المحتوى الرئيسى

مترجم: كيف عرفنا ماذا يوجد في باطن الأرض؟ - ساسة بوست

08/26 12:31

منذ 12 دقيقه، 26 اغسطس,2015

تواجد البشر في جميع انحاء المعموره. لقد سكننا علي الارض، وطرنا الي الفضاء، وغصنا الي اعمق نقطه في المحيط، وصعدنا الي القمر، ومع ذلك فنحن لم نتمكن من الوصول الي باطن الارض.

يقع مركز الارض علي عمق 6.000 كم، حتي ان ابعد نقطه عن هذا المركز تقع علي عمق 3.000 كم تحت اقدامنا، في حين ان اعمق نقطه تمكن الانسان من الوصول اليها هي بئر كولا العميقه في روسيا وتصل الي عمق 12.3 كم فقط.

تحدث جميع العمليات الحيويه علي سطح الأرض او تكون قريبه من ذلك. علي عمق بعض مئات الكيلومترات تُنتج الحمم التي تنبعث من البركان، حتي الالماس الذي يتطلب ضغطًا وحرارهً هائلتين ليتشكل، يوجد في عمق اقل من 500 كم.

ان ما يحدث في الاسفل يلُفه الغموض وعلي ما يبدو انه يستعصي علي الادراك. بالرغم من ذلك فاننا نعرف قدرًا مدهشا من المعلومات حول كيفيه تشكل باطن الارض قبل بلايين السنين دون الاستعانه بعينه ماديه واحده. هكذا اكتشف باطن الارض!

يقول سايمون ريدفرن الباحث في جامعه كامبريدج: “ان الانطلاق في البحث من زاويه كتله الارض انطلاقه جيده، فجُل كتله الارض حتمًا ستتركز في باطن الارض.”

بامكاننا تخمين كتله الارض عن طريق مراقبه تاثير الجاذبيه علي الاجسام الموجوده علي سطح الكرة الارضية. فقد تبين انها حوالي 5.6 سكستليون طن (اي 59 متبوعه بـ 20 صفرا).

بامكاننا القول انه لا يوجد جسم ذو كتله هائله بهذا القدر علي السطح!

بحسب الباحث ريد فرين: “ان كثافه المعادن الموجوده علي سطح الارض تعد منخفضه بالنسبه الي متوسط كثافه معادن الارض ككل. مما يُحتم وجود شيء اكثر كثافه منه وهذا هو الامر الاول.”

بشكل اساسي فان كتله الارض يجب ان تتمركز في منتصف الكوكب. الامر التالي ان نسال عن ماهيه المعادن التي شكلت باطن الارض.

والجواب هنا لا يكون شبه مؤكد انه يتكون من الحديد بنسبه عظمي. حيث يعتقد ان نسبه الحديد فيه حوالي 80%، ولكن النسبه الدقيقه لاتزال موضع جدل.

الدليل الاساسي علي ذلك هي كميه الحديد الضخمه الموجوده في الكون من حولنا. حيث يعد الحديد احد العناصر العشره الاكثر انتشارا في المجره وغالبا ما توجد في النيازك.

ان الحديد موجود بكميه اقل بكثير مما نتوقع علي سطح الارض بالنسبه الي كميه الحديد الكليه. ان الارض عندما تشكلت قبل 4.5 بليون سنه بحسب النظريه فان الحديد وجد طريقه لباطن الارض.

اذن فالجزء المفقود من كتله الارض لابد ان يكون موجودًا في باطن الارض كذلك الحال بالنسبه للحديد.

تحت الظروف العاديه يعد الحديد من المعادن ذات الكثافه العاليه نسبيا، وبفعل تاثير الضغط الشديد في باطن الارض لابد انه انسحق لتصبح كثافته اعلي. مما يقودنا للاعتقاد بانه تفسير جيد للجزء المفقود من كتله الارض.

والسؤال هنا هو كيف استطاع الحديد الولوج الي باطن الارض؟

لابد ان الحديد بطريقه ما تحرك بفعل الجاذبيه نحو مركز الارض ولكن الكيفيه في الوقت الراهن غير معروفه.

معظم الجزء المتبقي من الارض مكون من صخور السلكيات والحديد المنصهر ينتقل فيما بينها تماما كما ينساب الماء علي سطح مطلي بالدهن مخلّفًا اثر قطرات. وحين تتنقل جزيئيات الحديد فانها تتمسك ببعضها البعض مشكله خزانًا مما يمنعها من الانتشار والسيلان.

هناك فرضيه محتمله توصلت اليها الباحثه ويندي ماو وزملاؤها في جامعه ستانفورد عام 2013. تدور الفرضيه علي تساؤل ماذا يحدث عندما يتعرض الحديد والسلكيات لضغط شديد تماما مثلما يحدث في باطن الارض؟

من خلال ضغط المادتين باستخدام الالماس تمكن الباحثون من جعل الحديد المنصهر يتدفق بين السلكيات.

“الضغط المتولد احدث تغيرًا في الطريقه التي يتفاعل بها الحديد والسلكيات، وهذا الضغط ادي الي تشكل ما يشبه شبكه من المعادن المذابه.” بحسب ما صرحت الباحثه ماو.

وهذا يقودنا للاعتقاد بان الحديد امتُص للاسفل تدريجيا بواسطه الصخور عبر ملايين السنين الي ان وصل باطن الارض.

وصولًا عند هذه النقطه قد تتساءل كيف عرفنا حجم باطن الارض؟ وما الذي دفع العلماء للاعتقاد بانه يبدا عند عمق 3000 كم؟ الاجابه تتلخص في كلمتين: علم الزلازل.

علماء الزلازل يقومون بتسجيل الاهتزازات عند حدوث هزة أرضية فعندما تحدث هزه ارضيه فانها ترسل الموجات عبر الكوكب. يمكن تشبيه العمليه بان تقوم بضرب جهه من الكوكب باستخدام مطرقه عملاقه ثم تنتظر سماع الصوت في الجهه المقابله. بحسب ما قالت الباحثه ريد فرين: “ان الزلزال الذي ضرب تشيلي عام 1960 زودهم بمعلومات هائله الحجم. فمحطات رصد الزلازل المنتشره في جميع انحاء الارض سجلت وصولا لاهتزازات عقب حدوث ذاك الزلزال.”

بعد تعقب مسار تلك الاهتزازات تبين انها تمر في مناطق مختلفه من الارض وهذا يؤثر علي الكيفيه التي سوف تكون عليها الموجات في الطرف الاخر.

في مرحله مبكره من دراسات علم الزلازل، تبين ان بعض الاهتزازات تختفي وتعرف باسم “امواج-S”. في حين كان يتوقع ظهور الامواج في الجهه المقابله من الارض بعد تولدها في الجهه الاخري، لوحظ بان اثرها يختفي!

السبب في ذلك جلي للغايه فهذه الموجات يمكن ان تنتقل فقط في الاوساط الصلبه، في حين انه من غير الممكن انتقالها في الاوساط السائله.

وبالتالي فان هذه الامواج اعترض طريقها شيء منصهر في مركز الارض، وبعد تتبع مسار هذه الامواج تبين ان الصخور تصبح مصهوره علي عمق 3000 كم.

مما يؤكد ان باطن الارض منصهر بالكامل. وهذه ليست المفاجاه الوحيده في جعبه علم الزلازل.

في ثلاثينيات القرن الماضي، اكتشفت عالمه الزلازل الدنماركيه انج ليمان نوعًا اخر من الامواج تدعي “امواج-P”. ان هذه الامواج استطاعت الانتقال خلال باطن الارض ثم ظهرت بشكل غير متوقع في الجهه المقابله من الارض.

استطاعت ليمان الخروج بتفسير مدهش وهو ان باطن الارض يقسم الي طبقتين. الطبقه الداخليه الصلبه تبدا علي عمق 5.000 كم والطبقه الخارجيه المنصهره.

ليست الهزات الارضية الوسيله الوحيد القادره علي ارسال موجات عبر الارض. في الواقع يدين علم الزلازل بالكثير من الفضل لاختراع الاسلحه النوويه!

تستطيع التفجيرات النوويه خلق موجات في الارض وبالتالي فان الدول كانت تستعين بعلماء الزلازل في اختبار هذه الاسلحه.

هناك المزيد من الاشياء التي تستحق الاكتشاف! مثل ما مدي حراره باطن الارض؟

بحسب ليدنكا فوكادلو من جامعه لندن: “تبين انه من الصعب تخمين ذلك حتي يومنا هذا، لانه ليس باستطاعتنا وضع ميزان حراره هناك. والطريقه الوحيده لمعرفه ذلك هي خلق ظروف مشابهه في المختبر”.

في عام 2013 قام فريق باحثين فرنسيين بوضع افضل فرضيه الي الان وذلك باخضاع الحديد النقي لضغوطات تزيد عن نصف تلك الموجوده في باطن الارض. في النهايه توصلوا الي ان درجه الحراره التي يذوب عندها الحديد في باطن الارض هي 6.230 سْ، ولكن وجود معادن اخري يؤدي الي انصهاره عند درجه حراره اقل حوالي 6.000 سْ اي ما يعادل درجه حراره سطح الشمس.

الامر يشبه قشره البطاطا التي تبقي عليها دافئه من الداخل. تصميم الكوكب يمكنه من الاحتفاظ بالحراره لذلك يبقي باطن الارض ساخنا.

كما انه يستمد الحراره بفعل احتكاك المواد ذات الكثافه العاليه كما يستمدها من المواد المشعه. ومع ذلك فان حراره الارض تبرد بمعدل 100 س كل بليون عام.

ان معرفه درجه حراره باطن الارض امر مفيد، لان حرارته تؤثر علي السرعه التي تنتقل بها الموجات عبر باطن الارض.

ان “امواج-P” تنتقل ببطء غير متوقع وذلك حين تعبر الطبقه الداخليه لباطن الارض ابطا مما لو كان مكونًا من الحديد النقي فحسب.

“ان سرعه تلك الموجات ابطا وبشكل ملحوظ من اي شيء تم قياسه في التجارب او حسابات الكومبيوتر ولا احد يعرف السبب”.

مما قاد الباحثين للاعتقاد بوجود ماده اخري في الخليط من المحتمل ان تكون النيكل، ولكن فرضيات العلماء لم تتطابق تماما مع النتائج.

فوكادلو وزملاؤها يبحثون في امكانيه وجود بعض العناصر الاخري مثل الكبريت او السيلكون، ولكن حتي الان لا توجد فرضيه مقبوله.

تقوم فوكادلو حاليا بمحاوله صياغه فرضيات حول المعادن المكونه لباطن الارض باستخدام الحاسوب وتامل ان تجد تطابقًا. وتعتقد بان السر يمكن ان يكون في درجه انصهار عناصر باطن الارض ونتيجه ذلك سوف تختلف كميتها عما اذا كانت في حاله صلبه. مما يفسر سبب بطء حركه الامواج.

اذا كان فعلا هذا هو السبب الحقيقي، فاننا سوف نتمكن من المواءمه بين النتائج الفيزيائيه للعناصر من نتائج علم الزلازل. ولكن البشر لم يتمكنوا من ذلك بعد.

أهم أخبار تكنولوجيا

Comments

عاجل