بعد اليأس من أمريكا.. الكرملين قبلة العرب

رغم الاختلاف الجم في الرؤي والتوجهات السياسيه في العديد من القضايا الاقليميه الهامه، اتجهت العلاقات العربيه – الروسيه الي التقارب في الفتره الاخيره.

فروسيا والتي تلعب دورا مناهضا للتحرك العربي في القضيه السوريه واليمنيه والعراقيه، وتدير التحرك الايراني في المنطقه، استطاعت جذب زعماء العرب الي احضانها.

فمن السعوديه الي مصر والامارات والاردن تتوالي الزيارات العربيه لموسكو، بحثا عن صفقات عسكريه واقتصاديه بالاضافه الي تفهمات سياسيه للقضايا الاقليميه المشتعله، في خطوه يراها المراقبون بـ "تغيير القبله" الي روسيا بعد ان الياس من الولايات المتحده الامريكيه.

محمد محسن ابو النور الباحث المتخصص في الشؤون الدوليه قال ان زياره الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، وولي عهد الامارات الشيخ محمد بن زايد، والعاهل الاردني عبد الله الثاني لروسيا تؤكد التوجه العربي تجاه موسكو.

واضاف لـ "مصر العربية" ان العرب الان ادركوا ان الاستراتيجيه الامريكيه تجاه ترتيبات الامن في اقليم الشرق الاوسط تغيرت ولذلك راوا انه من الضروري اللجوء الي القوي العالميه الاخري وعلي راسها دول مجموعه البريكس وفي القلب منها روسيا الاتحاديه صاحبه اكبر قدرات عسكريه في المجموعه.

وعن التقارب رغم اختلاف الرؤي في القضايا الاقليميه قال: "علي العكس يبدو الان ان هناك اتساقا في المواقف تجاه العراق علي وجه التحديد خاصه فيما يتعلق بجدوي حرب التحالف الدولي ضد تنظيم الدوله وقد ظهر للعرب المشاركين في التحالف عدم جدوي هذه الطلعات الجويه المكلفه والتي ادت الي واحده من ابشع الجرائم في تاريخ الانسانيه اثر احراق الطيار الاردني معاذ الكساسبه"

وفيما يخص اسباب التوجه الي روسيا قال ان امريكا اصبحت غير مهتمه بالمنطقه كما سبق وبدا انهم جادين في التوجه نحو اقليم جنوب شرقي اسيا ونقل ساحه الصراع من الشرق الاوسط الي اقليم دول مجموعه الاسيان، ولذلك فان الموقف الراهن يستعدي تحالف دوليا علي نمط مغاير وهو التحالف مع موسكو.

ومن جانبه، قال الدكتور سعيد اللاوندي خبير العلاقات الدولية بمركز الأهرام للدراسات السياسيه والاستراتيجيه، ان شعور العرب بالملل من الولايات المتحده الامريكيه بعد فشلها لسنوات طويله من حل القضايا العربيه علي راسها القضيه الفلسطينيه دفع زعماء العرب الي التوجه الي روسيا باعتبارها "قبله" جديده.

واضاف لـ "مصر العربيه" ان الرئيس السيسي هو اول من توجه لموسكو، ومن ثم اتخذت الدول العربية من بعده نفس الخطوه، فالسعوديه بدات الان في التوجه الي روسيا، لامتلاكها الحل في العديد من الازمات الاقليميه التي تلعب فيها الرياض دورا، وعقدت العديد من الصفقات العسكريه والاقتصاديه، وكذا بالنسبه للامارات والاردن وغيرها من الدول العربيه.

واكد خبير العلاقات الدوليه ان روسيا اصبحت بديلا للولايات المتحده الامريكيه بالنسبه للعرب، وذلك علي الرغم من عدم تمتعها بالقوه ذاتها، الا انها تملك الحل في الكثير من القضايا الاقليميه علي راسها سوريا والعراق واليمن.

منذ مطلع العام الجاري، اخذت روسيا، تحت وطاه العقوبات الغربيه التي فرضت عليها بسبب موقفها في اوكرانيا وضمّها لجزيره القرم، وبتاثير سياسه العقاب التي اتبعتها السعوديه ضدها من خلال خفض اسعار النفط بفعل زياده العرض، بالتقارب الي الدول الخليجيه لاسيما المملكة العربية السعودية.

وبدا التقرب الروسي عبر امتناعها عن استخدام حق النقض "الفيتو" ضد قرار مجلس الامن رقم 2216 الخاص باليمن في ابريل 2015، لحظر السلاح علي جماعه الحوثي حليف ايران، ومنح الشرعيه للتدخل العسكري الذي تقوده الرياض في اليمن.

واسفرت الخطوه الروسيه عن تطور كبير في العلاقات الثنائيه بلغ حد توقيع اتفاقيه تقوم روسيا بموجبها ببناء 16 محطه للطاقه النوويه في السعوديه، خلال زياره قام بها وزير الدفاع السعودي محمد بن سلمان، الي روسيا اواخر يونيو الماضي، التقي خلالها الرئيس بوتين.

كما قام وزير الخارجيه السعودي عادل الجبير بزياره موسكو في الثاني عشر من اغسطس الجاري، وذلك استكمالًا لمحادثاته التي بداها مع لافروف في الاجتماع الثلاثي الذي جمعهما في الدوحه بوزير الخارجيه الاميركيه مطلع الشهر.

ويؤدي الرئيس عبد الفتاح السيسي وولي عهد ابوظبي الشيخ محمد بن زايد ال نهيان وعاهل الاردن الملك عبد الله الثاني زيارات الي موسكو، من المقرر ان يعقدوا خلالها لقاءات ثنائيه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

ووصل صباح اليوم، الرئيس عبد الفتاح السيسي الي العاصمه الروسيه موسكو، في زياره تبدا اليوم وتستمر لثلاثه ايام يلتقي خلالها نظيره الروسي فلاديمير بوتين ويعقبه عدد من اللقاءات.

وقال بيان لرئاسه الجمهوريه، ان الرئيس السيسي سيقوم -عقب وصوله الي موسكو- بزياره الي البرلمان الروسي "الدوما"، ليعقد لقاء ثنائياً مع رئيس البرلمان سيرجيه نارشكين، يعقبه اجتماعٌ موسع بحضور وفدي البلدين.

واضاف البيان ان السيسي سيلتقي اليوم ايضا بكل من وزير الصناعه والتجاره الروسي دينيس مانتوروف، ورئيس صندوق الاستثمار الروسي المباشر كيريل ديمترييف، لبحث سبل تعزيز العلاقات التجاريه والاقتصاديه بين البلدين، وكذا زياده الاستثمارات الروسيه في مصر.

وفي اليوم الثاني لزيارته لروسيا، يعقد السيسي لقاء مع الرئيس الروسي ويعقبه غداء عمل موسع بحضور وفدي البلدين يقيمه الرئيس الروسي تكريمًا للرئيس السيسي بمقر الكرملين، بُغيه التباحث في سبل تعزيز العلاقات الثنائيه بين البلدين، والقضايا الدوليه ذات الاهتمام المشتركه، وكذا دعم التعاون بين مصر وروسيا في الاطر والمنظمات الدوليه متعدده الاطراف، فضلاً عن العمل علي تعزيز العلاقات الاقتصاديه بين البلدين.

وبحسب البيان، سيعقد الرئيسان مؤتمرا صحفيا مشتركا يستعرضان فيه نتائج المباحثات الثنائيه واهم الموضوعات التي تم تناولها. ويختتم الرئيس السيسي زيارته لموسكو بعد غد الخميس عائدا الي القاهره.

وشهدت العلاقات المصرية الروسية تحسنا كبيرا منذ بدايه العام الماضي. وزار الرئيس عبد الفتاح السيسي روسيا مرتين الاولي قبل ترشحه للرئاسه والثانيه في مايو الماضي لحضور احتفالات روسيا باعياد النصر.

وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قام -في اوائل فبراير الماضي- باول زياره لمصر منذ 10 سنوات، واتفق مع السيسي علي تعزيز جهودهما لمحاربه الارهاب، كما وقع الجانبان ثلاث اتفاقيات اقتصاديه، من بينها اتفاق انشاء محطه الضبعه للطاقه النوويه.

ومن جانبها قالت وكاله الانباء الاماراتيه الرسميه ان الشيخ محمد بن زايد وصل الي موسكو مساء الاثنين في زياره عمل لحضور افتتاح فعاليات معرض "ماكس" الدولي للطيران والفضاء 2015 الذي يقام في موسكو في الفتره من 25 الي 30 اغسطس.

واشارت الي ان الشيخ محمد بن زايد سيبحث مع الرئيس الروسي خلال الزياره علاقات التعاون والصداقه بين البلدين وعددا من القضايا والتطورات الاقليميه هذا اضافه الي الملفات الاقتصاديه الحيويه، والتعاون الثنائي بين روسيا والامارات، وخاصه في مجالي الاستثمارات والطاقه.

ووفقا للكرملين، فسوف يتطرق اللقاء الي التعاون الثنائي في مجال الطاقه حيث تنسق موسكو وابوظبي عملهما بصوره وثيقه في اطار منتدي الدول المصدره للغاز، اضافه الي الامال المعقوده علي نتائج عمل مشاريع شركتي "روس نفط" و"كريسنت بتروليوم" لتطوير حقل نفطي في اماره الشارقه.