المحتوى الرئيسى

رؤية فلسفية للدولة العربية المعاصرة

08/19 04:59

شرعيه العصيان السياسي بين حتميه الاختلاف الفكري وحتميه "العنف المشروع " .

تتناقض فكره التعدديه الحزبيه السياسيه مع فكره العصيان المدني او الشعبي او العصيان الحركي المسند من جماعات ضاغطه ذات اهداف محدده، وانطلاقًا من الوضع البشري نعي جيدًا ان تاريخ البشريه محكوم بانواع شتي من العصيان وبالتالي نقف هنا لنضع تصورات مبدئيه في شرعيه العصيان .

فالعصيان يبدا متي ضاقت الهوه بين الحاكم والمحكوم او بين المواطن والحزب في اطار الدوله، وقد يحصل عندما يتحول او يشذ امر الدوله الشرعي والديمقراطي عن مساره، فيشعر الفرد حتمًا بضروره المواجهه والعصيان الذي ياخذ اشكالًا رمزيه منها اللامبالاه واشكالًا عمليه تتعلق بالتخريب او التثوير الجماهيري، و بالتالي يتحول العصيان علي اليه لكسب التاييد الاجتماعي ولتحقيق مصالح افراد، غير ان العصيان ليست مضمونه اتجاهاته وانحرافاته السلوكيه الجمعيه، وبالتالي لا يتم التعامل معه عاده ببرود سياسي، حتي في الديمقراطيات الغربيه الكبري، وانما يواجه بعنف "مشروع" Legitimated مثلما تنظر لذلك نظريه ماكس فيبر Max Weber عن شرعيه و مشروعيه العنف الذي تمارسه الدوله واجهزتها قيامًا بواجبها ووظيفتها الاساسيه وهي حفظ الامن ومنع الاضطرابات ومن بينها العصيان او ما يقربه من احتجاج او اعتصام شعبي منظم او غير منظم، لكن هذا لا يمنع من ان نشير بان الدوله حينما تمارس عنفًا مضادًّا للعنف دون ان تستوفي بنياتها ما يضمن للمواطن كرامته فهذا يعني انه عنف مزدوج القيمه لمواجهه العصيان، الاول يبرره الاخفاق في تحقيق حظ ادني من كرامه الانسان، واما الثاني فيعتبر مصادره واجهازًا علي ادني حقوق الانسان في التبرم وسلطه القول.

واننا اذ نثير شرعيه العصيان نثيرها من اربع زوايا: الاولي عرضناها انفًا وهي تتعلق بالعصيان الشعبي، فيما الثانيه فهي تتعلق بالأحزاب السياسية التي قد تتحول الي جهاز متحكم حسب Antonio Gramsci انطونيو غرامشي يمارس الهيمنه الثقافيه الايديولوجيه والسيطره علي اجهزه الدوله ومؤسساتها. ولـ"غاندي" تعبير دقيق وجميل يصف به هذا الامر.

اما الثالثه فهي تتعلق بالحاكم الذي يستمد شرعيته سلطه مطلقه، فيحاول شخصنه الدوله بحيث يحول النظام السياسي والاقتصادي والبيروقراطي والقانوني الذي يناط به الفصل بين الناس بالعدل واداره دولاب الحكم، الي الاندماج في المؤسسات القائمه علي التنفيذ المحض لاراده الحاكم المستبد، وخاضعه للاراده الشخصيه المتوحده المتسيده علي قمه هرم الدوله. وتسود في هذا النظام التفسيرات والاجتهادات التي تدعم الوضع القائم، وتفرغ الدلالات القانونيه المرتبطه بعموميه القاعده القانونيه وتجريدها، فتفرغ القانون من هذا المحتوي الموضوعي ليصير ذا مؤدي شخصي ومشخصن لصالح افراد واناس بعينهم ذوي علاقات شخصيه برأس الدولة ومن يحيطون به، هذا اقل ما يلخص نظام -الجماهيريه الليبي- وهو نفسه الامر الذي تنطلق منه نظريه ميكافيللي في كتابه "الامير"، علي اعتبار ان القسوه كلما زادت ازداد نظام الحكم ضعفًا، وانه اذا لم يكن من سبيل امام الحاكم لانتزاع الطاعه الا بالعنف، علي ان المقصود بالشرعيه هنا هو الطاعه، وقد اثبتنا مع ابن خلدون انه يستحيل للحاكم ان يحكم شعبًا الا بتوافر الاعتدال والرفق والكيس في علاقته مع الرعيه، بحيث يستحيل عليه ان يمارس الحكم الا كانت الشرعيه متواضع عليها وهو ما يفتح العصيان علي سيناريوهين هما اما ان تتبني الاحزاب السياسيه دمقرطه الحياه العامه و تفعيل الفصل بين مؤسساتها او ان الثوره تكون بديلًا حقيقيًّا و هو ما جسدته رغبه بعض الشعوب في "الربيع العربي 2011 ".

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل