المحتوى الرئيسى

ناهد صلاح تكتب: هات العطر يا ولد!

08/07 10:08

كانت تنقصني حساسيه الصدر والجيوب الانفيه كي اجلس في البيت لا حول لي ولا قوه، منفيه في غرفه نومي مره ابكي ومره اضحك، طيبه لا اشاكس احدا ولا اتعب صديقا وفيا بمواعيد علي المقهي كي ينزع عني همي.

حساسيه من العطر افقدتني حريتي وجعلتني اصارع الفرجه علي الناس والشارع من وراء زجاج نافذتي مثل فاتن حمامة في فيلم “أيامنا الحلوة”، او زجاج شاشه التليفزيون في وضعيه القرفصاء علي سريري، تلك الوضعيه التي لا تقلل من ياسي من هذه الحاله التي اغوص فيها ولا فرصه للتحرر منها، تقودني الحاله وانا منتبهه جدا لولع الي الروائح، وكل الروائح تكاد تقتلني الا دخان سجائره، يزيد ولعي بالعطر كلما خفت وكلما زاد سعالي الذي لا يدير لي ظهره ويرحل.

“هات العطر يا ولد”.. عباره نور الدمرداش الشهيره في فيلم “عنترة بن شداد” تقتحمني وانا اتعجل لحظتي العطريه، امير عربي يطلب العطر من خادمه في كل مشهد يظهر فيه، لكي يهديء اعصابه، وهو عطر غير الذي اراده احمد زكي في فيلم “اربعه في مهمه رسميه” حين طلب من العطار تركيب خلطه عطريه لجذب الجنس الاخر من السياح، او الذي تغني به محمد منير “لما النسيم بيعدي بين شعرك حبيبتي بسمعه بيقول اهات.. وعطورك الهاديه اللي دايبه فيكي كل ما تلمسك بتقول اهات”، او العطر الذي تباهي ال باتشينو بمعرفته وتغزل به كانه يذوب في عروقه او يلتحف به في عالمه الرخامي البارد في فيلمه الشهير “عطر امرأة”، ومما لا شك فيه انه عطر اخر غير الذي اراده القاتل في فيلم وروايه “العطر” للكاتب الالماني باتريك زوسكيند، والتي تتوغل في اعماق الذات البشريه وتحث القارئ علي التمتع بروائح العطور المصنوعه بالدم والجريمه والهوس، جان باتيست جرونوي يولد وسط الروائح العطنه للســمك الزنخ والنفـايات المتراكمه وروائح البشر في باريس ولا يملك جسده ذره منها، رجل بلا رائحه مهووس بصنع عطره الخاص من اجساد العذاري وينجرف بجنون وراء لذته التي تمنحه تالقه الروحي.

والعطر كما يقول نزار قباني، لغهٌ لها مفرداتُها، وحروفُها، وابجديتُها، ككل اللغات .

والعطور اصناف وامزجه. منها ما هو تمْتَمَهْ.. ومنها ما هو صلاه.. ومنها ما هو غزْوَهٌ بربريَّه.

والرجل ايضا كما يؤكد قباني ذاته في نفس القصيده، يلعب لعبته في تقييم العطر ..

بمعني ان انف الرجل مرتبطٌ بثقافته، وتجربته، ومستواه الحضاري. هناك رجالٌ يفضِّلونَ العطور التي تهمس.. منهم من يفضَّلونَ العطور التي تصرخ.. ومنهم من يفضِّلون العطورَ التي تغتال.. ثم ان نوعيه علاقتنا بالمراه تلعب دورها في تحديد نوع

– الرجل يعرف من عطره.. والحب كالعطر لا يختبئ.. الاتنين فضيحه.. الحب احلي فضيحه بجلاجل.

– من لا يمتلك العطر لا يمتلك الحب

– عشان كده الواحد يعمل زي بطل روايه وفيلم “العطر” يصنع عطره الشخصي من جسد يحبه.

– يمكن تعمل اجمل عطر .. لكن الضحايا هيكونوا كتير.

– الموضوع يستاهل.. لا اخفيك عطرا او سرا  نفسي اعمل كده.

– احنا ايه في النهايه الا ذرات عطر نستنشقها وننثرها علي المحبين.

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل