المحتوى الرئيسى

تعس عبد المنصب

08/25 22:50

يري الانسان عجباً حين يري اناساً يتنافسون من اجل زخرف زائل وتكاثر تافه علي حطام مؤقت.من ضمن الاهداف الكبري لعلم النفس السياسي دراسه الدوافع التي تجعل بعضاً من البشر لديهم نهم غير طبيعي للسلطه واستعداد لتخطي كل ما هو اخلاقي حتي يصلوا اليها او الا يتركوها؛ فقد عرفنا من يتامرون ويقتلون ويعدلون الدساتير ويزورون الانتخابات ويتحالفون مع الاعداء، كي يصلوا الي مناصبهم او يحتفظوا بها.وتاريخ هذه المنطقه من العالم مليء باولئك الذين خانوا وباعوا واساءوا لاوطانهم من اجل مصالح شخصيه.وفي ضوء ما حدث ويحدث في منطقتنا العربيه من مجتمعات تتمزق وتتخلف، وسياسيين لا يعترفون باخطائهم، نكون احوج ما نكون لطرح هذه القضيه، لاسيما مع حقيقه اننا اول مصريين، احياء او امواتاً، ننتخب رئيسنا دون وصايه داخليه او خارجيه من جهه تدعي الوصايه علينا.والقصه ليست جديده؛ فالخائنان «شاور» و«ضرغام» كانا يتنافسان علي منصب الوزاره في اخر عهد الخليفه العاضد الفاطمي، فاستعانا بالفرنجه في مرحلتين مختلفتين ضد بعضهما البعض ثم ضد جيش الملك نورالدين محمود، لكنهما في النهايه هُزما وحكم مصر صلاح الدين الايوبي.«الشخصيه النهمه في البحث عن السلطه» هي شخصيه كان لديها في الاصل تقدير متواضع للذات (low self-esteem) (وهذا ليس مساوياً لضعف الشخصيه او عدم الثبات الانفعالي في اوقات الازمات). وعاده ما يكون تواضع تقدير الذات راجعاً لعوامل اجتماعيه مثل ان اصحابها جاءوا من خلفيات لا يفخرون بها او تعرضوا لهزات نفسيه اثناء صغرهم (في شكل اهانات مثلاً). وهنا يتحول هؤلاء الي حاله هائجه من البحث عن السلطه في المجالين العام والخاص.وتتيح لهم بعض مؤسسات هرميه السلطه (حيث يكون مبدا الطاعه سائداً) هذه الفرصه. ومع الترقي فيها، تبدا الذات الجريحه في التضخم، ومع وصولهم الي مناصب اعلي يضيقون بالراي المعارض او باي شخص يُذكرهم بمثالبهم او يختلف معهم في الراي. ومن هنا يخلقون حقيقه متوهَّمه (imagined reality)، ويرفضون اي شخص يمكن ان ينال من الصوره الذهنيه الوهميه التي يعيشون فيها؛ فلا يقترب منهم الا من يُسبِّح بحمدهم ويُذكرهم بانجازاتهم، وبالتالي لا يقراون الصحف المعارضه او المستقله (ان سمحوا بوجودها مضطرين)، ولا يستقبلون رموزها. واي اخفاق هو نتيجه مؤامره ما داخليه او خارجيه لانهم مستهدفون. تضيع الاوطان وتتمزق، يموت الناس ويتضورون جوعاً، يَستخِفّون بعقول الاخرين او يتهمونهم بالجهل، يعدلون الدساتير او يلغونها؛ المهم ان يظلوا في السلطه مهما كانت التكلفه. تُدرِّب الديمقراطيه السياسيين علي تقبل الهزيمه والاحتكام للناخبين، اما التسلطيون فيتصورون ان الهزيمه تعني الفشل الشخصي والعار الاجتماعي والانتحار السياسي.لذا من المستحيل ان تكون هناك قيادات ناجحه بدون توازن نفسي وعقول خاليه من الامراض والاحقاد، ومن المستحيل ان تكون هناك ديمقراطيه بدون ديمقراطيين.قال رسول الله (صلي الله عليه وسلم): «تعس عبدُ الدينار، تعس عبدُ الدرهم».اللهم ارنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وارنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه.قولوا امين، واشربوا ميه كتيير.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل