المحتوى الرئيسى

عصام درباله . رجل بأمة " مشاهد موحية من جنازته "

08/20 16:07

في منزل العائله ببني خالد بمنيا الصعيد  البوابه " كما يطلق عليها اهالي  الناحيه " وما حولها من طرق وحتي مسجدها " مسجد ال درباله " والتي  ضاقت علي جانبيها بمشيعي الشيخ الداعيه المجدد عصام درباله من رفاقه وتلاميذه ومحبيه وعارفي فضله ، 

" ضاقت – ايضاً - الصدور بالم حبيس وغضب مكتوم ، واستقر في اقصي اعماق العيون والقلوب حزن دفين اليم مبعثه الجور الذي وقع عليه بحبسه  وهو الداعي للسلميه المقاوم للعنف مع مراره الفقد المبكر ( 57 سنه فقط ) لرجل  بهذه القامه والقيمه وما لبس وفاه الشيخ ونيله الشهاده من ظروف  كان يمكن في القليل تجنبها بادني قدر من الرعاية الصحية والتي كانت كافيه لاستنفاد الطاقه في التماس اسباب النجاه ، كما زاد استعار المشاعر تاخر اجراءات التصريح بالدفن وطول الانتظار مما عده المشيعون – وهم بالالاف – يحمل قدراً من الاستهانه بمشاعرهم والاستخفاف بالامهم ، وما ان انقضت التكبيرات الاربع لصلاه الجنازه حتي تسابقت الايدي  في حمل الجثمان الشريف فوق الاعناق ، وانطلق الموكب الطاهر متخذاً شكل طريق البلده الرئيسي من اوله الي اخره بما فيه من تعرجات والتواءات حتي يظن الناظر من عليٍ ، وكان المكان نفسه والارض ذاتها تندفع للتتحرك لتشييع

الشيخ ، ويتولي احد تلاميذ الشيخ قياده الهتاف بالهتاف المحبب للنفس بنعي الشهيد وايداعه بين ايدي ربه " لا  اله الا الله – الشهيد حبيب الله" وبالهتاف الذي يتجاوب مع انات القلوب وما يجيش فيها من استنصار بعدل الله " حسبنا الله ونعم الوكيل " ، ولكن القلوب والنفوس تفيض لدي كثيرين من رغبه في الافصاح عن ثار من ظالمين يتطلعون ان يجري في  دنيا الناس قبل اخره الدنيا في رحاب رب الناس فيخرج هتاف من  حنجره ثكلي صارخاً

" دم بدم ورصاص برصاص " وعندها يتناول احد كبار المشيعين من قاده  الجماعه الاسلاميه ويعلو صوته في مواجهه الشاب الذي اطلق الهتاف قائلاً له في صوت مفعم بالالم والحزن والحزم والحسم في ان : " هل هذا هو ما علمه لك شيخك عصام درباله الذي تشيعه .. الم يعلمك انه لا عنف بل سلميه .. الم يعلمك لا رصاص بل حوار ..  الم يعلمك انه لا دم بل عصمه للدم .. انت تخون الشيخ . فاصمت " .

       وياللعجب يصمت الشاب ويوميء معتذراً وتفيض العبرات من عينيه ويهتف " حسبنا الله ونعم الوكيل " واهتف داخل قلبي ونفسي وروحي معه " حسبي الله ونعم الوكيل " وتنتظم المسيره في صوت واحد حتي ووري الثري في رحاب ربه ذو الرحمه ليجازيه بعدل الاخره عن ظلم الدنيا .

تتوق نفسي ان اتجاوب مع الرجاءات الحاره الصادقه لكبار الجماعه الاسلاميه وغيرهم من الدعاه ومدركي قيمه الشيخ العالم المجاهد الزاهد . ان تسمح العائله بان تكون صلاه الجنازه والتشييع من مسجد الرحمن بمدينه المنيا الذي شهد نشاه الجماعه وشباب دعاتها  وقادتها التاريخيين – وهو منهم - ، ملتمسين الا احرمه من تشييع يليق به وبجهاده الذي افني فيه عمره ومنهم من يقول : لا تحرمه ان يشيعه من يعرفه ومن لا يعرفه ومن لا يعرفه بل سمع منه ومن لم يسمع منه بل سمع عنه ومن لم يسمع عنه بل ساقه القدر ان يعرف  نتفاً من سيرته الكريمه  " لا تحرمه ان يشيعه الالاف المؤلفه في ميادين المدينه العامره وفي ضوئها الباهر لا في عطفات القري النائيه وضوئها المنزوي ، ولكني اعتصم بجلد عقلي الذي كان يقول لي : ثم ماذا بعد ربما جنازه مهيبه تنقلب الي ماساه داميه في صدام لا اريده بل لا يريده الشيخ نفسه الذي يحدثني وهو جثمان طاهر قائلاً تجنب الصدام واسبابه ما وسعك  الي ذلك سبيل فكانت كلمتي الحاسمه للاخوه – وهم المحبين : - سنمضي علي هدي عائلتنا – من اجيال وعقود فننقل الجثمان  الي قريتنا ونصلي عليه بمسجدها  حيث نواريه الثري بمقابرها . ونتلقي العزاء علي قبره بعد ان ادفنه بيدي  الي جوار ابيه وله في الجهاد سبق وعمه ، وله في دعمه يد ، وكانوا - مشكورين -  متفهمين لقراري مرحبين به – وان علي مضض – وكنت استرجع هذا – وغيره -  وانا اجلس بديوان العائله [ البوابه ] متلقياً العزاء ممن لم يلحق بالجنازه لبعد الشقه وناي الطريق وبكور التشييع حتي لمحت  رجلين يرتديان زيهم الاسود المعلوم يدلفان الينا ويصعدا درجات سلم الديوان فيقابلهما اهلي ويصاحبهما  الي حيث اجلس فيعزياني  ويعرفني باسميهما عمدتنا [ ابن عمي ] . - اذ هيئتهما داله عليهما - انهما من رجال الكنيسه الموقره – الاب ديمتريوس والاب كراس راعيا الكنيسه حضرا لتقديم العزاء في فقيدنا .

والحق ان ما دار في راسي في تلك اللحظه انها مجرد تعزيه روتينيه لعائله كبيره في القريه فلا تخرج عن ذلك المعني البسيط فلا تتعداه الي معان اكثر عمقاً وابعد مغزي .

فاذا بالاب ديمتريوس بعد ان عرف ان من يتلقي العزاء هو القاضي الشقيق الاكبر للشيخ يبادر فيقول : 

-  انا مبعوث من قبل الاب اثناسيوس اسقف ملوي والاشمونين وبتوجيه من الكنيسه المرقسيه لتقديم خالص العزاء في الشيخ عصام درباله .

ثم يواصل محدثاً الحاضرين : الكنيسه  في بني خالد لم يمسها سوء في اثناء الاحداث التي تلت 30/6/2013 ، حتي تكاد تكون نموذجاً منفرداً في المنطقه وكان هذا بفضل

ما بثه الشيخ في نفوس اهل قريته من واجب في حمايه اخوته المسيحيين وكفاله حقوقهم ورعايتهم عندما حضر  اليهم والتقي رعاه الكنيسه وكبار رجالها والقي محاضره باهره في جمع من مسلمي ومسيحيي القريه فواد فتنه كانت تلوح في الافق .

       وكانني اتذكر قول مشهور للشيخ الشهيد انتشر بين الاخوه المسيحيين حتي صار القول علماً عليه  وصار الشيخ علماً – لديهم – به " لا يصح قتال الاقباط او قتلهم لمجرد كونهم من اهل الكتاب حتي لو كانت القدره متوفره لان سبب القتال اصلاً غير قائم ]

-       اجلس بين الاهل والمعزين مستعرضاَ في مخيلتي كيف جرت الاحداث علي هذا النحو ويمثل تلك السرعه .

منذ القبض عليه يوم 12/5/2015 وايداعه حبسه الانفرادي في زنزانه سيئه [ او قل عديمه التهويه ] بسجن العقرب ، وشكواه من ندره جرعات الدواء [ وهو المريض بالسكري وازمات التنفس ] او انعدامها وسوء محبسه وحرمانه من التحريض والتي بلغت غايتها عندما التقيته - للمره الاخيره – بنيابه امن الدوله العليا عند تجديد حبسه يوم 21/6/2015 ونقلت شكواه لرئيس نيابه امن الدوله الموقر الذي يتولي التحقيق معه فتجاوب مع شكواه واصدر امره بادخال الادويه اليه ، ثم الي منع الزيارات عن السجن باكمله زهاء شهرين

[ اسرته لم تتمكن من زيارته سوي مره واحده في بدايه اعتقاله وحتي وفاته يوم 8/8/2015 ] ، ثم  الي اصابته بغيبوبه السكر مرتين ( مره بانخفاض في نسبته واخري بارتفاع معدله بدمه ) واصابته باختناق وفشل في اداء جهاز التنفس لدوره ، ومحاولات رفاقه في المحبس في حث  اداره  السجن علي انقاذه ، ومحاولات محاميه الدائبه لادخال الادويه اليه ونتائجها المخيبه ، والحاحنا اليائس لانقاذه بعد تلك الازمات والاتصال بمكتب وزير الداخليه يوم الجمعه 7/8/2015 ، وابلاغ مدير مكتبه بحالته واخطارنا بان الوزير قد احيط علماً بالحاله وسيبادر باجراء اللازم ثم تسليم مذكره مكتوبه مني وبخط يدي – مشفوعه بالمكالمه  الهاتفيه المشار اليها  انفاً – تحوي كل تلك الوقائع وتبسط المخاطر التي يتعرض اليها وتناشد الوزير نقله للمستشفي لتلقي العلاج علي نحو عاجل لانقاذ حياته

( تم تسليم المذكره لامن وزاره الداخليه في العاشره من صباح يوم السبت الموافق 8/8/2015 وكانت معنونه باسم العقيد مدير مكتب وزير الداخليه وابلغت بانها وصلت اليه في التو واللحظه ) ، ثم الاتصال  بمدير مصلحه السجون لابلاغه عن الحاله ومناشدته انقاذها  ، ثم بدلاً من  نقله  الي المستشفي اذ بالسجن ينقله الي معهد امناء الشرطه لتجديد حبسه، فتتردي حالته ولا يقوي علي المثول امام القاضي وعندما ينبهه المحامون لحالته يقرر ادخال الادويه اليه فلما  يطالبوه بنقله الي المستشفي لسوء حالته يخبرهم بانه لا حاجه لذلك وعندما يطالبونه برؤيته للوقوف  علي حالته يكتفي بان يخبرهم بان الدواء  يكفي لعلاجه يجدد له الحبس لمده  15 يوم اضافيه ، ثم وفاته بعد ذلك باقل من ساعه .

شريط هائل من الكابه والالم والقهر والعجز والضعف وقله الحيله  والهوان علي الناس يقابله ايمان لا  يتزعزع بالثبات و الصدق والنصفه وكنت اردد بيني ونفسي ابتهال الرسول صلي الله عليه وسلم " اللهم اني اشكو لك ضعف قوتي وقله حيلتي وهواني  علي الناس " حينما ربت كتفي احد شباب العائله طالباًَ  مني ان اتابع مقطع لفيديو لبرنامج الصحفي الكبير ومقدم البرنامج العفوي الشجاع الاستاذ سيد علي والذي اعلن فيه ان الشيخ عصام درباله هو " رمز الاعتدال و السلميه " ويردد اسفه علي وفاته واصراره علي موقفه الشجاع  باعلان كلمه الحق في شان الشيخ الشهيد رغم علمه بانه سيلاقي من يحاول ذبحه ومن ينصب حفلاً علي جثمانه .

ويقول : ان الاختلاف مع 30/6 ليس كفراً بل هو اجتهاد لابد ان يسمح به ولا يعامل من يعارضه علي انه مس مقدساً لان 30 يونيه ليست قراناً او انجيلا ً .

ثم يتابع الشاب فيطلعني علي قول ماثور للشيخ " يدافع فيه عن الدوله الوطنيه انه

يخشي ادخال الوطن في حاله صراع مرير مليء بالضحايا والاخطار والنارات

قد توظفه بعض الاطراف الدوليه واسرائيل لتفتيت البلاد وهذا ما لا ينبغي ان نسمح به ابداً " .

وسالت نفسي ماذا كان يضير الدوله الوطنيه لو سمحت لرمز الاعتدال والسلميه ان يتلقي جرعه الانسولين او ينقل للمستشفي لمحاوله انقاذه مع عملهم  بحالته وقت القبض عليه 

نرشح لك

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل