المحتوى الرئيسى

فورين أفيرز: هل عرفنا الملا عمر حقا؟

08/12 13:46

لا، حقا: ليس لدينا ايه فكره عما يدور في العالم الجهادي

اذن فقد توفي الملا عمر، ومن الواضح ان احدا لم يلاحظ لعامين كاملين. وفاته هي شيءٌ جيد، بقدر ما توفر لدافعي الضرائب الامريكيين الجائزه البالغ قيمتها 10 ملايين دولار التي كانت الولايات المتحدة تعرضها للامساك به. رغم ذلك، اذا كنت لاسقط ميتا فقط كنت لافضل ان يلاحظ شخص ما الامر علي نحوٍ اسرع قليلا، علي الاقل لان اطفالي قد يتساءلوا لماذا لم يعد احد يطبخ العشاء. لكن ربما يشرح هذا التاخير: لم يعد الملا عمر يعد العشاء لاي شخص في مجتمع الاستخبارات الامريكي.

رغم ذلك، فان افول الملا عمر الذي تم ادراكه متاخرا يوفر عده دروس للولايات المتحدة.

كان الملا عمر علي قائمه اكثر المطلوبين للولايات المتحده لمده حوالي 15 عاما، ولم نستطع حتي اكتشاف ما اذا كان حيا ام لا. تعامل مع كل التقديرات الاستخباراتيه بقدرٍ من الشك.

الافضل من ذلك، تعامل بكثيرٍ من الشك: تشير التقاير الان الي ان جلال الدين حقاني، زعيم شبكه حقاني المميته التابعه لطالبان والتي تتخذ من وزيرستان مقرا لها، كان ايضا متوفيا خلال العام الماضي – وقد كان يعد العشاء بالفعل لهؤلاء في مجتمع الاستخبارات الامريكي، في الايام الخوالي.

ما الذي سيحدث بعد ذلك؟ اعتقد انه قريبا سيتم اخبارنا ان انجيلا ميركل متوفيه منذ عشر سنوات وان الالمان كانوا فقط يدفعون تمثالها جيئه وذهابا منذ ذلك الحين.

رغم التقارير المستمره عن وقوعها في حالهٍ من الفوضي، نجحت طالبان في الحفاظ علي وفاه الملا عمر سرا لعامين (انظر الي رقم 1)، ولا تزال الحركه تشكل تهديدا ملحا ومستمرا علي الاستقرار الافغاني والباكستاني. يستمر وقوع هجماتٍ كبيره لطالبان في كلا البلدين، وفي تقريرٍ صدر في شهر مايو، اشار معهد بروكينجز الي ان "موسم قتال 2015 بين طالبان وقوات الامن الافغانيه يتضح انه الاكثر دمويه منذ عام 2001". ليس سيئا بالنسبه لحركهٍ تقودها مجموعه من الموتي.

عملت الولايات المتحده لسنوات علي افتراض انها اذا استطاعت فقط التخلص من كبار قاده الارهابيين، فان تنظيماتهم وحركاتهم الايديولوجيه سوف يتم تقويضها. تشير حقيقيه عدم ملاحظه المقاتلين العاديين لطالبان او باقي العالم موت الملا عمر لعامين كاملين الي ان ذلك ليس صحيحا بالضروره.

شككت دراساتٌ عديده في فعاليه مطارده كبار قاده الارهابيين. اسال نفسك كم عدد المرات التي اعلنت فيها واشنطن بنبره المنتصر موت قاده ارهابيين كبار منذ هجمات 11 سبتمبر، ثم اسال نفسك ما اذا كان التهديد العالمي الذي يشكله المتشددون الاسلاميون قد تضاءل.

4. الحرب علي الارهاب لا تسير علي ما يرام علي الاطلاق

رغم جميع هؤلاء الموتي، فقد زادت الهجمات الارهابيه العالميه، كما زاد عدد القتلي نتيجه الهجمات الارهابيه.

لكن في تلك الاثناء اعلن الرئيس الامريكي باراك اوباما ان "مهمتنا القتاليه في افغانستان قد انتهت" لان "حربنا في افغانستان قد وصلت الي نهايتها"، مازال هناك الالاف من الجنود الامريكيين في افغانستان. وقد اشار ستيفن بريستون، عندما كان في منصب المستشار العام لوزاره الدفاع، الي ان "الولايات المتحده تظل في حاله صراع مسلح مع طالبان". (انظر ايضا الي تصريح بيل كلينتون عام 1998: "يعتمد الامر علي ما تعنيه كلمه "تكون" ليبارك الرب المحامين!)

ولا تعتبر القاعده قد انتهت بعد. التاكيدات المستمره علي ان التنظيم الارهابي في حاله فوضي، مثله مثل طالبان، لم تمنعه من اختطاف العديد من المتمردين السوريين الذين دربتهم الولايات المتحده او تفجير الناس في اليمن.

اما بالنسبه للدوله الاسلاميه، فهي علي ما يرام، شكرا جزيلا: "بعد انفاق مليارات الدولارات وقتل اكثر من 10 الاف متشدد"، اختتمت الاسوشيتد برس الاسبوع الماضي، "فان تنظيم الدوله الاسلاميه ليس اضعف بصورهٍ رئيسيه مما كان عليه عندما بدات حمله القصف التي تقودها الولايات المتحده منذ عامٍ مضي". ولا يبدو ان اي شخص، علي الاقل في البيت الابيض، لديه فكره واضحه عن نهايه اللعبه. حتي الان، كان الرد الرئيسي للولايات المتحده علي انتصارات الدوله الاسلاميه الاخيره هو الاعلان عن "منطقه خاليه من الدوله الاسلاميه" بطول 100 كيلومتر شمالي سوريا. (ربما سيحددون المنطقه باقماع المرور؟)

عندما اُعلن موت اسامه بن لادن عام 2011، اعلن بعض المعلقون انه "انتصارٌ رمزيٌ كبير" و"ضربهٌ للقاعده". قلق اخرون من انه سوف يؤدي الي "هجماتٍ انتقاميه"، بينما اعلن اخرون انه "ليس له تاثير". بالفعل اعلن صحفيون وخبراء ان موت الملا عمر "قد يمهد الطريق لنهايهٍ لسنوات القتال" او "يحبط اكثر محادثات واعده في افغانستان منذ عشر سنوات". علي اقل القليل فانه "سوف يعقد مفاوضات الحكومه الافغانيه مع طالبان". بعبارهٍ اخري، لا احد يعلم.

لكنني لن اعتبر ان طالبان قد خرجت من المعادله. ظلت الحركه تهديدا قويا رغم اكثر من عقدين من الاقتتال الداخلي الوحشي والادانه العالميه، ناهيك عن 14 عاما من الضرب المتواصل من قِبَل الجيش الامريكي.

الاقتتال الداخلي في طالبان هو لا شيء مقارنهً بالمعركه الاوسع للسيطره علي القوي العالميه للتطرف الاسلامي العنيف. لعده اعوام الان، ظلت الجماعات المرتبطه بتنظيم القاعده تقاتل قوات ما يسمي بالدوله الاسلاميه، التنظيم الذي اعلن نفسه خلافهً عالميه في يونيو حزيران 2014. انتقل القتال بين الجماعات المرتبطه بتنظيم القاعده والدوله الاسلاميه الي العراق واليمن وما بعدهما. خلال العام الماضي، سعت الدوله الاسلاميه الي السيطره علي مناطق في افغانستان ايضا؛ في يناير 2015، اعلنت الدوله الاسلاميه تكوين "ولايه" افغانيه جديده، يقودها مجموعه من المنشقين عن طالبان.

ادعي كلا من زعيم تنظيم الدوله الاسلاميه ابو بكر البغدادي والملا عمر المتوفي الان كونه امير المؤمنين الحقيقي وقائد الاسلام العالمي. مع الكشف عن وفاه الملا عمر، ربما نشهد انشقاق العديد من اعضاء طالبان وانضمامهم الي الدوله الاسلاميه. ربما ايضا يغير بعض اعضاء القاعده ولاءاتهم: التزمت القاعده اسميا، علي الاقل، بدعم الملا عمر من خلال البيعه – وهو قسم ولاء قام به بن لادن وجدده خليفته ايمن الظواهري. وفقا لاحكام البيعه، تقاتل القاعده وجميع اعضائها "تحت الرايه المنتصره" للملا عمر. لكن البيعه هي قسم ولاء لفرد، وليس لمنظمه، وفي عقول بعض اعضاء القاعده علي الاقل، فان وفاه الملا عمر سيُنظر اليها علي الارجح كتحريرٍ لهم لاتباع امير مؤمنين جديد – مثل البغدادي زعيم الدوله الاسلاميه.

اقسام ولاء! قياده المؤمنين! في عالمنا المعلمن، من المغري رفض كل ذلك بوصفه ليس اكثر من هراءٍ بلاغي. اكد اوباما ذاته مرارا علي ان ما يدعي بالدوله الاسلاميه "ليس لديها رؤيه سوي ... الذبح" و"لا يمكنها ابدا اجتذاب اي شخص عبر افكارها او ايديولوجيتها – لانها لا تعرض شيء!".

لكن ذلك ليس صحيحا، لدي الدوله الاسلاميه – وطالبان والقاعده – الكثير من الرؤي واكدت باسهاب قدرتها علي اجتذاب الكثيرين. نحن نجد رؤيتها مقززه، لكنها تظل رؤيه، وتدعمها مناقشاتٍ مفصله جنبا الي جنب مع الوحشيه. ربما لا نبالي بالحديث عن الاقسام الدينيه، لكن لا ينبغي ان نفترض ان المتشددين الاسلاميين ايضا يرونه كخطابٍ اجوف.

يحتوي اخر اصدار من مجله الدوله الاسلاميه باللغه الانجليزيه، دابق، والذي نُشِر قبل تاكيد وفاه الملا عمر، علي مقالٍ مطول يهدف الي الاجابه علي سؤالٍ لـ"شخصٍ بارز في صفوف طالبان والذي ... يرغب في اعلان ولاءه للبغدادي"، لكن تقلقه حقيقه انه ملزم بالفعل بقسم ولاء للملا عمر. اذا كان الملا عمر حيا، هو يسال، افلا يعني ذلك ان ادعاء البغدادي كونه الخليفه "مشكوكٌ فيه"؟ الا يُفترض ان ينتظر المسلمون الصالحون من "تاكد وفاه الملا عمر يقينا" قبل ان يمنحوا ولاءهم للبغدادي؟

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل