المحتوى الرئيسى

إيران وجيرانها بعد الاتفاق النووي.. المكاسب والنتائج

08/17 16:31

بعد اكثر من عشرين شهرا من المفاوضات المستمره توصلت ايران والمجموعه السداسيه الي اتفاق يقضي برفع العقوبات المفروضه علي ايران وقبولها لاعبا كامل الصلاحيه علي المستوي الدولي والاعتراف بها قوة نووية مقابل قبول ايران مطالب هذه الدول في المجال النووي.

وبعيدا عن عد الاتفاق انجازا او تراجعا ايرانيا، فالواضح ان الايرانيين والمجموعه السداسيه خرجوا بتصريحات تنم عن رضا من مخارج التفاوض، وهو ما يمكن عده نتيجه القبول، ايرانيا ودوليا، بالحلول غير الصفريه، فما هي مكاسب ايران من الاتفاق النووي وما مدي تاثير هذه المكاسب علي سياستها الاقليميه وعلاقاتها بالدول العربية والمجتمع الدولي.

يمكن تلخيص مكاسب ايران من الاتفاق النووي بثلاثه مكاسب رئيسيه تشمل العديد من الملفات الاقتصاديه والسياسيه والعسكريه.

يتمثل اول مكاسب طهران في تخلصها من التهديد العسكري الغربي (الاميركي) الذي ظل هاجسا منذ قيام الجمهوريه الاسلاميه، ورغم ان تاريخ التدخلات الاميركيه -التي بدات باسقاط حكومه مصدق المنتخبه عام 1953- ما زال يثقل العقليه الاستراتيجيه الايرانيه فان سلوك طريق الحوار من قبل الحكومه الاميركيه يعني ان الخيار العسكري بات ضمن خبر كان، وتبددت معه الكثير من الهواجس التي طالما شغلت صانع القرار الايراني واثقلت ميزانيته الدفاعيه والامنيه.

يتمثل ثاني مكسب ايراني برفع العقوبات المفروضه عليها والتي شملت العديد من القطاعات الاقتصاديه والماليه والعسكريه، وعلي الرغم من ان العقوبات الاحاديه لم تات نتيجه البرنامج النووي فان ما اثقل الاقتصاد الايراني بدا بعد نقل الملف النووي الي مجلس الامن وفرض عقوبات تحت البند السابع من ميثاق الامم المتحده، وشملت تلك العقوبات البنك المركزي الايراني وشركات النفط والغاز والطيران، كما جمدت اكثر من مئه بليون من ارصده ايران في الخارج.

ستتضاعف -وفق الكثير من التقديرات- مداخيل ايران من صادرات الطاقه في غضون سنتين بعد الاتفاق، كما ستنعم ايران -وفق الاتفاق- بالتكنولوجيا الحديثه في قطاع الطاقه بعد عقود من منعها عن طهران، وسيرتفع مستوي الاستثمار الاجنبي الي نسب غير مسبوقه وفق التقديرات، اذن نحن ازاء طفره في الاقتصاد الايراني خلال العقد القادم.

ويتمثل ثالث المكاسب الايرانيه بتوطيد علاقات طهران مع المجتمع الدولي، فقد بدا حديث الحجيج الغربي الي طهران بسرعه بعد توقيع الاتفاق النووي، ويشير ذلك الي ان الدول الغربية تتصدر المتوافدين علي طهران لكسر العزله التي حاولت فرضها علي ايران في العقد الاخير، بهذا ستتحرر السياسه الخارجيه الايرانيه من الكثير من العقبات امام نشاطها الاقليمي والدولي خلال اشهر.

يبقي السؤال المهم اقليميا حول مدي تاثير الاتفاق النووي علي سياسه ايران الخارجيه والاقليميه بشكل خاص.

لقد غيرت حكومه روحاني خطاب السياسه الخارجيه بتاكيدها علي الحلول غير الصفريه وجنت ثمار هذا التغيير بتوقيع الاتفاق النووي، لكن لم يغير هذا الخطاب الكثير في الرؤيه الاستراتيجيه للدول العربيه الي ايران من جهه، وفي طريقه تعامل ايران مع الملفات الاقليميه من جهه اخري، ولذلك اسباب، منها انشغال الحكومه الايرانيه بتسويه الملف النووي والخروج باتفاق يلغي العقوبات، كما ان طبيعه الملفات الاقليميه الشائكه منعت حدوث اي تغيير في العلاقات العربيه الايرانيه.

يضاف الي ذلك ان الرؤيه العربيه للعلاقه مع ايران تحمل الكثير من التعويل علي الضغوط الغربيه علي ايران، لذلك لم يتلق ظريف اي تجاوب مع خطابه الذي طرحه غير مره.

المشكله في الرؤيه العربيه كمنت في اختلاف السلوك الايراني في المنطقه (دعم الحلفاء) مع خطاب حكومه روحاني (الحلول غير الصفريه)، ولم يتردد الكثير منهم في مطالبه طهران بكف يدها عن الشرق الاوسط، ولم ياخذ هؤلاء في الحسبان ان لايران علاقات استراتيجيه مع دول عربية ترجح العمل مع طهران علي العمل مع غيرها.

اذن، كيف يمكن توقع حدوث تغييرات جديه في العلاقات الاقليميه لطهران؟ سينتج هذا التغيير عن الامتدادات الدوليه للموازنات الاقليميه ومدي تاثر القوي الاقليميه المناوئه لايران من تلك الامتدادات من جهه، ومن تغيير متوقع في تصور التهديد الايراني لدي الدول العربيه الاكثر تاثرا بالتطورات الاقليميه من جهه اخری.

علي المستوي العربي، ومع استمرار دعم ايران لحلفائها لا يمكن توقع تغييرات في العلاقه الايرانيه السعوديه الا علي المديين المتوسط والبعيد، ويتمحور التغيير في خيارات الرياض تجاه طهران، فمن الواضح ان الحفاظ علي حلف عاصفه الحزم والذود عن تماسك الحلفاء في سوريا يزدادان صعوبه في الظرف الجديد.

بمصطلحات عسكريه سينقل الاتفاق النووي السعوديه من خانه الهجوم الي خانه الدفاع امام ايران وسياستها الاقليميه، ونظرا لتقاطع المصالح في اكثر من ملف لا يمكن توقع تحسن العلاقات الثنائيه بين البلدين في القريب العاجل، الا انه مع تراجع الدعم الغربي لسياسه السعوديه الاقليميه في اليمن وسوريا ومع ترهل حلف عاصفه الحزم والتحسن المتوقع لعلاقات ايران بالدول العربيه يمكن توقع تجاوب الرياض مع خطاب روحاني وتحركها للتعامل مع طهران بدل العمل الدؤوب لتطويقها في المديين المتوسط والبعيد.

اما في العلاقه مع الكويت والامارات وبقدر اقل مع قطر فمن المتوقع ان تحدث تغييرات جديه، وسيؤدي خطاب ايران تجاه هذه الدول الي جانب زيارات ظريف اليها من جهه وطريقه تعاطي هذه الدول مع الاتفاق النووي من جهه اخري الي تجسير الهوه بينها وبين ايران، ووضع اللبنات الاساسيه لتحسن العلاقات الثنائيه.

وقد بات واضحا ان هذه الدول قد تجتمع مع الرياض في التدخل في اليمن للحد من التغيير الذي لا تراه ملائما، الا انها تفترق عن الرؤيه السعوديه في ترسيمها لمستقبل اليمن او سوريا او ليبيا مثلا.

وبالنسبه لتركيا فمن المرجح انتعاش العلاقه الاقتصاديه مع تقارب مطرد في الملفات الاقليميه، والواضح ان الملف السوري يمثل العقبه الرئيسه في هذا الصدد، وتحاول السعوديه وقطر استثمار هذه العقبه في صالحها، الا ان واقع العلاقات الاقتصاديه بين البلدين يظهر مدي ارجحيه العمل الاقتصادي لدي الطرفين.

بذلك يمكن توقع انتعاش العلاقات الاقتصاديه بتزايد التبادل التجاري وتفعيل خطوط نقل الغاز الايراني الي دول الاتحاد الأوروبي عبر تركيا، وكانت وزاره النفط الايرانيه قد عقدت اتفاقيه لانشاء اكبر انبوب لنقل الغاز من جنوب ايران الي تركيا عبر كردستان العراق قبيل الاتفاق النووي بايام.

ومن المتوقع ايضا ان يزداد نشاط اللجنه العليا للعلاقات التركيه الايرانيه في الملف السوري بغرض حلحلته او الحد من تاثيره المخرب علي العلاقات الثنائيه.

اما بالنسبه لاسرائيل فلا يمكن توقع حدوث اي تغيير في السياسه الايرانيه تجاهها، فدعم المقاومه الفلسطينيه امام الاحتلال مستمر وهو يمثل احدي الدعائم الاساسيه في خطاب السياسه الاقليميه لايران.

وبينما تراجع حركه حماس خياراتها الاقليميه -وهو امر قد يؤدي الي انحدار علاقتها مع ايران- الا ان ذلك لن يؤثر علي خيار ايران في دعم المقاومه الفلسطينيه، اي ان الدعم قد يتراجع لبعض الحركات مقابل تزايده الي حركات اخري تتبني خيار المقاومه.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل