المحتوى الرئيسى

بيروت تشتعل... هل بدأ الربيع اللبناني؟

08/23 10:33

المشهد في بيروت البارحه لم يكن معتاداً. اللبنانيون المشهورون بالصبر علي تقصير السلطة السياسية وتردي الخدمات المقدمه لهم نزلوا الي الشارع بالالاف، والقوي الامنيه في الدوله التي يعدها البعض احدي ابرز الديمقراطيات العربيه افرطت في العنف المستخدم ضد المتظاهرين.

امس، اطلقت القوي الامنيه الرصاص الحيّ في الهواء والرصاص المطاطي باتجاه المتظاهرين وصوّبت خراطيم المياه نحو بضعه الاف نزلوا الي ساحه رياض الصلح، بالقرب من مقرّي مجلسي الوزراء والنواب. ما يقارب الخمس ساعات من الكر والفر والاشتباكات العنيفه شهدتها تلك الساحه وساحة الشهداء المحاذيه لها بين مواطنين لبّوا دعوه حمله #طلعت_ريحتكم وبين الامن المكلف منع اختراقهم للسياج الذي يفصلهم عن المجلسين.

الصور التي التقطت البارحه من العاصمة اللبنانية اظهرت ان قلبها يشتعل بالنار، وبدا البعض يتحدث عن الربيع اللبناني بسبب اطلاق المتظاهرين شعارات مثل "الشعب يريد اسقاط النظام" و"يسقط يسقط حكم الازعر".

الغضب الشعبي الذي بدا واضحاً في شوارع بيروت البارحه هو نتيجه لشبه انهيار الدولة اللبنانية. فالدوله اللبنانيه بلا رئيس جمهوريه منذ اشهر طويله بسبب خلاف الاطراف السياسيه علي هويه الرئيس القادم واعاقتهم دور مجلس النواب في انتخابه، والحكومه اللبنانيه لا تعقد جلساتها بسبب خلاف علي اليه اتخاذ القرارات، وبالاساس، المجلس النيابي مدّد لنفسه في خطوه غير دستوريه.

ببساطه، لم يعد النظام السياسي اللبناني قادراً علي العمل. تعطّل تماماً. والانكي ان لا احد يمتلك تصوراً لكيفيه اعاده تفعيله وضمان الا يتكرّر عطبه بعد وقت قصير. يضاف الي هذا الشلل الفساد الكبير الذي ينخر مؤسسات الدوله واخر امثلته الحيه ملف النفايات الذي حرّك الشارع لان الفساد اكتسب هذه المرّه رائحه بشعه يمكن للمواطن ان يشتمّها بعكس روائح ملفات الفساد الاخري.

وكانت حمله "طلعت ريحتكم" قد انطلقت قبل اسابيع علي اثر ازمه النفايات التي شهدها لبنان. فبعد انتهاء عقد شركه "سوكلين" المكلفه جمع وطمر النفايات، وفي ظل خلاف السياسيين علي هذا الملف المدرّ للكثير من الارباح، وجد اللبنانيون انفسهم امام اكوام من النفايات التي لا تجد مَن يجمعها ويعالجها. فكانت الحمله المذكوره التي استوحت اسمها من رائحه النفايات التي عبقت في اجواء بيروت، وفي اشاره منها الي ان هذه الازمه نتيجه لفساد الطبقه السياسيه.

بعد التطورات الاخيره، قالت الحمله علي صفحتها علي فيسبوك: "المجلس النيابي والحكومه بجميع اعضائهما شركاء في جرائم اليوم"، وندّدت "باستخدام اوحش واعنف اشكال القمع"، ووصفت ما حصل بانه "معركه ضد مواطنين يمارسون حقوقهم الدستوريه".

ووجهت الحمله "دعوه عامه" الي الشعب اللبناني قالت فيها: "لم تعد مشكلتنا مع هذا النظام ازمه نفايات، فالفساد يطال كل اطياف السلطه التي تحمي نفسها بالاعتداء علي المتظاهرين بالقنابل المسيله للدموع، والرصاص الحي والمطاطي". وبدات الحمله اعتصاماً مفتوحاً داعيهً "كل مواطن للانضمام الي ثوره الشعب. اما عن المطالب الجديده فلخصتها بثلاثه: استقاله الحكومه، تنظيم انتخابات نيابيه جديده "لاعاده صياغه السلطه"، محاسبه المعتدين علي المتظاهرين.

وكانت الحمله قد بدات تحركاتها في اواخر الشهر الماضي باعتصام متواضع من حيث العدد ولم تكن تطالب باكثر من حلّ ازمه النفايات واستقاله وزير البيئه محمد المشنوق، المسؤول الاساسي عنها كونه وزيراً للبيئه. وفي ثاني تحركاتها تقلّص عدد المشاركين. اما في تحركها الثالث فكانت الصدمه بعدم استجابه اكثر من مئه متظاهر ما دفع بالمشاركين الي افتعال اشكالات مع القوي الامنيه ورشقهم بالبيض، والي الاعتداء علي موكب وزير الشؤون الاجتماعيه رشيد درباس الذي صودف مروره بقربهم ورشق سيارته باكياس النفايات، وذلك في محاوله منهم للفت الانتباه. واستغلت الحمله بطريقه ذكيه اعتقال بعض عناصرها لساعات في تحرك لاحق، قبل ايام، شهد اشتباكاً بين المتظاهرين وقوي الامن، من اجل تحفيز الناس علي المشاركه في تحركاتها التاليه فنجحت تدريجياً وصولاً الي لحظه الذروه التي سجلتها البارحه.

القوي الامنيه حمّلت المتظاهرين مسؤوليه تدحرج الامور نحو العنف. وقالت شعبه العلاقات العامه في المديريه العامه لقوى الامن الداخلي: "بدا بعض المتظاهرين الموجودين في ساحه رياض الصلح بالاعتداء علي عناصر قوي الامن الداخلي المكلفين حمايتهم وحمايه المنطقه الامنيه في محيط السرايا الحكوميه ومجلس النواب من خلال دفع هذه العناصر ورمي الحجاره والنفايات والمفرقعات عليهم، ومحاولتهم ازاله الشريط الشائك لهذه المنطقه". وقال وزير الداخليه نهاد المشنوق بعد ادانته العنف وتاكيده محاسبه مطلقي النار: "المتظاهرون لا يقررون مصير الحكومه ولا مصير البلد، والقنابل المسيله للدموع والرصاص المطاطي يُستعملان في الدول المتحضره".

اما رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط فقد دان استعمال المياه والرصاص المطاطي ضد متظاهرين يعترضون علي موضوع النفايات. ولكنه حاول احتواء التحرك المعارض باعتباره ان المطالبه باسقاط الحكومه واعتبار المجلس النيابي غير شرعي هما مرفوضان، مشيراً الي انه "تم توريط المتظاهرين بهذه الشعارات". وكان جنبلاط قد اعتبر ان حركه الاعتراض "شرعيه ومحقّه"، وان "الاحزاب السياسيه، في غالبها علي الاقل، افلست ومعها قياداتها وخطاباتها الفارغه".

محاوله وليد جنبلاط ليست المحاوله الوحيده لـ"ركوب" موجه الغضب الشعبي. قاده التيار الوطني الحر دانوا العنف وتضامنوا مع المتظاهرين ووصل الامر بالنائب نبيل نقولا الي اعلان تعليقه عضويته في مجلس النواب.

تحاول الحمله ابعاد تاثيرات الاحزاب السياسيه عنها. البارحه، كتبت علي صفحتها علي فيسبوك: "وليد جنبلاط وجميع السياسيين... وجودكم في السلطه اخطر من الفراغ والفوضي"، وكانت قد غرّدت بان جنبلاط "جزء من هذه الطبقه السياسيه، والحكومه التي تصم اذانها عن مطالبنا، كما انه مشارك عبر نافذين مدعومين منه في المناقضات-الصفقات". كذلك كتبت الي وزير التربيه المنتمي الي التيار الوطني الحر: "الياس ابو صعب، ليس مرحباً بك انت وكل واحد من الوزراء في حكومه الفشل والفساد والقمع وارهاب الدوله الداعشي".

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل