المحتوى الرئيسى

رمزي محمدي يكتب: فيلم يكشف قبح الأنظمة الديكتاتورية | ساسة بوست

08/12 17:02

منذ 9 دقائق، 12 اغسطس,2015

V for Vendetta فيلم خيال علمي امريكي مقتبس من قصة مصورة للكاتب الن مور، تدور احداثه حول رجل يطلق ثوره في بريطانيا بعد ان تحكمها ديكتاتوريه بذريعه الحفاظ علي النظام عقب حرب نوويه.

عند الساعه الثانيه عشره ليلًا، مع بدء يوم 5 نوفمبر، يقوم بطل الفيلم بنسف المبني المركزي للقضاء البريطاني ليفتتح بذلك مشروعه لقلب النظام الديكتاتوري الظالم في بلاده.

يتخذ البطل لنفسه قناعًا ويطلق علي نفسه اسم “في” نسبه للحرف V باللغة الانكليزية، وهو الحرف الاول من كلمه Vendetta اي ثار، يصبح بطلًا مع ان الحكومه تعتبره ارهابيًا.

قناع “في” الذي لا يخلعه ابدًا جزء من رمزيه الفيلم، فالقناع الباسم يمثل وجه رجل معروف في التاريخ الانكليزي اسمه غاي فوكس، وهو كاثوليكي تامر مع جماعه من الكاثوليك البريطانيين لتفجير مجلس اللوردات البريطاني خلال جلسه افتتاح البرلمان، في 5 نوفمبر من سنه 1605، ولكن امرهم اكتشف فتعرض لتعذيب وحشي وشنق، وقطعت رؤوس المتورطين معه فيما اصبح يعرف بعدها باسم “مؤامره البارود”.

يتمكن “في” في النهايه من ان يحقق ما لم يتمكن من تحقيقه غاي فوكس نفسه وفق رؤيه تغيير فوضويه تقوم علي الفرد.

وقبيل التفجير الاخير، تتحقق الرؤيه الفوضويه للبطل عندما يخرج الاف الناس الي الشوارع ليشاهدوه متحدين حظر التجول، وكل واحد منهم يلبس قناع غاي فوكس.

كل من يشاهد الفيلم يلاحظ تقاطعا بين ما قدم وما يوجد في اغلب الانظمه الدكتاتوريه يمكن تلخيصها في ثمانيه محاور كبري:

1 / الانظمه الدكتاتوريه هي انظمه امنيه:

يبدا فيلم V for vendetta بزمن قديم حيث يطلعنا الراوي علي حدوث انفجار عظيم في 5 نوفمبر، كان وراءه رجل ثوريّ يدعي فوكس، وينتهي المشهد الاوّل من الفيلم باعدام فوكس.

هذا لا يعني موت الفكره التي كان يناضل من اجلها، اذ يبدا بعدها الزمن الحديث، بحظر تجول تفرضه السلطه لضبط المجتمع، ولكن تخرج الفتاه “ايفي” في الليل ليعترضها ثلاثه افراد من الشرطه “فينغرمان” لمخالفتها القوانين، ويحاول الثلاثه ان يمارسوا الجنس معها برغبتها وحين ترفض يهدّدونها باعتقالها بتهمه خرق حظر التجول، ثم يظهر الرجل المقنع لانقاذها.

يعرّفها الرجل بنفسه: انه مواطن ضحيه لهذا النظام، وانه من اتباع فوكس، بعد ان يقدم رؤيه مفادها بان الافكار لا تموت. ويقول الرجل المقنع “في” بانه جاء الان لينتقم من الذين تسلطوا من اجل القيم التي تحدد انتقام الفضائل وفق قوله، ليطلب من ايفي مرافقته لرؤيه حفله موسيقيه خاصه، وحين تبدا الموسيقي بالعزف يحدث انفجار يهزّ الدوله بكاملها، وهنا نجد انّ الرئيس ومستشاريه الذين يسمّون انفسهم “مراقبي انكلترا” يجتمعون لتحديد السبب.

وما سنلحظه هنا، هو الدكتاتور الذي يخاطب مستشاريه من خلال شاشه، مما يدل علي مدي خوف السلطه من كلّ ما حولها، وابتعاد هذه السلطه عن الجميع بمن فيهم المستشارين، وهنا نجد ان هذه الاجهزه ليس لديها سوي الحلول الامنيه الصرفه، ونلاحظ تركيز المستشار علي ان هذا الانفجار ليس مهما بحصوله، بقدر ما هو كارثيّ بنتائجه التي ستجعل الشك يتسرب الي كل مواطن، وهنا يتولي الاعلام الكذب وتحريف روايه ما حصل، ومع ذلك نجد المواطنين لا يصدقون الروايه الرسميه ولكنهم لا يجرؤون علي نفيها علنا.

2 / اعلام السلطه وسلطه الاعلام:

تتطور الاحداث حين يرسل “في” مجموعه من الاقنعه الي التلفزيون مكان عمل ايفي، دون ان تفهم السبب، ليقوم بعدها باقتحام التلفزيون، ليقدم رساله متلفزه الي الشعب الانكليزي، رساله تدحض زيف الشعارات التي يقدمها المستشار، مؤكدا لهم انه هو من قام بالتفجير، طالبا منهم البحث في جرائم هذا النظام لمعرفه الحقيقه، وقائلا لهم: “ان وجدتم الحقيقه اطلب منكم التجمع امام البرلمان بعد عام من الان، وتحديدا في الخامس من السنه القادمه، اي في نفس هذا اليوم، وذلك للمطالبه بازاحه النظام الفاسد والمستشار الدكتاتور”.

وهنا نلاحظ انّ “في” تمكن من الهجوم علي نقطه القوه الكبري للنظام وتهشيمها وهي الاعلام، اراد ان يوجه رساله انّ هذا الاعلام كاذب، وهذا ما سنلاحظه بعد عوده الاعلام الي بثّه الطبيعي، حيث سيعمد الي اتهام “في” باستخدام اسلحه لترويع المدنيين، وتنتهي الرساله الاعلاميه باعلان موت “الارهابي” وذلك في رساله كاذبه، لبثّ الاطمئنان في نفوس بدا الشك يدب فيها، بقوه النظام وهيبته.

وفي الفيلم يقوم “في” بمهاجمه المذيع الاعلامي الشهير الذي يتولي تقديم الروايه الرسميه للاحداث، حيث سنكتشف ان هذا المذيع كان ضابطا وسجانا، وانه تولي شخصيا تعذيب في، مما يدلنا علي العلاقه الوطيده بين الاعلام والامن.

ما نلاحظه في الفيلم ايضا هو قوه الاعلام الذي يركز دائما علي وجود عدو خارجي بهدف تخدير الوعي وتنويمه لاعادته الي الحظيره ولمواجهه هذا العدو المخترع سلطويا، يتم العمل علي تحقيق وحده البلد عن طريق رفض كل ما هو مختلف حيث يقول المذيع:

علينا ان نعزل المهاجرين والمسلمين والمثليين الجنسيين والارهابيين، انها امراض امتدت علي مرّ اجيال، يجب ان يرحلوا. ان القوّه تاتي من الوحده والوحده من الايمان.

3 / العنف كوسيله مقاومه:

بعد انتهاء “في” من مهمته في التلفزيون، تقوم الفتاه بانقاذه للخروج من المؤسسه وتذهب معه للتعرّف علي عالمه، وهناك يدور الحوار بينهما، ليقول لها انها اقدمت علي فعل ما اعتقدت انّه صواب، مؤكدا لها انها فعلت ما تعتقده هي لا ما يريدونه هم ان تعتقده.

ويبدا الجدل بينهما، حول اساليب النضال، جدل يبدا من اهميه نسف البرلمان، وهنا نفهم في الفيلم ان تفجير البرلمان ليس مهما بذاته، بقدر ما هو مهمّ بدلالته وتحطيم هذه الرمز يعني تحطيم العالم القديم لبدء عالم جديد.

وعندما يقوم بقتل رجل الاعلام الشهير الملقب بـ”صوت لندن” يتمّ نقاش كبير بينهما، ليقول لها انّ العنف يمكن ان يستخدم لاغراض جيده.

4 / الانظمه الديكتاتوريه من الداخل:

نلاحظ في الفيلم ان الفاسدين يصرون علي اخفاء ملفاتهم وحرقها رغم احتوائها علي معلومات تفيد النظام نفسه للتوصل الي حقائقه فما يتعلق بحركه الاحتجاجات ومن يقف وراءها، ولكن مصلحه الفاسدين الشخصيه تعلو علي مصالح النظام نفسه، مما يزيد من تازيم الازمه المتازمه اصلا، وهذا ما نراه حين يصل التحقيق في مقتل “صوت لندن” الي نقطه حاسمه تتعلق بفساده وعمله ضمن مؤسسه اعتقال خاصه، كان احد المعتقلين فيها “في”، لتغيب الحقيقه.

ويعكس الفيلم، تخبط اجهزه النظام في عملها، نتيجه تعارض صلاحياتها وتداخلها، فهي من جهه تريد ايقاف الاحتجاجات ومعرفه الفاعلين، ومن جهه ثانيه هذا لا يتم الا عبر كشف الثغرات في النظام التي يستغلها “في”، وهذا الامر ان تم، سيؤدي الي كشف الملفات السوداء لاعضاء النظام، وهكذا نجد انه يتم محاصره “كبير المحققين” او رجل النظام غير الملوّث بالفساد ومنعه من اداء عمله بشكل جيد، لصالح اصحاب الفساد!

5 / ايفي: وعي الشعب ضمن الثوره

يعكس الفيلم تطوّر وعي الشعب خلال الثوره ومجرياتها، ففي البدء نلاحظ التخبط وعدم الفهم، ولكن رويدا رويدا تتضح الحقائق، وهذا ما تعكسه “ايفي” التي تتبلور رؤيتها للاحداث من فعل مشارك ولكنه سلبي الي فعل مشارك ايجابي، بعد ان تحكي قصتها حيث ان اباها وامها من الناشطين السياسيين الذين تم اعتقالهم وقتلهم خلال بدايه حكم المستشار، حيث كان ابوها كاتبا، ومن مقولاته المفضله “يقوم الكتاب والفنانون بالكذب لقول الحقيقه، بينما يقوم السياسون بالكذب لاخفاء الحقيقه”، وهنا تقرر ايفي خوض الصراع الي نهايته بعد ان تكتشف قوتها وذاتها التي سلبها اياها النظام.

وهذا الامر يعكس جوهر النظام القائم علي الاقصاء لكل شيء، حيث ان ضحاياه تصل الاب والابن والحفيد.

6 / قناع الخوف ووجه الحريه

تجبر السلطات الشموليه الناس الذين تحكمهم علي اخفاء حقائقهم، تبدا من تغيير نمط الحياه والقيام باشياء معاكسه لما يحبون من اجل ابعاد الشبهات عنهم، ويلجا الناس لذلك هربا من بطش سلطه مستبده، فهم يعرفون الحقيقه ولكنهم يكذبون ويتحدثون بعكسها، وكلما اشتدت معرفه المرء لحقيقه ما يحصل، تزداد عمليه تستره وتقنعه لشعوره بانه يعرف ما لا يتوجب معرفته.

ومن هنا نجد ان الاعلامي غوردون الذي تذهب اليه ايفي للاحتماء، تكتشف انه يشاطرها نفس الاراء، ولكنه يخفي ذلك خلف قناع منذ سنين عديده، كما تخفي هي مشاعرها منذ مقتل والديها.

وهكذا يعمل النظام الاستبدادي علي جعل الجميع خاضعا له، عبر عمليه القناع، حيث يصبح القناع رمزا عن خضوع الناس للسلطه المطلقه والخوف منها، ولكن هذا القناع هو نفسه مصدر حمايه يستخدمه الناس لايهام السلطه وابعاد اذاها، قناع يخفي مشاعرهم الحقيقه تجاهه، يختفي الناس خلف قناعهم الضاحك والخانع لاخفاء تذمرهم وحقدهم لهكذا نظام، بانتظار اللحظه التي سيخلعون بها اقنعتهم وخوفهم الي غير رجعه.

7 / التهديد بالحرب الاهليه

حين تصل السكين الي عنق النظام، حيث تثبت التقارير ان ثمانين بالمئه من الشعب لا يثق بروايه النظام ويعتقد ان “في” حي وهو وراء الاغتيالات التي تحدث، وذلك رغم روايه النظام المتواتره اعلاميا انه ميت، نري ان المستشار يلعب لعبته الاخيره خاصه مع اقتراب موعد الخامس من نوفمبر وهي التهديد بالحرب الاهليه، حيث يوجه “مراقبو انكلترا” الي لعب هذه الورقه لاثبات مدي الحاجه لهذا النظام، وان رحيله يعني الحرب الاهليه.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل