المحتوى الرئيسى

مشروع كتاب على الطاولة يسلط الضوء على الأدب الأردني في الرواية والقصة

08/19 16:05

لطالما كان الادب الاردني في نظري مُهملاً، فانا لم اقرا لادباء بلادي الكثير، لكن وبسبب اصدقائي في الملتقي الادبي بدات اسمع الكثير من الاسماء منها التي يعرفها الجميع في مختلف اقطار الوطن العربي وفقط انا التي اجهلها، ومنها الاسماء الجديده التي باتت تحفر باجتهادٍ طريقها نحو هذا العالم.

لم يكتف الملتقي الادبي بدعم هؤلاء الاسماء في لقاءاته، حيث نثرثر عن الادب بل اعتنق غايه واحده لهذا العام بان دمج مشروعه القديم «كتاب علي الطاوله» لمناقشه الكتب الادبيه ليصير هذا العام 2015 خاصًّا فقط للكُتَّاب الاردنيين، وبشكل خاص للسرد فكما برَّر د. هشام البستاني ان: «الشِّعرَ سيكون اكثر الغازًا لجمهورٍ اهتماماته عامه»، وكان بالفعل هدف الملتقي الادبي جذب عموم الناس للنظر الي الكُتَّاب الاردنيين بعين الثقه اكثر، فما بالنا لا نري كتَّابنا الا بعد ان يُكرموا خارج البلاد!

«ثمه سؤالٌ يَطرحُ نفسهُ دائمًا: لماذا لا يُقرا الادب الاردني عربيًّا؟ غير انّ المتابع لما تطرحه انديه القراءه في الاردن من كتب في مناقشاتها سيحتج قائلًا: اليس من الاولي ان يُقرا اردنيًّا اولاً؟ تحت الحاح هذا السؤال قرَّر المُلتقي الادبي توجيه نادي كتاب علي الطاوله ليصير محصورًا في مناقشاته علي الادب الاردني الصادر في العامين 2014/2015، ولا تاتي هذه المناقشات من باب التعصب للادب الاردني؛ بل لمعرفه مدي جوده ما يُكتب وما يَصْدُر بكثره تحت هذا المسمي، ومن اجل تقديم مساهمه بسيطه في غربله المنتج الاردني بهدف تمييز غثه من سمينه وذلك بطرح كتاب شهري لمناقشته دون مجاملهٍ او تحيّزٍ مسبّق».

بهذه هي العباره الافتتاحيه للحمله الاعلاميه لمشروع كتاب علي الطاوله علي لسان ربيع محمود ربيع -القاص الاردني وعضو رابطه الكتاب وعضو مهم في المُلتقي الادبي في عمان والمعارض الاول في جماعه السنترال الساخره -، كتاب علي الطاوله مشروع بدا من العام 2011م، حيث ناقش فيه اعضاء المُلتقي الادبي والمهتمين بالنقد والسرد بشكل عام عده كتب، ثم تضاءل نشاط المجموعه ليتركز علي الامسيات الادبيه والدورات الخاصه بالنثر والشعر، ليعود علي اشده هذا العام، بمشـروع مناقشه السـرد الاردني بشكل خاص.

ويقول رئيس المُلتقي الادبي صالح دراس واصفًا سبب تفعيل هذا النشاط: «لم يقصر المُلتقي الادبي انشطته الدوريه علي الورشات التدريبيه في الأدب العربي (شعر وسرد) والامسيات الادبيه، بل تعدي ذلك ليلعب علي وتر مناقشات الادب الاردني للكشف عن النتاج الادبي الجيد فيه، فهذه الجلسات النقاشيه تعطي المشارك فيها الفرصه لتحليل النص الادبي والوصول الي مراحل ابعد من (اعجبني او لم يعجبني الكتاب)». واضاف دراس من جهه اخري ان الكاتب سينال بحضور هذه النقاشات الفائده من خلال الاستماع الي قُرَّاء يدلون بارائهم دون محاباه او تحيز وبلسان نقدي.

وبجردٍ سريع لما ناقشنا في هذا المشروع خلال الاعوام الماضيه نجد الف ليله وليله وتغريبه بني هلال والمسخ والعمل الاردني الاول «ابناء السماء» للكاتب يحيي القيسي، ومنذ كانون ثاني لهذا العام تركزت المناقشات وبشكل منتظم وشهري، فتم اختيار العديد من الكتَّاب علي اختلافهم ذكورًا واناثًا وبمختلف الاعمار، وتنوعت الاعمال دون انصاف حيث نوقشت مجموعه قصصيه واحده للكاتب والصحفي الاردني محمود الريماوي، اما باقي الاعمال فكانت في حقل الروايه، وتقول القاصه روان رضوان احد اعضاء المُلتقي الادبي المعنيين بالاختيار في شرح اليه الاختيار: «ان اختيار الروايات بكثره ما كان استسهالًا، لكن الموجود لهذا العام وبكثره كان الروايات»، واضافت: «المهم هو اختيارُ عملٍ اردني، اكان جيدًا او رديئًا، للخروج بفكرهٍ اقرب الي الواقع عن مخرجات الثقافه ودور النشر».

بدا المشروع مع روايه الكاتبه الاردنيه نيرمنه الرفاعي: «يزهر المطر احيانًا» والتي كانت تجربتها الاولي نالت عنها المركز الثاني في مسابقه رابطة الكتاب الأردنيين لغير الاعضاء، ثم اختير الكاتب ايمن العتوم ليذهب بنا الي صحرائه الدهماء في «نفرٌ من الجِّن»، فحاول ان ينهج نهجًا مشابهًا لابراهيم الكوني في روايته «البحث عن المكان الضائع» فكلي الروايتين تعبقان بالرائحه نفسها، اخذنا العتوم الي عوالم غريبه تتشعب بين الجن والانس في حبكات عديده تكاد ان تكون ملحمهً تستعرضُ البشريه منذ بدا الخليقه وحتي اقتراب البشريه من الفناء، فالفنتازيا فيها كانت بخلق عوالمٍ موازيهٍ لعالمنا تبرا فيها من الزمان والمكان والقدرات الماديه للبشر والجن، اراد الكاتب ان يكون كِتابًا علي طريق الاسطوره، ولذلك كانت جلسهً حاميه الوطيس.

ثم تحول كتاب علي الطاوله الي المجموعه القصصيه «عمَّ تبحث في مراكش» للريماوي، والتي ذهبت بالقارئ الي مراكش وحيفا واماكن اخري وتنقلت بالزمن مع شخوص مميزه حتي عندما كانت عاديه وبفنتازيا خفيفه لطيفه، ثم جاءت مناقشه الكاتبه الاردنيه سميح خريس وروايه «بابنوس» التي كانت واقعيه حد القهر، وبها ابتعدت بمن خاض غمار القراءه حتي السُودان ومن تلك البلاد التي يغلفها الغموض والفقر والعوز؛ نحت بالقارئ الي باريس في المشاهد الاخيره وبسردٍ منمق جعلني اري عوالم لم ارها من قبل، كتبت باريس اخري غير التي يعرفها العالم ويبهرُنا بجمالها، ، فكتبت الوجه القبيح من باريس. ثم جاءت روايه «اعالي الخوف» للكاتب الاردني هزاع البراري، التي تنوعت بشخوصها المتناقضه والمتمازجه في وقت واحد، ثم كان اخر ما ناقشنا «موسم الحوريات» للكاتب الاردني جمال ناجي والتي تطرقت الي العديد من المواضيع الجدليه منها القدر والجهاد.

عندما استرجع تلك النقاشات واحاديثها التي كانت ترتفع وتخبو فيها الاصوات والضحكات، فيحتد النقاش تاره وتتحرك الرؤوس مؤيدًا تارهً اُخري اجد انها نقاشات فائقه الامتاع غنيهٌ بالافكار، حتي ان بعضنا وجد نفسه بعد انتهاء الجلسات راغبًا بقراءه اعمال اخري للكاتب/ه.

ماذا يميز كتاب علي الطاوله؟

لن تجد في هذه النقاشات نُقادًا جلفين يدخنون ويشربون القهوه، فقط قُرَّاء، لكنهم ليسوا قرَّاءً اعتياديين، بعضهم يهوي النقد الأدبي ويقرا به ويكتب مراجعات الكتب والمقالات الادبيه، والبعض محيطون بالادب الاردني بشكل خاص والبعض قاصون وستجد القارئ فقط، لكنهم كلهم يحبون القراءه، القراءه لاجل القراءه، جيلٌ يقرا ولا يقبل بالمجاملات، متنوع حيث تجد حول هذه الطاوله المهتمين بالقصه وبالروايه الواقعيه والفنتازيا والنقد والشعر واخرون بسطاء شفافون، كل هذا المزيج جعل الجلسه متالقه كل مره حتي ان المتابع احتار في اي الجلسات هي الاجمل.

نرشح لك

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل