المحتوى الرئيسى

أهالي سجناء "العقرب": كيف تحولت المقبرة إلى جنة؟!

08/28 13:44

في مؤتمر صحافي عقده المجلس القومي لحقوق الانسان في مصر الخميس 27 اغسطس/اب 2015، اكد رئيسه محمد فائق بحسم ان جميع البلاغات الوارده حول تردي الاوضاع داخل سجن “العقرب” كاذبه وانه لا توجد هناك ازمه انسانيه، معلناً ان ذلك هي خلاصه ما توصل اليه وفد من المجلس زار السجن الذي ترددت النداءات لانقاذ معتقليه من قاده الاخوان مؤخراً.

النتيجه التي خلص اليها الوفد الذي راسه حافظ ابو سعده تتناقض مع شهاده سابقه لعضو ذات الوفد - الصحافي الاسلامي التوجه محمد عبد القدوس -، والذي وصف السجن قبل ذلك بانه “غوانتانامو مصر”، كما تتناقض مع روايات اختص بها بعض اهالي السجناء “هافينغتون بوست عربي” تساءل بعضهم فيها: كيف تحولت مقبره يرون فيها ذويهم يموتون موتاً بطيئاً الي جنه يتحدث عنها التقرير؟!

خلاصهً ما اورده تقرير المجلس كان ان جميع شكاوي نزلاء السجن غير صحيحه، خصوصاً فيما يتعلق بمنع زيارات الاسر والمحامين، وعدم توفير العنايه الصحيه اللازمه، ومنع الادويه، واغلاق “الكانتين"، واشار هذا التقرير الي ان وفداً راسه ابو سعده، وضم محمد عبد القدوس، ود. صلاح سلام، ونبيل شلبي، واسلام ريحان، ومعتز فادي، اطلع علي دفتر امانات السجن خلال الفتره من اول يناير/كانون الثاني 2015 حتي 25 اغسطس/اب، ووصل الي تلك الخلاصه.

واضاف التقرير ان السجين محمد الانصاري المودع بعنبر H2 جناح رقم (1)، اكد ان اداره السجن نقلت عدداً من زملائه ممن يحتاجون رعايهً طبيهً الي مستشفي السجن، واكد علي المعامله الحسنه التي يتلقاها السجناء وتوفير الرعايه الصحيه في الجناح المودع به، واكد علي قيام اداره “العقرب” بتزويد الجناح بالواح ثلج، ووفرت لهم مؤخراً مبرد مياه، وتفتح الزنازين للسجناء لمده 4 ساعات يومياً. وقال التقرير ان مساعد وزير الداخليه لقطاع السجون استجاب للوفد، فقرر انشاء مظله مقابل البوابه الخارجيه لحمايه الاسر الزائره من حراره الشمس، كما قرر توفير اسِرّه ومراتب جديده لكافه نزلاء السجن خلال شهر، ووعد بالتاكيد علي اتاحه مدد الزياره كامله للاسر وللمحامين وفقاً للائحه السجون.

تناقض مع شهاده عبد القدوس

كل الشكاوي كاذبه حسب الروايه الرسميه، ما يتناقض مع تصريحات سابقه لعضو الوفد محمد عبد القدوس (اسلامي) مع موقع "مصر العربية”، حيث قال في 18 اغسطس/اب ان “العقرب” هو "اسوا السجون في المنطقه، ويكاد ينافس سجون غوانتنامو، فالسجناء محرومون من كل شيء، والزيارات ممنوعه، والاهالي (بيطلع عينيهم علشان يشوفوا عيالهم)”.

واضاف في الحوار انه منذ تولي وزير الداخليه مجدي عبد الغفار منصبه وتولي قيادات جديده مصلحه السجون، اصبحت سياستهم في سجن العقرب ان "الزنزانه علي البلاطه"، فسحبوا كل ما يوجد فيها من طعام ومتعلقات شخصيه واسره، واصبح السجناء ينامون علي الارض”.

واشار عبد القدوس الي ان زياره اعضاء المجلس القومي لحقوق الانسان - لم تكن قد تمت في ذلك الوقت -، لن تساعد في تحسين اوضاع السجناء لكنها وسيله ضغط وذلك لان الحكم في مصر عسكري وسيء والسجون جزء من هذا الحكم السيء.

ولم يحضر عبد القدوس المؤتمر الصحافي، وكانت هواتفه مغلقه في اعقابه فلم تتمكن “هافينغتون بوست عربي” من الحصول علي تعقيبه.

ولكن زوجه احد النزلاء الذين اوردهم التقرير حكت لـ “هافينغتون بوست عربي” خلفيات اضافيه، واصفه التقرير انه جاء مليئاً بالاكاذيب وتساءلت: كيف تحولت “المقبره” التي تشهد الموت البطيء لذويهم الي “جنه” في تقرير المجلس؟!

وقالت ايمان محروس زوجه الصحافي احمد سبيع - احد المتحدثين السابقين باسم حزب الحريه والعداله -، ان المحامين التقوا بزوجها وبالنزلاء الاخرين في المحكمه بعد زياره الوفد، فاكدوا لهم ان اداره السجن مرت علي جميع السجناء السياسيين بـ “العقرب”، وهددوهم ان ذكروا ايه شكاوي للوفد ان تمنع عنهم الزياره مجدداً وبتنكيل اكبر مما ذاقوه في الشهور الاربعه السابقه.

واكدت ان جميع ما جاء في التقرير هو اختلاق، “فنحن ممنوعون من جميع الزيارات الاعتياديه ولا يسمح لنا الا بالزياره الا بعد تصريح النيابه، وعندما نحصل علي تلك التصاريح تسحبها اداره السجن علي البوابه بدعوي انها مزوره، ولا يسمح بالدخول”.

واشارت الي ان السجناء السياسيين في “العقرب” يتعرضون لقتل بطيء، عن طريق تقليل الطعام ومنع الدواء، “والعنبر الذي يتواجد به زوجي (H2)، حدثت به 3 وفيات خلال الفتره الماضيه، وهو ما يثير شكوكاً حول حقيقه ما حدث في لقاء زوجي مع الوفد ان كان تم من الاساس”.

اما د. مني زوجه د. احمد عبد العاطي - مدير مكتب رئيس الجمهوريه في عهد الرئيس السابق محمد مرسي -، فقالت انها لم تكن تتخيل ان سجن “العقرب” يختلف عن باقي السجون التي مرّ عليها زوجها في فترات سابقه، “الا انه ومنذ نقله اليه في يناير/كانون الثاني 2014، بدات معاناتنا بشكل مختلف طوال هذه الفتره الممتده لما يقرب من سنه ونصف”.

واكدت في تصريحات لـ "هافينغتون بوست عربي"، ان اداره السجن تبدع في زياده معاناه المسجونين واسرهم، منذ يوم انتقالهم اليه، ففي الشتاء سحبوا منهم كل شئ، حتي ملابسهم وما ينامون عليه، وفي الصيف ابقوهم داخل الزنزانه الانفراديه معظم اليوم فيما يعرف بـ "مدافن العقرب”.

التضييق في الزيارات بدا حسب زوجه عبد العاطي، عندما قرروا ان تكون من وراء حائل زجاجي، وعن طريق سماعه هاتف، فمنعوا السلام باليد حتي علي الاطفال لمده قاربت العامين، ثم منعت الزياره ذاتها، رغم ان القانون يقر زياره اسبوعيه للاهل دون تصريح.

واضافت، "رغم طول المده بين زياره واخري، الا انه تم منع الزياره 4 اشهر متواصله، منذ رمضان الماضي، وفي المجمل لم استطع زياره زوجي طوال فتره تواجده بالعقرب الا مرات قليله، اثنين منهما في بدايه حبسه بالسجن، الاولي استغرقت دقيقهً واحده لاعتراض السجناء علي الزياره من خلف زجاج، والثانيه بعد شهرين ثم منعت الزياره عن زوجي شخصيا مده 5 شهور، لتعنت نيابه شرق القاهره التي منعت تصاريح الزياره تماماً".

واوضحت ان تصريح الزياره يسمح لثلاثه اشخاص بدخول السجن، ثم صدر قرار بمنع زياره الاطفال لنزلاء العقرب، لتبدا معاناه جديده، حيث كنا نقوم باضافه الاولاد بالتناوب في تصريح الزياره.

وذكرت زوجه مدير مكتب الرئيس السابق محمد مرسي ان يوم الزياره يبدا من الفجر، للتمكن من حجز مكان في الطابور الذي لا لا يقل طوله عن كيلومتر، ويضم زوار النزلاء الجنائيين والسياسيين، وبعد ساعتين من الانتظار “ندخل من الباب الخارجي للسجن لتسجيل الزياره، ثم يسمحون لنا بالدخول بعد 3 ساعات اضافيه من الانتظار ولا تتعدي مده الزياره بعد ذلك 3 دقائق ونصف”.

واضافت، “جميع اجراءات اداره السجن مخالفه للقوانين واللوائح، وكل شيء ممنوع، ويشمل ذلك الدواء والملابس المطابقه لمواصفات السجن وحتي كميات الطعام الصغيره جداً لا يتم ادخالها. وفي زيارتنا الاخيره - وهي اول زياره بعد ارتداء زوجي بدله الاعدام الحمراء -، كان هناك تطور كبير في شكله حيث ظهر اعياء وشحوب شديدين علي وجهه، وبدا الهزال علي جسمه، وذكر لنا انهم لا يرون الشمس لمدد طويله جداً”.

ونقلت عن زوجها ما قاله لها خلال الزياره "نحن نعيش معاناه لا يمكن ان تقارن بمعاناه اي كان حي، فالطعام غير كافٍ، ولا سكريات علي الاطلاق منذ 6 اشهر، والخروج من الزنزانه ممنوع ولا سيما للمحكوم عليهم بالاعدام”.

وقال عبد العاطي لزوجته "الطعام الذي يقدم لنا، علي قلته، ليس صالحا للاستهلاك الادمي، وقد اصاب المئات باضطرابات في المعده، وحين يسمحون لنا بشراء طعام من الكانتين بعد فتره المنع الطويله، نجد الطعام فاسداً”.

وشددت علي ان زوجها معرض في اي وقت لجلطات في القلب او المخ، بعد منعه من اخذ دوائه، وقالت “المؤكد انهم ينفذون القتل البطيء في حق جميع السجناء، وموت 4 قيادات داخل السجن حتي الان يؤكد ذلك، وقد زاد تدهور الاوضاع خصوصاً في الفتره الاخيره بعد شهر رمضان”.

هل يحتضن ابناءه قبل ان يموت؟

ورفضت مني توجيه شكوي للمجلس القومي لحقوق الانسان في مصر، وقالت في رساله للمؤسسات الحقوقيه العالميه، “صدمنا صدمه كبيره عندما اكتشفنا ان (الاسلاميين) ليس لهم ثمن في العالم، بل لا يعتبرونهم بشراً من الاساس، وصمتكم ادانه لكم”، وطالبت ان تكون هناك صرخه في العالم للسماح لسجناء “العقرب” ان يحظوا بحقوق الحيوانات في الخارج من اكل وشرب ورؤيه ذويهم.

وقالت، “املي ان يحتضن زوجي ابناءه وهو حي، قبل ان يحتضونه وهو ميت، وتذكروا ما قالته اسر قضيه (عرب شركس)، وقولهم انهم لم يتمكنوا من احتضان ذويهم منذ حبسهم الا في المشرحه”.

الصحافي خالد سحلوب صاحب الـ 23 عاماً، هو ايضاً احد نزلاء “العقرب”، اتهم اولاً في القضيه المعروفه اعلاميا بـ "خليه الماريوت"، والخاصه بصحافيي شبكه الجزيره الاخباريه، ورغم قبول الطعن علي الحكم الصادر بحقه بـ 7 سنوات، فان حبسه استمر بعد توجيه تهمه جديده له وهي المشاركه فيما يعرف بـ "كتائب حلوان".

سلمي شقيقه سحلوب، روت عن معاناته ومعاناه اسرتها طوال فتره بقائه في “العقرب”، فبعيداً “عن المعاناه الاولي التي شهدها في مقرات التعذيب بامن الدوله بعد القبض عليه في 2 يناير/كانون الثاني 2014، اصبحت لدينا قناعه ان حكماً صدر عليه بالقتل البطيء منذ نقله الي سجن شديد الحراسه (العقرب) في الاول من فبراير/شباط 2014".

اضرب خالد عن الطعام 120 يوماً احتجاجاً علي ظروف احتجازه، فاستخدمت اداره السجن كافه اساليب الضغط والتعذيب ضده لفك اﻹضراب، ثم اضطرت للاستجابه لطلب اخراجه من تلك المقبره بعد ان وقع محضر "فك اﻹضراب”.

واوضحت شقيقته انه فقد خلال الاشهر الاربعه 30 كيلوغرام من وزنه، وبدات معاناته مع امراض المعده والمريء والقيء المستمر وانخفاض ضغط الدم.

وتابعت، "فور قبول النقض علي حكم حبسه 7 سنوات، فوجئنا بعدم اخلاء سبيله، مثل باقي المتهمين في القضيه ومنهم صحافيو الجزيره، ولكن تم نقله الي العقرب مره ثانيه في مارس/اذار 2015، ووضع في زنزانه تاديب يطلق عليها اسم H4 بصحبه معتقلين اخرين وتبلغ مساحتها مترين مربعين".

خالد كذلك جُرد من كافه متعلقاته الشخصيه، ومنع من التريض واﻷدويه ما ادي الي تدهور حالته الصحيه حسب اخته،“وهم الان في مرحله جديده من مخطط الموت البطيء حيث اﻷطعمه شحيحه جداً وفاسده، ويجبرون علي شرب مياه غير صالحه للاستخدام”.

في اخر زياره، رات سلمي اخاها عبر الحاجز الزجاجي لمده دقيقتين، بعد ساعات من الانتظار، فكان اشبه بشبح يلتصق جلده بعظمه، غير قادر علي التلويح بيده الموضوعه في الاغلال فرفع سماعه الهاتف ولخص ما استطاع من احداث الشهور الاربعه قبل ان يعلن انتهاء الزياره.

عصام العريان .. نظره وداع

اما ابراهيم العريان - نجل القيادي المعروف بجماعه الاخوان المسلمين والمحكوم عليه بالاعدام عصام العريان -، فروي علي صفحته علي “فيسبوك” تفاصيل زيارته الاخيره لوالده تحت عنوان "نظره وداع".

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل