المحتوى الرئيسى

بالفيديو.. «هاني المصري» يحكي كيف عمل مع «صهاينة» للدفاع عن مصر

08/25 22:02

في هدوء شديد، كحياته التي اختار ان يعيشها ويحقق فيها انجازات كبيره، لم يعرفها الا قليلون، توفي الفنان التشكيلي المصري هاني المصري، الاثنين، بعد ان ادي رسالته تجاه وطنه علي طريقته الخاصه.

«المصري»، الذي حصد شهر كبيره بعد وفاته، بسبب اعماله التي لم يكن يسمع عنها كثيرين حتي صباح الاثنين. ورغم ان ما عرف عنه ليس بسيطا، فهو اول مصري يعمل في اكبر شركات الرسوم المتحركه في العالم والت ديزني، وشارك في انتاج اول افلام الشركه الامريكيه Dream works «امير مصر Prince of Egypt»، الا ان ذلك ليس كل شيء عنه.

في مايو من العام الماضي، كان الراحل احد ضيوف فعاليات «TEDx Talks»، لخص في اقل من نصف ساعه رحله عشرات السنوات من حياته من القاهره الي هوليوود.

«المصري» ليس اسم عائلة الفنان الراحل، ولكنه اللقب الذي لعب دورا كبير في حياته حتي اصبح معروفا به في اي مكان.

يحكي «هاني»، في فعاليه «تيدكس» مايو 2014، عن بداياته مع الفن، قائلا: "وانا صغير، الحاجه اللي كانت بتخليني متهني في حياتي هي اني اقعد ارسم، وفهمت من بدري اوي اني هبقي فنان، وابتديت اركز علي كل الحاجات اللي ممكن تخليني ابقي فنان جيد"، ولكن العائق امام «المصري»، الذي ولد عام 1951، هو المجتمع المصري في فتره الستينات الذي لم يكن ليقبل الفن سوي كهوايه وليست مهنه، حسب قوله.

من هنا بدات الصراعات بين الفنان واسرته، فكان بالنسبه لهم "بعمل حاجات غريبه وخارجه عن المالوف والنظام"، ومن ضمن المواقف التي انتهت بـ"بعلقه"، علي حد قوله، هي: "زوغت من المدرسه عشان اتفرج علي فيلم Jungle Book، وده كان اخر فيلم اتعمل قبل وفاه والت ديزني وصدر بعد وفاته"، مشيرا الي انه كان طالبا في مدرسه «الجيزويت»، حيث الصرامه الشديده، ما اضطره الي وضع خطه محكمه حتي يستطيع "التزويغ".

يقول هاني المصري: "قلت لهم ان حشو ضرسي وقع عشان يسيبوني اروح، فوصلت الي سينما مترو الساعه 10 و10 دقائق صباحا، وشاهدت العرض الذي بدا في العاشره والربع، وبعده بقيت اخرج من السينما اشتري تذكره وادخل العرض اللي بعده، فشاهدت الفيلم 5 مرات وحفظته صم في عروض 10 صباحا ثم 1 ظهرا ثم الثالثه عصرا ثم السادسه ثم التاسعه مساء"، عاد بعد ذلك الي منزله في الواحده والربع صباحا وتلقي "العلقه" من والده.

ازمه اخري وقعت بين الطالب هاني واسرته عندما قرر ان يترك كليته «الهندسه» ويحول الي كليه «الفنون الجميلة»، ضد رغبه عائلته. "عندما ذهبت للتحويل ماكنتش عامل امتحان القدرات وقت امتحانات التوجيهيه (الثانويه العامه)، فطلبت ان اؤديه مع الطلبه الوافدين، ولم يكن ذلك متاحا، واستمرت محاولاتي لمده 7 او 8 اشهر بسبب البيروقراطيه المصريه، لدرجه انني اقتحمت مكتب وزير التعليم العالي 4 مرات، فالراجل من زهقه كتب لي قرار وزاري وانا واقف عشان يخلص من زني"، بحسب روايته.

خلال سنوات الكليه، سافر هاني المصري عده مرات الي باريس للتدريب في احد مكاتب هندسه الديكور. يقول الفنان الراحل: "خلال تلك الفتره تعلمت حاجات كتير اهمها يعني ايه الواحد يعيش في بلد الناس مختلفه عنه في لغتهم وعاداتهم وتقاليدهم وقيمهم، فبقيت المصري لاول مره في حياتي".

قرار خروج هاني من مصر وعمله في الخارج كان عام 1986، بعد العديد من المواقف والاحداث التي اضطرته الي اتخاذ هذا القرار، هذه الاحداث هي "حرق النسخ الشعبيه من كتب الف ليله وليله في ميدان الحسين، وفاه الثلاثه الشاعر صلاح جاهين، المخرج شادي عبد السلام والكاتب يوسف ادريس"، الذي كان يعتبرهم معلميه. "حسيت بعد كل هذه الاحداث اني بفقد توازني تماما، وكنت محتاج اتعلم اكثر، فقررت اني اروح اشتغل واتعلم بره فخدت مراتي وابني، كان عنده 3 سنين وقتها، وسافرت امريكا بتاشيره سياحيه ثم كسرتها وبقيت هناك".

عام 1991، الوقت الذي كان يعمل هاني المصري في شركه «Walt disney imagineering»، كان مشاركا في تصميم مدينه داخل «ديزني لاند» اسمها «Toon town»، "وهي المدينه التي كان يعيش فيها ميكي ماوس واصدقائه".

خلال ايام العمل علي هذه المدينه، كان هناك اجتماع يجمع بين العاملين علي هذا المشروع وبين المصممين الاربعه الاساسيين وبين المدير الفني، لوضع الخطوط الرئيسيه لهذه المدينه الصغيره. "كان علي عاتقي مسؤوليه انشاء بيت شخصيه «ميني» وبيت شخصيه «جوفي»، ولانني الوحيد في الاجتماع الذي كان عنده خلفيه معماريه، فخطر علي بالي ان Toon town كاي مدينه اخري لازم يكون ليها ستايل او طابع وطراز معماري"، علي حد قوله، مضيفا: "سالت المدير الفني علي رايه في الطراز المعماري الذي يمكن ان نستعمله ويلتزم به الجميع، واعطيته امثله للطروز المعماريه في امريكا في المناطق المختلفه".

لكن رد المدير الفني، الذي كان قادما من قطاع الرسوم المتحركه ومعلوماته المعماريه ضعيفه جدا، كان صادما للمصري، فهاجمه قائلا: "انت ايه عرفك بالحاجات دي؟ انت حتي مش من البلد دي"، في هذه اللحظه جال بخاطر الفنان الراحل الرحله الطويله من القاهره حتي وصل الي والت ديزني، فرد عليه "اسمع.. عشان اكون من القاهره واقعد معاك علي الترابيزه دي، اضطريت ان ادرس 7000 سنه من الطرز المعماريه من الحضارات المختلفه التي عدت علي بلدي، والطرز المعماريه بتاعت كل الدول اللي احتلت بلدي من ساعتها للنهارده، واؤكد لك ان الـ250 سنه بتوع امريكا يتدرسوا بعد ضهريه مع الشاي والكوكيز".

من هذه اللحظه، بدات نظره المحيطين بهاني تجاهه تختلف، "وابتدي يتبص لي علي اني مش من العالم التالت، انما من مصر وده يفرق جامد".

وفي عام 1995، قرر كل من ستيفن سبيلبرج، جيفري كاتزنبرج، الذي كان يعمل في والت ديزني، وديفيد جيفن، تاسيس الاستديو العالمي «دريم ووركس Dream works»، وكان اول اعمالهم هي فيلم الرسوم المتحركه «Prince of Egypt». يقول «المصري»: «طبعا الثلاثه يهود، وذلك كان طبيعي في هوليوود وامريكا، ولكن الازمه كانت في كونهم صهاينه»، خطر علي باله سؤالين هما «كيف يتم انتاج فيلم مصري دون ان يشارك فيه؟ وكيف ساتعامل مع اشخاص اعرف جيدا ميولهم السياسيه؟».

بعد تفكير وقلق كثير، قرر المشاركه في صناعه هذا الفيلم للدفاع عن مصر، فترك «والت ديزني» وتواصل مع طاقم انتاج الفيلم الجديد، وتم تحديد موعد المقابله.

في اجتماع جمع بينه وبين المنتجه «اندي رابينز» والمديره الفنيه «كاثي التييري»، اعجبت السيدتين باعماله ولكن قالوا له ان المناصب الكبيره كلها في الفيلم «شغلت»، فلجا المصري الي حيله ذكيه، وسالهم «انتوا تعرفوا بالته الكاتب المصري شكلها ايه؟ قالوا لا»، فسالهم ثانيه: «طب تعرفوا اسلحه الجيش المصري؟ اواني الطبخ عند المصريين؟ موبيليا القصر الملكي؟ قوانين رسم الجداريات علي المعابد؟»، وكان الرد علي كل الاسئله «لا».

«هنا حسيت ان السناره غمزت، فقلت لهم وانا بلم حاجتي، ساخرا، عايزين تعملوا الفيلم من غيري؟! Good Luck»، فردت ساندي «طب تقدر تبتدي معانا من امتي؟» بعد حوالي شهر من العمل في الفيلم، ظهرت مقوله جديده في الاستوديو، وهي «كل الناس شغاله علي Prince وهاني شغال علي Egypt، فبقيت المصري اكتر واكتر».

يحكي المصري عن احد ايام العمل في الفيلم، كان مؤسس الشركه «ستيفن سبيلبرج» سيحضر للاطمئنان علي سير العمل، فتم تجهيز عرض عن طبيعه العمل لتقديمه امامه، «ولان شغلي كان كتير اوي، فطلبوا مني اني اقدمه بنفسي، ولو قلت ماكنتش مرعوب ابقي بهرج.. بعد بدء تقديم العرض اصبحت اري علي وجه ستيفن سبيلبرج ابتسامه كالتي تظهر علي وجه اي سائح في المتحف المصري، ونفس الاحترام للحضاره التي علمت الناس ازاي يبقوا بني ادمين، فكملت بثقه اكتر».

وبعد انتهاء العرض دار حوار بين سبيلبرج وهاني:

سبيلبرج: ايه عرفك ان كل الكلام ده حقيقي ومطابق للتاريخ؟

سبيلبرج: انا عارف بس الكلام ده من 4 الاف سنه

هنا توجه هاني الي لوحه كانت موجوده بجوار الحائط تحمل صوره تمثال «شيخ البلد»، وكان مجهزا بجانبها نفس الصوره ولكن مضاف عليها ذقن ونظاره، حتي اصبحت كانها صوره له، ثم قال لـ«سبيلبرج»: "مانا كنت هناك برده".

فاقترب «سبيلبرج» من «المصري» وامسك بذراعه وقال ضاحكا: "انا عمري ما شفت مومياء محفوظه بالجوده دي".

يستطرد هاني حكاياته في سنوات عمله في امريكا قائلا: "كان يُطلب مني كثيرا في والت ديزني ودريم ووركس ان اعمل علي الحاجات المصريه القديمه، وانا كنت غاوي الحاجات دي بس من علي الوش، ولكن لما لقيت نفسي في موقع السفاره، كسفير للفن المصري القديم في هوليوود، اضطريت اضرب غطس جامد في تاريخ البلد عشان ابقي عارف كل حاجه وماتحطش في مواقف بايخه".

بدا الفنان الراحل التعمق في تاريخ مصر، ومع الدراسه، وقع في غرام الاسره 18، التي وصفها بانها "من الاسرات الثقيله اوي، وكان شغلها جميل جدا وفراعنه كتير من الفراعنه التقال كانوا فيها"، ولكن لفت نظر الراحل امرا هاما، وهو ان من يدرس الفن يعرف جيدا انه ياتي تدريجيا وليس فجاه او من فراغ، اي من خلال اسكتشات وافكار وغيرها.

"فحبيت اشوف الاسكتشات اللي وصلتنا للشغل الرهيب ده في الاسره 18، فبدات البحث عن اعمال الاسره 15 و16 و17 ولكن لم اجد لهم اي اثر"، مع دراسه اكثر عرف هاني المصري ان انهيار كبير تعرضت له مصر بعد الاسره الثانيه عشر، فجات بعدها اسرتين 13 و14 شديدي الضعف، ثم احتل الهكسوس البلاد وازاحوا المصريين نحو جنوب الوادي، وكونوا هناك الاسرات من 15 الي 17 واستمر ذلك منذ عام 1700 قبل الميلاد وحتي عام 1500 قبل الميلاد، اي 200 عاما.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل