المحتوى الرئيسى

المتظاهرون في بيروت ينتخبون...

08/27 18:55

عندما ضاق اللبنانيّون ذرعاً بالنفايات المتراكمه في شوارع العاصمه، لم ينتظروا حتّي يوافق زعماء احزابهم او طوائفهم علي لجوئهم الي الاحتجاج، فكانت الجموع المتظاهره في ساحه رياض الصلح في وسط بيروت، السبت 23 اغسطس، مزيجاً كبيراً من جميع اللبنانيين، تجمعهم رائحه العفن المنتشره في كلّ مكان، وعدم قدرتهم علي الاحتمال بعد الان. ظهرت حينذاك العديد من المبادرات الشبابيه التي تحاول ان تعطي الحراك شكلاً، من بينها خطوه الشاب اللبناني خليل هبري، الذي قام بتجربه انتخابات مصغّره في صفوف المتظاهرين، محاولاً معرفه ما يريده فعلاً هؤلاء المحتجّون.

جال هبري بين المتظاهرين حاملاً صندوقاً يشبه صناديق الاقتراع، كتب عليه "صوّت لمين ما بدك"، محاولاً جذب اكبر قدر من الاشخاص من خلفيات متنوعه. فمن بين المتظاهرين كان الشباب الذين يتسكعون معظم الاوقات في مار مخايل، ومتوسطي العمر، واليساريين القدامي، واليساريين الجدد، والاغنياء الذين يحملون سيجاراً ويرتدون ساعات فاخره، ومنهم الفقراء، وابناء الطبقات المتوسطه مع اولادهم، و"التانت كلوديت" التي تسكن الاشرفيه، والي جانبها الشاب الذي يلبس في عنقه سيف ذي الفقار. وعندما كان يساله هؤلاء عن قصده في موضوع الانتخابات هذا، اذا ما لم يستطيعوا ان يفكروا في احد، كان يجاوبهم: "انتخبوا قضيّهً محببّهً الي قلوبكم".

لم يتوقع خليل هبري ان يستجيب الناس لمساله التصويت تلك، او ان يؤخذ علي محمل الجد، لكنّه وللمفاجاه تلقّي ما يقارب الـ700 صوت خلال ست ساعات. اوراق صغيره مكتوب عليها الكثير: عباراتٌ عاطفيهٌ تعكس غضب الناس وياسهم، لكنّها تنبيء باملٍ ما بالتغيير، فالناس قد اندفعوا الي الشارع بعد ان وصلوا الي الحافّه، وبعد ان استنزفوا تماماً، عقلياً وجسديّاً، من الحياه في لبنان.

تتنوع اصوات المشاركين في اقتراع هبري، فهناك من اختار شخصيّاتٍ معروفه من الوسط السياسي، او من الحراك، كقاده مجموعه "طلعت ريحتكم" وغيرهم، او مشاهير من خارج الوسط السياسي، كالفنانه هيفا وهبي وجورج وسوف وميا خليفه، في حين انتخب اخرون افكاراً وقضايا لا اشخاصاً، او رموا باوراقٍ بيض في الصندوق، عاجزين عن ايجاد اي شخص يمثلهم في لبنان. يشير هبري الي ذلك في مقال كتبه علي مدونه MEDIUM الامريكيه تحت عنوان "الشعب يريد زياد بارود، وبعض التغييرات الجذريه"، حيث يروي القصه بشكلٍ مفصّل.

ومن بين الشخصيات التي انتخبت في تجربه هبري المصغره، رابحان: احتل المركز الاول وزير الداخليه السابق زياد بارود، الذي حصل علي صوت من بين كلّ ثلاثه اصوات، في حين حلّ في المرتبه الثانيه شربل نحّاس، وزير الاتصالات اللبناني السابق. يتقاسم الجزء الاكبر من الاصوات المتبقيه ديميانوس قطّار، وهو وزير ماليه سابق، مع شباب مجموعه "طلعت ريحتكم". ولكنّ علي الرغم من اختلاف وتنوّع الخلفيات التي ياتي منها المتظاهرون، كان زياد بارود هو المنتخب الاول بين النّاس. في حديث مع رصيف22، اعتبر هبري ان زياد بارود وشربل نحاس حصلا علي اعلي نسبه اصوات لكونهما يجمعان شيئين اساسيين: هما من الوسط السياسي، وبالتالي لديهما خبره في التحرك بشكل سياسي، كما انهما صاحبا مواقف مع الناس ضد المحسوبيات والسلطه، ويذكر لهما الناس ذلك. يضيف هبري انّه لا يعرف زياد بارود جيّداً لكونه مغترباً، ولكنّه يعتقد انّ الناس اختارته من مبدا: "جربناهم وكانوا مناح".

ردود الفعل كانت بحسب هبري ايجابيه بدرجه كبيره، حتّي انّ اوراقه نفدت في النهايه. نسبه كبيره من الناس كتبت "لبنان" علي الاوراق، لانهم لم يستطيعوا ان يجدوا اي اسم يستحق ان ينتخب. اما في ما يتعلق بالذين صوتوا للجيش وكتبوا علي الاوراق "نريد حكماً عسكريّا"، فيعتبر هبري انّه "ليس كرهاً بالديموقراطيه، بل هو كره بما يحدث في لبنان. هم يصوتون للقوه، وبالتالي الثبات".

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل