المحتوى الرئيسى

لِمَ لا يمكننا التخلي عن دعم المغتربين العرب؟

08/16 08:38

ملاحظه: الشرق الاوسط/العرب في هذه المقاله تشير الي بلاد الشام (لبنان، سوريا، فلسطين، والاردن).

يكاد المغتربون العرب يشبهون الفسيفساء بحقّ، فالبعض غادر الشرق الاوسط بحثاً عن حياهٍ افضل، والبعض الاخر فرّ من الحروب والنزاعات. بعضهم ترك المنطقه للابد، وبعضهم لبضع سنوات لا غير. بعضهم ترعرع في العالم العربي، وبعضهم ولد خارج المنطقه. كما انّ بعضهم لا يتكلّم اللغه العربية بتاتاً، او لم يرَ بلاد اجداده قط. ولكن خلف كلّ هذا التباين الشديد، فانّ الجاليات اشبه بمناجم ذهب سواء من حيث الموارد او المهارات او الصِلات او الوقت.

لكنّ الجاليات ليست عصاً سحريهً يمكنها ان تبدّل البيئه الحاضنه للشركات الناشئه في الشرق الاوسط بلمح البصر (ولا ان تبدّل اقتصاد المنطقه)، حيث انّ اشراك المغتربين العرب يشكّل بحدّ ذاته تحدّياً للمؤسَّسات الاقليميه، وذلك لعدّه اسباب. ومع ذلك، تكمن في الجاليات العربيه اهمّيه كبري.

غالباً ما يتمّ الاستخفاف بالفرص المتاحه لاشراك الجاليات في البيئه الحاضنه في الشرق الاوسط، وفيما يلي اربعٌ من هذه الفرص.

يمكن العثور علي المغتربين العربي في جميع انحاء العالم، وبعضهم مستعدّون وقادرون علي مساعده مجتمعاتهم في بلدانهم الامّ. (الصوره من My Home Improvement)

1.    دعم قوي عبر التاريخ

تُظهر الجاليات العربيه تعلقاً قوياً ببلدانها الام، وبالتالي فقد فعل المغتربون الكثير ولا يزالون لخدمه المنطقه من تلقاء انفسهم.

ووفقاً للبنك الدولي، شكّلت التحويلات الرسميه (التحويلات الماليه الي الاقرباء والاصدقاء) اكثر من عُشر (1/10) الناتج المحلي الاجمالي في بلاد الشام، في عام 2013 (18% في لبنان، 14% في فلسطين، 11% في الاردن، وما من احصاءات لسوريا). وفي ذلك العام، بلغت التحويلات اكثر من 13 مليار دولار في تلك الدول وحدها.

هذا وتُنشئ الجاليات العربيه مؤسّساتها الخاصّه، سواء للاعمال الخيريه او الانشطه التجاريه او غيرها. وقد بنَت هذه الجاليات جسور تواصل بين روّاد اعمال الشرق الاوسط وغيرها من الاسواق والبيئات الحاضنه، وبالاخصّ في الولايات المتحده. واطلقوا هيئات وكيانات مثل "تك وادي" TechWadi (للشركات الناشئه في العالم العربي) و"رايز ايجيبت" Rise Egypt (للمشاريع الاجتماعيه في مصر).

لم تساعد هذه الجاليات المنطقه علي طريقتها فحسب، بل استجابت لطلبات المساعده ايضاً.

في عام 1991، عندما كان لبنان غير قادر علي الوقوف علي قدميه بعد الحرب الاهليه، جمعَت البلاد 52 مليار ليره لبنانيه (35 مليون دولار) علي شكل سندات خزينه من المغتربين لتخفيف اعباء ديون الحكومه (كما تشرح غيتا حوراني).

ومن جههٍ اخري، اشعلت الحرب في سوريا حمله اغاثه طبيه وخيريه واسعه النطاق بقياده المغتربين. فــ"اتحاد المنظّمات الطبّيه الاغاثيه السوريه" (UOSSM)، هو تجمّع للمؤسّسات يجمع كياناتٍ طبّيه عدّه من المغتربين السوريين، اطلِق في بدايه الحرب. وقد تمّ في الواقع انشاء الكثير من الكيانات الاغترابيه السوريه خلال النزاع – 20 الي 30 منظّمهً في انحاء امريكا الشماليه واوروبا والشرق الاوسط، وفقاً لتقرير صدر عام 2015 عن "فريق السياسات الانسانيه" (HPG) و"معهد التنميه الخارجيه" (ODI).

ظاهره مشابهه حدثت في لبنان في العام الذي تلا حرب تموز/يوليو 2006، حيث زادت التحويلات لتبلغ مستوياتٍ غير مسبوقه نسبياً – لتصل نسبتها الي 24% من الناتج المحلي الاجمالي عام 2007، وفقاً لبيانات البنك الدولي.

لحسن الحظ انّ الجاليات الشرق الاوسطيه تتشارك علي اختلافها قاسماً مشتركاً ثقافياً ولغوياً (علي الرغم من اختلاف اللهجات).

تضمّ الولايات المتّحده عدداً من مثل هذه الكيانات، ومنها "جمعيه المصرفيين العرب في امريكا الشماليه" ABANA، شبكهٌ للعاملين المحترفين في الشؤون الماليه من المغتربين العرب؛ و "بيت ام ايه" PITME، وهي برنامج تسريع نمّو للشركات الناشئه الشرق الاوسطيه (اطلقتها الالمانيه – الايرانيه نيما عادل خاني في كاليفورنيا).

حسّ العروبيه هذا الذي يطغي علي المغتربين من الشرق الاوسط، يشكّل فرصهً في هذه المنطقه التي يندر فيها التعاون ما بين البلدان، سواء من حيث التعريفات الجمركيه او معايير الاعمال.

فمبادرات المغتربين العرب المشتركه تتيح اوّلاً وفوراتٍ في حجم الاقتصاد وتعزيزاً لبروز المؤسّسات. وينطبق ذلك بشكلٍ خاصّ في حاله الشركات الناشئه، حيث يكافح روّاد الاعمال ليزيدوا من ادراك الناس لهم، سواء محليّاً او عالمياً. وفي بلاد الشام حيث الاسواق الفرديه صغيره الحجم، انّ الحاجه الي ذلك اكبر بعد. فلو تمّ استبدال منصّه "ومضه" بعدّه مواقع الكترونيه وطنيه مثلاً، كان سيتمّ اغفال روّاد اعمال كثر ومبدعين في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا.

وثانياً، المعارك الداخليه تضرّ بمبادرات المغتربين ايضاً، غير انّ حسّ القومية العربية هذا يحدّ من مخاطر التسييس والصراعات. مثلاً، "الجامعه اللبنانيه الثقافيه في العالم" WLCU التي كانت المنظّمه الوحيده للمغتربين اللبنانيين في الماضي، حُرمَت من قوّتها ومصداقيتها في الحرب الاهليه اللبنانيه التي دامت من 1975 الي 1990. وبالمثل، فانّ الحرب السوريه تشكّل مصدر توتّر في صفوف الجاليه السوريه – بين السوريين السنّه والعلويين والاكراد علي سبيل المثال، كما وداخل هذه المجموعات نفسها ايضاً، كما اشارت "حركه اليقظه الدوليه" International Alert عام 2015 في تقريرٍ لها. ومع ذلك، تشكّل المبادرات الشامله للعالم العربي فرصهً لكلّ جاليه قوميه بان تبتعد عن الصراعات الداخليه في بلدها الامّ.

يمكن ان يكون المغتربون العرب خارج بلدانهم، لكنّ بعضهم يُظهِر تعلّقاً ملحوظاً بالوطن. (الصوره من Morocco World News)

3.    حلفاء في الاوساط الاكاديميه والحكومات الاجنبيه

وفّرت الجامعات والدول المضيفه في السنوات الاخيره مساعدهً كبيرهً لمبادرات المغتربين العرب. ومثل هذه المبادرات تكثير في الدول المضيفه كما هو الحال في الولايات المتّحده مثلاً. ونذكر منها علي سبيل المثال لا الحصر: "مؤتمر نهايه الاسبوع العربي في جامعه "هارفارد" Harvard Arab Weekend السنوي، و"منتدي معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا لرياده الاعمال في المنطقة العربية" MIT Pan-Arab Enterprise Forum، و"الشبكه الامريكيه الشرق أوسطيه للحوار في جامعه ستانفورد" AMENDS.

وبدورها، شكّلت بعض جامعات العالم العربي مثل "الجامعه الامريكيه في بيروت" AUB و"الجامعه الامريكيه في القاهره" AUC مفتاحاً لربط المغتربين بالشرق الاوسط.

فجامعات المنطقه موثوقهٌ بشكل عام، وهي تتمتّع بحيادٍ نسبيّ سياسياً ودينياً، وبالاهتمام العام في اوساط المغتربين العرب بشان التعليم والشباب. وبذلك تبرم جامعات الشرق الاوسط شراكاتٍ مع هيئاتٍ للمغتربين وتحافظ علي علاقاتٍ جيّده مع شبكات خرّيجيها السابقين اينما كانوا في العالم. وعلي الصعيد المحلّي، تدعم الطلاب العرب كما روّاد الاعمال (علي نحوٍ متزايد) من خلال مبادرات عده مثل مختبر "فنتشير لاب" في "الجامعه الاميركيه في القاهره" AUC Venture Lab.

بالاضافه الي ذلك، يزداد يوماً بعد يوم اهتمام حكومات الدول المضيفه ومشاركتها في مشاريع اعمالٍ تتضمّن مغتربين: وما يضاعف ازدياد الاهتمام العامّ بمجتمعات المغتربين هو التعطّش المتزايد للشركات الناشئه والابتكار بشكلٍ عام.

فقد دعمت الولايات المتّحده البيئه الحاضنه للاعمال ورياده الاعمال الاردنيه عبر اشراك المجتمع الاردني المقيم في الولايات المتحده، لا سيما من خلال "برنامج التنافسيه الاردني" Jordan Competitiveness Program الذي اطلقته "الوكاله الاميركيه للتنميه الدوليه" USAID في عام 2013.

وفرنسا تدير برنامجاً بعنوان "برنامج المساعده في انشاء مؤسّساتٍ مبتكره في منطقه المتوسط" PACEIM لاحتضان شركاتٍ ناشئه من المنطقه اطلقها خرّيجون جامعيون من لبنان ومنطقه المغرب العربي.

وقد اطلقت المملكه المتّحده بالاشتراك مع لبنان (بما في ذلك مصرف لبنان المركزي) "المركز اللبناني البريطاني للتبادل التقني" UK Lebanon Tech Hub في العام 2015، لتسريع نموّ الشركات الناشئه والشركات المتوسّطه الحجم اللبنانيه. وينوي "المركز اللبناني البريطاني للتبادل التقني" ان يبرم شراكات مع المغتربين اللبنانيين في المملكه المتّحده، علماً انّ جزءاً من تسريع النموّ يتمّ في لندن.

اعضاء "كونكت.جو" Connect.JO، جوليا نشيوات (يساراً) ورامي رحاني (يميناً)، خلال فعاليه "مينا سوشال جود" MENA +SocialGood في واشنطن؛ الي جانب المتحدّثه ربا الزعبي. (الصوره من Connect.JO)

باتت البيئه الحاضنه العالميه قادرهً الان علي تسهيل بلوغ المغتربين. فالان، اصبح من السهل منح الهبات للمبادرات الفنيه علي "افلامنا" Aflamnah مثلاً، او المساهمه الماليه في مشاريع مبتكره علي "ذومال" Zoomaal، او الاستثمار في مؤسّسات صغيره علي "يوريكا" Eureeca. زد علي ذلك، الشبكات الكترونيه لوصل المغتربين العاملين في المجال التقني التي تمّ اطلاقها، مثل شبكه "ليب نت" LebNet الامريكيه اللبنانيه وشبكه "كونيكت.جو" Connect.Jo الامريكيه الاردنيه.

وفي حين لا تزال غيرها من الادوات ضيّقه التخصّص، مثل "نمسور" Namsor، الاّ انّها واعده. فـ"نمسور" منصّه برمجيّات خدميه software as a service تلجا الي تحليل البيانات للتعرّف الي البلد الاصلي لاّي شخص استناداً الي الاسماء، بنسبه نجاحٍ تتراوح بين 80 و95%. وتقدّم المنصّه خدمات عدّه تستند الي خوارزميه رسم خرائط مواقع المغتربين التي طورّتها، والتي تتالّف من مزيجٍ من التعلّم الاليّ واللغويات الاجتماعيه. وقد استخدمها العملاء في بلدان عدّه (مثل ليتوانيا وايرلندا وفرنسا) لاسباب مختلفه، من بينها جذب الاستثمارات الاجنبيه المباشره والتعرّف الي رؤوس الاموال المغامره/التاسيسيه واعاده العلماء الي موطنهم.

ومع ذلك، بعيداً عن كل تلك التقنيات، يتم الان اللجوء اكثر فاكثر من جديد الي المساحات الفعليه لاشراك المغتربين.

أهم أخبار تكنولوجيا

Comments

عاجل