المحتوى الرئيسى

محسن عبدالعزيز يدق الناقوس : هل يكون "الاستبداد" كتاب العرب؟!

08/18 18:18

الناس تاكل الجيف بعهد المستنصر.. والوزراء يقتنون النفائس والجواري

وزراء العباسيين والفاطميين يحكمون قبضتهم وينشرون الرعب

خليفتان “باسم الله” لا يحركان ساكنا امام دك قلاع المسلمين وذبحهم

المصريون تكيفوا مع حكامهم .. وحيله ملء البطون تلهي العقول!

صلاح الدين يعطي درسا للعالم .. وابناؤه يسلمون القدس للاعداء!

حكام الغرب اوفياء للدرس الصليبي بانتزاع الشرق وخيراته

ورث الحكم لابنك واقتل معارضين .. قانون معاويه وليس الاسلام

الوزراء يهينون خلفاء العصر المملوكي .. والضريبه تصل للزنا

ناصر والسادات ومبارك .. امتداد لافات دوله المماليك

كل شئ ينطق بالاستبداد عند العرب .. وانما العاجز من لا يستبد.. اذا اختلفت مع الشيخ او القسيس اوالموظف الكبير اوالشرطي او الحاكم فالنتيجه واحده التكفير والسجن والتشريد .. فالحكومه مستبده في كل فروعها من الوزير الي كناس الشوارع .. اما الناس فماسورين كحروف مصفوفه تكتب اناشيد الرياء وتدبج قصائد النفاق ..

بهذه الرؤيه يختتم الكاتب الصحفي محسن عبدالعزيز، عمله الفريد “الاستبداد من الخلافه الي الرئاسه” والذي صدرت طبعته الاولي احتجاجا علي سقوط بغداد وصدرت طبعته الثالثه في ظل حكم الاخوان المسلمين، وان اكد المؤلف ان الامر مرشح للاستمرار وانه حصيله ربيع عربي لم يحمل ما كنا نشتهيه من حريه وكرامه!

وفي الحلقات الثلاث الماضيه استعرضنا جنبات الاستبداد في تاريخ العرب وابواب الشر والدهاء التي ابتكرها المستبدون للتعميه علي شعوبهم ، وخداعهم باسم الخلافه الاسلاميه، في الوقت الذي تمتليء خزائن الملوك تبيت امعاء الرعيه خاويه تنخر فيهم الامراض وافات الجهل.

لكن الامر الهام بهذا الكتاب- قبل ان نستعرض فصول الاستبداد من الدولة الفاطمية وحتي يومنا – انه يقارن دائما حيل المستبدين قديمها ومعاصرها ليؤكد ان التاريخ فعلا يكرر نفسه ولكنا نغفل عن قراءه ذلك والاعتبار بايامنا السالفه، ويضيء الكاتب بتعليقات تستنطق ملامح الفساد المتربع في مصر ، فهو لا يقصر الاستبداد علي القتل او السجن للمعارضين، وهي اشياء يزخر بها واقع العرب، ولكنه يجد الاستبداد ايضا في شيوع المحسوبيه والرشوه والزحام والعشوائيه و ترك الفقراء يموتون بامراضهم لانهم لا يملكون ثمن العلاج، وعدم بسط الاراده السياسيه لوقف الاهمال المتفشي بالصحه والتعليم والاعلام وكل شيء، والصمت حيال توريث المناصب الحكوميه او نشر الاغذيه الفاسده والادويه المسرطنه، وما شابه من امور تهتك ارواح الابرياء بلا هواده، ولا مجيب!

بل ويذهب الكاتب في ملحمته الي ان “الاستبداد ان يجتمع 22 رئيس وملك وسلطان في قمم دوريه ولقاءات ثنائيه دون ان يخرجوا بقرار واحد يهم الملايين من مواطنيهم ودون حتي ان يتفقوا علي قرار واحد ولو ضد مواطنيهم !”

الفاطميون .. موالد الفرح والحزن

كان الحاكم عند الفاطميين يسمي نفسه خليفه يحكم بموجب الحق الالهي، فتنتقل الخلافه من الاب للابن مهما بلغ صغر سنه، وفي الحقيقه كان رجال القصر ونسائه وقاده الجيش هم الحكام الحقيقيون، وسادت الصراعات وسفك الدماء بلا هواده.

فلما مات كافور الاخشيدي ، راسل وزيره جعفر بن الفرات الناس جوهر الصقلي قائد المعز لدين الله بان يجيء لمصر، وكان الحكم الفاطمي متركزا بالمغرب وقتها وطامعا بمصر، وهذا ما تم ، جاء المعز وازال شعار العباسيين ليبدا دولته 362هـ مدعيا قرابته من السيده فاطمه الزهراء لاسباغ الشرعيه علي خلافته، وقد بلغ من الاستبداد حتي قال فيه الشاعر ابن هاني الاندلسي في مدحه نفاقا : ما شئت لا ما شاءت الاقدار      فاحكم فانت الواحد القهار! ثم تولي ابنه العزيز والذي اطلق اعيادا لا حصر لها للمصريين لملء بطونهم والهائهم؛ فكانت الاسمطه تبسط بالخراف والدجاج وتوقد المشاعل وتنطلق الالعاب الناريه وتوزع الدنانير في اعياد مصطنعه كالغدير ، كما تباري المصريون باظهار الحزن الشديد يوم عاشوراء علي قتل الحسين ، اسوه بدولتهم الشيعيه الجديده.

لكن يظل الحاكم بامر الله اغرب حكام الفاطميين المستبدين علي الاطلاق، وقد تولي الحكم وهو بعد طفل عمره 11 سنه، ومنع اكل السمك والملوخيه وذبح البقر وغير مواعيد الاذان وادعي رؤيه الكواكب ، وكان سريعا بسفك دماء المحيطين به، وانشا دارا لتعليم الناس الالحاد! كما كان مجنونا يجري مسابقات للاطفال للقفز من مكال عال في القصر الي بركه ماء، فكان الاطفال يموتون غرقي! ولقد قتلته اخته بعد خلافته التي دامت 25 عاما لانه رماها بالفجور، كما قتلت وزيره، وحكمت من خلف ابنه الظاهر السكير الذي لم يكن يفيق من الخمر!

وفي عهد الظاهر عم الفقر المدقع وشكا المصريون من قله وجود الطعام بالاسواق ، وبلغ قتلاهم 170 الفا غير من القوا في النيل فلم يعرف عنهم شيء، وبعد 15 عاما من حكم الظاهر تولي المستنصر بالله ابنه وعمره 7 سنوات واستمر خليفه 60 سنه ربما يعد من اطول الحكام في التاريخ وقام بامره الوزير ابوالقاسم الجرجرائي بعد ان اخذ له البيعه ولما توفي هذا الوزير وجدوا عنده الف الف دينار، و 700 جنيه ذهب وفضه، و 100 الف مثقال عنبر ..فقد كان الوزراء يسلبون الشعب اموالهم ثم يسلمونهم للفقر والمجاعه وخاصه عند انحسار النيل .

لوحات تشير لبشاعه المجاعه في عهد المستنصر

وشهد عهد المستنصر غلاء شديدا خاصه سنه 461هـ وكثر الجوع حتي اكل الناس الجيف، ووقفوا يخطفون من يمر من الناس، لقد كانت ام المستنصر حبشيه تجيد تاليب الجند علي بعضهم واشعال الفتن واستمرت الاوضاع البائسه حتي ارسل المستنصر لوالي عكا بدر الدين الجمالي ليصلح له الاحوال، وبالفعل فقد تمكن من قتل كبار رجال الدوله المفسدين وترك الزرع للفلاحين وبدات الغمه تنقشع.

لكن الجمالي اصابته عدوي الاستبداد فقام بنقل الوزاره لابنه من بعده، ومنذ هذه اللحظه انتقلت السلطه الفعليه من الخلفاء الي الوزراء واصبح الوزراء يحجرون علي الخلفاء ويقتلونهم ويعزلونهم مثلما حدث في الخلافه العباسيه بالضبط .

ولقد جاء ابن المستنصر للحكم وكان يسمي المستعلي بالله، وحكم بالاسم 7 سنوات دون ان يحكم فعليا، فاختار الوزير الافضل وهو الحاكم الفعلي، اختار ابنه المنصور بن المستعلي ذي الـ5 سنوات ، وفي ايام الوزير الافضل ساد الاستبداد حتي قيل انه كان ينسي من يسجنهم، والادهي والامر ان استولي الصليبيون علي كثير من المعاقل والحصون بسواحل الشام، كما استولوا علي بيت المقدس ، كانت القلاع الاسلاميه تدك من قبل الصليبيين رغم وجود خلافتين اسلاميتين واحده عباسيه ببغداد واخري فاطميه بمصر والشام ، واحده سنيه والاخري شيعيه، لكن الاستبداد لم يفرق بينهما!

 كان الاتراك السلاجقه يقومون بحمايه الدوله الاسلاميه واستطاعوا ان يهزموا البيزنطيين في واقعه مانزكرت 1071 م وتم اسر الامبراطور الروماني بواسطه قوات الب ارسلان، وبرغم ذلك فقد تحالف المستبد الوزير الافضل مع الصليبيين لدرء خطرهم علي كرسيه ، ولكن الغريب ان الصليبيين اصروا علي مبدا القوه لا المهادنه، وهاجموا بيت المقدس في يوليو 1099 واستطاعوا اقتحامه بعد حصار اكثر من اربعين يوما.. وارتكبوا فيه مذبحه وحشيه فلم يتركوا رجلا ولا طفلا ولا امراه حتي بلغت الدماء لركب العابرين للطرقات ، ورغم ذلك لم يرسل الخليفه العباسي سوي الفقهاء للخروج مع قاض ثائر يدعي زين الدين الهروي لانقاذ القدس، وفشلوا بالطبع!

ولما مات الوزير الافضل وجدوا بخزائنه الياقوت والزمرد والتيجان الذهب النفيسه  والنساء والبغال ما لا يوجد مثلها ويستعصي حصرها بقصوره، حتي تطلب نقلها لقصر الخليفه شهرين!

وتتكرر الماساه مع الخليفه العاضد والذي حبسه الوزير الصالح بن رزيك ليجبره علي الزواج من ابنته، وتصبح الخلافه في نسله!، ثم تولي ابنه رزيك الوزاره من بعده فكان يدفع للصليبيين كل عام الاف الدينارات ثم تم قتله علي يد شاور ونهبت دوره وامواله ولكنه اضطر للهرب بعد ان خرج ضرغام بن عامر عليه وتوليته الوزاره وتلقبه بالمنصور، وتلك صوره مصغره من اقتتال الوزراء المماليك.

في هذا الجو المضبب ظهر صلاح الدين الايوبي، حيث ذهب لمعاونه الوزير شاور في استعاده الوزاره بمصر وكان ذلك بصحبه اسد الدين شيركوه والف فارس، وبالفعل تم قتل ضرغام، وتولي شاور الوزاره مجددا، لكن شاور خدع رفاقه واستعان بالصليبيين لاخراجهم خشيه سطوتهم، بل وزاد بان سفك الدماء وزاد استبداده بالمصريين، فما كان من الخليفه العاضد الا ان استنجد بصاحب دمشق نور الدين محمود لمعاونته في الاطاحه بشاور المستند للصليبيين، فذهب صلاح الدين وشيركوه للاطاحه بشاور هذه المره ولكنهما منيا بفشل ذريع واضطرا للاتفاق مع الصليبيين علي ترك شاور ينعم بحكم مصر.وقد كان المسمار الذي يتدخل من خلاله الاوروبيون بحكم مصر.

وفي المره الثالثه استطاع صلاح الدين وصاحبه انتزاع النصر بعد ان طمع الصليبيون في حكم مصر كلها، ونزل الملك عموري ملك بيت المقدس لبلبيس وقتل جميع من فيها واسر ابني شاور (صديق الماضي)، ولكن المصريين التفوا حول شيركوه وصلاح الدين فاضطر الصليبيون للخروج، وتم قتل شاور ، وتوزير شيركوه وتسميته “امير الجيوش” ومن بعده جاء صلاح الدين خلفا بالوزاره بعد وفاه صاحبه فجاه.

احب المصريون صلاح الدين لتقواه وورعه ، وكان صلاح الدين حذرا من الامراء الفاسدين فاعتقلهم جميعا، وكان يخطط لخلع الخليفه الفاطمي العاضد ومبايعه العباسي المستضيء، ولكن بعد ان مات رفض صلاح الدين مبايعه ابن العاضد وقبض علي ابنائه جميعا، ووزعت القصور علي رجال صلاح الدين وبيعت تحف ثمينه ومجوهرات لا تحصي، وخلا القصر علي عرشه بعد 220 عاما من حكم الفاطميين.

”احذرك من الدماء والدخول فيها فان الدم لا ينام” .. من وصايا صلاح الدين لابنه

كان صلاح الدين شهما شجاعا مجاهدا في سبيل الله، لا يلبس الا الكتان والقطن والصوف، متواضعا حييا عادلا ، وكان ابوه يحمل صفه الجهاد وقد اعان الولاه علي تكوين جبهه اسلاميه ببلاد الشام ضد الصليبيين، وقد استطاع صلاح الدين انتزاع دمشق واغلب امارات الشام بعد رحيل نور الدين محمود وطمع الامراء الفاسدين فيها، كما واجه صلاح الدين قلاع الصليبيين في الشام والتي دامت حملاتهم لثماني موجات ظلت عقود ترفع رايه حمايه الاماكن المقدسه المسيحيه واستردادها من المسلمين، بعد هزيمه السلاجقه للبيزنطيين في موقعه مانزاكرت، ولكن الحقيقه ان هدف الصليبيين كان خيرات الشرق التي ظلوا قرنين يقتلون ويروعون لاجل اقتناصها.

ورغم هزيمه صلاح الدين باول هجوم له علي بيت المقدس عام 1177م ، ولكنه تمكن بعدها بعامين من هدم قلعه بنوها لتسد طريق القوافل للقدس باسم قلعه الاحزان، ومن بعدها هاجم مواقعهم في الوقت الذي ترك وزيره الشديد بهاء الدين قراقوش لضبط احوال مصر، وقد عقدت هدنه بين المسلمين والصليبيين نقضها ارناط صاحب حصن الكرك، والذي استهزا بالاسلام وجيش لهدم الاقصي، فحشد اليه صلاح الدين، وبعد مناوشات وكر وفر تمكن من هزيمتهم عند قريه حطين بعد ان نصب لهم فخا هناك، وفيما هرب القائد رينالد، منح صلاح الدين الامان للملك جاي وقتل ارناط لسفكه دماء حجاج المسلمين وخيانته .

ثم بيع الفرسان والجند الصليبيين بالاسواق وسيقوا ندامي كاسري حرب، وفتح صلاح الدين بيت المقدس وكل حصون الصليبيين التي استسلمت دون مقاومه تذكر. ولم يسفك صلاح الدين دماء الصليبيين المدنيين بالقدس والشام بل منحهم الامان مقابل دفع الجزيه والخروج، برغم الويلات التي عاناها المسلمون خلال الحروب الصليبيه. ويحلل مؤلف الكتاب هذا النصر بانه نتيجه للتخطيط العسكري المحكم، الذي يختلف كليه عن نظريه “رقبتي يا ريس” التي روج لها رجال عبدالناصر وتسببت بنكسه 67.

لكن اوروبا لا تنسي ذلك لصلاح الدين وترسل له ملوك اوروبا الاهم، علي راس حمله ثالثه، والاهم ان الملك جاي الذي اعتقه صلاح الدين نقض عهده وصار لعكا لياخذها من المسلمين، وتجمع حوله الملوك كونراد واغسطس وريتشارد قلب الاسد، وطال حصار عكا لنحو عامين بسبب بساله واليها قراقوش، كما نقض ريتشارد عهوده وقتل 3 الاف من مسلمي عكا فاضطرت المدينه للاستسلام امام اكبر جيشين في غرب اوروبا، وبرغم ذلك انتهي الامر بعقد صلح بين المسلمين والصليبيين 1192 يجعل للمسلمين القدس ويترك بعض المواقع للصليبيين ويتيح لهم حريه الحج.

ويعدد الكتاب خطايا صلاح الدين ، برغم عدله وورعه وزهده حيث مات وفي خزانته دينار واحد، لكنه طبق نظام الاقطاع علي نطاق واسع بمصر، فاصبح الحاكم هو المالك لجميع الاراضي الزراعيه يوزعها علي اجناده كيفما شاء دون ان يحق لهم تملكها، كان يستهدف بهذا الاسلوب جمع نفقات حروبه مع الصليبيين، لكنه لم يدرك ان خلفاءه سيستغلون ذلك اسوا استغلال ممكن، واخطا صلاح الدين كذلك حين عين ابنائه محل اخوته وابناء عمومته في مفاصل حكمه بالشام ومصر.

خلفاء صلاح الدين .. من الاستبداد للسقوط

توفي صلاح الدين وترك 17ولدا تصارعوا جميعا علي الحكم في الدوله الكبيره التي تركها ، ولما توفي العزيز ابنه الذي اعطاه حكم مصر، انتهي النزاع بتوليه اخيه العادل كوصي علي ابنه الطفل الذي صار حاكما ، وقد اتسع ملك العادل حتي شمل مصر والشام واليمن ووصل لارمينيا، وحافظ علي البلاد من الصليبيين، ولما استقر له الامر عمل “كمستبد” علي توليه ابنائه محل ابناء اخيه صلاح الدين.

وبالفعل تولي الكامل ابن العادل مصر بعد وفاه ابيه لمده 40 سنه، وبدات المؤامرات مجددا وفي غمرتها جاءت الحمله الصليبيه الخامسه من المانيا والنمسا والمجر وحاصرت دمياط ووضعوا السيف باهلها، وكان الكامل قد انشا المنصوره لتكون في مواجهتهم، وعرض عليهم ان يتنازل لهم عن كل البلاد التي فتحها صلاح الدين مقابل مغادره البلاد ولكنهم رفضوا!! وقد واصلت الحمله طريقها للقاهره متحديه ، ولولا فيضان النيل الذي اغرقهم لما اضطروا لقبول الصلح دون قيد او شرط.

الغريبه انه رغم المخاطر التي تتعرض لها الدوله الايوبيه، فقد ظل ابناء العادل يتصارعون، بل وذهب حاكم مصر الملك الكامل للامبراطور فردريك الثاني الذي امد الحمله الصليبيه بالمؤن والسلاح ضد العرب، وطلب منه مساندته ضد اخيه المعظم !! وذلك في مقابل تسليمه بيت المقدس، والاشد غرابه ان الملك فردريرك رد بارسال حمله صليبيه سادسه منفردا! وانتهي الامر باتفاق علي تسليم فردريرك مدن عكا ويافا والناصره وبيت لحم ومدينه بيت المقدس ماعدا قبه الصخره! ولتذهب تضحيات صلاح الدين للجحيم!

وقد خلف نجم الدين ايوب الحكم بعد ان قبض علي اخيه العادل ابن الكامل وسجنه بالقلعه وامر ثلاثه من مماليكه بخنقه ، وساد الاستبداد بعهده ، واستعان بالمماليك وبني لهم قلعه الروضه وجعلهم امراء، وكان جبارا متكبرا ينسي من يسجنه ومنهم ابن اخيه الصالح بدمشق! ومع ذلك عده ابن تغري بردي من اعظم ملوك الايوبيين لانه كان يحارب الصليبيين في عز مرضه وهو محمول علي محفه!

ومره اخري تتكرر الماساه، يلجا الملك الصالح اسماعيل للصليبيين خشيه انتزاع اخيه نجم الدين اماره دمشق منه، ويسلمهم القدس وطبريه وعسقلان وبعض مصر! لكن نجم الدين ايوب تمكن من استعاده بيت المقدس للمسلمين عام 1244م، وهو ما كان سببا بانطلاق الحمله الصلبيه التاسعه والتي قادها لويس التاسع وفي تلك الاثناء توفي وجاءوا بابنه الصغير ونصبوه! ومن حسن حظه ان الفيضان كان قد اصاب جنود لويس بالجوع والمرض عند مشارف دمياط فتراجعوا وتم اسره والاف من جنوده، وتم الافراج عنه لاحقا، فعاد بحمله صليبيه كانت الثامنه والاخيره في تلك السلسله المشئومه ولكنه مات جراء نزله معويه اودت بحياته علي مشارف افريقيا ، فيما كان يهم بمهاجمه مصر من الغرب!

ورغم انتصار توران شاه اخر سلاطين الدوله الايوبيه، فقد قتله المماليك لانه اهانهم حيث رموه من فوق برج وقطعوه اربا الي جانب البحر ثلاثه ايام لا يقرب منه احد! ومن بعده ملكت شجره الدر ثلاثه اشهر ، وكانت جاريه للملك الصالح نجم الدين ايوب ، وقد سلمت الحكم لمن تزوجته من المماليك ويدعي ايبك التركماني ثم دبرت مقتله لعلمها بنيته الزواج عليها، وفوجيء الناس بمقتلها هي الاخري عام 648هـ

المماليك .. ثقافه لا تزال بيننا

”سال كبير الاتابك: من قتل قطز . قال بيبرس: انا. فقال له: اجلس علي عرش السلطنه!”

يقول الكاتب محسن عبدالعزيز ان حكم المماليك شهد ماس عده، منها ما كان عند مرج دابق ورضوخهم امام جيش نابليون 1798 وعندما اطلوا برءوسهم بعد خروج الحمله الفرنسيه جمعهم محمد علي في مذبحته الشهيره فقتل من قتل وهرب من هرب.. ومع ذلك ظلت الثقافه المملوكيه متغلغله في الحياه المصريه اجتماعيا وسلوكيا واخلاقيا وحتي دينيا ايضا ، فكل صاحب سلطه يجمع مماليكه ويضمن ولاءهم وينشر عيونه للوشايه برجال المدير السابق، وبهذا اصبح الولاء مفضل عن الخبره والعلم والمعرفه..

في اللحظه التي اصبح للمماليك حكم مصر والشام كانت اوروبا تمزق عباءه الجهل والتخلف وتقاتل من اجل الدخول الي عصر النهضه . استمرت دوله المماليك (البحريه والبرجيه ) 275عاماً تقاتل خلالها حكامها علي السلطه بكل انواع الغدر والخسه، وكما يقول المقريزي كانوا لا يتورعون عن ارتكاب اشد المنكرات والمظالم ويهرقون الدماء ويصادرون الاموال دون مراعاه ابسط المبادئ الانسانيه. حتي انالسلطان قطز الذي هزم التتار لم يشفع له نصره الكبير.. قتله الظاهر بيبرس قبل عودته لمصر منتصراً،

ويشبه مؤلف الكتاب صراعات المماليك للوثوب علي كرسي الحكم، بصراعات رجال ثوره يوليو والذين ابتعدوا عن نهج الديمقراطيه وتصارعوا علي المناصب والثروه، بل ودفع عبدالناصر للعمال والمغلوبين ليخرجوا بتظاهرات تنادي بسقوط الديمقراطيه، وهو حكم الشعب!

برع المماليك بالعماره .. لكنهم تجاهلوا البشر

تسلطن بيبرس ودخل مصر سلطاناً وحكم 17 سنه وبحث عن شرعيه شكليه·· احضر احد افراد البيت العباسي، (اسمه ابوالقاسم) عمله خليفه ، ولما صدق الخليفه نفسه فصمم علي التوجه للعراق لمقابله التتار قتلوه، فجاء بيبرس باخر عباسي، وكان رغم كونه خليفه معرضا للقتل والضرب والسجن والعزل، وهو مجرد اطار لاقناع الشعب بان المماليك يحفظون الخلافه الاسلاميه، فلما مات بيبرس، انتهي الحال بتولي قلاوون الحكم ومن بعده ابنه الاشرف خليل والذي قتله المماليك في البحيره، وبعد قتل وسجن لابنائه، تولي ابنه السلطان الناصر الحكم 33 عاما ، لينتهي عصر المماليك البحريه عندما نصب برقوش الجركس احد مماليك يلبغا نفسه سلطانا، فلما عاد السلطان الناصر من سجنه صفي جميع الامراء حتي المقربين له منهم، تماما كما كان يجري بمصر من تخلص من كل كبش قد يهدد الرؤساء بنفوذه السياسي، ويضرب المؤلف امثله بعمرو موسي والجنزوري وابوغزاله حين هددوا نفوذ مبارك!!

وقد شكك الوزير هبه الله الفائزي بقدره الاطفال علي الحكم فاسرعت ام المنصور لقتله ، وكان السلطان يفرح بمصادره مماليكه الكبار لملء خزائنه ولا يمكن لاي شخص ان يهرب من المصادره الا اذا دفع رشوه كبيره للسلطان او احد رجال الدوله الكبار!

لقد بلغ ظلم المماليك انه اصبح بالقاهره 100 الف انسان بلا ماوي ..يسكن اضعافهم الان المقابر..وقام المماليك ببناء المساجد والتكايا والاضرحه..اكثر من اي عهد من العهود الاسلاميه كنوع من تكفير الذنوب ..بلد الالف ماذنه.. فقد بني المماليك مساجد اكثر من عهد الخلفاء الراشدين ليظهروا بصوره المؤمنين ويالفوا قلوب العامه ... ولم يكن المماليك يتورعون عن اغتصاب الاراضي من اصحابها اويثقلون الناس بالضرائب لبناء المساجد والتكايا فقط بل ويسخرونهم ويعذبونهم في بنائها.

ويعلق المؤلف علي ذلك بقوله : لقد تكلف ترميم قصر محمد علي وحده 50 مليون جنيهعام2005 فماذا  ..ونحن لانمانع في ترميم الكنوز والاثار ولكن متي يتم ترميم البشر الذين لا يشملهم حتي التامين الصحي اي العلاج وهو شئ مثل الترميم بالضبط ..!!

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل