المحتوى الرئيسى

فلاسفة أم لصوص.. "لايبنتز يغري فرنسا بغزو مصر.. قصة أربعة آلاف سنة من عمر قناة السويس الحلقة العاشرة

08/17 15:45

قبل ظهور الانسان علي الارض وفي العصور الجيولوجيه سحيقه القدم، لم تكن صوره خريطه مصر كما استقرت عليه في عصور ما قبل التاريخيه، فقد كان البحران الاحمر والابيض بعد ظهورهما علي الارض، يتصلان وينفصلان نتيجه حركات القشرة الأرضية التي تحدث علي مدي ملايين السنين، فيتغير شكل الخريطه تبعا للتغيرات الجيوبوجيه.

في عام 1486 تمكن ملاح برتغالي يدعي بيرتلمي دياز من الوصول الي طرف قارة إفريقيا الجنوبي وكان يسمي براس العواصف، وبعده تمكن زميله في الملاحه والوطن فاسكو دي جاما من تجاوز راس العواصف، ليعلن للبشر رؤيه اكتشاف طريق رأس الرجاء الصالح البحري.

والحقيقه ان هذا الطريق كان مطروقا للملاحين العرب قبل البرتغاليين، بدليل ان البحار العربي العماني الشهير احمد بن ماجد هو الذي اعتمد عليه دي جاما في هذا الاكتشاف، فمع السياسه الاستعماريه التي انتهجتها البرتغال، نشطت حركه التجاره البحريه مع الهند والشرق الاقصي وكان لابد من بحث عن طريق بديل عن الطرق البريه الماره بمصر تحت سيطره المماليك او في غرب اسيا وشرق اوروبا الواقعه تحت سيطره العثمانيين، كذلك الطرق البحريه في المتوسط، كلها كانت خارجه عن سيطره البرتغال، خاصه مع منافسه جمهوريه البندقيه ما ادي الي تحول المنافسه البحريه الي حربيه، انتهت بانتصار البرتغال علي الاسطول المملوكي بقياده حسين الكردي في معركه "ديو البحريه" قرب سواحل الهند، لتفرض البرتغال نفسها علي خطوط الملاحه في المحيط الهندي وهو المسرح الرئيسي للتجاره في جنوب وشرق اسيا.

وكان هذا الانتصار وبالا علي المماليك، اذ تحولت التجاره عن مصر الي الطريق البحري الجديد، فانهار الاقتصاد المصري وارتفعت الاسعار بجنون ووقعت اضطرابات عديده، انتهت بسقوط دوله المماليك في سنه 1517وسقوط القاهره تحت الاحتلال العثماني.

وقد وضع العثمانيون مصر في عزله عن العالم ولم يهتموا باي اصلاحات حقيقيه فيها ولم يفكروا في بذل اي جهود لاعاده تفعيل طرق التجاره، اما مساله عوده الطريق البحري باعاده حفر القناه، فكان ابعد ما يكون عن العثمانيين الذين اهانوا المصريين وتواطؤا معهم المماليك، فاوكلوا اليهم اداره احوال البلاد لخبرتهم السابقه في حكم مصر وانزوت مصر كاياله عثمانيه في حال اشبه بما كانت عليه ايام الرومان، فنسيها التاريخ لمده قاربت ثلاثه قرون في غيبه تامه عن الاسهاب باي نصيب في مسيره الحضاره الانسانيه، حتي جاءت حمله نابليون لتذكر التاريخ بموقع مصر في قلب العالم.

في رساله مشهوره له عرفت بـ"مذكره او مشروع لايبنتز" دعا الفيلسوف والقانوني والديبلوماسي وعالم الرياضيات الالماني جوتفريد لايبنتز، ملك فرنسا وصاحب نهضتها لويس الرابع عشر "الملك الشمس" الي غزو مصر لاهميه موقعها بالنسبه للعالم محفزا له بان يعيد محاوله سميه وسابقه علي العرش الفرنسي لويس التاسع "الملك القديس" ذلك المحارب الارعن المشئوم الذي غزا مصر علي راس الحمله الصليبيه السابعه وتم اسره في معركه المنصوره وكررفشله الذريع في حمله علي تونس ايضا".

وكان لايبنتز "1646- 1716" وهو ممن يحسبون علي ما يعرف بفلاسفه التنوير، يغري لويس الرابع عشر بالاستيلاء علي مصر ليقضي علي "المحمديين الكفار" ليسلك الطريق الي القدس وبانه سيكون اعطي القيمه كل القيمه لمقدرته المفترضه علي اسعاد البشريه، حيث كتب: "ان خلاص القسم الاكبر من النوع الانساني يرتبط الان بالقرار الذي يمكن ان تتخذه ولكان في امكان فرنسا ان توسع حدود امبراطوريه المخلص (السيد المسيح) من مصر حتي ديار الامم الاكثر بعيداً فوق سطح الكرة الارضية وليس فقط حتي حدود اليابان، بل وصولاً الي سواحل استراليا المجهوله وعند ذلك سيعود العصر الذهبي للمسيحيه مولوداً جديداً ونري الكنيسه الاوليه، كنيسه البدء تنبعث مزدهره".

ولا يفوت لايبنيتز في هذا المجال ان يعرض علي الملك ان يستعين به - من اجل المساهمه في تحقيق الاهداف السياسيه التوسعيه وهو واثق من ان "هذه الملكيه الكونيه ستجعل من فرنسا مدرسه اوروبا واكاديميه النفوس الكبيره وسوق المحيط والشرق المشتركه، معطيه للخلف مبررات تمجيد لويس هذا بصفته "القديس لويس الثاني".

لكن لويس رفض مشروع لايبنتز، بل رفض مقابلته لمناقشه المذكره، معتبرا ان الحروب الصليبيه مرحله انتهت من التاريخ وهذا هو ما دفع الفيلسوف "المستنير" ان يشن هجوما شرسا علي لويس ويتهمه بالطمع وسياسته بالتوسعيه!.

كانت هذه الرساله التي تجاهلها لويس الرابع عشر، مقدمه مبكره لحمله نابليون بونابرت علي مصر وكان هدفها تكوين قاعده للامبراطوريه الفرنسيه في الشرق، فقد اختلف رؤيه نابليون "التوسعيه" عن رؤيه لايبنتز "الصليبيه" لكن الاتفاق بانه لايمكن تحقيق سياده علي العالم دون الاستيلاء علي مصر.

والمنافسه كانت علي اشدها بين فرنسا وبريطانيا التي سادت البحار بعد ان انهت كل سياده لغير اسطولها علي طرق التجاره البحريه العالميه، لكن مع انفتاح الطريق البحري الي الهند وشرق اسيا عبر قناة السويس، يمكن ان تتحول موازين التجاره وموازين القوي ايضا.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل