تعرّفوا على أبرز الأبنية التاريخية في مدينة القدس

تفاصيل مدينه القدس كثيره وتاريخها غني. علي مدي العصور، تعاقبت عليها حضارات وثقافات مختلفه اثّرت في طبائع اهلها ومعيشتهم، وتركت في شوارعها بصمات عمرانيه متنوعه. عين المتجوّل في شوارع القدس وحاراتها ستقع علي ابنيه بديعه. في ما يلي ابزر هذه المباني.

لا يمكن الحديث عن العمران في القدس بدون الاشاره الي قبه الصّخره المشرّفه، "تحفه" العماره في المدينه. هذه القبه بناها الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان عام 691 ورصد لبنائها خراج مصر لمده سبع سنوات، وشيّدها فوق الصخره التي عرج منها النبي محمد الي السماء في معجزه الاسراء والمعراج.

تتميز القبه بشكلها الهندسيّ، وبجماليتها المعماريه وبالزخارف التي تحويها. بنيت القبه علي 8 مداميك تمثلاً لقول الله تعالي: "ويحمل عرش ربك يؤمنذ فوقهم ثمانيه". وللقبه 4 ابواب ترمز الي فصول السّنه الاربعه. وعند الدخول من ايّ باب تجد 5 اعمده، وهي كنايه عن الصلوات الخمس، "عمود الدين". وللقبه ايضاً 52 نافذه تمثل اسابيع السنه، وفي اروقتها زخارف تشير الي ثمار الجنه واشجارها.

بعد الانطلاق من باب العمود باتجاه الشمال، واثناء السّير في شارع سعد وسعيد، او ما يعرف اليوم بشارع رقم 1، يري الزائر علي يساره بيتاً عربياً وسط بيوت عشوائيه وعمارات مكتظه يسكنها المستوطنون. شرفات البيت شبه مهدمه، ونوافذه مسدوده بالباطون، وعلي واجهته لافته دعائيه لمتحف "خطّ التماس" الذي يشغل البيت حالياً.

بني هذا البيت المعماري الفلسطيني انضوني برامكي عام 1932 واهداه الي زوجته افلين. وفي العام 1948، وبعد احتلال 78% من مساحه فلسطين التاريخية ومن ضمنها غربي القدس، سقط البيت بيد العصابات الصهيونيه، فيما ترحّلت العائله الي رام الله.

كان شارع "سعد وسعيد" يشكّل الحدّ الفاصل بين دوله الاحتلال الجديده وشرقي القدس التي اصبحت منذ ذلك الحين تحت الحكم الاردني. ولذلك استخدم جيش الاحتلال البيت المذكور كنقطه عسكريه للمراقبه، وبالقرب منه كانت تقع "بوابه مندلبوم" وهي نقطه العبور الوحيده بين شرقي المدينه وغربها بين العامين 1948 و1967.

كان برامكي يعتلي سطح مبني "جمعيه الشبان المسيحيه" الواقع مقابل بيته في الشطر الشرقي من المدينه ليراقب ما حلّ ببيته. وبعد حرب العام 1967 وتمدّد الاحتلال، حاول برامكي استعاده بيته لكنه اصطدم بقانون "املاك الغائبين" الذي سنته سلطات الاحتلال عام 1950، ويعتبر ان مَن كان "غائباً" عن المدينه تصادَر املاكه لحساب "الدوله".

لسنوات عده بعد نكسه العام 1967، اقيم في البيت معرض صور اسرائيلي يوّثق احتلال المدينه. وفي العام 1999، وبفضل تبرّع سخي من عائله المانيه، افتتح متحف باسم "علي خطّ التماس" في بيت برامكي، وراح يستضيف عروضاً فنيه من مختلف دول العالم.

وبلغت الوقاحه الاسرائيليه حدّ الادّعاء ان هذا المتحف الاستعماري الذي اقيم في بيت مسروق يُحرم اهله من استعادته يسعي الي "تعزيز الحوار المبني علي المشترك بين الناس من اجل توحيدهم لا تقسيمهم".

علي مقربه من باب الخليل، وبمحاذاه كبري مقابر القدس واشهرها "مقبره مامن الله"، تقع عماره المجلس الاسلامي الاعلي، او "فندق بالاس"، او فندق المفتي. بنيت هذه العماره الفخمه عام 1929 بمبادره من المجلس الاسلامي الاعلي بقياده الحاج امين الحسيني.

يتميز المبني بالفخامه وبطرازه المعماري الاندلسي في اغلب اجزائه، وقد صممه مهندس تركي. وعلي لافته عُلّقت عليه كُتب: "مثلما بني اباؤنا وفعلوا نبني ونفعل".

الروايه الشهيره تقول ان الحسيني اراد بناء فندق عصري بملامح معماريه اسلاميه في محاوله لمنافسه المشاريع المعماريه المتصاعده للحركه الصهيونيه ايام الانتداب البريطاني، وكنوع من المنافسه لفندق "الملك داوود" الذي بني باستثمار مصري يهودي في شارع قريب منه.

وقد استولت حكومه الانتداب علي المبني عام 1936 وحولته الي مقر حكومي، ثم استولت عليه سلطات الاحتلال الاسرائيلي عام 1948، وصنّفته ضمن "املاك الغائبين".

ولفتره طويله شغلته وزاره التشغيل والتجاره الاسرائيليه، ثم باعته سلطات الاحتلال لمجموعه فنادق هيلتون العالميه التي قامت باعاده بنائه من الداخل، مبقيهً علي واجهته الفاخره كما هي.

اليوم، يعتبر الفندق واسمه الحالي "فندق وولدوف استوريا" من افخم الفنادق الاسرائيليه، خاصه انه يقع في منطقه حيويه بالقرب من البلده القديمه للقدس، وعلي تقاطع شوارع رئيسي غربي القدس.

يري كثير من المؤرخين ان الفتره المملوكيه في فلسطين هي الفتره التي شهدت الحركه العمرانيه الاكثر ازدهاراً علي مرّ العصور. فخلالها بُنيت ابنيه شتي لتلبيه حاجه الناس، كالخانات، والاسواق، والمدارس والحمامات، والتكايا، والجسور. ويعتبر قصر الست طنشق المظفريه الذي شُيّد عام 1392 ميلاديه واحداً من هذه الابنيه.

يقع القصر او دار الست علي بعد امتار قليله من المسجد الاقصي، في عقبه التكيه في قلب البلده القديمه. للقصر 3 ابواب فخمه، لا نجد لها منافساً في عمارات القدس الاخري، وبعضها مزخرفٌ بايات قرانيه وبخط النسخ المملوكي. استخدم في بناء هذه الابواب اسلوب الابلق، وهو الاستخدام المعكوس للحجاره ذات الالوان المختلفه، واستخدمت الحجاره البيضاء والحمراء والسوداء.

في العهد العثماني، استخدم القصر الذي يضم اكثر من 25 غرفه مقراً لمتصرفيه القدس. وفي عهد الانتداب البريطاني تحوّل الي مدرسه للايتام. وحتي اليوم، ما زالت تشغله مدرسه الايتام التابعه لدائره الاوقاف الاسلاميه في القدس.

يقع قصر الاديب الفلسطيني اسعاف النشاشيبي في حي الشّيخ جراح شمالي البلده القديمه للقدس، وقد بُني عام 1922، وهو مكون من طابقين وتسويه. يتميز القصر بالقيشاني الازرق الذي يزين واجهته ونوافذه، بالاضافه الي حديقته الجميله.

كان اسعاف النشاشيبي اديباً وشاعراً، وقد لقب بـ"اديب العربيه"، وكان قصره محجهً للادباء والمبدعين العرب، ومنهم معروف الرصافي من العراق، ومحمد عبد الوهاب واحمد الزيات ومكرم عبيد من مصر، وشكيب ارسلان وبشاره الخوري من اهل الشّام. وقد قال عنه امين الريحاني: "ثلاثه ساذكرهم علي الدوام: الحرم الشريف، وجبل الزيتون، واسعاف النشاشيبي".

تدير القصر اليوم مؤسسه دار الطفل العربي، وفي الطابق العلوي منه مكتبه لخدمه الباحثين، وفي التسويه مقهي تجاري.

تقع هذه الكنيسه علي سفح جبل الزيتون شرقي البلده القديمه للقدس. في الاعتقاد المسيحي بنيت هذه الكنيسه فوق الصخره التي صلي وبكي عليها المسيح قبل اعتقاله، وتوجد في منتصف بهو الكنيسه صخره محاطه بسياج حديدي قصير يعتقد انها هي تلك الصخره.