المحتوى الرئيسى

أحمد الخميسى يكتب لجمال الغيطانى: سلامتك يا جمال!

08/18 09:42

اختص الكاتب الكبير احمد الخميسي موقع "مبتدا" في نشر مقال له عن صديق عمره ورفيق دربه، الاديب الكبير جمال الغيطاني، الذي يمر بوعكه صحيه صعبه، متذكرا في مقاله هذا الايام التي جمعت بينهما في شبابهما، والكفاح الذي بداه سويًّا.

في مطلع شبابي، جمعتني الصداقه بعدد كبير من ابناء جيلي، كان في مقدمتهم الكاتب المعروف صلاح عيسي، والقاص يحيى الطاهر عبد الله، والشاعر امل دنقل، حيث ظللنا نعمل معا في مكان واحد نحو عامين او اكثر، لكن علاقتي بجمال الغيطاني ظلت تشغل موقعا خاصا، لانها بدات منذ سنوات الصبا الاول.

كانت والدتي، رحمها الله، تعمل في دار الكاتب العربي "هيئه الكتاب الان"، وذات يوم، جاءها الي العمل صبي في السادسه عشر، يحمل للنشر "جوالا" من القصص علي حد قولها، فاشفقت علي طموحه من الاحباط وقالت له: "انا كمان عندي ابن من سنك تقريبا بيعك قصص مثلك، تعالي البيت عندنا لتتعرفا"، بالفعل جاء جمال ذات مساء، خجولا متهيبا، قرا عليّ بعض ما يكتبه، وقرات عليه شيئا مماثلا، ثم بدانا نتصيد الكتب الرخيصه معا من سور الازبكيه، وتداخلت علاقتنا الاسريه، فكنت ازوره في مسكنه في احد ازقه الازهر، واجلس مع والديه واخيه اسماعيل واخته، اما هو فلم يفارق بيتنا تقريبا، وفيه تعرف الي صلاح عيسي وعدد كبير من الشعراء والكتاب، وكان البيت اشبه بصالون ادبي، تتردد في اجوائه القصائد والقصص، بل والاغنيات.

وقد باعدت بيننا الحياه فيما بعد، لكنها لم تستطع ان تنتزع من نفسي محبتي لجمال، الذي كلما تردد اسمه، تلوح امام عيني سنوات الصبا والامال الكبار والثقه الساذجه في الاماني والاحلام، ومؤخرًا وجدت كتابا بعنوان "حكايات هانز كريستيان اندرسن"، فتحته وقرات علي صفحته الاولي عباره بخط يدي: "انتقلت ملكيه هذا الكتاب من جمال الغيطاني الي احمد الخميسي في التاسعه من مساء 16 فبراير 1964".

في ذلك العام اذكر ان جمال، وهو اكبر مني باربعه اعوام، اصر ان نحمل قصتين من ابداعنا، ونتجه الي الكاتب ثروت اباظه، وكان مدير تحرير مجله القصه التي تراس تحريرها محمود تيمور، وكنت في حوالي الخامسه عشر، لا اكثر، حين طرقنا باب المجله، وقابلنا سكرتير شاب، وحين قلت له اننا نريد ان نقابل الاستاذ ثروت، مضي الي حجره اباظه، وسمعناه يقول له: "فيه اولاد صغيرين عاوزين يقابلوا حضرتك"، وقد رحب بنا اباظه، بل وقرا القصتين ونحن امامه، وابدي ملاحظاته، والاعجب انه نشر العملين في المجله، وبعد النشر اعتبرنا انفسنا انا وجمال من كبار الكتاب، واحتفلنا باكل طبقين كشري في محل بالسيده زينب.

لم نكن نلتق كثيرا في السنوات الاخيره، لكن كما يقول المثل "لا البعد جفا، ولا القرب وفاء"، فقد ظل خيط الصبا والشباب الاول يربط بيننا بقوه كصله الدم الذي لا يصبح ماء، والان حين اسمع ان جمال يمر بوعكه صحيه، اشعر ان جدارا من حياتي يرتج امام عيني، وتجري مشاعري نحوه بالمحبه وبالدعاء من صميم القلب: "من فضلك! انهض من سرير المرض يا جمال، سالما، لاجل اصدقائك واسرتك ومحبيك".

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل