المحتوى الرئيسى

جوني ديب رفض أدواراً صنعت مشاهير

08/26 01:17

لا يُقدّم الكتاب الجديد عن الممثل الاميركي جوني ديب (1963) اضافات تمنح قارئه مزيداً من الاطّلاع علي مخفيّ ما في السيره الحياتيه له، او عبر تحليل يفتح افقاً مختلفاً، او يطرح سؤالاً غير مطروح سابقاً. فأسلوب الكتابة مائلٌ الي مفردات العمل الصحافي الاحترافيّ، مع ان معطيات اساسيه غائبه، كمصادر اقوال ممثلين ومخرجين ومنتجين وكتاب سيناريو يعمل ديب معهم او بادارتهم. فالاقوال تبدو كانها مخصّصه للكتاب، لكن اشارات واضحه تفيد انها مستلّه من صحف او مجلاّت او لقاءات اذاعيه او تلفزيونيه متفرّقه غير محدّده بتواريخ او عناوين. وبالتالي، فان السرد السلس، الشبيه بقراءه قصّه لذيذه وهادئه وجميله، يجمع معلومات ويولّفها في اطار يقترب قليلاً من التشويق البصريّ، لكنه يبقي علي مسافه من البناء المتكامل والمطلوب لنصّ ادبي ـ تحليلي ـ سرديّ متكامل، يمزج مفاصل من الحياه اليوميه للشخصيه المختاره، بمحطّات من سيرته السينمائيه.

يحمل الكتاب عنوانين اثنين: «جوني ديب، متمرّد هوليوود ـ الوجوه المختلفه للسيّد شلينغ»، لواضعه جون غريفن. يتالّف من 8 فصول ومقدّمه. هناك لائحه بافلام حديثه الانتاج لجوني ديب، مُنجزه بين العامين 2007 و2015 فقط. المقدّمه اختزال لمضامين متفرّقه في الكتاب، الحامل ملاحظتين ايجابيتين مهمّتين: اولي معقوده علي تكثيف المعلومات في اطار سرديّ متماسك، ما يمنح المهتمّ خلاصات عديده للحياه الخاصّه بالممثل قبل دخوله عالم التمثيل والفن السابع، مع معطيات متعلّقه بعائلته واصدقائه وزيجاته الخ. من دون تناسي اليات اشتغاله مع مخرجين وممثلين، وكيفيه موافقته/ رفضه المشاركه في هذا المشروع او ذاك (لو ان الكتاب مُحصّن بتحديد علميّ وواضح للمراجع، لقيل انه خلاصه موثّقه تريح المهتمّ من البحث عن مصادر تدعم ما يصبو اليه من قراءه او تحليل). ثانيه مرتبطه باسلوب الكتابه بحدّ ذاته، اذ ان بساطته وسهولته كفيلتان بتحويل النصّ الي حكايه، والحكايه الي نوع من تواصل قد يكون مهمّاً بالنسبه الي من لا يعرفون العوالم المتفرّقه الخاصّه بجوني ديب، لكنه تواصل ممتع لمن يعرف العوالم هذه.

العالم الموسيقيّ اساسيّ في السيره الحياتيه لجوني ديب. علاقته بجدّه مهمّه للغايه، اذ يمضي جزءاً اساسياً من طفولته برفقته: «وفاته امر رهيبٌ جداً بالنسبه اليّ. كنتُ في السابعه من عمري. لكنّي، من ناحيه ما، اؤمن بانه لا يزال قريباً منّي. اؤمن بالاشباح. اتمنّي ان اُصبح واحداً منها، ذات يوم» (ص. 33). والداه يتنقّلان دائماً. لم يشا التمثيلَ مهنهً. اول فيلم يجعله ممثلاً هو «كابوس في شارع اِلم» (1984) لوس كرافن. يريد مالاً كمصروف يومي: «اُشارك في افلام تافهه في بداياتي من دون ان انزعج، لاني لم افكّر في الاستمرار في مهنه التمثيل. احاول الحصول علي بعض المال» (ص. 59). في فترتي المراهقه والشباب، يُشارك في حفلات موسيقيه مع فرق يُشكّلها او ينتسب اليها. التمثيل معينٌ ماليّ له، قبل ان يتحوّل الي عالم متكامل من العطاء والاختبار والمواجهه: «احتاج الي شعورٍ بان القصّه تحفّزني علي العمل، كي اعطي افضل ما فيّ. لن اوافق علي تاديه دور شخصيه مملّه في مقابل شيك بمبلغ كبير» (ص. 103).

يحتوي الكتاب علي تفاصيل مفيده، وان لم تكن جديده كلّياً. تفاصيل عن اشياء ذاتيه وفنيه ومهنيه وثقافيه. يكشف ان للممثل جانباً مرتكزاً علي قراءه ومتابعه، مع ان الممثل يعترف بعدم اطّلاعه علي ما يحدث في عالم الصناعه السينمائيه مثلاً. يمارس مهنه لم يكن يريدها، لكنه يُتقن تحقيق براعه ادائيه في ادوار مختلفه، ان لم تكن متناقضه احياناً. في بداياته، يتخلّي عن ادوار يتلقّفها اخرون فتمنحهم اما شهرهً دوليه، واما مزيداً من الحضور المتين في المشهد السينمائيّ. جون غريفن يُعدّد بعضها في المقدّمه (ص. 7): «سرعه» (1994) ليان دو بونت، الذي يضع كيانو ريفيز في قمّه الشهره. شخصيتان ليستا في «حوار مع مصّاص دماء» (1994) لنل جوردان ودراكولا في «دراكولا برام ستوكر» (1992) لفرنسيس فورد كوبولا، اللتان يستفيد منهما توم كروز وغاري اولدمان. يتخلّي ديب عن «اساطير الخريف» (1994) لادوارد زفايك، وعن دور الـ «جيغولو» في «تيلما ولويز» (1991) لريدلي سكوت، اللذين يمثّلهما براد بيت، ويتنازل عن دوريّ روبن هود في «روبن هود: امير السارقين» (1991) لكيفن رينولدز وشارلي شابلن في «شابلن» (1992) لريتشارد اتنبوروه لمصلحه كيفن كوستنر وروبرت داوني جونيور. ينتبه جوني ديب لاحقاً الي هذا كلّه. يقول انه يرفض ادواراً عديده، لكنه يؤكّد انه نادم علي رفضه هذا (ص. 86).

يختار جون غريفن بعض افلامه ـ المحطات، فيروي تفاصيل متعلّقه ببدايات المشاريع، وبالتواصل بين جوني ديب ومخرجيها مثلاً. بدءاً من وس كرافن، وصولاً الي شخصيه القبطان جاك سبارو في سلسله «قراصنه الكارايبي»، بين العامين 2003 (غور فيربنسكي مخرج الحلقات الثلاث الاولي) و2011 (روب مارشال)، علماً ان الايرادات الدوليه للافلام الاربعه هذه تساوي 3 مليارات و729 مليوناً و577 الفاً و967 دولاراً اميركياً، في مقابل ميزانيات تبلغ 915 مليون دولار اميركي. اما الحلقه الخامسه، فيتوقّع اطلاق عروضها التجاريه في العام 2017، ويُخرجها يواكيم رونينغ واسبان ساندبيرغ. هناك ايضاً تعاونه مع تيم بورتون في اكثر من فيلم، ومع اوليفر ستون وفرنسيس فورد كوبولا ورومان بولانسكي وغيرهم.

التنويع قليل، لكنه مرويّ بلغه سلسه، ومُوَلّف بطريقه متماسكه. حكايه جوني ديب، المكتوبه في مؤلّفات عديده سابقه، لا تزال قابله للسرد. انه احد ابرز ممثلي جيله، واقدرهم علي الجمع بين براعه الاداء والانتاجات الضخمه.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل