادشتيه، وهو المرجع الديني الزرادشتي في إقليم كردستان العراق. ويشير الي ان "لافتتاح المركز اهميه كبيره بالنسبه الي اتباع الديانه، لاداء المراسم والطقوس الدينية والتعريف بكتابها المقدس افيستا Avesta".

واكد لقمان علي ان "عشرات المواطنين ياتون يومياً الي المركز لاداء القسم الزرادشتي، والاطلاع علي مباديء الديانه"، موضحاً ان "فلسفه الزرادشتيه مبنيه علي ثلاثه اسس هي: الفكر الايجابي، الكلام الايجابي، والعمل الايجابي". 

واشار الي ان "الطقوس الدينيه الزرادشتيه يمكن اداؤها متي يشاء الانسان، ومعتنقيها يؤدون يومياً طقوساً دينيه خمس مرات امام النور، ويتالف الطقس الديني من الدعوات والصلوات من اجل الخير والسلام للبشريه".

نسبت الديانه الي مؤسسها زرادشت، وتعد واحده من اقدم الديانات في العالم، اذ ظهرت في بلاد فارس قبل 3500 سنه. والافيستا Avesta هو مختارات من الكتاب المقدس لهذه الديانه، كتب بلغه الابستاق، وهي لغه وثيقه الصله بالفارسيه القديمه والسنسكريتيه الفيديه. جمع هذا الكتاب بعد وفاه زرداشت بزمن طويل، وتعرّض للضياع مرات عده، ويشمل 5 قصائد قديمه، تتحدث عن مناطق تقع تاريخياً غرب مدينه طهران.

واوضح لقمان ان "جميع الاكراد كانوا يعتنقون الديانه الزرادشتيه، الاّ ان الديانه تعرضت للاضطهاد والمنع خلال الفترات التاريخيه السابقه". واضاف ان "هناك الالاف من اثار المعابد الزرادشتيه في مختلف مناطق كردستان وفي بغداد وتكريت والموصل". واكد لقمان ان "ليس لدينا اي علاقه بالسياسه، ولا نتدخل فيها، ونهدف الي احياء ديانتنا فقط".

ويقول مدير العلاقات والتعايش الديني في وزاره اوقاف اقليم كردستان مريوان نقشبندي، ان "برلمان الاقليم سن قانوناً خاصاً بحمايه حقوق المكونات الدينيه في ابريل الماضي، والقانون يؤكد علي توفير الحريات الكامله للمكونات الدينيه، باداء طقوسهم ومعتقداتهم".

واضاف ان "وزراه الاوقاف تعمل حالياً لتعيين ممثلين عن الديانات: الزرادشتيه واليهوديه والبهائيه والكاكائيه، وهي خطوه جاءت بناءً علي تقديم هذه الاديان طلبات بتعيين ممثلين رسميين لها في وزاره اوقاف الاقليم، اسوه ببقيه الديانات، التي لها مؤسسات في الوزاره، مثل مديريات شؤون الديانات المسيحيه والايزيديه والصابئيه المندائيه".

واشار  الي ان "لدي وزاره الاوقاف مشاريع لاقامه معابد لاتباع جميع الديانات، واعاده تاهيل المزارات والاماكن والاثار الدينيه لجميع الديانات في اقليم كردستان، الاّ ان تنفيذ هذه المشاريع تاخر بسبب الازمه الماليه، التي يعاني منها الاقليم".

يشكل الدين الاسلامي عقيده الغالبيه العظمي لسكان اقليم كردستان، لكن يوجد فيه اتباع للديانات المسيحيه والايزيديه والصابئيه المندائيه، والبهائيه والكاكائيه.

ويقول ادم بيدار، الناشط في مجال الاقليات الدينيه، ان "العلاقات بين المكونات في الاقليم جيده الي حد بعيد، وقد اصبحت ارضه ملاذاً امناً للمكونات التي لا تستطيع العيش في الوسط والجنوب العراقي، وهم يعيشون هنا في سلام، ويعبرون عن ارائهم وافكارهم، ويمارسون طقوسهم الدينيه، ويقيمون نشاطاتهم الثقافيه والاجتماعيه بحريه".

واشار في الوقت نفسه الي ان "هناك حضوراً للتيار المتشدد فكرياً ايضاً، وهناك افكار دينيه وقوميه اخذت صفه التقديس، واصبحت عائقاً امام التلاحم الكلي والتسامح العميق بين المكونات". واضاف ان "الامر ما زال في حاجه الي مزيد من الجهد للوصول الي حلمنا في تحقيق هذه الدرجه الرفيعه من التسامح".