المحتوى الرئيسى

"مطرقة داعش" تدمر إرث الإنسانية

08/26 13:09

كتبت – هدي الشيمي ونسمه فرج:

بعد ظهوره بفتره كان اكثر ما يخشاه الزعماء والساسه حول العالم، القضاء علي القوانين وانتشار الارهاب، وهذا ما حدث بالفعل، فمع ظهور تنظيم الدولة الاسلامية (داعش)، ارتفع معدل الجريمه في سوريا والعراق، وانتشرت الوحشيه علي نطاق واسع بشكل لم يحدث في التاريخ الحدث، بعد ذبح الصحفيين والرهائن الاجانب من بينهم بيتر كاسينج، وجيمس فولي، واستهدافهم للسوريين والعراقيين المواليين للانظمه الحكوميه لبلادهم، واسر الايزيديات من نساء وفتيات وبيعهن كسبايا، وغيرها من الافعال التي وصفها المجتمع الدولي بغير الانسانيه.

الا ان العالم صٌدم مجددا من افعال التنظيم المتطرف بتدميره ارث الحضاره الانسانيه في المناطق التي يسيطر عليها، ففي ديسمبر الماضي، كانت اول جريمه حضاريه يرتكبها، بتدمير قلعه تلعفر وسور نينوي، لتتوالي الاعمال التدميريه للمعالم الاثريه التي ترجع لالاف السنين في المناطق التي يسيطر عليها في سوريا والعراق، وخاصه حمص التي تضم اكثر من 1700 موقع اثري، وتدمر احد المدن السوريه الاثريه الكبري، وفي مقابل ذلك، اكتف المجتمع الدولي بالادانه والتنديد، ولم يقم باي رد فعل عملي.

نسف التنظيم اجزاء كبيره من قلعه تلعفر، وتدميرها، حيث فخخ اجزاء كبيره من القلعه الواقعه غرب الموصل، وتفجير عدد من المواقع الداخليه بداخلها، واستمر في هدمها ونسفها حتي النهايه.

تعد هذه القلعه من اقدم المعالم الاثريه الاشوريه، حيث كانت مركز عباده الاله عشتار، وجددها الرومان، ثم الخليفه مروان بن محمد الثاني اخر الخلفاء الامويين.

وجاء تدمير القلعه بعد ايام، من تفجير الجهه الاماميه من سور نينوي، والذي بناه الاشوريين منذ الالاف السنين.

استطاع التنظيم نقل الاثار والتحف الاثريه الموجوده في مدينه خورسيباد الواقعه في برشيقه شمال الموصل، بعد تدميرها وسرقه تراثها.

تضم الموصل مجموعه ضخمه من المساجد الاثريه، التي لم تسلم من اذي داعش، حيث هدم مسجد السلطان ويس في حي الفاروق، والذي يعد احد اقدم المساجد، بالاضافه الي افراغه لعدد من المساجد الاخري، استعدادا للقضاء عليها، وتحويلها لتراب.

حرق التنظيم الاف الكتب والمخطوطات النادره في مكتبه الموصل، واكثر من 100 الف كتاب في محافظه الانبار، امام جموع من الاهالي في المدينه الذين حاولوا التصدي لما يفعله عناصر داعش، واقناعهم بالعدول عن قرارهم، الا ان ذلك لم يثنيهم، بل حرقوا المكتبه، وفجروا قاعه الاعلام والمسرح في جامعه الموصل.

تحولت مدينه الحضر ،والتي تعود الي الحقبه الرومانيه وضمت عددا من الاثار والتحف والمقتنيات التاريخيه، الي حطام، بعد هجوم داعش عليها، وسرقه اثارها.

ظهر مقطع فيديو اربك العالم اجمع، حيث ظهر مجموعه من الرجال الملتحين في متحف نينوي يستخدمون مطارق وادوات الحفر، لتدمير عده تماثيل ضخمه، من بينها تمثال اشوري مجنح يعود تاريخه الي القرن التاسع قبل الميلاد.

بالاضافه الي ذلك، هدم التنظيم عددا من الاضرحه، والتي يعتبرها اماكن للكفر، وهناك من زعم ان عناصر التنظيم باعوا مجموعه من التحف الاثريه القديمه في السوق السوداء.

كما دمر التنظيم مدينه النمرود (كالح) الاشوريه، وهذا ما اعتبره اليونسكو، جريمة حرب، حيث ان المدينه تتمتع بمجموعه من الاثار والتحف النادره، والتي تاسست في القرن الثالث عشر قبل الميلاد، والواقعه علي بعد مدينه الموصل بحوالي 30 ميل.

حولت داعش مسرح تدمر من مكان للفن الراقي، ومزار سياحي عالمي، الي ساحه قتال لتنفيذ الجرائم، بعد هدمهم لاسد اثينا، حيث اغتالوا حوالي 200 شخص داخله.

اخر جرائم التنظيم الحضاريه، حيث قام بتفجير المعبد الذي يبلغ عمره اكثر من الفين عام، بعد وضع المتفجرات في كل مكان حوله، مما تسبب في انهيار الاعمده المحيطه به، ودمار الجزء المغلق.

ولم يتوقف محاولات التنظيم علي هدم الاثار فقط، بل منع دراسه الاثار في المناطق التي استولي عليها، بحجه تحريض تلك الدراسات علي دراسه الاصنام.

قطع تنظيم داعش راس المدير السابق للاثار في مدينه تدمر الاثريه وسط سوريا، خالد الاسعد، البالغ من العمر 82 عامًا، الذي شغل منصب مدير الاثار منذ عام 1963، وحتي 2003، بتهمه الارتداد، ودعم النظام السوري، وتمثيل بلاده في الكثير من المؤتمرات العالميه.

كان الاسعد احد ابرز الاثريين في سوريا، حيث تمكن من التحدث وقراءه اللغه التدمريه، والمساعده علي اكتشاف حقيقه الاثار المزوره.

اكد الباحث الاثري سامح الزهار، المتخصص في الاثار الاسلاميه والقبطيه، ان العنوان الانسب لما يحدث في التاريخ والاثار في دول التي تقع تحت سيطره داعش هو "انهيار التراث بمطرقه داعش وصمت المجتمع الدولي".

واضاف الزهار في تصريحات لمصراوي ان تنظيم القاعدة وجماعه التكفير والهجره كانوا يهدمون الاثار ايضا لاعتقادهم انها ميراث الكفار، واكبر مثال علي ذلك هو هدم تمثال "بوذا" في افغانستان علي يد القاعده، ولكن الامر مختلف عند داعش فهم يقومون بهدم الاثار الثابته، اما الاثار المنقوله يقومون ببيعها.

واوضح الباحث ان الاثار التي تبيعها تذهب الي اوروبا واسرائيل، ثم تنتقل لقطر، لكي تباع هناك، او تعرض في متحف قطر الاسلامي، وسط صمت رهيب من المجتمع الدولي واليونسكو الذي يخرج بتصريحات الشجب والادانه.

واشار الزهار الي ان تجاهل الاعلام الحديث عن مقتل عالم الاثار السوري، خالد الاسعد، يعد مؤشرًا خطيرًا، مطالبًا بتكريمه دوليا وعالميا بسبب ما فعله بعدم الافصاح عن مكان الاثار الذهبيه، بالاضافه لما قدمه من علم للاثريين.

وطالب الزهار بتدشين ميثاق دولي يجمع دول العالم وخاصه الدول التي تهتم بالاثار لوقف الاتجار بالاثار واسترجاع الاثار التي ثبت انها مهربه او تخص دوله من الدول، كما دعا الي وقف العلاقات الثقافيه بين مصر وقطر، لانها تشتري الاثار، وهذا يؤذي الدول الاخري وليس مصر فقط، كما حذر من دعوه ايران لاستضافه الاثار الدول التي تعاني من عدم الاستقرار الامني فهذا الاثار لن ترجع مره اخري لبلادها اذا ذهبت لايران.

واقترح الزهار انشاء لجنه استشاريه عليا تضم عدد من خبراء الاثار في الشرق الاوسط وهدفها الحفاظ علي الاثار في الدوله غير المستقره امنيا.

ومن جانبه اكد خبير الاثار الدكتور عبد الرحيم ريحان، مقرر اعلام الاتحاد العام للاثاريين العرب، ان حمايه الاثار مسؤوليه جماعيه ومن هذا المنطلق تعامل معها المسلمون وحافظوا عليها وتاثروا بعمارتها واثروا فيها مما ساهم في ازدهار الحضارة الاسلامية القائمه علي احترام الفكر، والحضاره الانسانيه، وقد دعا القران الكريم الي السير في الارض لزياره هذه الاثار للعظه والاعتبار كما ذكرت كلمه اثار نصاُ في الايه 82 سوره غافر "اَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْاَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَهُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا اَكْثَرَ مِنْهُمْ وَاَشَدَّ قُوَّهً وَاَثَارًا".

واضاف ريحان بان الاثار بانواعها ذٌكرت في القران الكريم ومنها الاثار الحربيه من حصون وقلاع، فقد ذكرت البروج المشيده وكذلك نحت اصحاب الحجر "ثمود" قوم نبي الله صالح للجبال بيوتاً، ومساكنهم مشهوره بين الحجاز والشام الي وادي القري وما حوله وقد مر رسول الله صلي الله عليه وسلم علي ديارهم ومساكنهم وهو ذاهب الي تبوك كما ذكرت العماره المدنيه السكنيه وكيف تتوارثها الحضارات في القران الكريم، الذي ذكر ايضا الاثار القائمه والاثار المندثره.

وعن اما عن دور اتحاد الاثاريين العرب حول ما يحدث في الاثار التي تقع تحت قبضه تنظيم داعش، وما وقع مؤخرا في تدمر وقتل للعلماء الاثار، قال ريحان ان الاثاريين العرب منظمه علميه بحثيه تعقد مؤتمرها السنوي وتصدر توصيات ترسلها لجامعة الدول العربية، وليس لها اي سلطه سياسيه لتنفيذها والتنفيذ يقع علي عاتق الوزارات المعنيه بالاثار والتراث بالوطن العربي.

وقال اصدر الاتحاد توصيات حذرت من دمار اثار سوريا، وطالب بحمايتها، ووضع الاتحاد حلولا ذلك.

أهم أخبار منوعات

Comments

عاجل