المحتوى الرئيسى

ولاد رزق.. فيلم أسود

08/08 10:16

علي غير العاده: الاتقان، هو ما يميز هذا الفيلم. يمنحه قيمه رفيعه جديره بالاحترام.

مخرجه، طارق العريان، يعرف تماما اسرار صناعته، يتمتع بطاقه ابداعيه تتجلي في تفاصيل عمله، ابتداء من تجسيد الاجواء المتباينه، الي التوقيتات النموذجيه لظهور هذه الشخصيه او تلك، فضلا عن لعبه الاخفاء والاستدراج، حتي لحظه التنوير في النهايه التي قد لا تخطر علي بال.

ينتمي «ولاد رزق» الي ما يسمي «الافلام السوداء». تدور، غالبا، حول الجريمه، العصابات، المطاردات، الصراعات الداميه، تصفيه الحسابات عن طريق الدم.. تختار، عاده، الليل زمنا للاحداث، اماكنها المفضله تكمن في أحراش المدن، الملاهي الليليه، كازينوهات القمار، البيوت المشبوهه، حجرات التحقيق، الطرق السريعه.

ابطالها، علي الارجح، يجنحون للشر، يتسمون بتلاشي حسهم الاخلاقي، اقوياء البدن، ذوو اراده من حديد، لا يتسرب الخوف لقلوبهم.

«الفيلم نوار»، او «الفيلم الاسود»، يتطلب كاميرا يقظه، نشيطه، تلاحق، بانفاس لاهثه، ما يتدفق امامها من افعال.

في هذه النوعيه من الافلام، وذات الايقاع السريع، لا مجال للتزيد في طول اللقطات، الا عند الضروره القصوي.

المعالم، سابقه الذكر، تتوافر باحكام في «ولاد رزق» الذي يبدا قبل ظهور العناوين، بمشهد لقطاع من مدينه القاهره، تطل عليها كاميرا ترصد اسطح كئيبه لبيوت اسمنتيه قليله لا طوابق.. بعد العناوين، تهبط الكاميرا لتتابع اقتحام قوه من الشرطه لمسكن ولاد رزق، يقودها الضابط البدين، الصارم، رءوف حمزاوي ـ محمد ممدوح ـ المغتاظ، لان المطلوبين تمكنوا من الفرار.. يقبض علي احد ساكني الحاره، مقدم البلاغ ضد ولاد رزق، عاطف علي سرحان، باداء متميز لاحمد الفيشاوي.

في حجره الضابط، يجري استجواب المقبوض عليه، مره بالود والرحمه، واخري بالطلتيش والوعيد. عاطف «احمد الفيشاوي»، حليق الراس، الاقرب للمدمن، يروي حكايه «ولاد رزق»، تتوالي مشاهد «الفلاش باكات»، العوده للماضي، لنري، وقائع حياه ولاد رزق.

اربعه اشقاء، جبلوا علي الشر، تربطهم علاقه اخوه متينه، تتباين طباعهم. الكبير، العقل المدبر، المسموع الكلام، رضا رزق ـ احمد عز ـ والثاني، ربيع رزق، باداء عمرو يوسف، المنافس، بدرجه ما، للكبير، الممتثل في النهايه لاوامره.. الثالث، رجب رزق، يمثله احمد داوود، المنساق لاراء الاخ الاكبر.. ثم رمضان رزق، يجسده كريم قاسم، ضعيف البني، موضع رعايه الجميع.. اما «عاطف»، احمد الفيشاوي، جارهم، موضع سرهم، فانه مجرد تابع لهم، منبهر بقدراتهم.. شقيقته رباب «ندا موسي» ترتبط بعلاقه حب مع ربيع رزق.

تتوالي عمليات السرقه، والسطو، وتتصاعد.. وبناء علي رغبه الكبير، يتفقون علي التوبه، اثر عمليه ضخمه، يتم فيها الاستيلاء علي اموال احد البنوك، بعد اقتحامه.

يقدم الفيلم طرفا من الحياه الماجنه التي يعيشها الاخوه خمر ونساء ومخدرات.. لكن وسط ذلك الجو الموبوء، ثمه منطقه مضيئه، تتمثل في شقيقه عاطف، رباب، التي ترنو الي حياه هادئه، نظيفه مع ربيع.. كذلك الحال بالنسبه لحنان ـ نسرين امين ـ التي تتمني ان تعيش مطمئنه، مع رضا.. ان الفيلم، وهذه احدي ايجابياته، يقدم صوره منصفه للمراه، بميلها الطبيعي للامن والاستقرار.

كاتب السيناريو الماهر، صلاح الجهيني، المهندس اصلا، يرسم عمله باتقان لافت، يعرف تماما متي وكيف يقدم ما يدفع الاحداث للامام، فبعد استعراضات طويله، للملهي الليلي، بالوانه وصخبه ونسائه، يظهر «صقر»، تاجر المخدرات المرموق في العالم السفلي، باداء بارع من «سيد رجب»، المتانق ملبسا، الذي يستوحي طبيعه الصقر: هادئ، عيونه لا تغفل عن ضحيته، ينقض عليها في لحظه واحده، لا سبيل لها نحو الفرار.

صقر، يدخل في بنيه الفيلم قبل ان يقع «ولاد رزق» في دائره الرتابه.. يغري «ربيع» باللعب معه تسلم بضاعه من مورد لتسليمها له في المخزن.. اثناء انطلاق عربه «ربيع» النقل بالمخدرات، يري كمينا علي الطريق، يلف ليهرب، تتعقبه الشرطه. يقفز الي قطار ويترك العربه بحمولتها.

«صقر»، الغاضب بلا ضجيج، يطلب ثمن البضاعه، مليوني جنيه.. يحتجز الشقيق الاصغر، يهدد بقتله، عن طريق تقطيعه قطعه مقطعه.. في مشهد لاحق، يرسل للاسقاء علبه سجائر، بداخلها احد اصابع الرهينه.

يصبح لزاما علي العقل الكبير ان يتدخل. «صقر» يخطره ان البضاعه استولي عليها ضابط الشرطه، وانها داخل حقيبه السياره، في فناء القسم.

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل