المحتوى الرئيسى

"صراصير" و"طراطير" الديمقراطية الغربية

08/21 21:24

"نحن شعب الولايات المتحده نعتنق الديمقراطيه كايمان، ولكن عندما ياتي الامر الي تعاملنا مع شعوب الدول الاخري نلجا الي اساليب تتعلق بالسلطه والقوه، وعندما اقول نحن فانا اعني الحكومات وليس الافراد".. هكذا لخص "رمزي كلارك" وزير العدل الأمريكي الاسبق طبيعه الديمقراطيه الغربيه.

باختصار لدينا نوعان من الحشرات الضاره علي الحريات في العالم: "نوع غربي" من نوعيه "الصرصور الديمقراطي" الذي يتبني نوعًا غريبًا من "العنصريه الديمقراطيه" اذ جاز التعبير، ويعتبر ان الحريات والديمقراطيه لم تخلق الا للامريكان والاوروبيين، فيما بين بعضهم البعض، ولا يجب ان يمتد الامر لغيرهم، فلا ديمقراطيه ولا حريه من حق غيرهم.

اما النوع الضار الثاني فهو "طراطير الديمقراطيه العرب" الذين يري فريق منهم ان الحريه والديمقراطيه "مطلوبه" و"يجب تشجيعها" لو جاءت بالليبراليين واليساريين العرب فقط الي صناديق الانتخابات، اما لو جاءت بالاسلاميين فهي "كخه" و"تسلق للسلطه" و"اخذوا السلم معاهم فوق"، و"الله الغني عنها"، و"احنا شعب لا تصلح له الديمقراطيه"!.

هذه ثقافه غربيه في الاساس تعلمها "طراطير العرب" من "صراصير الغرب"، ولذلك لا تعجب عندما تجد "بوش" - بعد هجمات 11 سبتمبر يعمل فيها طرزان ويرغي ويزبد ويهدد العرب ما لم يطبقوا الديمقراطيه فورًا، وتخرج ابواق "الصراصير" في الغرب تبشر بصعود "الليبراليين العرب" للحكم.

ثم.. ثم يُصدمون بفوز الاسلاميين، ببشاره بتجربه فلسطين بفوز حماس، وبشاره فوز الاسلاميين نسبيًّا في برلمانات مصر والمغرب واليمن حينئذ، فيقول بوش "مش لاعب"، ويقلب الطاوله، ويردد معه طراطير العرب قولتهم الديكتاتوريه المشهوره "الديمقراطيه لا تصلح للشعوب العربيه" و"العرب لم ينضجوا بعد لممارسه الحكم الديمقراطي"!.

وعندما تثور الشعوب وتهب رياح الربيع العربي وتجري انتخابات حره حقيقيه يكتسح الاسلاميون بنسب تفوق الـ 70% برلمانات العرب، فتعصف بهم رياح الثورات المضاده.

عندما عقد المرشحون الجمهوريون والديمقراطيون المحتملون لانتخابات الرئاسه الامريكيه المقرره في 2016 مؤتمرات صحفيه صاخبه في الاسابيع الاولي من اغسطس الجاري، كانت مفارقه عجيبه ان تجد من ايدوا "الديمقراطيه العربيه" منهم يومًا، ينقلبون فجاه -مع اقترابهم من كرسي الحكم- ويتحدثون بلغه "المصالح" ويهيمون غرامًا بالديكتاتوريين العرب، لان "الديكتاتوريه هي الحل" من وجهه نظرهم لتحقيق مصالحهم، وان الحكام الديكتاتوريين العرب هم الانسب لخدمه مصالح الغرب.

غالبيه مرشحي الحزب الجمهوري الذين يتبنون الفكر المسيحي المحافظ المتطرفه، تحدثوا عن دور "الحكام العرب" صراحه في محاربه التيارات الاسلاميه، صمتوا عن انتهاكات حقوق الانسان معتبرين انها "اولويه ثانيه".

بعضهم هاجم انقلاب "المشير السيسي" علي الرئيس المنتخب مرسي، عادوا ليشيدوا بـ"الرئيس السيسي" ويعتبرونه "المخلص" لورطه السياسيه الامريكيه مع تنظيم داعش، مع ان مراكز الابحاث الامريكيه (كارنيجي) قالت لهم صراحه ان "داعش هي هديه السيسي للغرب"، باعتبار ان قمع التيار الاسلامي الوسطي السلمي حاليًّا، يدفع البعض لاحضان التطرف و"داعش".

كانوا يتخوفون من فكره "اقامه جيش عربي من الدول السنيه" علي مصالحهم في السابق، ولكنهم الان يطالبون علنًا بهذا الجيش السني العربي -ولكن تحت القياده الامريكيه- لمحاربه داعش وتحقيق مصالحهم فقط، ويطلبون ان تقوده مصر والاردن والسعوديه، ويقولون ان الرئيس المصري له دور في التصدي لـ "التطرف الاسلامي" بمنطقه الشرق الاوسط".

ابرز هؤلاء كان السيناتور الامريكي (تيد كروز) الذي قال يوم 7 اغسطس الجاري: "نحن بحاجه الي رئيس بنفس شجاعه الرئيس السيسي، عندما دعا للقضاء علي المتطرفين الاسلاميين الذين يهددون العالم"، مع انه هو هو الذي انتقد السيسي قبل عامين عندما قاد انقلاب في مصر وعزل الرئيس محمد مرسي.

ففي اغسطس 2013، قال تيد كروز في بيان له: "حين حدث انقلاب عسكري، لم تحترم (يقصد الاداره الامريكيه) القانون ولم توقف المساعدات لمصر، وهو ما كان سيشجع -ان كان قد حدث- الحكومه الجديده علي التحول السريع تجاه الاصلاح الديمقراطي، ولكن القوات المسلحه المصريه استغلت هذا التراخي واعتبرته اذنًا بالافلات من العقاب تجاه ما تفعله بجماعه الاخوان المسلمين التي تمارس -بدورها- العنف والجرائم الوحشيه تجاه المسيحيين الاقباط".

و"كروز" بالمناسبه هو اول "جمهوري" يحظي بقبول لدي الجناح الاشد يمينيه وتطرفًا في الحزب الجمهوري ومن ضمنهم "المحافظون المسيحيون"، و"التحرريون"، ومؤيدو حركه "حزب الشاي" المعاديه للتيار الاسلامي.

وقد احرجه وبيّن نفاقه وتنقله من الدفاع عن الديمقراطيه الي الديكتاتوريه، المحلل السياسي "جوش روجن" في (بلومبرج فيو) بتغريده ساخره قال فيها: "كروز يمتدح الرئيس السيسي، الذي يكره الارهاب لدرجه انه سجن كل المعارضه كاجراء احتياطي"!.

لم يكن "تيد كروز" وحده ابرز المنضمين لحزب "صراصير الديمقراطيه الغربيه" حين يتعلق الامر برفض الديمقراطيه للعرب وقبولها فقط للغربيين، ولكن انضم له كل مرشحي الرئاسه الامريكيه تقريبًا: "مارك روبيو" و"كريس كريستي"، و"سكوت واكر" و"مايك هوكابي" و"جيب بوش"، وجاءت كل احاديثهم تصب في خانه الحديث عن دعمهم اللا محدود للحاكم العربي الذي يحارب "المتشددين الاسلاميين" وغرض الطرف عن الحريات والديمقراطيه في بلاد العرب.

لا تصدقوا "الصراصير" ولا "الطراطير" حين يقولون ان الديمقراطيه لا تصلح للعالم العربي، ويرون الحاكم الديكتاتور افضل لنا، بدعوي انه سيقضي علي التطرف، فهدفهم هو "تحقيق مصالحهم" ولو علي انقاض جثث الابرياء في السجون العربيه.

لا تصدقوا تصريحات حكام الغرب حين يقولون انهم يشجعون الديمقراطيه، فهم يقصدون تشجيعها في بلادهم فقط، لا بلاد العرب والمسلمين، والا ضاعت مصالحهم التي لا تتحقق الا في ظلام الديكتاتوريات العربيه.

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل