المحتوى الرئيسى

مترجم: التعليم غير الحكومي في عهد إسماعيل - ساسة بوست

08/29 12:40

منذ 1 دقيقه، 29 اغسطس,2015

تناولنا في احدي المقالات السابقه الحديث عن التعليم الاوروبي المُتمثل في مدارس الجاليات، ومدارس الارساليات التبشيريه، والمدارس الخاصة الهادفه للربح فضلًا عن نشاه نوع جديد من المدارس غير الحكوميه الخاصه بالاقباط واليهود كرد فعل لذلك النوع من التعليم الغربي.

قلنا ان عدد المدارس الاوروبيه الخاصه بالجاليات كان محدودًا للغايه عند اواخر القرن الثامن عشر وحتي السنوات الاولي من عهد محمد علي الي ان حدث انهيار لمشروعه التوسعي بتوقيع معاهدة لندن بين الدولة العثمانية والقوي الغربيه، وما تلا ذلك من اختراق اوروبي ثقافي للمجتمع المصري منذ بدايه اربعينات القرن التاسع عشر والذي زاد بشكل كبير في عهد سعيد باشا حيث دعمهم سعيد بالمال والعطايا مهملًا التعليم الحكومي المصري.

وبصعود اسماعيل للحكم لم يختلف الامر كثيرًا بل زادت اعداد المدارس الاوروبيه والتي تنتمي للجاليات والارساليات التبشيريه، فقد تم فتح 130 مدرسه في الفتره بين 1863 – 1879.

فعلي صعيد المدارس الكاثوليكية، استمرت مدرسه Peres Missionaires de la Haute Egypte تقدم خدماتها التعليميه علي نطاق واسع، خصوصًا في صعيد مصر ربما في مواجهه الارساليات الامريكيه وقد فتحت احد عشره مدرسه في محافظات مختلفه.

اما الاباء اللعازريون، فقد فتحوا عده مدارس منها دارًا للايتام منحها اسماعيل باشا كهديه لهم في عام 1875، حيث ضمت الدار 52 طفلًا تحت رعايه الاباء والراهبات، كما قدم الخديوي منحًا سنويه من الحبوب او البقوليات لراهبات احدي تلك المدارس.

اما راهبات البونباستور Seours du Bon Pasteur، فقد منحهم الخديوي موقعًا كبيرًا في شبرا عام 1869، حيث استطاعوا من خلال منح وهدايا من مصادر مختلفه بناء دير وكنيسه، كما اسسوا مدرسه داخليه ودار ايتام وظلوا محتفظين بمدرستهم المقامه في درب الجماميز بالقاهره، بل ومدوا نشاطهم الي بورسعيد حيث بنوا دار ايتام في عام 1865، ومدرسه وكذلك بنوا مدرسه في السويس.

اما رهبان الفرنسيسكان الذين كانوا تحت الحمايه الفرنسيه فقد فتحوا مدرسه في بولاق عام 1868، واخري في المنصوره ودمياط وكفر الزيات والاسماعيليه، كما كان بعض الفرنسيسكان الاخرين تحت الحمايه النمساويه وقد فتحوا مدرسه في بورسعيد عام 1877.

اما مدرسه البنات التي فتحت عام 1859 باسم Seours Clarisses Franciscaines، فقد وسعت نشاطها كثيرًا ويرجع ذلك الي الـ 50,000 فرنك التي قدمها اسماعيل لهم عند توليه حكم مصر، بالاضافه الي المنح السنويه مثل 90 اردبًا من القمح، وقد ضمت المدرسه كل الجنسيات ولكن كانت الاكثريه من الايطاليات.

اما عن مدرسه الفرير والتي كانت من افضل المدارس الاوروبيه، فقد كان الطلبه لديها مقسمين الي ثلاث فئات: فئه تتمتع المجانيه، وفئتين بمصاريف؛ احداهما للقسم الداخلي واخري في القسم الخارجي. وكمبدا عام، لم تكن الفرير تسمح بدخول طلبه من غير الكاثوليك لمدرستها في القسم الخارجي، رغم ان الاحصائيات توضح انه في عام 1878 ضمت المدرسه 15 يهوديًا وثلاثه من المسلمين.

وقد ركزوا جدا علي تعليم اللغه الايطاليه، وقد انتقد بعض الاوروبيين اسلوبهم في التعليم المبني علي الحفظ وليس الفهم، والتصاقهم بالاسلوب القديم في التعليم.

كما فُتحت الجزويت الاكليريكيه في الموسكي عام 1879؛ لتخريج رجال دين مسيحي من الاقباط، ولكي “تحارب تقدم البروتستانت في الصعيد”. وقد تم تشجيع الطلبه الاقباط علي فتح مدارس في الصعيد لكي ينافسوا الانجليز والامريكان البروتستانت.

ومن اجل توفير وسائل لتعليم الاقباط، فتحت الجزويت مدرسه College de la Saint Famille علي ان تكون مدرسه بمصاريف، ويتم قبول جميع الطلبه علي مختلف جنسياتهم وعقيدتهم. والجدير بالذكر ان الجزويت كانوا تحت الحمايه الفرنسيه.

اما عن الارساليات التبشيريه الامريكيه فقد كانت مجهوداتهم ملحوظه خصوصًا في عهد اسماعيل، حيث فتحوا 36 مدرسه بين عام 1865 – 1878، وقد اختاروا اسيوط مقرًا ومركزًا لهم رغم انهم احتفظوا بمدارسهم المهمه في القاهره. وكانت غالبيه طلابهم من الاقباط، رغم انهم قبلوا ايضًا اليونانيين والسوريين والمسلمين المصريين، والجدير بالذكر ان احدي مدارسهم كان بها قسم خاص للمكفوفين.

كانت غالبيه تلك المدارس للتعليم الاساسي، وكان فتح هذا العدد الكبير من المدارس ممكنًا عبر تعيين اقباط برواتب منخفضه للغايه.

كذلك فقد تم فتح مدرسه انجليزيه ارساليه جديده في دمياط.

اما عن اليونانيين فقد استمرت مدارسهم في تقديم خدماتها، والتوسع في فتح مزيد من المدارس رغم الصعوبات الماليه التي احيانا ما واجهوها، وبسبب زياده عدد البنين المصريين المتحدثين باللغه العربيه ولا يعرفون اللغه اليونانيه، تم فتح قسم خاص في احدي مدارسهم في عام 1876 حتي يستطيع هؤلاء الطلبه متابعه دراستهم باللغه العربيه، وكان اغلب هؤلاء الطلبه من المسلمين حيث اقبلوا علي تلك المدرسه بسبب نقص ذلك النوع من التعليم في جماعتهم، وقد كان لليونانيين مدارس في القاهره والاسكندريه وبورسعيد والسويس والزقازيق وشبين الكوم والاسماعيليه.

كذلك كان للايطاليين مدارسهم وللالمان حيث كانت اول مدرسه المانيه تُفتح في مصر كانت في عام 1866 بالاسكندريه، ويبدو انه كان فيها قسم للبنين واخر للبنات، كما تم فتح مدرسه المانيه اخري بالقاهره في عام 1873، واخري للبنات في عام 1874. ويبدو ان تدريس الدين فيها كان اختياريًا.

كانت وفره المدارس الدينيه ومدارس الارساليات التبشيريه والتي اخذت في النمو في مصر، عملت عنصرًا مُحفزًا للاستقلال الثقافي عند بعض الجماعات والافراد؛ فبعض الشخصيات القياديه شعرت بالغيره من حقيقه ان تعليم ابناء وطنها او ابناء نفس ديانتها كان في ايادي اخرين. فالاقباط كما سوف نري قاموا بفتح عدد كبير من المدارس في تلك الفتره، وكانوا مدفوعين بلا شك بزياده تاثير مدارس الارساليات التبشيريه الامريكيه في القاهره والصعيد، والتي ركزت جهودها عليهم مما سبب لهم قلقًا، كما شعروا بضروره اصلاح اسلوبهم التقليدي القديم في التعليم من اجل المنافسه علي المناصب الحكوميه في الدوله وفي زياده عدد البيوت التجاريه.

وكان اليونانيون والطليان مستقلين، وكانوا رافضين لتسليم اولادهم للكهنه. وكما راينا من قبل، فقد رفضت مدرسه الفرير ذات التعليم المجاني قبول الطلبه غير الكاثوليك للمدرسه، بينما كانت كثير من العائلات الفرنسيه رافضه لالحاق اطفالها بمدارسهم، كما كان هناك غضب لدي بعض اليهود بسبب تاثير المدارس الدينيه المسيحيه علي اطفالهم، كذلك رفض بعض الاثرياء الاوروبيين فكره تعليم اولادهم بالمجان حيث راوا ان ذلك يعني تنازلهم عن قناعتهم الدينيه.

ومن اجل مواجهه تاثير المدارس الدينيه، ومن اجل تلبيه الطلب علي المدارس ذات التوجه العلماني فقد ادرك البعض اهميه وجود تعليم يستطيع من خلاله جميع الاطفال علي مختلف دياناتهم وجنسياتهم ان يتعلموا، فتم تاسيس مدرسه بالاسكندريه باسم Ecoles Gratuites, Libres et Universelles، بدعم من توفيق باشا وريث العرش.

وكان من اهم اهداف الدعم المقدم من قبل الاسره الخديويه هو تشجيع الاتصال بين المصريين والاوروبيين.

وقد تم فتح مدرسه مماثله في القاهره عام 1873 ايضًا، وبسبب وجودها في القاهره فقد تضمنت عددًا اكبر من المسلمين. وقد تم اغلاق المدرسه بعد ثلاث او اربع سنوات من فتحها، وقد تعددت المدارس الخاصه الاجنبيه في تلك الفتره.

كان بدايه السعي لإصلاح التعليم لدي الاقباط يرجع الي عهد كيرلس الرابع في عهد عباس الاول (كما تناولنا الحديث من قبل في المقالات السابقه)، وتذكر التقارير ان الاقباط قد فتحوا 23 مدرسه في القاهره والاسكندريه واسيوط والجيزه، وليس لدينا معلومات عن تواريخ فتحهم ولكن يبدو ان عام 1873 كان عام معاوده سياسه الاصلاح، وبوفاه كيرلس الرابع تم تعيين دمتريوس بطريركًا، الذين كان عادلًا ولكن غير تقدمي؛ فلقد طرد الاقباط الذين انضموا الي الكنيسه المشيخيه Presbyterian Church، والذين قاموا بتبشير الاقباط في الصعيد، ولكنه لم يقدم اي محاولات لاعاده تنظيم الكنيسه او تقديم اي اصلاحات. ولكن بعد وفاته في عام 1873، اصبح فريق من الاقباط الذين ادركوا بمرور الوقت ان جماعتهم في حاجه الي اصلاحات، يُقرّون ان عليهم رسم خطه قبل انتخاب البطريرك الجديد، وجعلوا قبول تلك الخطه هو شرطًا لانتخابه، فكوّنوا جماعه اطلقوا عليها اسم “جمعيه الاصلاح”،

وتم تشكيل مجلس حسب القانون في عام 1873 اُطلق عليه اسم “المجلس الملي” كان وظيفته الاشراف علي الشئون الماليه والمدنيه للجماعه القبطيه مع البطريرك، وتم انتخاب كيرلس الخامس في عام 1875، ووعد بالالتزام بالقانون الجديد والذي بدون شك حرمه من بعض سلطاته.

وبالتالي مُنحت الجماعه القبطيه فرصه جديده من الحياه لبعض الوقت، ولكن في الوقت القادم سيصبح هناك بعض المشاكل. فقد كان البطريرك يتالم تحت النظام الجديد الذي فقد فيه سلطاته المُطلقه التي تمتع بها اسلافه، وانقسمت الجماعه القبطيه الي مجموعتين متباينتين بدلا من ان يعملوا سويًا سلميًا.

وقد منح الخديوي اسماعيل دعمه كذلك للاقباط بهبه 1,500 فدان لصيانه المدرسه التابعه للبطريرك، وتم افتتاح المعهد اللاهوتي من اجل توفير الكهنه للكنيسه القبطيه فضلا عن المدارس القبطيه المختلفه.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل