المحتوى الرئيسى

إبراهيم كامل يكتب: أفراح استمرت أربعين ليلة (أفراح أولاد الخديوي إسماعيل) | ساسة بوست

08/15 21:07

منذ 1 دقيقه، 15 اغسطس,2015

كان الخديوى إسماعيل مصابًا بداء الفخفخه وحب الظهور، وهو داء وبيل له مفعول القمار اذا تمكن من انسان قضي عليه ودفعه الي بيع ثيابه.

ويبدو ان هذا المرض الخبيث قد تمكن منه بدرجه شديده، ففي الوقت الذي انكشفت فيه الخزانه العامه واوشكت علي الافلاس، تجاهل اسماعيل هذه الحقيقه المؤلمه، وسيطر عليه داء حب الظهور، فاستجاب لرغباته المجنونه واخذ ينثر الاموال يمينًا وشمالًا وكانه قارون في زمانه.

واذا كان البعض يري ان احتفال اسماعيل بقناه السويس اشهر مظاهر السفه المالي غير المبرر، الا ان الحفلات التي اقامها بمناسبه افراح اولاده (افراح الانجال) كانت اكثر بذخًا واسرافًا.

وفي منتصف يناير 1873 قرر اسماعيل تزويج اربعه من انجاله هم: توفيق – ولي العهد – وحسين وحسن وفاطمه، واراد ان يتحدث الناس عن هذا الحدث في كل مكان وان يجعل منه حديث الركبان، وخطط لكي يفوق الفرح في ابهته وعظمته ونفقاته فرح زواج الاميره قطر الندي – بنت حاكم مصر “خمارويه” ابن احمد بن طولون – بالخليفه العباسي في بغداد.

استمرت هذه الافراح اربعين ليله كامله بمعدل عشره ايام لكل فرح، وتحولت القاهره في تلك الايام الي مهرجان كبير تسطع فيه الانوار حتي اختلط الليل بالنهار، ولم يعد الناس يفرقون بين الصباح والمساء! وتحولت القصور الخديويه – الخاصه بالخديوي اسماعيل – في القبه وعابدين وقصر النيل والجزيره وغيرها الي مراقص صاخبه واحتفالات فاخره ومبالغ بها.

ومن مظاهر البذخ والاسراف في افراح انجال اسماعيل، “زفه شوار” – جهاز العروس – الاميره امينه زوجه ابنه محمد توفيق، وقد افاض مؤرخو عصر اسماعيل في وصف هذه الزفه:

“فقد سارت زفه الشوار عبر شوارع القاهره يحرسها الفرسان بزي عربي بديع، وكان هناك مشاه باسره بملابس بيضاء ناصعه كالثلج، تتقدمها جوقه موسيقيه – فرقه موسيقيه – من امهر العازفين، وكانت الهدايا موضوعه في اسبته مكشوفه فوق عربات مكسوه بالقصب علي مخدات من القطيفه المزركشه بالذهب والماس، ويغطيها شاش فاخر يمسك باطرافه اربعه عساكر من كل عربه، ويتبعهم ضباط بملابسهم الرسميه والسيوف مشهره في ايديهم، وكانت تلك الهدايا عباره عن: مجوهرات وقلائد ماس ساطعه من النوع الفاخر الذي يسمي بالبرلنتي، وقطع من الذهب الخالص، واقمشه مطرزه باللؤلؤ الذي ليس له مثيل، وزمرد في حجم البيض وانيه من الفضه الصب الخالصه بكميات عظيمه”.

وكان بين الهدايا المقدمه من اسماعيل لاكبر ابنائه سرير من الفضه الصب الخالصه، شبيه بالذي اهداه الي “الامبراطوره اوجيني” اثناء اقامتها بمصر، محلي بماء الذهب الابريز، عواميده الفخمه مرصعه بالماس والياقوت الاحمر النادر والزمرد والفيروز.

وبالطبع لم تختلف بقيه افراح الانجال في الابهه والعظمه وكثره النفقات عن ذلك الاحتفال السابق! وكان اسماعيل شغوفًا باقامه الحفلات الاسطوريه التي جعلت من ليالي الف ليله وليله حقيقه لا خيال! وكانت افراح انجاله من اجمل واعظم ليالي الف ليله وليله بطبيعه الحال.

ولم يكن احد من اهالي القاهره الذين شاهدوا افراح الانجال يعرف من اين اتي حاكمهم الهمام بهذه الاموال الطائله؟ ولم يكن احد منهم يجرؤ علي طرح هذا السؤال! فقد كان اسماعيل حاكمًا شرقيًا لا يسال عما يفعل.

ولكن لم تمض بضعه اعوام حتي كان اسماعيل يقف ذليلًا خائرًا امام اصحاب الديون الاجانب الذين وقفوا ببابه، اخذوا بخناقه، يطالبونه باموالهم مضافًا اليها الفوائد التي تبلغ اضعاف ما اخذ، ثم كانت نهايته المفجعه – فاصبح طريدًا منبوذًا في العواصم الاوربيه – وهي نهايه متوقعه لهذا المرض السعار الذي انتشر في جسده انتشار المرض الخبيث في جسد بلا مناعه، فاصبح يطلب منه المزيد دون احساس بالخطر المقبل عليه ودون ادني مقاومه.

هذه صوره من صور الاسراف المالي غير المبرر، الذي كان خطرًا ووبالًا علي مصر منذ العهود التاليه لعصر محمد علي، او بالاحري يمكن القول ان الكارثه زادت في عهد الخديوي سعيد واستفحلت في عهد الخديوي اسماعيل، فكان نهايه هذه البذخ غير المبرر مفجعه وهي الاحتلال البريطاني لمصر.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل