الإندبندنت: هل اقترب حلم زراعة رأس للإنسان من أن يصبح حقيقة؟ - ساسة بوست

منذ 2 دقيقتين، 18 اغسطس,2015

بفضل وحش فرانكنشتاين، وروبوكب، والقوات الخاصة سايبورغ في “غوست ان شل”، سيطرت عمليه زراعه الأعضاء علي خيالنا علي مر السنين. وتمثل قصه يد المريض التي جري لصقها في ساقه في الصين بعد حادث صناعي للحفاظ عليها قبل اعاده زراعتها في مكانها احدث قصه نجاح لفتت انتباه العالم.

لذلك عندما اعلن جراح الاعصاب الايطالي سيرجيو كانافيرو عزمه اجراء اول عمليه زراعه راس بشري علي الاطلاق قبل ديسمبر 2017، بدا الخيال العلمي اقرب قليلًا الي حقيقه علميه. تنطوي فكره كانافيرو علي اجراء عملية جراحية لمده 36 ساعه يتم خلالها وصل راس المريض بالحبل الشوكي لمتبرع ميت دماغيا مع جسد سليم.

وعلي الرغم من ان العلماء والجراحين عبروا عن شكوكهم من نجاح مثل هذا المشروع الضخم، الا ان الدكتور كانافيرو يصر علي ان التكنولوجيا اللازمه موجوده الان – فمن خلال توظيف بروتوكول GEMINI، كما يقول، تبلغ نسبه نجاح العمليه حوالي 90%.

ولكن الي اي مدي تصمد ادعاءاته امام التدقيق العلمي؟ فيما يلي ثلاثه فقط من العديد من القضايا الهامه التي لم يتم تناولها بشكل مقنع.

اولاً وقبل كل شيء، دعونا ننظر في الكيفيه التي سيتم بها اجراء العمليه الجراحيه. سيتم تبريد راس المريض والحبل الشوكي الخاص بالمتبرع الي درجه حراره اقل من 20 درجه مئويه. وهذا من شانه اعطاء الفرق الجراحيه اقل من ساعه لازاله الراس والرقبه في وقت واحد، ونقل راس المريض الي جسم المتبرع، واعاده توصيل الاوعيه الدمويه والعمود الفقري قبل ان تبدا خلايا الجهاز العصبي بالتحلل. سيتم ربط العمود الفقري، وسيستخدم مركب خاص معروف باسم غليكول البولي ايثيلين (PEG) في توصيل الشعيرات التي تمر عبر النخاع الشوكي. وبعد اعاده وصل كل الاوعيه الدمويه، وعضلات الرقبه والنسيج الضام، سوف يتم ادخال المريض في غيبوبه كيميائيا لمده ثلاثه الي اربعه اسابيع للسماح بالتئام الجروح والتعافي.

احد المبادئ الاساسيه وراء هذا الاجراء هو انه يمكن اعاده ربط النخاع الشوكي بعد قطعه، الا ان اصابات العمود الفقري تقضي علي تلك الامكانيه. يقول كانافيرو ان من خلال تشريح العمود الفقري بسكين حاده للغايه، من الممكن اعاده ربط الالياف السليمه بمساعده الغليكول البولي ايثيلين والتحفيز الكهربائي. وقد شرح كانافيرو هذا المفهوم في احد لقاءات تيدكس هذا العام، حيث قارن الفكره بسحق موزه من مركزها بسكين حاد.

يمكن رؤيه اللقاء من هنا

تشمل فكره كانافيرو عيوبًا خطيره مثل فشل التجارب السابقه علي الحيوانات او لامعقوليه فكره حفظ راس علي قيد الحياه اثناء العمليه. ومع ذلك، فان كانافيرو ليس فقط علي قناعه بانه يمكن اعاده توصيل الراس، ولكن يمكن ايضًا السيطره الكامله علي الجسم. لفهم ما اذا كان هناك ما يبرر نقض كلامه، ينبغي ان ننظر في منطق علم الاعصاب الكامن وراء حججه.

الندوب الدبقيه: غاندالف يتنقل بين الجسور

تنبت الخلايا العصبيه في المخ ذيولًا تعرف باسم المحاور، التي تنتقل عبر النخاع الشوكي لارسال واستقبال الاشارات من والي الجسم. وفي حاله حدوث اصابات في الحبل الشوكي، تنقطع هذه المحاور، ما يمنع الاشارات من الوصول الي هدفهم. لكن كانافيرو محق الي حد ما بان العمود الفقري مزود بالادوات اللازمه لاصلاح تلك المحاور، ولكن هذه الاتصالات يتم حظرها بشكل فعال عن طريق تشكيل فوري للندوب الدبقيه.

الندوب الدبقيه هي مجموعات من الخلايا المناعيه التي تتجمع عند موضع الاصابه عند تلف الحبل الشوكي. هذه الندوب تعمل علي راب صدع في المحاور وتحمي الحبل الشوكي من وقوع مزيد من الضرر، ولكنها ايضا تفرز ماده كيماويه توقف طرفي الحبل من الانفصال. لا يشير بروتوكول GEMINI الي الندوب الدبقيه، التي من المرجح ان يثبت انها عقبه قاتله اما اجراء العمليه.

اصلاح العمود الفقري يحتاج الي اكثر من اللصق

اذا تجاهلنا مشكله الندب الدبقيه، فان السؤال التالي هو ما اذا كان استخدام غليكول البولي ايثيلين لفصل النخاع الشوكي سينجح فعلًا. لقد ظهر بالفعل ان غليكول البولي ايثيلين يساعد علي اصلاح المحور العصبي الي حد ما، ولكن تم تنفيذ معظم هذه التجارب علي خلايا معزوله في المختبر. ومع ذلك، فقد ثبت ان بعض النتائج واعده في النماذج الحيوانيه الاخيره. استخدمت مجموعه واحده الغليكول بولي ايثيلين لعلاج فئران تعاني من قطع كامل في النخاع الشوكي ووجد ان بعض المحاور قد اعيد ربطها. كما انهم نجحوا في استعاده بعض الحركه، مع سيطره بعض الفئران بشكل جزئي علي ارجلها الخلفيه.

لا شك ان هذه النتائج تقدم بعض الاثار الهامه لعلاج اصابات الحبل الشوكي، ولكن عند النظر في الكيفيه التي يمكن بها تطبيق هذا علي عمليه زرع الراس، فالشيطان يكمن في التفاصيل. تم اختبار فقط السيطره الماديه علي جسم الفئران، وهو ما يعني اننا ما زلنا غير متاكدين بشان ما اذا كانت الفئران قد استعادت الاحساس في الاجزاء السفلي من اجسادها. كما وفر علاج الغليكول بولي ايثيلين ايضًا تحسنًا متواضعًا في عمل واصلاح الخلايا في العمود الفقري. والاهم من ذلك، فقد جري فصل العمود الفقري للفئران علي مستوي الصدر TH8 / 9. وهذه هي المنطقه التي تقع في منتصف العمود الفقري، وهي منخفضه بما فيه الكفايه للحفاظ علي وظائف الجسم الهامه.

في العمليه التي يقترحها كانافيرو، سيتم قطع العمود الفقري في منطقه عنق الرحم حيث تقع المحاور التي تحمل الاشارات التي تشارك في الوظائف التي تبقي الجسم علي قيد الحياه. وسيترك الفصل غير الناجح لهذه المحاور المريض مصابًا بالشلل ويتنفس باستخدام جهاز التنفس الصناعي. يدعي كانافيرو ان مجموعه بحثيه في الصين نفذت بالفعل بنجاح عمليه مماثله علي الفئران. وهذا صحيح جزئيًا، فقد بقي 18 فارًا من اصل 80 علي قيد الحياه لمده ثلاث ساعات بعد ان ابعدوا عن جهاز التنفس الصناعي. الاهم من ذلك، لم يحدث اي ضرر في العمود الفقري لهذه الفئران وبقي جذع الدماغ للاجساد المتبرعه كما هو. ومثلما يتحكم الدماغ في الوظائف الحيويه بما في ذلك التنفس، فقد جري خياطه رؤوس الفئران علي حاضنه مشلوله.

علي الرغم من ان اقتراح كانافيرو يمثل فكره مثيره، فان البحوث ببساطه لا تدعم ادعاءه بان لدينا الان التكنولوجيا اللازمه للبدء في اجراء مثل هذه العمليات. ومع ذلك، حدث تقدم كبير في طريقه علاج اصابات الحبل الشوكي من خلال العلاج بالخلايا الجذعيه او تشكيل الجسور فوق الندوب الدبقيه. ومن شان تطوير اكثر قوه واستقرارا لهذه التكنولوجيا ان يمثل خطوه مهمه نحو علاج اصابات العمود الفقري وخطوه اولي ممكنه نحو تحقيق حلم كانافيرو.

لا يزال لدينا طريق طويل لنقطعه قبل ان نتمكن من البدء في مبادله اجسامنا. وحتي بعد معرفه كيفيه فصل العمود الفقري واعاده ربطه، فما زلنا لا نعرف ما اذا كان بامكان الدماغ تهيئه نفسه للسيطره علي الجسم الجديد. نحن نعلم من دراسات زرع اليد، التي هي اقل تعقيدًا، انه يمكن استعاده هذه الوظيفه الي حد ما، ولكن حتي هذا يختلف في نسبه النجاح مع التكنولوجيا المتاحه الان. الاكثر اثاره للقلق هو ان قيام حلقات الجهاز المناعي بمهاجمه العضو المزروع امر شائع للغايه. وهذا يمكن ان يكون حدثا كارثيا بعد عمليه زرع الراس، حيث ان الجهاز المناعي للجسم المتبرع يمكنه ان يهاجم الراس.