المحتوى الرئيسى

حرائق الغابات تهدد "لبنان الأخضر"

08/15 11:31

"لبنان الاخضر".. اسم يطلقه كثيرون علي لبنان، نظراً للطبيعه الخضراء والثروه الحرجيه الغنيه في جباله وسهوله، الاّ ان التسميه باتت مهدده بالتغيير، في ظل الحرائق الكارثيه التي يتعرض لها البلد عاما تلو العام.

وتشكل حرائق الغابات في لبنان مشكله معقده ومستعصيه، لا يزال خطرها محدقا بغاباته، ونظامه البيئي، رغم كل الجهود المبذوله بهذا المجال، حيث تشير التقارير (بحسب الاستراتيجيه الوطنيه لمكافحه حرائق الغابات) الي ازدياد الحرائق وارتفاع حدتها، ما يؤثر سلباً علي نمو الاشجار واستمراريتها، وعلي الحياة البرية، فضلاً عن القيم البيئيه والجماليه والثقافيه والاقتصاديه والسياحيه للغابات، ما يؤدي الي خسائر فادحه في كل المجالات.  اذ اعلنت الاستراتيجيه الوطنيه عام 2009، ان حرائق كارثيه قضت علي اكثر من 4 الاف هكتار من الغابات والاحراج عام 2007.

"موسم الحرائق بدا في لبنان مع ارتفاع درجات الحراره والتغيّر المناخي، وتدني نسبه الرطوبه، وبالتالي لا بد من دق ناقوس الخطر وتحرك كل المؤسسات والهيئات الحكوميه والخاصه، لانقاذ ما تبقي من الاشجار والغابات". الكلام لهشام سلمان، مدير برنامج الحفاظ علي الطبيعه في "جمعيه الثروه الحرجيه والتنميه" AFDC، التي تاسست عام 1992، وتعني بالحفاظ علي المساحات الخضراء في لبنان.

ويقول سلمان للاناضول، ان موسم الحرائق بدا باكرا هذا العام، فمنذ نيسان/ابريل الماضي، والبلاد تشهد حرائق متتاليه في اكثر من منطقه، وذلك يعود الي تغيّر المناخ، وموجات الحر الشديد المصحوبه برطوبه منخفضه، اضافهً الي ازمه النفايات العشوائيه بمحاذاه الاحراج، وهذا ما ادّي الي ارتفاع نسبه الحرائق. (زادت بحوالي 20% عن العام الماضي).

هي مشكله قديمه جديده بحسب سلمان، "نخسر كل عام ما يقارب 1400 الي 1500 هكتار من المساحات الحرجيه، مع الاشاره ان مساحة لبنان الخضراء بلغت 13,5% فقط عام 2006، بعد ان كانت تغطي اكثر من 35% من مساحته الاجماليه، في الاعوام 1960 -1965، وهي اليوم اخذه بالتناقص بسبب استمرار الحرائق والتوسع العمراني"، وفقاً لقوله.

وحول كيفيه اندلاع الحريق، يجيب سلمان ان "ارتفاع درجات الحراره يؤدي الي ارتفاع حراره الوقود (الاعشاب اليابسه الموجوده في الغابات) وتجفيفه، فيصبح سريع الاشتعال كالغاز"، مشيراً ان تلك الظاهره تتكرر وترتفع حدتها في اب/اغسطس من كل عام، لتصبح نتائجها كارثيه في ايلول/سبتمبر، وتشرين اول/اكتوبر، بفعل الرياح الخماسينيه التي تضرب لبنان، والمصحوبه بهواء ساخن ورطوبه منخفضه.

ولفت سلمان "ان مناطق عده في حوض البحر المتوسط معرضه لحرائق كارثيه، وها هو لبنان يخسر كل عام الاف الهكتارات من مساحاته الخضراء، وخصوصا في منطقه السلسله الغربيه لجباله، حيث ان "80% من المناطق المتواجده فيها معرضه للحرائق بنسب متفاوته".

ويعتبر سلمان "الانسان هو المسبب الاساسي للحرائق، (بقصد او بغير قصد)، حيث ان بعض المزارعين وبهدف تنظيف مساحاتهم الزراعيه، يعمدون الي تجميع الاقشاش والاعشاب اليابسه واضرام النار فيها، وغالباً ما يفقدون السيطره علي النيران التي تمتد الي مساحات واسعه من الاحراج والغابات، ما يتسبب بكوارث حقيقيه، علما ان القانون اللبناني يمنع منعا باتا اضرام النار قرب الغابات في الفتره الزمنيه الممتده من حزيران/يونيو الي ايلول/سبتمبر، فضلاً عن اطلاق المفرقعات الناريه في المناسبات وازمه النفايات".

وتشير الاحصاءات ان اكثر من 70% من المزارعين تركوا اراضيهم وتوقفوا عن الاعتناء بها، ما سبب تراكماً كبيراً للاعشاب اليابسه، التي كانت معالجتها في السابق تشكّل فواصل بين الغابات، من شانها ان تمنع امتداد النيران، اما اليوم وبحسب سلمان "فالغابات موصوله ببعضها، ولذلك اصبحت رقعه النار تتسع بسرعه فائقه".

ويؤكد سلمان، ان "الوقايه من الحرائق هي الاهم، وان هذا ما تعمل عليه جمعيه الثروه الحرجيه والتنميه منذ سنوات"، مشدداً علي ضروره "العمل علي اكثر من محور، من تنظيم حملات لتنظيف جوانب الطرقات من الاعشاب اليابسه، واقامه فواصل بين الغابات، مرورا بتعزيز الحياه الريفيه، وتوعيه الناس والمزارعين علي تجنب اضرام النار بطريقه عشوائيه، وصولاً الي تفعيل دور الدفاع المدني وتدريب عناصره وزياده عددهم، لتمكينهم من مواجهه الحرائق والاستجابه بشكل سريع".

الاناضول قامت بجوله، في بعض المناطق الحرجيه بمحافظة جبل لبنان، وسالت الاهالي عن واقع الحال، وكيف يتصرفون في حال وقوع حريق في مناطقهم، وبهذا الخصوص تقول برناديت مشعلاني (ربه منزل) من بلده العربانيه، بمنطقه المتن الشمالي، (35 كلم عن العاصمه بيروت)، ان "الحرائق اخذه في التزايد، وعناصر الدفاع المدني تهرع الي الاوديه لاطفائها، ويقوم ابناء البلده بتقديم المساعده لهم".

وفي المتن الجنوبي، في بلده صليما (32 كلم عن بيروت)، يعتقد كريم المصري ان "الحرائق سببها بعض المفتعلين الذين يضرمون النار في الغابات من اجل الاستفاده من بيع الحطب والفحم، بعد احتراق الاشجار، وهو امر لا يجوز ويزيد من خساره المساحات الخضراء".

اما في بلده بمريم الجبليه (30 كلم عن بيروت)، والتي شهدت حريقاً هائلاً قبل ايام، اعتبر فادي الاشقر، "احراق الاعشاب اليابسه من قبل المزارعين، واشعال السجائر في الاحراج، سبباً اساسياً للحرائق"، مشيراً ان "النار تلتهم كل شيء، وتدخل الي البيوت"، فيما دعا الي "مزيد من التوعيه لوضع حد لهذه المخاطر المحدقه".

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل