المحتوى الرئيسى

جدل حول عودة ممارسة "التعذيب" في تونس

08/26 10:07

يبدو ان مسلسل اعاده توقيف افراد ما سُميت بـ”خليه القيروان”، من قبل اجهزه الامن التونسيه، الشهر الجاري، بعد ساعات من اطلاق سراحهم، ما زال يثير جدلاً في الشارع التونسي، خاصه بعد تسريبات قيل انها لتقرير طبي يُظهر تعرض افراد الخليه لـ”التعذيب”، وهو الامر الذي مازالت الجهات الرسميه تحقق في مزاعمه.

وكانت الداخليه التونسيه، اعلنت اواخر الشهر الماضي، عن تفكيك “خليه ارهابيه” من 7 اشخاص، قالت انهم “كانوا يخططون لاستهداف منشات حيويه بالجهه، كما ان بعضهم كانوا مرتبطين بصفه مباشره باحد منفذي العملية الارهابية التي وقعت بالمتحف الوطني في مدينه باردو (في مارس/اذار الماضي).

وفي الرابع من الشهر الجاري، احيل هؤلاء الي قاضي التحقيق بمحكمه تونس الابتدائيه، ولدي خروجهم من المحكمه اوقفتهم قوات الامن مجدداً، قبل ان يُطلق سراحهم في الـ10 من الشهر نفسه.

اعاده توقيف الـ7، امر وصفه محاموهم بعمليه “اختطاف”، وهو ما نفاه وزير الداخليه التونسي، ناجم الغرسلي، في مؤتمر صحفي، قائلاً ان اعاده ايقافهم “تم مجددًا بعد توفر معلومات جديده متعلقه في القضيه لدي النيابه العموميه”.

واعلن الغرسلي انذاك، انه “تم الاتفاق مع محامي المتهمين، بتكليف لجنه برلمانيه، وانتظار تقرير النيابه العموميه، للتحقق من المزاعم التي تناولت تعرضهم لتعذيب”.

وبانتقال الموضوع الي قبه البرلمان، اثار تجاذبات بين نوابه، حيث قالت رئيسه اللجنه المكلفه بتقصي الحقائق حول شبهات “تعذيب موقوفي خليه القيروان”، النائبه عن نداء تونس، بشري الحاج حميده، في تصريح للاناضول ان اللجنه سيكون دورها “رقابي للتصدي للتجاوزات”.

ونفت ما نُسب اليها من تصريحات بشان اتهام محامين وحقوقيين وقضاه بـ”تبييض الارهاب”، معتبره ان الهجمه علي الحقوقيين “تمس دوله القانون والمؤسسات”، مشيره الي ان “تونس قطعت اشواطاً في مكافحه التعذيب من خلال ارساء قضاء مستقل”.

اما النائبه ساميه عبو (حزب التيار الديمقراطي، وسطي) وهي من بين البرلمانيين الذين زاروا الموقوفين بعد اطلاق سراحهم، فقالت ان “ادله التعذيب موجوده”.

واضافت عبو في حديثها مع الاناضول “عندما نجد وزير الداخليه الذي عاين اثار التعذيب لدي الموقوفين، ثم يخرج في ندوه صحفيه يقول لا يوجد تعذيب، فان ذلك يصبح سياسه دوله وليس تصرفا فرديا”، معتبره ان “الاخطر من التعذيب هو التستر عليه”.

وتابعت ” احد الموقوفين احرقوه بسيجاره، وهو في حاله اغماء، ما يعني ان الغايه لم تكن الحصول علي اعتراف وانما حاله مرضيّه”.

ورات عبو ان “الانتهاكات داخل السجون ومراكز التوقيف، تزيد من احتمالات تفريخ ارهابيين في المجتمع، اذا لم يحصلوا علي حقوقهم، واهانتهم الدوله وشاركت في تعذيبهم”.

الرابطه التونسيّه للدفاع عن حقوق الانسان (مستقله)، كانت قد حصلت علي موافقه مع الحكومه تسمح لها بزياره السجون ومراكز التوقيف.

نائب رئيس الرابطه، مسعود الرمضاني، قال للاناضول ان “حالات التعذيب موجوده، لكن ليست ممنهجه كما كانت قبل الثوره (14 يناير/كانون الثاني 2011، اطاحت بزين العابدين بن علي)، حيث توجد الان اراده لمواجهتها”.

غير انه اشار الي “تفشي الاهمال الصحي، والاكتظاظ في السجون”.

وخلافاً لموقف الرمضاني الذي قال ان حالات التعذيب ليست ممنهجه كما في السابق، وان هناك اراده لدي السلطات حالياً لمواجهتها، رات ايمان الطريقي، رئيسه منظمه “حرّيه وانصاف” (خاصه) ان التعذيب “لم يتوقف، وانما اشتد واصبح سياسه دوله”.

وعبّرت الطريقي في حديثها مع الاناضول عن احباطها من ما اسمته “تقصير نواب البرلمان تجاه القضايا الحقوقيه”، وقالت: “نحن في حاله احتضار حقوقي”.

وتمنع القوانين التونسيه (الفصل 101 مكرر من المجله الجزائيّه) التعذيب، وتعاقب من يمارسه او يتستر عليه، كما انها تُقر بان التعذيب “جريمه انسانيه لا تسقط بالتقادم”، لكن هذه القوانين بقيت “حبراً علي ورق” بحسب الطريقي.

الاناضول حاولت الوصول الي المُفرج عنهم، للوقوف علي ما يُثار من مزاعم في الشارع التونسي، من تعرضهم لـ”التعذيب”، وفي ظل غياب الادله، جاءت الروايه علي لسان اصحابها.

في مدينه السبيخه بمحافظه القيروان (وسط)، التقت الاناضول احد هؤلاء، وهو وسام العرفاوي (شاب ثلاثيني)، الذي كشف عن اثار ظهرت علي يديه وساقيه وقفصه الصدري، قال انها “ناجمه عن التعذيب”.

العرفاوي روي انه “تعرض منذ دخوله قسم الابحاث، للضرب، والتعليق، والجلد، والكي باعقاب السجائر، ووضع راسه في الماء، والتّهديد بالاغتصاب، والقتل بسلاح ناري اثناء التحقيق”.

وسام يقول انه اعترف بكل ما طُلب منه، وانه لم يصمد طويلاً في الانكار الذي اعتقد انه سينقذه، قبل ان يتراجع عنه.

فيصل الهمادي، حاصل علي درجه الماجستير في العلوم الشرعيه من احدي الجامعات السعوديه، يقول “وُجهت لي تهمه التحريض علي القتال في سوريا”.

الهمادي لم يتعرض للتعذيب، لكنه اشار الي انه “شاهد وسمع عمليات تعذيب لاخرين بينهم وسام العرفاوي”.

الموقع الاعلامي التونسي علي الانترنت “حقائق اون لاين” (خاص) نشر مؤخراً، ما قال انها تسريبات لتقرير الطب الشرعي، زوده بها احد محامي المتهمين، سمير بن عمر.

وقال الموقع “بحسب ما ورد في التقرير الذي خصّنا بنسخه منه المحامي سمير بن عمر، فان كافه الاعترافات الصادره عن المظنون فيه بخصوص اماكن ونوعيه الاصابات متطابقه مع الاثار الموجوده علي اجسادهم”.

كما تضمن التقرير-علي ذمه الموقع نفسه- “ضروره المتابعه النفسيه للمشتبه بهم، بسبب الاضطرابات النفسيه التي خلفتها لهم اصاباتهم”، مشيراً الي ان “المظنون فيه حسّان العيّاشي، يعاني من ارتجاج دماغي حديث، والام علي مستوي اطرافه الاربعه ربما تكون ناتجه عن عمليّه تعليق”.

و”عاين التقرير وجود حُمره دائمه لدي المظنون فيه ادريس العايدي، ناجمه عن انحصار الدم علي مستوي فخذيه يمكن ان تكون ناتجه عن عمليّه تعليق، في حين يعاني وسام العرفاوي من وجود اصابات علي مستوي الركبتين قد تكون ناجمه عن عمليّه تعليق ايضاً”.

واقرّ المجلس التأسيسي التونسي في اكتوبر/ تشرين الاوّل 2013، احداث “الهيئه الوطنيه للوقايه من التعذيب” المعنيه بـ”الوقايه من كافه اشكال التعذيب في السجون التونسيه ومراكز التوقيف”، لكنها لم تر النور بسبب غياب الترشحات لعضويتها، حيث يُفترض ان تكون ممثله من عديد القطاعات.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل