المحتوى الرئيسى

ياسر فتحي يكتب: سنخوص معاركنا مع بيروس | ساسة بوست

08/28 22:42

منذ 2 دقيقتين، 28 اغسطس,2015

هل تتمني ان تكون منتصرا او علي الاقل مع منتصر عظيم محنك، ربما عليك ان تراجع نفسك قليلا بعد قراءه هذه الكلمات .

كان هناك صراع مرتقب بين “روما” القوه الصاعده وبين مستعمره  “بينيغنتوم” التابعه لاسبرطه الاغريقيه، الثريه جدا والتي تعتبر نفسها في هذا الوقت نموذج متحضر راق ، لديها كبرياء كبير ولا يعيبها ان ليس لديها جيش فيمكنها بكثره اموالها ان تمول اي جيش حيث تريد.

قررت بينيغنتوم ان تلقن روما درسا كبيرا يناسب كبرياءها فاغرقت الاسطول الروماني الذي دخل ميناءها ليس هذا فحسب بل انتقمت من قائد الاسطول وقتلته بعد تدمير الاسطول تماما .

شعرت روما بحجم الضرر الكبير الذي ارتكبته وما يمكن ان يجر عليها من الوبال ، فقررت ان تقدم الاعتذار وحاولت التوسط ، لكن … كبرياء بينيغنتوم ابي الا ان يسطر لحظات فارقه جديده في التاريخ وان يختزل كل التاريخ في تلك اللحظه وقررت الرفض وتحدي روما الي ابعد حد .

لدي بينيغنتوم الاموال والمقايضه بالاحلام والامال ولديها طبول اللحظه الفارقه وشارات المجد التي يمكن ان توزع في الهتافات والميادين والميداليات التذكاريه ، ليس هذا فقط بل لديها قريبا في منطقه ” ابيروس ” القائد العظيم المحنك الملقب ب ” النسر ” سليل الاسكندر الاكبر القائد ” بيروس ” وهو قائد محنك ولد في عام 319 قبل الميلاد وكان له صله قرابه من الاسكندر وعاش علي قصص اسطوره المحارب والقائد  “اخيل” ولديه حلم وطموح كبير ، واثبت انه قائد محنك واستراتيجي قدير في ارض المعارك .

لم يكن الامر هينا ان يـُستاجر لشن حرب كبري علي روما ، لكن اللحظه الفارقه داعبت احلامه وامجاده التي يريدها فعرضوا عليه المال وعرضوا عليه العون بجيش كبير من الحلفاء واعطوه فرصه بعد النصر ان يعلن نفسه ملك ايطاليا ، بل يمكنه التوجه غربا حتي يسيطرعلي البحر المتوسط ، لكنه عندما وصل بينيغنتوم وجد المفاجاه انهم لم يجهزوا له جيشا منهم ولا من غيرهم وليس معه الا نفسه وقوته التي لا يستهان بها .

لم تنتظر روما ان ياتي لها ” النسر ” بل زحفت اليه في بنينيغنتوم ، وقرر بيروس المواجهه و حقق اكبر نصر عظيم ساحق علي روما بفضل عبقريته واستراتيجياته الحربيه ومعه قوه جباره في هذا الوقت قوامها 20 الف مشاه و30 الف فارس و2000 رماه و20 وسلاحه النوعي من الفيله .

كانت المعركه بحق كبري ، وكان النصر بحق نصر كبير ، لكن روما التي كانت بالامس تريد التفاوض والاعتذار والتوسط لدي بينيغنتوم  اشتعلت فيها روح الثار والانتقام لروما مهما كان الثمن ، وهو ما ادركه بيروس- خاصه بعد حجم الخساره الكبيره والضخمه التي خسرها في جيشه وفي قوام جيشه الاساسي – فقرر سريعا بعد هذا النصر ان يطلب التفاوض مع روما وعرض عليهم وهو المنتصر التشارك ، غير انه فوجئ بالرفض القاطع وبرغبه عارمه للمقاومه والثار لن يوقفها احد .

تجهزت روما للثار والانتقام من ” بيروس ” في معركه اخري هي معركه ” اسكالوم ” ورغم بساله روما وقوتها وحماستها وحجم الخساره التي كبدتها لبيروس بل كادت ان تحسم المعركه لصالحها نجحت تكتيكات واستراتيجيات بيروس ونجح في استخدام سلاحه المميز الفيله وحقق نصرا كبيرا .

علت الانتصارات في هذه اللحظه الفارقه التي لم يكن يحلم بها انصار ” بيروس ”  فهو الامبراطور المنتظر لكنه تعلم شيئا خطيرا في هذه اللحظه الفارقه  اوجزه في هذه المقوله ” لو هزمنا الرومان مره اخري في معركه كهذه فسندمر كليا ” .

لم يتمكن بيروس من تحقيق احلامه – فقد كان انتصاره هذا بدايه النهايه – واكتشف متاخرا انها لم تكن لحظته الفارقه ، وانه خدع نفسه – او وافق علي خداعها – كان عليه ان يدرس موقفه جيدا وان يدرس معاركه جيدا وان يختارها بعنايه وان يحدد فعلا – ليس فقط الوصول للنصر – ولكن من اجل ماذا كان النصر ؟ امن اجل الفناء والتمزق وخسران القدره علي الاستمرار والمواصله ، انه السؤال الذي قد نهرب منه حين نُستغرق داخل لحظه نراها فارقه ونخشي الاجابه عليه : من اجل ماذا كان الصراع والمعارك وهل يمكننا الانتصار في هذه المعارك والاهم هل حين ننتصر سنكون قادرين علي تحقيق ما ضحينا وناضلنا من اجله ولا يكون نصرا بيروسيا  .

لقد اصبح ”  نصر بيروسي “ مثلا لكل من انتصر انتصارا بطعم الهزيمه لا يستطيع ان يستفيد من انتصارته ولا ان يبني عليها ، فالانتصار وحده ليس هدفا لذاته ( الا عند بعض المرضي ) بل هدف لشئ اسمي ، عليك الا تفكر فقط في النصر لكن عليك ان تفكر من اجل ماذا يكون النصر ومن اجل ماذا تكون التضحيات والصراعات والمعارك هل من اجل نصر بيروس الذي يعقبه فناء القوه ومقوماتها او يعقبه التفكك والهزيمه والانهيار وعدم القدره علي تحقيق ما كنت ترجوه وتحيا من اجله ؟

ان المعارك والصراعات سواء كانت قبل الميلاد او في عصر السماوات المفتوحه هي هي ، منها ما تحقق نصرا حقيقيا ومنها ما تحقق نصرا زائفا ، فكم من معركه او انقلاب او ثوره  او جهاد كان من اجل مطالب ورغبات واحلام عادله لكنها كانت اما معارك عبثيه فاشله بلا ادوات ، او انها كانت تسعي لتحقيق نصر بيروسي لم يكن بدايه لتاسيس الحلم والمطالب العادله بل بدايه للسقوط والتمزق .

ان معاركنا الان مع الاستبداد والفساد ، مع القتله والمفسدين ، مع المؤسسات التي تدعمهم وتحميهم وتوفر لهم منظومه الحمايه ، هي معركه بين مستقبل نريده نحن ولا يريدوه هم ، انهم يريدون ان لا نخوض المعارك معهم بل يريدوننا عجزه او فشله ، وان كان من المعارك بد ، فليدفعونا الي معارك لافنائنا ، يريدون لنا ان نكون دوما الضحيه حتي حين ننتصر، يخططون لترسيخ ماضيهم وحاضرهم وتبديد مستقبلنا ، ان واجبنا الحقيقي ان نخطط ليس لهزيمتهم فحسب، بل لنصر غير نصر بيروس ، لحضاره عليا وقيم راسخه ونظم عادله لا تبقي فقط في هتافات الحناجر ولا لافتات المظاهرات بل تكون واقعا يمكن لها ان تتحقق في حياتنا وحياه ابنائنا .

الراي قبل شجاعه الشجعان     …    هو اول وهي المحل الثاني

فاذا هما اجتمعا لنفس حره       …    بلغت من العلياء كل مكانِ

ولربما طعن الفتي اقرانه        …    بالراي قبل تطاعن الاقرانِ

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل