المحتوى الرئيسى

مـوت السينما: (الجزء الثاني)

08/23 17:04

Black Narcissus, dir: Michael Powell, Emeric Pressburger (1947)

اشكاليات تعريف السينما الرقميه و العصر الرقمي:

من الصعب تحديد وفهم معني "العصر الرقمي" في السينما بما ان المصطلح له دلالات متعدده ومتشعبه تدخل في تكوين كثير من شؤون الحياه مع الثورة الرقمية الحاصله، ولا شك بان التقنيه الرقميه احدثت تطورات كبيره في وسائل مختلفه مثل اساليب التواصل والاتصال الاجتماعيه والتقنيات التعليميه/الدراسيه الالكترونيه والتقنيات الطبيه والصحف والمجالات والكتب الالكترونيه وغيرها من الوسائل التي تشترك في كونها الكترونيه رقميه والتي تحصر سمات هذا العصر الرقمي الجديد، فالعصر الحجري له سماته وهذا العصر ايضًا له سماته التي تُشكله.

لتسليط الضوء علي قضيه السينما يجب علينا اولاً فهم المقصود بمعني "السينما الرقميه" وهي جزء من المصطلح الوسيع "العصر الرقمي"، وفي ذلك نقتبس تعريف تشارلز شوارتز عن السينما الرقميه في كتابه (فهم السينما الرقميه) بقوله : "عندما نصف الفيلم السينمائي بالسينما الرقميه نقصد التعبئه والتغليف والتوزيع الإلكتروني الرقمي، وعرض الصور المتحركه بشكل الكتروني رقمي، مع التنبيه التام بان مصطلح السينما الرقميه لايخوض باي شكل من الاشكال في كيفيه نشاه الفيلم وكيفيه تصويره او انتاجه اوكيفيه الانتهاء منه."(ص.11)

وهنا يشير شوارتز الي انَ مصطلح "السينما الرقميه" يصف الفيلم بشكله الرقمي دون النظر الي عناصر انتاج الفيلم وطريقه تصويره، بالتالي عندما نقول السينما الرقميه نصف الكيفيه الشكليه للفيلم بصيغته الالكترونيه (علي سي دي او ديفيدي او شاشه الجوال او اونلاين) حتي وان كان الفيلم مصنوعًا بالطريقه التقليديه باستخدام الكادر-شريط-الفيلم-السينمائي بصيغه 35 ملم و لكن بسبب عرضه من خلال قرص رقمي او مشاهدته بطريقه رقميه الكترونيه فانه يدخل تحت تصنيف "السينما الرقميه" ويصبح فيلمًا رقميًّا، ويختتم تشارلز شوارتز كتابه بخلاصه مهمه حول تاثيير التقنيه الرقميه علي الصناعه ويقول: "لها فائده في استعاده الافلام القديمه واعاده تحريرها بصيغ معدله وتحسينها خصوصًا الافلام شبه التالفه لاسباب سياسيه او اجتماعيه او ثقافيه او منها الافلام القديمه النادره، ولكن تظل هذه النوادر والشبه توالف تم تسجيل لقطاتها وتصويرها بالطريقه القديمه باستخدام الكاميرا التي تحتوي علي الكادر-شريط-الفيلم بصيغ 35 ملم او 16ملم او 70ملم او 60 ملم". بمعني انه تم تحميض الصور، وان الكاميرا اعتمدت علي الضوء في تركيب الحبيبات الفضيه داخل الكادر السينمائي. وبمعني انها صُنعت بالطريقه التقليديه، بالسحر السينمائي، باقتباس الزمان والمكان داخل صور ثابثه كثيره، داخل شريط فيلمي.

يقول المخرج الواقعي الفرنسي روبيرت بريسون ان السينماتوقرافيا هي "الكتابه بالصور عبر الكادر السينمائي (شريط الفيلم)" وكانه يقول الكلمه الغير مناسبه في الكتابه تؤثر علي قوه تماسك المعني، بينما يقول المخرج الشاعري الروسي اندريه تاركوفسكي بان السينماتوقرافيا هي "الايقاع، الذي يُعبر عن تدفق و جريان الزمن ضمن الكادر السينمائي" وكانه يقول الكلمه الغير سليمه في القصيده تُفسد ايقاع القصيده. الفوتوقرافيا هي الصور والسينماتوقرافيا هي الصور السينمائيه، - وكما ورد في المقال السابق ( موت السينما: الجزء الاول) - السينما التقليديه تعتمد علي صناعه الصور بحيث تشاهد شبكيه العين صور ثابته 24 اطارًا في الثانيه الواحده.

بما ان مصطلح "السينما الرقميه" لايخوض في طريقه تصوير الفيلم فيجب علينا ان نميز ونفصل بين العناصر المهمه وهما: 1) استخدام المونتاج الالكتروني الرقمي علي الكادر السينمائي. 2) استخدام سينماتوقرافيا رقميه: بمعني استخدام الكاميرات الرقمية الالكترونيه للتصوير لقطات الفيلم. في العنصر الاول يكون فيه تصوير الفيلم باستخدام الكادر السينمائي (شريط الفيلم) وتستخدم التقنيه الرقميه في المونتاج و في جوانب تحرير الفيلم فقط، بمعني ان الفيلم ينبض عبر شرايين الكادر السينمائي (الشريط) الحي و التقنيه الرقميه تستخدم في قص وانتقال اللقطات والتزامن التسارعي لاطارات الصور، وفي ذلك يتحدث المخرج الامريكي المعاصر والناجح ويس اندرسون والذي يستخدم الكادر السينمائي في جميع افلامه بصيغه 35 ملم يتحدث عن العنصر الاول و يقول " المونتاج الرقمي يُسهل بعض الامور في انتاج الفيلم وتحريره مثل قلب اطار الصوره و تغيير سرعه اطارات الصور بالتسريع او التبطيء".

رغم انه لايوجد سوي عدد قليل جدًّا من صناع السينما الذين يستخدمون الكادر الا انهم لا يعترضون علي استخدام المونتاج الرقمي علي الكادر ومنهم ويس اندرسون وكونتن ترانتينو والاخوين كوين وبول توماس اندرسون وكريستوفر نولان. في الواقع من قبلهم العديد من صناع الافلام سبق وان استخدمو المونتاج الالكتروني ولكن بصوره بسيطه وقليله، ابرز التجارب الناجحه في استخدام المونتاج الرقمي القديم هو تجربه المخرج ستانلي كيوبريك في فلمه الخيال العلمي ( 2001 الاوديسيه الفضائيه) من عام 1968 ميلادي، وبالتالي، فان هذا البحث يستثني استخدام المونتاج الرقمي (التحرير الالكتروني) علي الافلام التي تصور القصه باستخدام الكادر-كاميرا-الشريط-السينمائي وفيها لا يتخلص الفيلم من اصوله الكيميائيه والتي فيه تُصنع الصور من حبيبات الفضه، وجميع الافلام الحديثه التي تستخدم الكادر السينمائي مع المونتاج الرقمي اكثر نجاحًا علي الصعيد النقدي من افلام السينماتوفرافيا الرقميه والتي تكون فيها الصور اصلها حبيبات الكترونيه .

بين شباك التذاكر و اشاده النقاد:

المقارانات تُثبت تميز الافلام التقليديه التي تصور باستخدام الكادر علي افلام السينماتوقرافيا الالكترونيه - وكما ذكرنا في المقال السابق - بعد نجاح فيلم حرب النجوم : تهديد الشبح عام 1999 زاد الاقبال علي الكاميرات الرقميه والتقنيه الحديثه بشكل سريع، ولاول مره بالتاريخ عام 2008/2009 يفوز فيلم يستخدم سينماتوقرافيا رقميه بجائزه الاوسكار لافضل فيلم ، وهو فيلم (سلامدوق ميليونير) ويسجل الفيلم نقطه تحول في تاريخ السينما، وفتح الباب امام العديد من الافلام الاخري للدخول في المنافسه، وبالنظر الي السينما الامريكيه بوجه عام خلال السنوات الاربع الماضيه يلاحظ التزايد الكبير في استخدام السينماتوقرافيا الرقميه واستخدام الكاميرات الالكترونيه و الكمبيوترات و تُسجل هوليود معدل ضخم جدًّا في استخدام مفرط للمؤثرات البصريه الرقميه و المؤثرات الفنيه الرقميه و التكنولوجيا التقنيه، هذا الاستخدام المكثف واضح جدًّا في الافلام الحديثه مثل:

The Avengers, Skyfall, The Hobbit: An Unexpected Journey, The Twilight Saga: Breaking Dawn Part 2, and The Amazing Spider-Man 1 -2, Guardians of the Galaxy, Captain America: The Winter Soldier, Transformers: Age of Extinction, Maleficent, The Hobbit: The Battle of the Five Armies, Godzilla, 22 Jump Street, Lucy, Need for Speed, and 300: Rise of an Empire

وهذه امثله علي الافلام التي تتعامل اكثر مع الكمبيوتر والتقنيه الرقميه اكثر من تعاملها مع الكاميرا والسينماتوقرافيا كالوسيله الاساسيه لفعل الفيلم، وصناعه السينماتوقرافيا الرقميه تعتمد علي لقطات مختاره مسبقاً ومصممه الكترونياً من قبل البدا في التصوير، وللاسف هذه الافلام بصورها الالكترونيه المسطحه حققت تجاوب كبير و سجلت ايرادات طائله جداً في شباك التذاكر طيله السنوات القليله الماضيه، ومع ذلك ، فشلت في الفوز بجوائز علي مستوي العالم، وفشلت في تحقيق اي نجاحات نقديه، بالتالي السينما الرقميه لم تتغلب علي السينما التقليديه حتي الان بل وانها ليست في نفس المستوي الفني والابداعي هي مختلفه كليًّا، سينما جديده. وفي المقابل الافلام التي تستخدم الكادر في السنوات القليله الماضيه حظت علي كثير من الاهتمام النقدي والاعتراف بها كعمل سينمائي حي والثناء العالمي بحصد العديد من الجوائز ، وفقًا لاستبيان من ايستمان كوداك فيلم وهي الشركه التي تقوم بصنع الكادر السينمائي اثبتبت بان 90% من دور العرض السينمائيه استغنت عن اجهزه عرض الكادر واستبدلتها باجهزه تشغيل تقنية رقمية فقط، مع ان معظم الافلام التي ترشحت لجائزه اوسكار افضل فيلم في السنوات القليل الماضيه تم تصويرها باستخدام الكادر السينمائي ومنها:

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل